الفرزدق:أفاطم ما أنسى نعاس ولا سرى
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
الفرزدق:أفاطم ما أنسى نعاس ولا سرى
أفاطِمَ! ما أنْسَى نُعاسٌ وَلا سُرًى | عَقابِيلَ، يَلْقَانَا مِرَاراً غَرَامُهَا |
لِعَيْنَيكِ وَالثّغْرِ الّذي خِلْتُ أنّهُ | تَحَدّرَ مِنْ غَرَّاءَ بِيضٍ غَمامُهَا |
وَذَكّرَنِيهَا أنْ سَمِعْتُ حَمَامَةً | بكَتْ فبكى فوْقَ الغُصُونِ حَمامُهَا |
نَؤومٌ عنِ الفَحشاءِ لا تَنطِقُ الخَنا، | قليلٌ، سَوى تَخبيلِها القَوْمَ، ذامُهَا |
أفاطِمَ! ما يُدرِيكِ ما في جَوَانحي | مِنَ الوَجْدِ وَالعَينِ الكَثِيرِ سِجَامُهَا |
فَلَوْ بِعْتِني نَفْسِي التي قَدْ ترَكْتِها | تَساقَطُ تَترَى، لافْتَداها سَوَامُهَا |
لأعطَيتُ مِنها ما احتكَمتِ وَمِثْلَهُ، | وَلوْ كان ملءَ الأرْضِ يُحدى احتكامُها |
فَهَلْ لكِ في نَفْسِي فتَقْتَحمي بهَا | عِقاباً، تَدَلّى للحَيَاةِ اقْتِحَامُهَا |
لَقَدْ ضَرَبَتْ، لَوْ أنّهُ كان مُبْقِياً، | حَيَاةً على أشْلاءِ قَلْبي سِهَامُهَا |
قَدِ اقتَسَمَتْ عَيْنَاكِ يَوْمَ لَقِيتِنَا | حُشاشَةَ نَفسٍ ما يَحِلُّ اقِتسامُهَا |
فكَيْفَ بِمَنْ عَيناهُ في مُقْلَتَيِهِمَا | شِفَاءٌ لنَفْسٍ، فيهما، وَسَقَامُهَا |
إذا هيْ نأتْ عَنِّي حَنَنتُ، وَإنْ دَنَتْ | فأبْعَدُ من بَيْضِ الأنوقِ كَلامُهَا |
وَتَمنَعُ عَيْني وَهيَ يَقظَى شِفاءَها، | وَيُبْذَلُ لي عِنْدَ المَنَامِ حَرَامُهَا |
وكائِنْ مَنَعْتُ القَوْمَ من نوْم لَيلةٍ، | وَقَدْ مَيّلَتْ أعْناقَهُمْ، لا أنامُهَا |
لأدْنُو منْ أرْضٍ لأرْضِكِ إن دَنَتْ | بهَا بِيدُهَا مَوْصُولَةٌ وإكَامُهَا |
أفاطِمَ ما مِنْ عاشِقٍ هُوَ مَيّتٌ | من الناسِ إنْ لم يُرْدِ نَفسِي حُسامُهَا |
وَلَجتِ بعَينَيْكِ الصَّيودَينِ مَوْلِجاً | من النّفسِ إنْ لم يوقِ نَفسِي حِمامُهَا |
لَقَدْ دَلّهَتْني عَنْ صَلاتي، وَإنّهُ | لَيَدْعُو إلى الخَيْرِ الكَثِيرِ إمَامُهَا |
أيَحْيَا مريضٌ بَعدَما مُيِّتَتْ له | سَوادُ التي تحتَ الفُؤادِ قيامُهَا |
أيُقْتَلُ مَخضُوبُ البَنَانِ مُبَرْقَعٌ | بِمَيْتٍ خُفَاتاً لَمْ تُصِبْهُ كِلامُهَا |
فَهَلْ أنْتِ إلاَّ نَخْلَةٌ غَيرَ أنّني | أرَاهَا لِغَيري ظِلّهَا وَصِرَامُهَا |
وَمَا زَادَني نَأيٌ سُلُوّاً ولا قِرىً | مِنَ الشّامِ قَد كادَتْ يبُورُ أنامُهَا |
إذا حُرِّقَتْ منهُمْ قُلُوبٌ، وَنُفّذَتْ | مِنَ القَوْمِ أكْبَادٌ أُصيبَ انْتِظامُهَا |
كمَا نُحِرَتْ يَوْمَ الأضاحي بِبَلْدَةٍ | من الهَدْيِ خَرَّتْ للجُنُوبِ قِيامُهَا |
ألا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ تَغَيّرَ بَعْدَنَا | أُدَيْعاصُ أنْقَاءِ الحِمَى وَسَنَامُهَا |
كأنْ لمْ تُرَفِّعْ بالأُكَيْمَةِ خَيْمَةً | عَلَيْهَا نَهَاراً، بالقُنيِّ ثُمامُهَا |
أقامَتْ بها شَهْرَينِ حتى إذا جَرَى | عَلَيهِنّ مِنْ سافي الرّياحِ هَيامُهَا |
أتاهُنّ طَرّادُونَ كُلَّ طُوَالَةٍ | عَلَيْهَا مِنَ النَّيّ المُذابِ لِحَامُهَا |
عَلَيْهِنّ رَاحُولاتُ كُلِّ قَطِيفَةٍ، | مِنَ الخَزّ أوْ مِنْ قَيصرَانَ عِلامُهَا |
إلَيْكَ أقَمْنَا الحَامِلاتِ رِحَالَنَا | وَمُضْمَرَ حاجاتٍ إلَيْكَ انصِرامُهَا |
فرَعنَ وَفَرّغنَ الهُمومَ التي سَمَتْ | إلَيْكَ بِنَا، لمّا أتَاكَ سَمامُهَا |
وَكَائِنْ أنَخْنَا من ذَراعَيْ شِمِلّةٍ | إلَيْكَ، وَقَدْ كَلّتْ وَكلَّ بغامُهَا |
وَقَدْ دأبَتْ عِشرِينَ يَوْماً وَلَيْلَةً، | يُشَدّ بِرُسْغَيْها إلَيْكَ خِدامُهَا |
وَلا يُدْرِكُ الحَاجاتِ بَعْدَ ذِهابِهَا | مِنَ العِيسِ بالرُّكْبانِ إلاّ نَعَامُهَا |
لَعَمرِي لَئِنْ لاقَتْ هشاماً لطالَ مَا | تمَنّتْ هشاماً أنْ يكونَ استِقامُهَا |
إلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ المُنَهِّتُ دُونَهُ، | وَمِنْ عَرْضِ أجبالٍ عَلَيهَا قَتامُهَا |
وَقَوْمٍ يَعضّونَ الأكُفَّ، صُدورُهُمْ | عَليّ وَغارَى، غَيرُ مُرْضىً رِغامُهَا |
نمَتْكَ مَنَافٌ ذِرْوَتَاهَا إلى العُلى، | وَمِنْ آلِ مَخْزُومٍ نَماكَ عِظامُهَا |
ألَيسَ امْرُؤٌ مَرْوَانُ أدْنَى جُدوده، | لَهُ مِنْ بَطاحِيَّ لُؤَيٍّ كِرَامُهَا |
أحَقَّ بَني حَوّاءَ أنْ يُدْرِكَ الّتي | عَلَيْهِمْ لَهُ، لا يُستَطاعُ مَرَامُهَا |
أبَتْ لِهشامٍ عادَةٌ يَسْتَعِيدُهَا، | وَكَفُّ جَوَادٍ لا يُسَدُّ انْثِلامُهَا |
كما انْثَلَمتْ من غَمرِ أكدَرَ مُفَعَمٍ | فُرَاتِيّةٌ يَعْلُو الصَّرَاةَ التِطَامُهَا |
هِشامٌ فَتى النّاسِ الذي تَنْتهي المُنى | إلَيْهِ، وَإنْ كانَتْ رِغاباً جِسامُهَا |
وَإنّا لَنَستحْيِيكَ مِمّنْ وَرَاءَنَا | مِنَ الجَهْدِ، وَالآرَامُ تُبْلى سِلامُهَا |
فَدُونَكَ دَلْوِي إنّهَا حِينَ تَستَقي | بفَرْغٍ شَديِدٍ للدّلاءِ اقْتِحامُهَا |
وَقَدْ كانَ مِتْراعاً لهَا وَهيَ في يدي | أبُوكَ، إذا الأْورَادُ طَالَ أُوَامُهَا |
وَإنّ تَمِيماً مِنْكَ حَيثُ تَوَجّهَتْ، | على السِّلمِ، أوْ سَلِّ السيوف خِصَامُها |
همُ الإخوَةُ الأدْنَوْنَ وَالكاهلُ الذي | بهِ مُضَرٌ عند الكِظاظِ ازْدِحَامُهَا |
هِشامٌ خِيَارُ الله للنّاسِ، وَالّذِي | بِهِ يَنْجَلي عن كلّ أرْضٍ ظَلامُهَا |
وَأنْتَ لِهَذا النّاسِ بَعْدَ نَبِيّهِمْ، | سَمَاءٌ يُرَجّى للمُحُولِ غَمامُهَا |
وَأنْتَ الّذي تَلْوِي الجُنُودُ رُؤوسَها | إلَيْكَ، ولَلأيْتَامِ أنْتَ طَعامُهَا |
إليكَ انتَهَى الحاجاتُ وانقَطَعَ المُنى، | وَمَعْرُوفَهَا في راحَتَيْكَ تَمامُهَا |
الزعيم- المـديـر العـــام
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 7554
مواضيع مماثلة
» الفرزدق:أبى الحزن أن أنسى مصائب أوجعت
» الفرزدق :لعمري لا أنسى أيادي أصبحت
» علي بن أبي طالب : أفاطم هاكِ السيف غير ذميم
» المتنبي : نسيت وما أنسى عتابا على الصد
» الفرزدق :
» الفرزدق :لعمري لا أنسى أيادي أصبحت
» علي بن أبي طالب : أفاطم هاكِ السيف غير ذميم
» المتنبي : نسيت وما أنسى عتابا على الصد
» الفرزدق :
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى