الجزء الخامس من تفسير سورة الشعراء
ملتقى الجزائريين والعرب :: المنتدى العام :: الركن الإسلامي :: ملحق تفسير القرآن كاملا لابن كثير
:: تفسير سورة الشعراء
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
الجزء الخامس من تفسير سورة الشعراء
وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85) وَاغْفِرْ لأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ (86) وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ (88) إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) . وقوله:
( وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ ) أي: واجعل لي ذكرًا
جميلا بعدي أذكرَ به، ويقتدى بي في الخير، كما قال تعالى: وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ * سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ [الصافات:108-110] .
قال مجاهد، وقتادة: ( وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ ) يعني: الثناء الحسن. قال مجاهد: وهو كقوله تعالى: وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ [العنكبوت:27]، وكقوله: وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ [النحل:122] .
قال ليث بن أبي سليم: كل ملة تحبه وتتولاه. وكذا قال عكرمة.
وقوله: ( وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ ) أي: أنعم
عَليَّ في الدنيا ببقاء الذكر الجميل بعدي، وفي الآخرة بأن تجعلني من ورثة
جنة النعيم.
وقوله: ( وَاغْفِرْ لأبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ ) كقوله: رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ [إبراهيم:41] ، وهذا مما رجَعَ عنه إبراهيم، عليه السلام، كما قال تعالى: وَمَا
كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا
إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ
مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ [التوبة:114]. وقد قطع [الله] تعالى الإلحاق في استغفاره لأبيه، فقال: قَدْ
كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ
إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ
مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ
الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ
إِلا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ
لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ [الممتحنة:4] .
وقوله: ( وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ) أي: أجرني من الخزي يوم القيامة و[يوم] يبعث الخلائق أولهم وآخرهم.
قال البخاري في قوله: ( وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ) وقال
إبراهيم بن طهمان، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه،
عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن
إبراهيم رأى أباه يوم القيامة عليه الغَبَرَةُ والقَتَرَةُ" .
حدثنا إسماعيل، حدثنا أخي، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي
هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يلقى إبراهيم أباه، فيقول: يا
رب، إنك وعدتني أنك لا تخزيني يوم يبعثون. فيقول الله: إني حرمت الجنة على الكافرين" .
هكذا رواه عند هذه الآية
. وفي أحاديث الأنبياء بهذا الإسناد بعينه منفردا به، ولفظه: يلقى إبراهيم
أباه آزر يوم القيامة، وعلى وجه آزر قَتَرَةٌ وغَبَرة، فيقول له إبراهيم:
ألم أقل لك: لا تعصني فيقول أبوه
: فاليوم لا أعصيك. فيقول إبراهيم: يا رب، إنك وعدتني ألا تخزيني يوم
يبعثون، فأي خزي أخزى من أبي الأبعد؟ فيقول الله تعالى: إني حرمت الجنة على
الكافرين. ثم يُقال: يا إبراهيم، ما تحت رجليك؟ فينظر فإذا هو بذبح متلطخ،
فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار .
وقال أبو عبد الرحمن النسائي في التفسير من سننه الكبير قوله: ( وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ) : أخبرنا أحمد بن حفص
بن عبد الله، حدَّثني أبي، حدثني إبراهيم بن طَهْمَان، عن محمد بن عبد
الرحمن، عن سعيد بن أبي سعيد المقبرِي، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن إبراهيم رأى أباه يوم القيامة عليه
الغَبَرة والقَتَرة، وقال له: قد نهيتك عن هذا فعصيتني. قال: لكني اليوم لا أعصيك واحدة. قال: يا رب، وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون، فإن أخزيت أباه فقد أخزيت الأبعد. قال: يا إبراهيم، إني حرمتها على الكافرين. فأخذ منه، قال: يا إبراهيم، أين أبوك؟ قال: أنت أخذته مني. قال: انظر أسفل منك. فنظر فإذا ذيخ يتمرغ في نتنه، فأخذ بقوائمه فألقي في النار" .
هذا إسناد غريب، وفيه نكارة.
والذيخ : هو الذكر من الضباع، كأنه حول آزر إلى صورة ذيخ متلطخ بعذرته ، فيلقى في النار كذلك.
وقد رواه البزار من حديث حماد بن سلمة، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن
أبي هُرَيرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه غرابة. ورواه أيضًا من
حديث قتادة، عن جعفر بن عبد الغافر، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه
وسلم بنحوه.
وقوله: ( يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ ) أي: لا يقي المرء
من عذاب الله ماله، ولو افتدى بملء الأرض ذهبا: ( وَلا بَنُونَ ) ولو
افتدى بِمَنْ في الأرض جميعا، ولا ينفعُ يومئذ إلا الإيمانُ بالله، وإخلاص
الدين له، والتبري من الشرك؛ ولهذا قال: ( إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ
بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) أي: سالم من الدنس والشرك.
قال محمد بن سيرين: القلب السليم أن يعلم أن الله حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث مَنْ في القبور.
وقال ابن عباس: ( إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) حَيِي يشهد أن لا إله إلا الله.
وقال مجاهد، والحسن، وغيرهما: ( بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) يعني: من الشرك.
وقال سعيد بن المسيب: القلب السليم: هو القلب الصحيح، وهو قلب المؤمن؛ لأن قلب [الكافر و] المنافق مريض، قال الله: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ [البقرة:10] .
وقال أبو عثمان النيسابوري: هو القلب الخالي من البدعة، المطمئن إلى السنة.
وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (90) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (91) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (92) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (93) فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (95) قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (98) وَمَا أَضَلَّنَا إِلا الْمُجْرِمُونَ (99) فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (100) وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (101) فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (102) إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (103) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (104) .
( وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ ) أي: قربت الجنة وأدنيت من أهلها يوم القيامة مزخرفة مزينة لناظريها، وهم المتقون الذين رغبوا فيها، وعملوا لها [عملها] في الدنيا.
( وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ ) أي: أظهرت وكُشف عنها، وبدت منها عُنقٌ، فزفرت زفرة بلغت منها القلوب [إلى]
الحناجر، وقيل لأهلها تقريعا وتوبيخا: ( أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ *
مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ )
أي: ليست الآلهة التي عبدتموها من دون الله، من تلك الأصنام والأنداد تغني
عنكم اليوم شيئًا، ولا تدفع عن أنفسها؛ فإنكم وإياها اليوم حَصَبُ جَهَنم
أنتم لها واردون.
وقوله: ( فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ ) قال مجاهد: يعني: فَدُهْوِرُوا فيها.
وقال غيره: كببوا فيها. والكاف مكررة، كما يقال: صرصر. والمراد: أنه ألقي بعضهم على بعض، من الكفار وقادتهم الذين دعوهم إلى الشرك.
( وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ ) أي: ألقوا فيها عن آخرهم.
( قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ * تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي
ضَلالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) أي: يقول
الضعفاء للذين استكبروا: إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ
[غافر:47]. ويقولون وقد عادوا على أنفسهم بالملامة: ( تَاللَّهِ إِنْ
كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ )
أي: نجعل أمركم مطاعًا كما يطاع أمر رب العالمين، وعبدناكم مع ربِ
العالمين.
( وَمَا أَضَلَّنَا إِلا الْمُجْرِمُونَ ) أي: ما دعانا إلى ذلك إلا المجرمون.
( فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ ) قال بعضهم: يعني من الملائكة، كما يقولون: فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ [الأعراف:53]. وكذا قالوا: ( فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ * وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) أي: قريب.
قال قتادة: يعلمون -والله -أن الصديق إذا كان صالحًا نفع، وأن الحميم إذا كان صالحا شفع.
( فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) وذلك أنهم يتمنون أنهم يردُّون
إلى الدار الدنيا، ليعملوا بطاعة ربهم -فيما يزعمون -وهو، سبحانه وتعالى،
يعلم أنه لو ردهم إلى الدار الدنيا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون. وقد
أخبر تعالى عن تخاصم أهل النار في سورة "ص"، ثم قال: إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ [ص:64] .
ثم قال تعالى: ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ) أي: إن في محاجة إبراهيم لقومه وإقامته الحجج
عليهم في التوحيد لآية ودلالة واضحة جلية على أنه لا إله إلا الله ( وَمَا
كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ
الرَّحِيمُ ) .
كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (105) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ (106) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (107) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (108) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (109) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (110) .
هذا إخبار من الله، عز وجل، عن عبده ورسوله نوح، عليه السلام، وهو أول رسول بُعث إلى
الأرض بعدما عبدت الأصنام والأنداد، بعثه الله ناهيًا عن ذلك، ومحذرًا من
وَبيل عقابه، فكذبه قومه واستمروا على ما هم عليه من الفعال الخبيثة في
عبادتهم أصنامهم، ويتنـزل
تكذيبهم له بمنـزلة تكذيب جميع الرسل؛ ولهذا قال: ( كَذَّبَتْ قَوْمُ
نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ
) أي: ألا تخافون الله في عبادتكم غيره؟
( إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ) أي: إني رسول من الله إليكم، أمين فيما بعثني به، أبلغكم رسالة الله لا أزيد فيها ولا أنقص منها.
( فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ [إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ] )
أي: لا أطلب منكم جزاء على نصحي لكم، بل أدخر ثواب ذلك عند الله (
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ) فقد وضح لكم وبان صدقي ونصحي وأمانتي
فيما بعثني به وأتمنني عليه.
قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ (111)
يقولون: أنؤمن لك ونتبعك، ونتساوى في ذلك بهؤلاء الأراذل الذين اتبعوك وصدقوك، وهم أراذلنا ؛ ولهذا قالوا: أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأرْذَلُونَ * قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ؟
( وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ ) أي: واجعل لي ذكرًا
جميلا بعدي أذكرَ به، ويقتدى بي في الخير، كما قال تعالى: وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ * سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ [الصافات:108-110] .
قال مجاهد، وقتادة: ( وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ ) يعني: الثناء الحسن. قال مجاهد: وهو كقوله تعالى: وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ [العنكبوت:27]، وكقوله: وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ [النحل:122] .
قال ليث بن أبي سليم: كل ملة تحبه وتتولاه. وكذا قال عكرمة.
وقوله: ( وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ ) أي: أنعم
عَليَّ في الدنيا ببقاء الذكر الجميل بعدي، وفي الآخرة بأن تجعلني من ورثة
جنة النعيم.
وقوله: ( وَاغْفِرْ لأبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ ) كقوله: رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ [إبراهيم:41] ، وهذا مما رجَعَ عنه إبراهيم، عليه السلام، كما قال تعالى: وَمَا
كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا
إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ
مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ [التوبة:114]. وقد قطع [الله] تعالى الإلحاق في استغفاره لأبيه، فقال: قَدْ
كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ
إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ
مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ
الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ
إِلا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ
لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ [الممتحنة:4] .
وقوله: ( وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ) أي: أجرني من الخزي يوم القيامة و[يوم] يبعث الخلائق أولهم وآخرهم.
قال البخاري في قوله: ( وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ) وقال
إبراهيم بن طهمان، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه،
عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن
إبراهيم رأى أباه يوم القيامة عليه الغَبَرَةُ والقَتَرَةُ" .
حدثنا إسماعيل، حدثنا أخي، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي
هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يلقى إبراهيم أباه، فيقول: يا
رب، إنك وعدتني أنك لا تخزيني يوم يبعثون. فيقول الله: إني حرمت الجنة على الكافرين" .
هكذا رواه عند هذه الآية
. وفي أحاديث الأنبياء بهذا الإسناد بعينه منفردا به، ولفظه: يلقى إبراهيم
أباه آزر يوم القيامة، وعلى وجه آزر قَتَرَةٌ وغَبَرة، فيقول له إبراهيم:
ألم أقل لك: لا تعصني فيقول أبوه
: فاليوم لا أعصيك. فيقول إبراهيم: يا رب، إنك وعدتني ألا تخزيني يوم
يبعثون، فأي خزي أخزى من أبي الأبعد؟ فيقول الله تعالى: إني حرمت الجنة على
الكافرين. ثم يُقال: يا إبراهيم، ما تحت رجليك؟ فينظر فإذا هو بذبح متلطخ،
فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار .
وقال أبو عبد الرحمن النسائي في التفسير من سننه الكبير قوله: ( وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ) : أخبرنا أحمد بن حفص
بن عبد الله، حدَّثني أبي، حدثني إبراهيم بن طَهْمَان، عن محمد بن عبد
الرحمن، عن سعيد بن أبي سعيد المقبرِي، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن إبراهيم رأى أباه يوم القيامة عليه
الغَبَرة والقَتَرة، وقال له: قد نهيتك عن هذا فعصيتني. قال: لكني اليوم لا أعصيك واحدة. قال: يا رب، وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون، فإن أخزيت أباه فقد أخزيت الأبعد. قال: يا إبراهيم، إني حرمتها على الكافرين. فأخذ منه، قال: يا إبراهيم، أين أبوك؟ قال: أنت أخذته مني. قال: انظر أسفل منك. فنظر فإذا ذيخ يتمرغ في نتنه، فأخذ بقوائمه فألقي في النار" .
هذا إسناد غريب، وفيه نكارة.
والذيخ : هو الذكر من الضباع، كأنه حول آزر إلى صورة ذيخ متلطخ بعذرته ، فيلقى في النار كذلك.
وقد رواه البزار من حديث حماد بن سلمة، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن
أبي هُرَيرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه غرابة. ورواه أيضًا من
حديث قتادة، عن جعفر بن عبد الغافر، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه
وسلم بنحوه.
وقوله: ( يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ ) أي: لا يقي المرء
من عذاب الله ماله، ولو افتدى بملء الأرض ذهبا: ( وَلا بَنُونَ ) ولو
افتدى بِمَنْ في الأرض جميعا، ولا ينفعُ يومئذ إلا الإيمانُ بالله، وإخلاص
الدين له، والتبري من الشرك؛ ولهذا قال: ( إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ
بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) أي: سالم من الدنس والشرك.
قال محمد بن سيرين: القلب السليم أن يعلم أن الله حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث مَنْ في القبور.
وقال ابن عباس: ( إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) حَيِي يشهد أن لا إله إلا الله.
وقال مجاهد، والحسن، وغيرهما: ( بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) يعني: من الشرك.
وقال سعيد بن المسيب: القلب السليم: هو القلب الصحيح، وهو قلب المؤمن؛ لأن قلب [الكافر و] المنافق مريض، قال الله: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ [البقرة:10] .
وقال أبو عثمان النيسابوري: هو القلب الخالي من البدعة، المطمئن إلى السنة.
وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (90) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (91) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (92) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (93) فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (95) قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (98) وَمَا أَضَلَّنَا إِلا الْمُجْرِمُونَ (99) فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (100) وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (101) فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (102) إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (103) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (104) .
( وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ ) أي: قربت الجنة وأدنيت من أهلها يوم القيامة مزخرفة مزينة لناظريها، وهم المتقون الذين رغبوا فيها، وعملوا لها [عملها] في الدنيا.
( وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ ) أي: أظهرت وكُشف عنها، وبدت منها عُنقٌ، فزفرت زفرة بلغت منها القلوب [إلى]
الحناجر، وقيل لأهلها تقريعا وتوبيخا: ( أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ *
مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ )
أي: ليست الآلهة التي عبدتموها من دون الله، من تلك الأصنام والأنداد تغني
عنكم اليوم شيئًا، ولا تدفع عن أنفسها؛ فإنكم وإياها اليوم حَصَبُ جَهَنم
أنتم لها واردون.
وقوله: ( فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ ) قال مجاهد: يعني: فَدُهْوِرُوا فيها.
وقال غيره: كببوا فيها. والكاف مكررة، كما يقال: صرصر. والمراد: أنه ألقي بعضهم على بعض، من الكفار وقادتهم الذين دعوهم إلى الشرك.
( وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ ) أي: ألقوا فيها عن آخرهم.
( قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ * تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي
ضَلالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) أي: يقول
الضعفاء للذين استكبروا: إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ
[غافر:47]. ويقولون وقد عادوا على أنفسهم بالملامة: ( تَاللَّهِ إِنْ
كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ )
أي: نجعل أمركم مطاعًا كما يطاع أمر رب العالمين، وعبدناكم مع ربِ
العالمين.
( وَمَا أَضَلَّنَا إِلا الْمُجْرِمُونَ ) أي: ما دعانا إلى ذلك إلا المجرمون.
( فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ ) قال بعضهم: يعني من الملائكة، كما يقولون: فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ [الأعراف:53]. وكذا قالوا: ( فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ * وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) أي: قريب.
قال قتادة: يعلمون -والله -أن الصديق إذا كان صالحًا نفع، وأن الحميم إذا كان صالحا شفع.
( فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) وذلك أنهم يتمنون أنهم يردُّون
إلى الدار الدنيا، ليعملوا بطاعة ربهم -فيما يزعمون -وهو، سبحانه وتعالى،
يعلم أنه لو ردهم إلى الدار الدنيا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون. وقد
أخبر تعالى عن تخاصم أهل النار في سورة "ص"، ثم قال: إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ [ص:64] .
ثم قال تعالى: ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ) أي: إن في محاجة إبراهيم لقومه وإقامته الحجج
عليهم في التوحيد لآية ودلالة واضحة جلية على أنه لا إله إلا الله ( وَمَا
كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ
الرَّحِيمُ ) .
كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (105) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ (106) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (107) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (108) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (109) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (110) .
هذا إخبار من الله، عز وجل، عن عبده ورسوله نوح، عليه السلام، وهو أول رسول بُعث إلى
الأرض بعدما عبدت الأصنام والأنداد، بعثه الله ناهيًا عن ذلك، ومحذرًا من
وَبيل عقابه، فكذبه قومه واستمروا على ما هم عليه من الفعال الخبيثة في
عبادتهم أصنامهم، ويتنـزل
تكذيبهم له بمنـزلة تكذيب جميع الرسل؛ ولهذا قال: ( كَذَّبَتْ قَوْمُ
نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ
) أي: ألا تخافون الله في عبادتكم غيره؟
( إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ) أي: إني رسول من الله إليكم، أمين فيما بعثني به، أبلغكم رسالة الله لا أزيد فيها ولا أنقص منها.
( فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ [إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ] )
أي: لا أطلب منكم جزاء على نصحي لكم، بل أدخر ثواب ذلك عند الله (
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ) فقد وضح لكم وبان صدقي ونصحي وأمانتي
فيما بعثني به وأتمنني عليه.
قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ (111)
يقولون: أنؤمن لك ونتبعك، ونتساوى في ذلك بهؤلاء الأراذل الذين اتبعوك وصدقوك، وهم أراذلنا ؛ ولهذا قالوا: أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأرْذَلُونَ * قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ؟
|
رد: الجزء الخامس من تفسير سورة الشعراء
موضــــــ جميل ـــــوع
والأجمل مشاركة به معنا
لا تحرمنا مواضيعك سنكون شاكريــــ لك ـــن على جهودك الطيبة
فكن دائما كما أنت لأنك تستحق كــــ الشكر ــــــل
ولا تنسى أن تترك أثرا هنا
والأجمل مشاركة به معنا
لا تحرمنا مواضيعك سنكون شاكريــــ لك ـــن على جهودك الطيبة
فكن دائما كما أنت لأنك تستحق كــــ الشكر ــــــل
ولا تنسى أن تترك أثرا هنا
الزعيم- المـديـر العـــام
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 7554
رد: الجزء الخامس من تفسير سورة الشعراء
جزاك الله خيرا على الموضوع
aaaa- عضو نشيط
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 768
تاريخ الميلاد : 13/10/1983
العمر : 41
مواضيع مماثلة
» الجزء الرابع من تفسير سورة الشعراء
» الجزء السادس من تفسير سورة الشعراء
» الجزء السابع من تفسير سورة الشعراء
» الجزء الثامن من تفسير سورة الشعراء
» الجزء التاسع من تفسير سورة الشعراء
» الجزء السادس من تفسير سورة الشعراء
» الجزء السابع من تفسير سورة الشعراء
» الجزء الثامن من تفسير سورة الشعراء
» الجزء التاسع من تفسير سورة الشعراء
ملتقى الجزائريين والعرب :: المنتدى العام :: الركن الإسلامي :: ملحق تفسير القرآن كاملا لابن كثير
:: تفسير سورة الشعراء
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى