ملتقى الجزائريين والعرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف Empty الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف

مُساهمة من طرف اعصار الجمعة 20 مايو - 15:17:19

الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف B2






وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ
مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً
إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ







(164)






فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ
عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا
كَانُوا يَفْسُقُونَ







(165)






فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ







(166) الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف B1
يخبر تعالى عن أهل هذه القرية أنهم صاروا إلى ثلاث فرق: فرقة الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP ارتكبت المحذور، واحتالوا على اصطياد السمك يوم السبت، كما تقدم بيانه في سورة البقرة. وفرقة نهت عن ذلك، [وأنكرت] الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
واعتزلتهم. وفرقة سكتت فلم تفعل ولم تنه، ولكنها قالت للمنكرة: ( لِمَ
تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا
شَدِيدًا ) ؟ أي: لم تنهون هؤلاء، وقد علمتم أنهم هلكوا واستحقوا العقوبة
من الله؟ فلا فائدة في نهيكم إياهم. قالت لهم المنكرة: ( مَعْذِرَةً إِلَى
رَبِّكُمْ ) قرأ بعضهم بالرفع، كأنه على تقديره: هذا معذرة وقرأ آخرون
بالنصب، أي: نفعل ذلك ( مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ ) أي: فيما أخذ علينا
من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ( وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) يقولون:
ولعل بهذا الإنكار يتقون ما هم فيه ويتركونه، ويرجعون إلى الله تائبين،
فإذا تابوا تاب الله عليهم ورحمهم.
قال تعالى: ( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ ) أي: فلما أبى
الفاعلون المنكر قبول النصيحة، ( أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ
السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا ) أي: ارتكبوا المعصية (
بِعَذَابٍ بَئِيسٍ ) فنص على نجاة الناهين وهلاك الظالمين، وسكت عن
الساكتين؛ لأن الجزاء من جنس العمل، فهم لا يستحقون مدحا فيمدحوا، ولا
ارتكبوا عظيما فيذموا، ومع هذا فقد اختلف الأئمة فيهم: هل كانوا من
الهالكين أو من الناجين؟ على قولين:
قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ( وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ
لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا
شَدِيدًا ) [قال:] الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
هي قرية على شاطئ البحر بين مصر والمدينة، يقال لها: "أيلة"، فحرم الله
عليهم الحيتان يوم سبتهم، وكانت الحيتان تأتيهم يوم سبتهم شرعًا في ساحل
البحر، فإذا مضى يوم السبت لم يقدروا عليها. فمضى على ذلك ما شاء الله، ثم
إن طائفة منهم أخذوا الحيتان يوم سبتهم، فنهتهم طائفة وقالوا: تأخذونها وقد
حرمها الله عليكم يوم سبتكم؟ فلم يزدادوا إلا غيًا وعتوًا، وجعلت طائفة
أخرى تنهاهم، فلما طال ذلك عليهم قالت طائفة من النهاة: تعلمون أن هؤلاء
قوم قد حق عليهم العذاب، ( لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ [
أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ] ) الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
وكانوا أشد غضبا لله من الطائفة الأخرى؟ فقالوا: ( مَعْذِرَةً إِلَى
رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) وكل قد كانوا ينهون ، فلما وقع عليهم
غضب الله نجت الطائفتان اللتان قالوا: ( لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ
مُهْلِكُهُمْ ) والذين قالوا: ( مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ ) وأهلك الله
أهل معصيته الذين أخذوا الحيتان، فجعلهم قردة.
وروى العوفي، عن ابن عباس قريبًا من هذا.
وقال حماد بن زيد، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس: ( لِمَ
تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا
شَدِيدًا ) < 3-495 >
قال: ما أدري أنجا الذين قالوا: "أتعظون قوما الله مهلكهم"، أم لا ؟ قال: فلم أزل به حتى عرَّفته أنهم نجوا، فكساني حلة.
قال عبد الرزاق: أخبرنا ابن جُرَيْج، حدثني رجل، عن عكرمة قال: جئت ابن عباس يوما وهو يبكي، وإذا الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
المصحف في حجره، فأعظمت أن أدنو، ثم لم أزل على ذلك حتى تقدمت فجلست،
فقلت: ما يبكيك يا أبا عباس، جعلني الله فداك؟ قال: فقال: هؤلاء الورقات.
قال: وإذا هو في "سورة الأعراف"، قال: تعرف الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
أيلة قلت: نعم. قال: فإنه كان بها حي من يهود سيقت الحيتان إليهم يوم
السبت، ثم غاصت لا يقدرون عليها حتى يغوصوا بعد كد ومؤنة شديدة، كانت
تأتيهم يوم السبت شرعا بيضًا سمانًا كأنها الماخض، تتبطح الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
ظهورها لبطونها بأفنيتهم. فكانوا كذلك برهة من الدهر، ثم إن الشيطان أوحى
إليهم فقال: إنما نهيتم عن أكلها يوم السبت، فخذوها فيه، وكلوها في غيره من
الأيام. فقالت ذلك طائفة منهم، وقالت طائفة: بل نهيتم عن أكلها وأخذها
وصيدها يوم السبت. فكانوا كذلك، حتى جاءت الجمعة المقبلة، فغدت طائفة
بأنفسها وأبنائها ونسائها، واعتزلت طائفة ذات اليمين، وتنحت واعتزلت طائفة
ذات اليسار وسكتت. وقال الأيمنون: ويلكم، الله، الله ننهاكم أن الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
تتعرضوا لعقوبة الله. وقال الأيسرون: ( لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ
مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ) ؟ قال الأيمنون: (
مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) إن ينتهوا فهو أحب
إلينا ألا يصابوا ولا يهلكوا، وإن لم ينتهوا فمعذرة إلى ربكم. فمضوا على
الخطيئة، وقال الأيمنون: فقد الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP فعلتم، يا أعداء الله. والله لا نبايتكم الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
الليلة في مدينتكم، والله ما نراكم تصبحون حتى يصبحكم الله بخسف أو قذف أو
بعض ما عنده من العذاب. فلما أصبحوا ضربوا عليهم الباب ونادوا، فلم
يجابوا، فوضعوا سلما، وأعلوا سور المدينة رجلا فالتفت إليهم فقال: أي عباد
الله، قردة والله تعاوي لها أذناب. قال: ففتحوا فدخلوا عليهم، فعرفت القرود
أنسابها الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP من الإنس، ولا تعرف الإنس أنسابها من القردة، فجعلت القرود يأتيها نسيبها الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP من الإنس فتشم ثيابه وتبكي، فتقول: ألم ننهكم عن كذا؟ فتقول برأسها، أي نعم. ثم قرأ الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
ابن عباس: ( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ
يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ
بَئِيسٍ ) قال: فأرى الذين نهوا قد نجوا، ولا أرى الآخرين ذكروا، ونحن نرى
أشياء ننكرها ولا نقول فيها؟. قال: قلت: جعلني الله فداك، ألا ترى أنهم قد
كرهوا ما هم عليه، وخالفوهم وقالوا: ( لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ
مُهْلِكُهُمْ ) ؟ قال: فأمر لي فكسيت ثوبين غليظين الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
وكذا روى مجاهد، عنه.
وقال ابن جرير: حدثنا يونس، أخبرنا أشهب بن عبد العزيز، عن مالك، قال: زعم ابن رومان < 3-496 >
أن قوله تعالى:
الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف B2 تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ
الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف B1
قال: كانت تأتيهم يوم السبت، فإذا كان المساء ذهبت، فلا يرى منها شيء إلى
يوم السبت الآخر، فاتخذ -لذلك -رجل خيطًا ووتدًا، فربط حوتا منها في الماء
يوم السبت، حتى إذا أمسوا ليلة الأحد، أخذه فاشتواه، فوجد الناس ريحه،
فأتوه فسألوه عن ذلك، فجحدهم، فلم يزالوا به حتى قال لهم: "فإنه جلد حوت
وجدناه". فلما كان السبت الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP الآخر فعل مثل ذلك -ولا أدري لعله قال: ربط حوتين -فلما أمسى من ليلة الأحد أخذه فاشتواه، فوجدوا رائحة، فجاءوا الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP فسألوه الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
فقال لهم: لو شئتم صنعتم كما أصنع. فقالوا له: وما صنعت؟ فأخبرهم، ففعلوا
مثل ما فعل، حتى كثر ذلك. وكانت لهم مدينة لها ربض يغلقونها عليهم، فأصابهم
من المسخ ما أصابهم. فغدوا الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP عليهم جيرانهم مما كانوا الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
حولهم، يطلبون منهم ما يطلب الناس، فوجدوا المدينة مغلقة عليهم، فنادوا
فلم يجيبوهم، فتسوروا عليهم، فإذا هم قردة، فجعل القرد يدنو يتمسح بمن كان
يعرف قبل ذلك، ويدنو منه ويتمسح به الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
وقد قدمنا في سورة "البقرة" الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP من الآثار في خبر هذه القرية ما فيه مقنع وكفاية، ولله الحمد والمنة.
القول الثاني: أن الساكتين كانوا من الهالكين.
قال محمد بن إسحاق، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ أنه
قال: ابتدعوا السبت فابتلوا فيه، فحرمت عليهم فيه الحيتان، فكانوا إذا كان
يوم السبت، شرعت لهم الحيتان ينظرون إليها في البحر. فإذا انقضى السبت،
ذهبت فلم تر حتى السبت المقبل، فإذا جاء السبت جاءت شرعا، فمكثوا ما شاء
الله أن يمكثوا كذلك، ثم إن رجلا منهم أخذ حوتًا فخزم أنفه ثم، ضرب له
وتدًا في الساحل، وربطه وتركه في الماء. فلما كان الغد، أخذه فشواه فأكله،
ففعل ذلك وهم ينظرون ولا ينكرون، ولا ينهاه منهم أحد، إلا عصبة منهم نهوه،
حتى ظهر ذلك في الأسواق، ففعل علانية. قال : فقالت طائفة للذين ينهونهم: (
لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا
شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ ) فقالوا: سخط أعمالهم (
وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ ) إلى
قوله: ( قِرَدَةً خَاسِئِينَ ) قال ابن عباس: كانوا أثلاثًا: ثلث نهوا،
وثلث قالوا: ( لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ ) وثلث أصحاب
الخطيئة، فما نجا إلا الذين نهوا وهلك سائرهم.
وهذا إسناد جيد عن ابن عباس، ولكن رجوعه إلى قول عكرمة في نجاة الساكتين، أولى من القول بهذا؛ لأنه تبين حالهم بعد ذلك، والله أعلم.
وقوله تعالى: ( وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ ) فيه دلالة بالمفهوم على أن الذين بقوا نجوا.
و ( بَئِيسٍ ) فيه قراءات كثيرة، ومعناه في قول مجاهد: "الشديد"، وفي رواية: "أليم". وقال قتادة: موجع. والكل متقارب، والله أعلم.
< 3-497 >

وقوله: ( خاسئين ) أي: ذليلين حقيرين مهانين.
الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف B2






وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ
الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ







(167) الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف B1
( تَأَذَّنَ ) تَفَعَّل من الإذن أي: أعلم، قاله مجاهد. وقال غيره: أمر.
وفي قوة الكلام ما يفيد معنى القسم من هذه اللفظة، ولهذا تُلُقِّيَت
باللام في قوله: ( لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ ) أي: على اليهود ( إِلَى
يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ) أي: بسبب عصيانهم
ومخالفتهم أوامر الله وشرعه واحتيالهم على المحارم.
ويقال: إن موسى، عليه السلام، ضرب عليهم الخراج سبع سنين -وقيل: ثلاث
عشرة سنة، وكان أول من ضرب الخراج. ثم كانوا في قهر الملوك من اليونانيين
والكشدانيين والكلدانيين، ثم صاروا في الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
قهر النصارى وإذلالهم وإياهم، أخذهم منهم الجزية والخراج، ثم جاء الإسلام،
ومحمد، عليه أفضل الصلاة والسلام، فكانوا تحت صفاره وذمته يؤدون الخراج
والجزى الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
قال العوفي، عن ابن عباس في تفسير هذه الآية قال: هي المسكنة، وأخذ الجزية منهم.
وقال علي بن أبي طلحة، عنه: هي الجزية، والذين يسومهم سوء العذاب: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمته، إلى يوم القيامة.
وكذا قال سعيد بن جبير، وابن جُرَيْج، والسُّدِّي، وقتادة.
وقال عبد الرزاق: عن مَعْمَر، عن عبد الكريم الجزري، عن سعيد بن المسيب قال: يستحب أن تبعث الأنباط في الجزية.
قلت: ثم آخر أمرهم أنهم يخرجون أنصار الدجال، فيقتلهم المسلمون مع عيسى ابن مريم، عليه السلام، وذلك آخر الزمان.
وقوله: ( إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ ) أي: لمن عصاه وخالف [أمره و] الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP شرعه، ( وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) أي: لمن تاب إليه وأناب.
وهذا من باب قرن الرحمة مع العقوبة، لئلا يحصل اليأس، فيقرن [الله] الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP تعالى بين الترغيب والترهيب كثيرا؛ لتبقى النفوس بين الرجاء والخوف.
< 3-498 >

الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف B2






وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ
دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ
يَرْجِعُونَ







(168)






فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ
هَذَا الأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ
مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ
لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ
وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ







(169)






وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ







(170) الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف B1
يذكر تعالى أنه فرقهم في الأرض أمما، أي: طوائف وفرقًا، كما قال [تعالى] الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف B2 وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف B1
[الإسراء:104]
( مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ ) أي: فيهم الصالح وغير ذلك، كما قالت الجن:
الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف B2 وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف B1
[الجن:11]، ( وَبَلَوْنَاهُمْ ) أي: اختبرناهم ( بِالْحَسَنَاتِ
وَالسَّيِّئَاتِ ) أي: بالرخاء والشدة، والرغبة والرهبة، والعافية والبلاء،
( لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )
ثم قال تعالى: ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ
يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ
يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ ) يقول تعالى: فخلف من بعد ذلك
الجيل الذين فيهم الصالح والطالح، خلف آخر لا خير فيهم، وقد ورثوا دراسة
[هذا] الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
الكتاب وهو التوراة -وقال مجاهد: هم النصارى -وقد يكون أعم من ذلك، (
يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأدْنَى ) أي: يعتاضون عن بذل الحق ونشره بعَرَض
الحياة الدنيا، ويسرفون أنفسهم ويعدونها بالتوبة، وكلما لاح لهم مثل الأول
وقعوا فيه؛ ولهذا قال: ( وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ )
كما قال سعيد بن جبير: يعملون الذنب، ثم يستغفرون الله منه، فإن عرض ذلك
الذنب أخذوه.
وقول مجاهد في قوله: ( يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأدْنَى ) قال: لا
يشرف لهم شيء من الدنيا إلا أخذوه، حلالا كان أو حرامًا، ويتمنون المغفرة،
ويقولون: ( سَيُغْفَرُ لَنَا ) وإن يجدوا عَرَضًا مثله يأخذوه.
وقال قتادة في: ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ ) أي: والله، لخلف
سوء، ورثوا الكتاب بعد أنبيائهم ورسلهم، ورثهم الله وعهد إليهم، وقال الله
في آية أخرى:
الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف B2 فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف B1
[مريم:59]، قال ( يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ
سَيُغْفَرُ لَنَا ) تمنوا على الله أماني، وغرَّة يغترون بها، ( وَإِنْ
يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ ) لا يشغلهم شيء عن شيء، ولا
ينهاهم شيء عن ذلك، كلما هف لهم شيء من [أمر] الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP الدنيا أكلوه، ولا يبالون حلالا كان أو حرامًا.
وقال السُّدِّي [في] الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
قوله: ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ ) إلى قوله: ( وَدَرَسُوا مَا
فِيهِ ) قال: كانت بنو إسرائيل لا يستقضون قاضيا إلا ارتشى في الحكم، وإن
خيارهم اجتمعوا، فأخذ بعضهم على بعض العهود ألا يفعلوا ولا يرتشى، فجعل
الرجل منهم إذا استقضى ارتشى، فيقال له: ما شأنك ترتشي في الحكم، فيقول:
"سيغفر لي"، فتطعن عليه البقية الآخرون من بني إسرائيل فيما صنع، فإذا مات،
أو نـزع، وجعل مكانه رجل ممن كان يطعن عليه، فيرتشي. يقول: وإن يأت
الآخرين عرض الدنيا يأخذوه.
< 3-499 >

قال الله تعالى: ( أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ
أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ )
يقول تعالى منكرًا عليهم في صنيعهم هذا، مع ما أخذ عليهم من الميثاق ليبينن
الحق للناس، ولا يكتمونه كقوله:
الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف B2
وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ
لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ
ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ
الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف B1
[آل عمران:187]
وقال ابن جُرَيْج: قال ابن عباس: ( أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ
مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ ) قال:
فيما يوجبون على الله من غفران ذنوبهم التي لا يزالون يعودون فيها، ولا
يتوبون منها.
وقوله تعالى: ( وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ
أَفَلا تَعْقِلُونَ ) يرغبهم تعالى في جزيل ثوابه، ويحذرهم من وبيل عقابه،
أي: وثوابي وما عندي خير لمن اتقى المحارم، وترك هوى نفسه، وأقبل على طاعة
ربه.
( أَفَلا تَعْقِلُونَ ) يقول: أفليس لهؤلاء الذين اعتاضوا بعَرَض
الدنيا عما عندي عقل يردعهم عما هم فيه من السفه والتبذير؟ ثم أثنى تعالى
على من تمسك بكتابه الذي يقوده إلى اتباع رسوله محمد صلى الله عليه وسلم،
كما هو مكتوب فيه، فقال تعالى ( وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ )
أي: اعتصموا به واقتدوا بأوامره، وتركوا زواجره ( وَأَقَامُوا الصَّلاةَ
إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ )



اعصار
اعصار
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 34551

https://www.helpub.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف Empty رد: الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف

مُساهمة من طرف الزعيم الجمعة 20 مايو - 17:47:31

جميل جدا ونشاط مميز شكرا




الزعيم
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 7554

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف Empty رد: الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف

مُساهمة من طرف اعصار الجمعة 20 مايو - 18:15:05

منور الموضوع أخي لا تحرمنا ردودك



اعصار
اعصار
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 34551

https://www.helpub.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف Empty رد: الجزء الثاني والعشرون من تفسير سورة الأعراف

مُساهمة من طرف aaaa الخميس 29 مارس - 22:09:32

شكرا على الموضوع
لا تبخل علينا




aaaa
عضو نشيط
عضو  نشيط

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 768
تاريخ الميلاد : 13/10/1983
العمر : 41

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى