الجزء السادس من تفسير سورة هود
ملتقى الجزائريين والعرب :: المنتدى العام :: الركن الإسلامي :: ملحق تفسير القرآن كاملا لابن كثير
:: تفسير سورة هود
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
الجزء السادس من تفسير سورة هود
وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِنْ قَوْمِهِ
سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ
كَمَا تَسْخَرُونَ
(38)
فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ
(39)
وقوله: ( وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأ مِنْ
قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ) أي: يَطْنـزون به ويكذبون بما يتوعدهم به من
الغرق،( قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا
تَسْخَرُونَ * فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ) وعيد شديد، وتهديد أكيد، ( مَنْ
يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ ) أي: يهنه في الدنيا، ( وَيَحِلُّ عَلَيْهِ
عَذَابٌ مُقِيمٌ ) أي: دائم مستمر أبدا.
حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا
مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ
الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلا قَلِيلٌ
(40)
هذه مُواعدة من الله تعالى لنوح، عليه السلام، إذا جاء أمر الله من
الأمطار المتتابعة، والهَتَّان الذي لا يُقْلع ولا يَفتُر، بل هو كما قال
تعالى: فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ
[القمر:11 -14] .وأما قوله: ( وَفَارَ التَّنُّورُ ) فعن ابن عباس:
التنور: وجه الأرض، أي: صارت الأرض عيونا تفور، حتى فار الماء من التنانير
التي هي مكان النار، صارت تفور ماء، وهذا قول جمهور السلف وعلماء الخلف.
وعن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه: التنور: فَلَق الصبح، وتنوير الفجر، وهو ضياؤه وإشراقه. < 4-321 >
والأول أظهر.
وقال مجاهد والشعبي: كان هذا التنور بالكوفة، وعن ابن عباس: عين بالهند. وعن قتادة: عين بالجزيرة، يقال لها: عين الوردة.
وهذه أقوال غريبة.
فحينئذ أمر الله نوحا، عليه السلام، أن يحمل معه في السفينة من كل زوجين
-من صنوف المخلوقات ذوات الأرواح، قيل: وغيرها من النباتات -اثنين. ذكرا
وأنثى، فقيل: كان أول من أدخل من الطيور الدرة، وآخر من أدخل من الحيوانات
الحمار، فدخل إبليس متعلقًا بذنبه، فدخل بيده
، وجعل يريد أن ينهض فيثقله إبليس وهو متعلق بذنبه، فجعل يقول له نوح: ما
لك؟ ويحك. ادخل. فينهض ولا يقدر، فقال: ادخل وإن كان إبليس معك فدخلا في
السفينة.
وذكر أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود أنهم لم يستطيعوا أن يحملوا معهم الأسد، حتى ألقيت عليه الحمى.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن صالح كاتب الليث،
حدثني الليث، حدثني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم. عن أبيه أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال: "لما حمل نوح في السفينة من كل زوجين اثنين، قال
أصحابه: وكيف يطمئن أو: تطمئن -المواشي ومعها
الأسد؟ فسلط الله عليه الحمى، فكانت أول حُمَّى نـزلت الأرض، ثم شكوا
الفأرة فقالوا: الفُوَيسقة تفسد علينا طعامنا ومتاعنا. فأوحى الله إلى
الأسد، فعطس، فخرجت الهرة منه، فتخبأت الفأرة منها" .
وقوله: ( وَأَهْلَكَ إِلا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ ) أي: "واحمل
فيها أهلك، وهم أهل بيته وقرابته" إلا من سبق عليه القول منهم، ممن لم يؤمن
بالله، فكان منهم ابنه "يام" الذي انعزل وحده، وامرأة نوح وكانت كافرة
بالله ورسوله.
وقوله: ( وَمَنْ آمَنَ ) أي: من قومك، ( وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلا قَلِيلٌ ) أي: نـزر يسير مع طول المدة والمقام بين أظهرهم ألف سنة إلا خمسين عاما، فعن ابن عباس: كانوا ثمانين نفسا منهم نساؤهم. وعن كعب الأحبار: كانوا اثنين وسبعين نفسا. وقيل: كانوا عشرة. وقيل: إنما كانوا نوح وبنوه الثلاثة سام، وحام، ويافث، وكنائِنِه الأربع نساء هؤلاء الثلاثة وامرأة يام. وقيل: بل امرأةُ نوح كانت < 4-322 >
معهم في السفينة، وهذا فيه نَظَرٌ، بل الظاهر أنها هلكت؛ لأنها كانت على
دين قومها، فأصابها ما أصابهم، كما أصاب امرأة لوط ما أصاب قَومها، والله
أعلم وأحكم.
وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ
(41)
وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ
وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلا تَكُنْ مَعَ
الْكَافِرِينَ
(42)
قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لا عَاصِمَ
الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا
الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ
(43)
يقول تعالى إخبارًا عن نوح، عليه السلام، أنه قال للذين أمر بحملهم معه
في السفينة: ( ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا )
أي: بسم الله يكون جَرْيُها على وجه الماء، وبسم الله يكون منتهى سيرها،
وهو رُسُوها.
وقرأ أبو رجاء العَطاردي: "بسْمِ اللهِ مُجْرِيَها ومُرْسِيهَا".
وقال الله تعالى :
فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ
[المؤمنون:28، 29]؛ ؛ ولهذا تستحب التسمية في ابتداء الأمور: عند الركوب على السفينة وعلى الدابة، كما قال تعالى: وَالَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ *
لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا
اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا
وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ
[ الزخرف:12 -14]، وجاءت السنة بالحث على ذلك، والندب إليه، كما سيأتي في سورة "الزخرف" ، إن شاء الله وبه الثقة.
وقال أبو القاسم الطبراني: حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي، حدثنا محمد بن
أبي بكر المقدمي -وحدثنا زكريا بن يحيى الساجي، حدثنا محمد بن موسى
الحَرشي -قالا حدثنا عبد الحميد بن الحسن الهلالي، عن نَهْشل بن سعيد، عن
الضحاك، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أمان أمتي من
الغرق إذا ركبوا في السفن أن يقولوا: بسم الله الملك،
وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ
وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ
[الزمر: 67]، ( بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ )" .
وقوله: ( إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) مناسب عند ذكر الانتقام من الكافرين بإغراقهم أجمعين ذكْرُ أنه غفور رحيم، كما قال:
إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ
[الأعراف: 167]، وقال:
< 4-323 >
وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ
[الرعد: 6]، إلى غير ذلك من الآيات التي يقرن فيها بين انتقامه ورحمته.
وقوله: ( وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ ) أي: السفينة سائرة بهم على وجه الماء، الذي قد طَبَّق جميع الأرض، حتى طفت
على رءوس الجبال، وارتفع عليها بخمسة عشر ذراعا، وقيل: بثمانين ميلا وهذه
السفينة على وجه الماء سائرة بإذن الله وتحت كَنَفه وعنايته وحراسته وامتنانه كما قال تعالى: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ * لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ
[الحاقة: 11، 12]، وقال تعالى: وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ * وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ
[ القمر: 13 -15] .وقوله: ( وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي
مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ )
هذا هو الابن الرابع، واسمه "يام"، وكان كافرا، دعاه أبوه عند ركوب السفينة
أن يؤمن ويركب معهم ولا يغرق مثل ما يغرق الكافرون، ( قَالَ سَآوِي إِلَى
جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ) وقيل: إنه اتخذ له مركبا من زُجاج،
وهذا من الإسرائيليات، والله أعلم بصحته. والذي نص عليه القرآن أنه قال: (
قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ) اعتقد بجهله أن
الطوفان لا يبلغ إلى رءوس الجبال، وأنه لو تعلق في رأس جبل لنجّاه ذلك من
الغرق، فقال له أبوه نوح، عليه السلام: ( لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ
اللَّهِ إِلا مَنْ رَحِمَ ) أي: ليس شيء يعصم اليوم من أمر الله. وقيل: إن
عاصما بمعنى معصوم، كما يقال: "طاعم وكاس" ، بمعنى مطعوم ومكسُوّ، (
وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ) .
وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ
الْمَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا
لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
(44)
يخبر تعالى أنه لما غرق أهل الأرض إلا أصحاب السفينة، أمر
الأرض أن تبلع ماءها الذي نبع منها واجتمع عليها، وأمر السماء أن تُقلعَ
عن المطر، ( وَغِيضَ الْمَاءُ ) أي: شرع في النقص، ( وَقُضِيَ الأمْرُ )
أي: فُرغَ من أهل الأرض قاطبة، ممن كفر بالله، لم يبق منهم دَيّار، (
وَاسْتَوَتْ ) السفينة بمن فيها ( عَلَى الْجُودِيِّ ) قال مجاهد: وهو جبل
بالجزيرة، تشامخت الجبال يومئذ من الغرق وتطاولت، وتواضع هو لله عز وجل،
فلم يغرق، وأرست عليه سفينة نوح عليه السلام.
وقال قتادة: استوت عليه شهرا حتى نـزلوا منها، قال قتادة: قد أبقى الله سفينة نوح، عليه السلام، على الجُودي من أرض الجزيرة عِبرة وآية حتى رآها أوائل هذه الأمة، وكم من سفينة قد < 4-324 >
كانت بعدها فهلكت، وصارت رمادًا .
وقال الضحاك: الجُوديّ: جبل بالموصل: وقال بعضهم: هو الطور.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عمرو بن رافع، حدثنا محمد بن عبيد، عن توبة بن سالم قال: رأيت زِرّ بن حُبَيش يصلي في الزاوية حين يُدخل من أبواب كِندة على يمينك فسألته إنك لكثير الصلاة هاهنا يوم الجمعة :! قال: بلغني أن سفينة نوح أرْسَتْ من هاهنا.
وقال عِلْباء بن أحمد، عن عِكْرِمة، عن ابن عباس قال: كان مع نوح في
السفينة ثمانون رجلا معهم أهلوهم، وإنهم كانوا في السفينة مائة وخمسين
يوما، وإن الله وجّه السفينة إلى مكة فدارت بالبيت أربعين يوما، ثم وجهها
الله إلى الجُودِيّ فاستقرت عليه، فبعث نوح الغرابَ ليأتيه بخبر الأرض،
فذهب فوقع على الجيف فأبطأ عليه فبعث الحمامة فأتته بورق الزيتون، ولطخت
رجليها بالطين، فعرف نوح، عليه السلام، أن الماء قد نضب، فهبط إلى أسفل
الجُودِيّ، فابتنى قرية وسماها ثمانين، فأصبحوا ذات يوم وقد تبلبلت ألسنتهم
على ثمانين لغة، إحداها اللسان العربي. فكان بعضهم لا يفقه كلام بعض، وكان نوح عليه السلام يُعبّر عنهم.
وقال كعب الأحبار: إن السفينة طافت ما بين المشرق والمغرب قبل أن تستقر على الجوديّ.
وقال قتادة وغيره: ركبوا في عاشر شهر رجب فساروا مائة وخمسين واستقرت
بهم على الجودي شهرًا، وكان خروجهم من السفينة في يوم عاشوراء من المحرم.
وقد ورد نحو هذا في حديث مرفوع رواه ابن جرير . وأنهم صاموا يومهم ذاك ، فالله أعلم.
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو جعفر، حدثنا عبد الصمد بن حَبِيب الأزدي،
عن أبيه حبيب بن عبد الله، عن شُبَيل، عن أبي هريرة قال: مر النبي صلى الله
عليه وسلم بأناس من اليهود، وقد صاموا يوم عاشوراء، فقال: ما هذا الصوم؟
قالوا: هذا اليوم الذي نجى الله موسى وبني إسرائيل من الغرق، وغرق فيه
فرعون، وهذا يوم استوت فيه السفينة على الجُودِيّ، فصامه
نوح وموسى، عليهما السلام، شكرًا لله عز وجل. فقال النبي صلى الله عليه
وسلم: "أنا أحق بموسى، وأحق بصوم هذا اليوم". فصام، وقال لأصحابه: "من كان
أصبح منكم صائما فليتم صومه، ومن كان أصاب من غَذاء أهله، فليتم بقية يومه"
وهذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوجه، ولبعضه شاهدٌ في الصحيح . < 4-325 >
وقوله: ( وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) أي: هلاكًا وخسارًا لهم وبعدا من رحمة الله، فإنهم قد هلكوا عن آخرهم، فلم يبق لهم بقية.
وقد روى الإمام أبو جعفر بن جرير والحبر أبو محمد بن أبي حاتم في تفسيريهما من حديث موسى بن يعقوب
الزمعي، عن قائد -مولى عبيد الله بن أبي رافع -أن إبراهيم بن عبد الرحمن
بن أبي ربيعة أخبره: أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته: أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو رحم الله من قوم نوح أحدًا لرحم أم
الصبي"، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان نوح، عليه السلام، مكث في
قومه ألف سنة [إلا خمسين عاما] ، يعني وغرس مائة سنة الشجر، فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعلها سفينة ويمرون عليه ويسخرون منه ويقولون: تعمل
سفينة في البَرّ، فكيف تجري؟ قال: سوف تعلمون. فلما فرغ ونَبَع الماء،
وصار في السكك خشِيت أمّ الصبي عليه، وكانت تحبه حبا شديدًا، فخرجت إلى
الجبل، حتى بلغت ثلثه فلما بلغها الماء [ارتفعت حتى بلغت ثلثيه، فلما بلغها الماء] خرجت به حتى استوت على الجبل، فلما بلغ رقبتها رفعته بيديها فغرقا فلو رحم الله منهم أحدا لرحم أم الصبي" .
وهذا حديث غريب من هذا الوجه، وقد روي عن كعب الأحبار، ومجاهد بن جبر قصةُ هذا الصبي وأمه بنحو من هذا.
وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ
(45)
هذا سؤال استعلام وكشف من نوح، عليه السلام، عن حال ولده الذي غرق، (
فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي ) أي: وقد وعدتني بنجاة أهلي،
ووعدُك الحق الذي لا يخلف، فكيف غرق وأنت أحكم الحاكمين؟
|
رد: الجزء السادس من تفسير سورة هود
جزاك الله خيرا ونفعك بالعلم
الزعيم- المـديـر العـــام
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 7554
M.AYMAN- عضو نشيط
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 1898
تاريخ الميلاد : 13/10/1985
العمر : 39
رد: الجزء السادس من تفسير سورة هود
شكرا على الرد نورت الموضوع بمرورك
لا تبخل علينا بجميل كلماتك
ولا تنسى أن تزورنا دوما على عنوان واحد
هنا
لا تبخل علينا بجميل كلماتك
ولا تنسى أن تزورنا دوما على عنوان واحد
هنا
رد: الجزء السادس من تفسير سورة هود
شكرا على الموضوع
لا تبخل علينا
لا تبخل علينا
aaaa- عضو نشيط
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 768
تاريخ الميلاد : 13/10/1983
العمر : 41
مواضيع مماثلة
» الجزء السادس من تفسير سورة طه
» الجزء السادس من تفسير سورة سبأ
» الجزء السادس من تفسير سورة النحل
» الجزء السادس من تفسير سورة الفرقان
» الجزء السادس من تفسير سورة الروم
» الجزء السادس من تفسير سورة سبأ
» الجزء السادس من تفسير سورة النحل
» الجزء السادس من تفسير سورة الفرقان
» الجزء السادس من تفسير سورة الروم
ملتقى الجزائريين والعرب :: المنتدى العام :: الركن الإسلامي :: ملحق تفسير القرآن كاملا لابن كثير
:: تفسير سورة هود
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى