الفرزدق:وأطلس عسال وما كان صاحبا
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
الفرزدق:وأطلس عسال وما كان صاحبا
وَأطْلَسَ عَسّالٍ، وَما كانَ صَاحباً، | دَعَوْتُ بِنَارِي مَوْهِناً فَأتَاني |
فَلَمّا دَنَا قُلتُ: ادْنُ دونَكَ، إنّني | وَإيّاكَ في زَادِي لمُشْتَرِكَانِ |
فَبِتُّ أسَوّي الزّادَ بَيْني وبَيْنَهُ، | على ضَوْءِ نَارٍ، مَرّةً، وَدُخَانِ |
فَقُلْتُ لَهُ لمّا تَكَشّرَ ضَاحِكاً | وَقَائِمُ سَيْفي مِنْ يَدِي بمَكَانِ |
تَعَشّ فَإنْ وَاثَقْتَني لا تَخُونُني، | نَكُنْ مثلَ مَنْ يا ذئبُ يَصْطَحبانِ |
وَأنتَ امرُؤٌ، يا ذِئبُ، وَالغَدْرُ كُنتُما | أُخَيّيْنِ، كَانَا أُرْضِعَا بِلِبَانِ |
وَلَوْ غَيْرَنا نَبّهَت تَلتَمِسُ القِرَى | أتَاكَ بِسَهْمٍ أوْ شَبَاةِ سِنَانِ |
وَكُلُّ رَفيقَيْ كلِّ رَحْلٍ، وَإن هُما | تَعاطَى القَنَا قَوْماهُما، أخَوَانِ |
فَهَلْ يَرْجِعَنّ الله نَفْساً تَشَعّبَتْ | على أثَرِ الغادِينَ كُلَّ مَكَانِ |
فأصْبَحْتُ لا أدْرِي أأتْبَعُ ظَاعِناً، | أمِ الشّوْقُ مِني للمُقِيمِ دَعَاني |
وَمَا مِنْهُمَا إلاّ تَوَلّى بِشِقّةٍ، | مِنَ القَلْبِ، فالعَيْنَانِ تَبتَدِرَانِ |
ولَوْ سُئِلَتْ عَني النَّوَارُ وَقَوْمُهَا، | إذاً لمْ تُوَارِ النّاجِذَ الشّفَتَانِ |
لَعَمْرِي لَقَدْ رَقّقْتِني قَبلَ رِقّتي، | وَأشَعَلْتِ فيّ الشّيبَ قَبلَ زَمَاني |
وَأمْضَحتِ عِرْضِي في الحياةِ وَشِنتِهِ، | وأوْقَدْتِ لي نَاراً بِكُلّ مَكَانِ |
فَلوْلا عَقَابِيلُ الفُؤادِ الّذِي بِهِ، | لَقَدْ خَرَجَتْ ثِنْتَانِ تَزْدَحِمَانِ |
وَلَكِنْ نَسِيباً لا يَزالُ يَشُلُّني | إلَيْكَ، كَأني مُغْلَقٌ بِرِهَانِ |
سَوَاءٌ قَرِينُ السَّوْءِ في سَرَعِ البِلى | عَلى المَرْءِ، وَالعَصْرَانِ يَختَلِفَانِ |
تَمِيمٌ، إذا تَمّتْ عَلَيكَ، رَأيتَها | كَلَيْلٍ وَبَحْرٍ حِينَ يَلْتَقِيَانِ |
همُ دونَ مَن أخشَى، وَإني لَدُونَهمْ، | إذا نَبَحَ العَاوِي، يَدِي وَلِسَاني |
فَلا أنَا مُخْتَارُ الحَيَاةِ عَلَيْهِمُ | وَهُمْ لَنْ يَبيعُوني لفَضْلِ رِهَاني |
مَتى يَقْذِفُوني في فَمِ الشّرّ يكفِهمْ، | إذا أسْلَمَ الحَامي الذّمَارِ، مَكَاني |
فلا لامرِىءٍ بي حِينَ يُسنِدُ قَوْمَهُ | إليّ، ولا بالأكْثَرِينَ يَدَانِ |
وَإنّا لَتَرْعَى الوَحْشُ آمِنَةً بِنَا، | وَيَرْهَبُنا، أنْ نَغضَبَ، الثّقَلانِ |
فَضَلْنَا بِثِنْتَينِ المَعَاشِرَ كُلَّهُمْ: | بِأعْظَمِ أحْلامٍ لَنَا وَجِفَانِ |
جِبالٌ إذا شَدّوا الحُبَى من وَرَائهم، | وَجِنٌّ إذا طَارُوا بِكُلّ عِنَانِ |
وَخَرْقٍ كفَرْجِ الغَوْلِ يُخَرَسْ رَكْبُهُ | مَخَافَةَ أعْدَاءٍ وَهَوْلِ جِنَانِ |
قَطَعْتُ بِخَرْقَاءِ اليَدَيْنِ، كأنّها، | إذا اضْطَرَبَ النِّسعانِ، شاةُ إرَانِ |
وَماءُ سَدىً من آخرِ اللّيلِ أرْزَمَتْ | لِعِرْفَانِهِ مِنْ آجِنٍ وَدِفَانِ |
وَدَارِ حِفَاظٍ قَدْ حَلَلْنا، وَغَيرُهَا | أحَبُّ إلى التِّرْعِيّةِ الشّنآنِ |
نَزَلْنَا بِهَا، والثّغْرُ يُخشَى انْخَرَاقُه، | بِشُعْثٍ على شُعْثٍ وَكُلِّ حِصَانِ |
نُهِينُ بِهَا النّيبَ السّمَانَ وَضَيْفُنَا | بهَا مُكْرَمٌ في البَيْتِ غَيرُ مُهَانِ |
فَعَنْ مَنْ نُحامي بَعدَ كلّ مُدجَّجٍ | كَرِيمٍ وَغَرَّاءِ الجَبِينِ حَصَانِ |
حَرَائِرُ أحْصَنّ البَنِينَ وَأحْصَنَتْ | حُجُورٌ لهَا أدّتْ لِكُلّ هِجَانِ |
تَصَعّدْنَ في فَرْعَي تَمِيمٍ إلى العُلى | كَبَيْضِ أداحٍ عَاتِقٍ وَعَوَانِ |
وَمِنّا الّذِي سَلّ السّيُوفَ وَشَامَها | عَشِيّةَ بَابِ القَصْرِ مِنْ فَرَغَانِ |
عَشِيّةَ لمْ تَمْنَعْ بَنِيهَا قَبِيلَةٌ | بِعِزٍّ عِرَاقيٍّ وَلا بِيَمَانِ |
عَشِيّةَ مَا وَدّ ابنُ غَرّاءَ أنّهُ | لَهُ مِنْ سِوَانَا إذْ دَعَا أبَوَانِ |
عَشِيّةَ وَدّ النّاسُ أنّهُمُ لَنَا | عَبِيدٌ، إذِ الجَمْعَانِ يَضْطَرِبانِ |
عَشِيّةَ لمْ تَسْتُرْ هَوَازِنُ عامِرٍ | وَلا غَطَفَانٌ عَوْرَةَ ابنِ دُخَانِ |
رَأوْا جَبَلاً دَقَّ الجِبَالَ، إذا التَقتْ | رُؤوسُ كَبِيرَيْهِنّ يَنْتَطِحَانِ |
رِجَالاً عَنِ الإسْلامِ إذ جاء جالَدوا | ذَوِي النَّكْثِ حتى أوْدَحوا بهَوَانِ |
وَحتى سَعَى في سُورِ كُلّ مَدِينَةٍ | مُنَادٍ يُنَادي، فَوْقَهَا، بِأذَانِ |
سَيَجْزِي وَكِيعاً بالجَماعَةِ إذْ دَعَا | إلَيْهَا بِسَيْفٍ صَارِم وَسِنَانِ |
خَبيرٌ بِأعْمالِ الرّجالِ كما جَزَى | بِبَدْرٍ وَباليَرْمُوكِ فَيْءَ جَنَان |
لَعَمرِي لنِعَمَ القَوْمُ قَوْمي، إذا دَعا | أخُوهُمْ على جُلٍّ مِنَ الحَدَثَانِ |
إذا رَفَدُوا لمْ يَبْلُغِ النّاسُ رِفْدَهمْ | لضَيْفِ عَبيطٍ، أوْ لضَيْفِ طِعَانِ |
فَإنْ تَبْلُهُمْ عَنّي تَجِدْني عَلَيْهِمُ | كَعِزّةِ أبْنَاءٍ لَهُمْ وَبَنَانِ |
الزعيم- المـديـر العـــام
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 7554
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى