الجزء الثامن من تفسير سورة النمل
ملتقى الجزائريين والعرب :: المنتدى العام :: الركن الإسلامي :: ملحق تفسير القرآن كاملا لابن كثير
:: تفسير سورة النمل
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
الجزء الثامن من تفسير سورة النمل
ا
وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ
(77)
إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ
(78)
فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ
(79)
إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ
(80)
وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ
(81) .
وقوله: ( وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ) أي: هدى لقلوب المؤمنين، ورحمة لهم في العمليات.
ثم قال: ( إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ ) أي: يوم القيامة ، (
بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ ) في انتقامه ، ( الْعَلِيمُ ) بأفعال عباده
وأقوالهم.
( فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ) أي: في أمورك، وبَلّغ رسالة ربك ، (
إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ ) أي: أنت على الحق المبين وإن خالفك
مَنْ خالفك، مِمَّنْ كتبت
عليه الشقاوة وحَقَّت عليهم كلمة ربك أنهم لا يؤمنون، ولو جاءتهم كل آية؛
ولهذا قال: ( إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى ) أي: لا تسمعهم شيئًا
ينفعهم، فكذلك هؤلاء على قلوبهم غشاوة، وفي آذانهم وَقْر الكفر؛ ولهذا قال:
( إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا
وَلَّوْا مُدْبِرِينَ * وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ
إِنْ تُسْمِعُ إِلا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ )
[أي]
: إنما يستجيب لك مَنْ هو سميع بصير، السمع والبصر النافعُ في القلب
والبصيرة الخاضع لله، ولما جاء عنه على ألسنة الرسل، عليهم السلام.
وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ
الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ
(82) .
هذه الدابة تخرج في آخر الزمان عند فساد الناس وتَرْكِهم أوامر الله
وتبديلهم الدين الحق، يخرج الله لهم دابة من الأرض -قيل: من مكة. وقيل: من
غيرها. كما سيأتي تفصيله -فَتُكَلِّم الناس على ذلك.
قال ابن عباس، والحسن، وقتادة -ورُوي عن علي رضي الله عنه -: تكلمهم كلاما أي: تخاطبهم مخاطبة.
وقال عطاء الخراساني: تكلمهم فتقول لهم: إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون. ويروى هذا عن علي، واختاره ابن جرير. وفي هذا [القول] نظر لا يخفى، والله أعلم.
< 6-211 >
وقال ابن عباس -في رواية -تجرحهم. وعنه رواية، قال: كلا تفعل يعني هذا وهذا، وهو قولٌ حسن، ولا منافاة، والله أعلم.
وقد ورد في ذكر الدابة أحاديث وآثار كثيرة، فلنذكر ما تيسر منها، والله المستعان:
قال الإمام أحمد: حدثنا سفيان، عن فُرَات، عن أبي الطفيل، عن حُذَيفة
بن أسيد الغفاري قال: أشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من غرفة
ونحن نتذاكر أمر الساعة فقال: لا تقوم الساعة حتى تَرَوا عشر آيات: طلوع
الشمس من مغربها، والدخان، والدابة، وخروج يأجوج ومأجوج، وخروج عيسى ابن
مريم، والدجال، وثلاثة خسوف: خسف بالمغرب، وخسف بالمشرق، وخسف بجزيرة
العرب، ونار تخرج من قَعر عدن تسوق -أو: تحشر -الناس، تبيت معهم حيث باتوا،
وتقيل معهم حيث قالوا" .
وهكذا رواه مسلم وأهل السنن، من طرق، عن فُرَات القزاز، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن حُذَيفة موقوفا . وقال الترمذي: حسن صحيح . ورواه مسلم أيضًا من حديث عبد العزيز بن رُفَيْع، عن أبي الطفيل، عنه مرفوعًا . والله أعلم.
طريق أخرى: قال أبو داود الطيالسي، عن طلحة بن عمرو، وجرير بن حازم،
فأما طلحة فقال: أخبرني عبد الله بن عبيد الله بن عمَير الليثي: أن أبا
الطفيل حدثه، عن حذَيفة بن أسيد الغفاري أبي سَريحَةَ، وأما جرير فقال: عن
عبد الله بن عُبيد، عن رجل من آل عبد الله بن مسعود -وحديث طلحة أتم وأحسن
-قال: ذَكَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الدابة فقال: "لها ثلاث خرجات
من الدهر، فتخرج خَرجة من أقصى البادية، ولا يدخل ذكرها القرية -يعني: مكة
-ثم تكمن زمانًا طويلا ثم تخرج خَرْجة أخرى دون تلك، فيعلو ذكرها في أهل
البادية، ويدخل ذكرها القرية" يعني: مكة. -قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "ثم بينما الناس في أعظم المساجد على الله حرمة وأكرمها: المسجد
الحرام، لم يَرُعْهم إلا وهي تَرْغو
بين الركن والمقام، تنفض عن رأسها التراب. فارفض الناس عنها شتَّى ومعًا،
وبقيت عصابة من المؤمنين، وعرفوا أنهم لم يعجزوا الله، فبدأت بهم فجَلَت
وجوههم حتى جعلتها كأنها الكوكب الدرّي، وولت في الأرض لا يدركها طالب، ولا
ينجو منها هارب، حتى إن الرجل ليتعوذ منها بالصلاة، فتأتيه من خلفه فتقول:
يا فلان، الآن تصلي؟ < 6-212 >
فيقبل عليها فَتَسِمُهُ
في وجهه، ثم تنطلق ويشترك الناس في الأموال، ويصطحبون في الأمصار، يعرف
المؤمن من الكافر، حتى إن المؤمن ليقول: يا كافر، اقضني حقي. وحتى إن
الكافر ليقول: يا مؤمن، اقضني حقي" .
ورواه ابن جرير من طريقين، عن حذيفة بن أُسَيْد موقوفًا فالله أعلم. ورواه من رواية حذيفة بن اليمان مرفوعًا، وأن ذلك في زمان عيسى بن مريم، وهو يطوف بالبيت، ولكن إسناده لا يصح .
حديث آخر: قال مسلم بن الحجاج: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد
بن بشر، عن أبي حَيَّان، عن أبي زُرْعَة، عن عبد الله بن عمرو قال: حَفظْتُ
من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا لم أنسه
بعد: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أول الآيات خروجًا
طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة على الناس ضُحى، وأيتهما ما كانت قبل
صاحبتها، فالأخرى على أثرها قريبًا" .
حديث آخر: روى مسلم في صحيحه من حديث العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب
-مولى الحُرَقَة -عن أبيه: عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال: "بادروا بالأعمال ستا : طلوع الشمس من مغربها، أو الدخان، أو الدجال، أو الدابة، أو خاصة أحدكم، أو أمر العامة"
. وله من حديث قتادة، عن الحسن، عن زياد بن رباح، عن أبي هريرة، رضي الله
عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بادروا بالأعمال ستا: الدجال،
والدخان، ودابة الأرض، وطلوع الشمس من مغربها، وأمر العامة وخُويّصة أحدكم"
.
حديث آخر: قال ابن ماجه: حدثنا حَرْمَلَة بن يحيى، حدثنا ابن وهب،
أخبرني عَمْرُو بن الحارث وابن لَهِيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سِنَان بن
سعد، عن أنس بن مالك، رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"بادروا بالأعمال ستًا: طلوع الشمس من مغربها، والدخان، ودابة الأرض،
والدجال، وخُوَيّصة أحدكم، وأمر العامة" . تفرد به .
حديث آخر: قال أبو داود الطيالسي أيضا: حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أوس
بن خالد، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "تخرج دابة الأرض، ومعها عصا موسى وخاتم سليمان، عليهما السلام،
فتخطم أنف الكافر بالعصا، وتُجلي وجه المؤمن < 6-213 >
بالخاتم، حتى يجتمع الناس على الخوان يعرف المؤمن من الكافر".
ورواه الإمام أحمد، عن بَهْز وعفان ويزيد بن هارون، ثلاثتهم عن حماد بن سلمة، به
. وقال: "فتخطم أنف الكافر بالخاتم، وتجلو وجه المؤمن بالعصا، حتى إن أهل
الخوان الواحد ليجتمعون فيقول هذا: يا مؤمن، ويقول هذا: يا كافر".
ورواه ابن ماجه، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يونس بن محمد المؤدب، عن حماد بن سلمة، به .
حديث آخر: قال ابن ماجه: حدثنا أبو غسان محمد بن عمرو، حدثنا أبو
تُمَيْلة، حدثنا خالد بن عُبَيْد، حدثنا عبد الله بن بُرَيدة، عن أبيه قال:
ذهب بي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موضع بالبادية، قريب من مكة،
فإذا أرض يابسة حولها رمل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تخرج
الدابة من هذا الموضع. فإذا فِتْر في شبر".
قال ابن بُرَيدة: فحججت بعد ذلك بسنين، فأرانا عصًا له، فإذا هو بعَصاي هذه ، كذا وكذا .
وقال عبد الرزاق عن مَعْمَر، عن قتادة؛ أن ابن عباس قال: هي دابةٌ ذات زَغَب، لها أربع قوائم، تخرج من بعض أودية تهامة .
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن رَجَاء، حدثنا فضيل
بن مرزوق، عن عطية قال: قال عبد الله: تخرج الدابة من صِدْع من الصفا
كجَرْي الفرس ثلاثة أيام، لم يخرج ثلثها.
وقال محمد بن إسحاق، عن أبان بن صالح قال: سئل عبد الله بن عمرو عن
الدابة، فقال: الدابة تخرج من تحت صخرة بجياد، والله لو كنت معهم -أو لو
شئت بعصاي الصخرة التي تخرج الدابة من تحتها. قيل: فتصنعُ ماذا يا عبد الله
بن عمرو؟ قال: تستقبل المشرق فتصرخ صرخة تنفُذُه، ثم تستقبل الشام فتصرخ صرخة تنفذه، ثم تستقبل المغرب فتصرخ صرخة تنفذه، ثم تستقبل اليمن فتصرخ صرخة تنفذه، ثم تروح من مكة فتصبح بعسفان. قيل: ثم ماذا؟ قال: لا أعلم.
وعن عبد الله بن عمر، أنه قال: تخرج الدابة ليلة جَمْع . ورواه ابن أبي حاتم. وفي < 6-214 >
إسناده ابن البيلمان .
وعن وهب بن منبه: أنه حكى من كلام عُزَير، عليه السلام، أنه قال: وتخرج
من تحت سدوم دابة تكلم الناس كل يسمعها، وتضع الحبالى قبل التمام، ويعود
الماء العذب أجاجًا، ويتعادى الأخلاء، وتُحرَقُ الحكمة، ويُرفَعُ العلم،
وتكلم الأرض التي تليها. وفي ذلك الزمان يرجو الناس ما لا يبلغون، ويتعبون
فيما لا ينالون، ويعملون فيما لا يأكلون. رواه ابن أبي حاتم، عنه.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو صالح -كاتب الليث -حدثني
معاوية بن صالح، عن أبي مريم: أنه سمع أبا هريرة، رضي الله عنه، يقول: إن
الدابة فيها من كل لون، ما بين قرنيها فرسخ للراكب.
وقال ابن عباس: هي مثل الحربة الضخمة.
وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، أنه قال: إنها دابة
لها ريش وزغب وحافر، وما لها ذنب، ولها لحية، وإنها لتخرج حُضْر الفرس
الجواد ثلاثا، وما خرج ثلثها . ورواه ابن أبي حاتم.
وقال ابن جُرَيْج، عن ابن الزبير أنه وصف الدابة فقال: رأسها رأس ثور،
وعينها عين خنـزير، وأذنها أذن فيل، وقرنها قرن أيَّل، وعنقها عنق نعامة،
وصدرها صدر أسد، ولونها لون نَمر، وخاصرتها خاصرة هِرّ، وذنبها ذنب كبش،
وقوائمها قوائم بعير، بين كل مفصلين اثنا [عشر]
ذراعًا، تخرج معها عصا موسى، وخاتم سليمان، فلا يبقى مؤمن إلا نَكتَت في
وجهه بعصا موسى نكتة بيضاء، فتفشو تلك النكتة حتى يبيضّ لها وجهه، ولا يبقى
كافر إلا نَكَتت في وجهه نكتة سوداء بخاتم سليمان، فتفشو تلك النكتة حتى
يسود لها وجهه، حتى إن الناس يتبايعون في الأسواق: بكم ذا يا مؤمن، بكم ذا
يا كافر؟ وحتى إنّ أهل البيت يجلسون على مائدتهم، فيعرفون مؤمنهم من
كافرهم، ثم تقول لهم الدابة: يا فلان، أبشر، أنت من أهل الجنة، ويا فلان،
أنت من أهل النار. فذلك قول الله تعالى: ( وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ
عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ
النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ ) . < 6-215 >
وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ
(83)
حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
(84)
وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ
(85)
أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ
وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
(86)
.
يقول تعالى مخبرًا عن يوم القيامة، وحشر الظالمين المكذبين
بآيات الله ورسله إلى بين يدي الله، عز وجل، ليسألهم عما فعلوه في الدار
الدنيا، تقريعًا وتوبيخًا، وتصغيرًا وتحقيرًا فقال: ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ
مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا ) أي: من كل قوم وقرن فوجًا، أي: جماعة ، ( مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا ) ، كما قال تعالى :
احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ
[الصافات: 22]، وقال تعالى
وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ
[التكوير: 7].
وقوله: ( فَهُمْ يُوزَعُونَ ) قال ابن عباس، رضي الله عنهما: يدفعون. وقال قتادة: وَزَعَةٌ ترد أولهم على آخرهم. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: يساقون.
( حَتَّى إِذَا جَاءُوا ) أي: أوقفوا بين يدي الله عز وجل، في مقام
المساءلة، ( قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا
أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) أي: ويسألون عن اعتقادهم، وأعمالهم فلما لم يكونوا من أهل السعادة، وكانوا كما قال الله تعالى عنهم: فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى
[القيامة: 31، 32]، فحينئذ قامت عليهم الحجة، ولم يكن لهم عذر يعتذرون به، كما قال تعالى: هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ * وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ
[المرسلات: 35، 37]، وهكذا قال هاهنا: ( وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ
بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ ) أي: بهتوا فلم يكن لهم جواب؛ لأنهم
كانوا في الدار الدنيا ظلمة لأنفسهم، وقد ردوا إلى عالم الغيب والشهادة
الذي لا تخفى عليه خافية.
ثم قال تعالى منبهًا على قدرته التامة، وسلطانه العظيم، وشأنه الرفيع
الذي تجب طاعته والانقياد لأوامره، وتصديق أنبيائه فيما جاءوا به من الحق
الذي لا مَحيد عنه، فقال ( أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ
لِيَسْكُنُوا فِيهِ ) أي: فيه ظلام تسكن
بسببه حركاتهم، وتهدأ أنفاسهم، ويستريحون من نَصَب التعب في نهارهم. (
وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ) أي: منيرًا مشرقًا، فبسبب ذلك يتصرفون في المعايش
والمكاسب، والأسفار والتجارات، وغير ذلك من شؤونهم التي يحتاجون إليها، (
إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) .
< 6-216 >
وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ
فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ
(87)
وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ
السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ
بِمَا تَفْعَلُونَ
(88)
يخبر تعالى عن هول يوم نفخة الفَزَع في الصُّور، وهو كما جاء في
الحديث: "قرن ينفخ فيه". وفي حديث(الصُّور) أن إسرافيل هو الذي ينفخ فيه
بأمر الله تعالى، فينفخ فيه أولا نفخة الفزع ويطولها، وذلك في آخر عمر
الدنيا، حين تقوم الساعة على شرار الناس من الأحياء، فيفزع مَنْ في السموات
ومَنْ في الأرض ( إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ) ، وهم الشهداء، فإنهم أحياء
عند ربهم يرزقون.
قال الإمام مسلم بن الحجاج: حدثنا عُبَيد الله
بن مُعاذ العنبري، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن النعمان بن سالم: سمعت يعقوب
بن عاصم بن عُرْوَة بن مسعود الثقفي، سمعت عبد الله بن عمرو، رضي الله
عنه، وجاءه رجل فقال: ما هذا الحديث الذي تَحدث أن الساعة تقوم إلى كذا
وكذا؟ فقال: سبحان الله -أو: لا إله إلا الله -أو كلمة نحوهما -لقد هممت
ألا أحدث أحدا شيئا أبدا، إنما قلت: إنكم سترون بعد قليل أمرًا عظيمًا يخرب
البيت، ويكون ويكون. ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يخرج
الدجال في أمتي فيمكث أربعين -[لا أدري أربعين]
يومًا، أو أربعين شهرًا، أو أربعين عامًا -فيبعث الله عيسى بن مريم كأنه
عروة بن مسعود، فيطلبه فيهلكه. ثم يمكث الناس سبع سنين، ليس بين اثنين
عداوة، ثم يرسل الله ريحًا باردة من قبل الشام، فلا يبقى على وجه الأرض أحد
في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته، حتى لو أن أحدهم دخل في كبد
جبل لدخَلَتْه
عليه حتى تقبضه". قال: سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:
"فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع، لا يعرفون معروفا ولا
ينكرون منكرًا، فيتمثل لهم الشيطان فيقول: ألا تستجيبون؟ فيقولون: فما
تأمرنا؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان، وهم في ذلك دار رزقهم، حسنٌ عيشهم. ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتًا [ورفع ليتا]
. قال: "وأول مَنْ يسمعه رجل يَلُوط حوض إبله". قال: "فَيَصْعَقُ ويَصعقُ
الناس، ثم يرسل الله -أو قال: ينـزل الله مطرًا كأنه الطَّل -أو قال: الظل
-نعمان الشاك -فتنبت
منه أجساد الناس، ثم ينفَخُ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون. ثم يقال: يا
أيها الناس، هلموا إلى ربكم، وقفوهم إنهم مسؤولون. ثم يقال: أخرجوا بعث
النار. فيقال: من كم؟ فيقال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين". قال: "فذلك يوم يجعل الولدان شيبا، وذلك يوم يكشف عن ساق" .
وقوله : ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتا ورفع ليتا" الليت : هو صفحة العنق، أي: أمال عنقه ليستمعه من السماء جيدًا.
فهذه نفخة الفزع. ثم بعد ذلك نفخة الصعق، وهو الموت. ثم بعد ذلك نفخة
القيام لرب العالمين، وهو النشور من القبور لجميع الخلائق؛ ولهذا قال: (
وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ ) -قُرئ بالمد، وبغيره على الفعل، وكلٌ بمعنى واحد -و ( دَاخِرِينَ ) أي: صاغرين مطيعين، لا يتخلف أحد < 6-217 >
عن أمره، كما قال تعالى:
يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ
[الإسراء: 52] ، وقال
ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ
[الروم: 25]. وفي حديث الصور: أنه في النفخة الثالثة يأمر الله الأرواح، فتوضع في ثقب في الصور، ثم ينفخ إسرافيل فيه بعدما تنبت
الأجساد في قبورها وأماكنها، فإذا نفخ في الصور طارت الأرواح، تتوهج أرواح
المؤمنين نورًا، وأرواح الكافرين ظُلمة، فيقول الله، عز وجل: وعزتي وجلالي
لترجعن كل روح إلى جسدها. فتجيء الأرواح إلى أجسادها، فتدب فيها كما يَدب السم في اللديغ، ثم يقومون فينفضون التراب من قبورهم، قال الله تعالى:
يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ
[المعارج: 43].
وقوله: ( وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ
مَرَّ السَّحَابِ ) أي: تراها كأنها ثابتة باقية على ما كانت عليه، وهي تمر
مر السحاب، أي: تزول عن أماكنها، كما قال تعالى: يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا * وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا
[الطور: 9 ، 10] ، وقال : وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا
[طه: 105، 107]، وقال تعالى:
وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً
[الكهف: 47].
وقوله: ( صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ) أي: يفعل ذلك بقدرته العظيمة الذي قد أتقن كل ما خلق، وأودع فيه من الحكمة ما أودع، ( إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ) أي: هو عليم بما يفعل عباده من خير وشر فيجازيهم عليه.
وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ
(77)
إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ
(78)
فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ
(79)
إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ
(80)
وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ
(81) .
وقوله: ( وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ) أي: هدى لقلوب المؤمنين، ورحمة لهم في العمليات.
ثم قال: ( إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ ) أي: يوم القيامة ، (
بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ ) في انتقامه ، ( الْعَلِيمُ ) بأفعال عباده
وأقوالهم.
( فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ) أي: في أمورك، وبَلّغ رسالة ربك ، (
إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ ) أي: أنت على الحق المبين وإن خالفك
مَنْ خالفك، مِمَّنْ كتبت
عليه الشقاوة وحَقَّت عليهم كلمة ربك أنهم لا يؤمنون، ولو جاءتهم كل آية؛
ولهذا قال: ( إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى ) أي: لا تسمعهم شيئًا
ينفعهم، فكذلك هؤلاء على قلوبهم غشاوة، وفي آذانهم وَقْر الكفر؛ ولهذا قال:
( إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا
وَلَّوْا مُدْبِرِينَ * وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ
إِنْ تُسْمِعُ إِلا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ )
[أي]
: إنما يستجيب لك مَنْ هو سميع بصير، السمع والبصر النافعُ في القلب
والبصيرة الخاضع لله، ولما جاء عنه على ألسنة الرسل، عليهم السلام.
وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ
الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ
(82) .
هذه الدابة تخرج في آخر الزمان عند فساد الناس وتَرْكِهم أوامر الله
وتبديلهم الدين الحق، يخرج الله لهم دابة من الأرض -قيل: من مكة. وقيل: من
غيرها. كما سيأتي تفصيله -فَتُكَلِّم الناس على ذلك.
قال ابن عباس، والحسن، وقتادة -ورُوي عن علي رضي الله عنه -: تكلمهم كلاما أي: تخاطبهم مخاطبة.
وقال عطاء الخراساني: تكلمهم فتقول لهم: إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون. ويروى هذا عن علي، واختاره ابن جرير. وفي هذا [القول] نظر لا يخفى، والله أعلم.
< 6-211 >
وقال ابن عباس -في رواية -تجرحهم. وعنه رواية، قال: كلا تفعل يعني هذا وهذا، وهو قولٌ حسن، ولا منافاة، والله أعلم.
وقد ورد في ذكر الدابة أحاديث وآثار كثيرة، فلنذكر ما تيسر منها، والله المستعان:
قال الإمام أحمد: حدثنا سفيان، عن فُرَات، عن أبي الطفيل، عن حُذَيفة
بن أسيد الغفاري قال: أشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من غرفة
ونحن نتذاكر أمر الساعة فقال: لا تقوم الساعة حتى تَرَوا عشر آيات: طلوع
الشمس من مغربها، والدخان، والدابة، وخروج يأجوج ومأجوج، وخروج عيسى ابن
مريم، والدجال، وثلاثة خسوف: خسف بالمغرب، وخسف بالمشرق، وخسف بجزيرة
العرب، ونار تخرج من قَعر عدن تسوق -أو: تحشر -الناس، تبيت معهم حيث باتوا،
وتقيل معهم حيث قالوا" .
وهكذا رواه مسلم وأهل السنن، من طرق، عن فُرَات القزاز، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن حُذَيفة موقوفا . وقال الترمذي: حسن صحيح . ورواه مسلم أيضًا من حديث عبد العزيز بن رُفَيْع، عن أبي الطفيل، عنه مرفوعًا . والله أعلم.
طريق أخرى: قال أبو داود الطيالسي، عن طلحة بن عمرو، وجرير بن حازم،
فأما طلحة فقال: أخبرني عبد الله بن عبيد الله بن عمَير الليثي: أن أبا
الطفيل حدثه، عن حذَيفة بن أسيد الغفاري أبي سَريحَةَ، وأما جرير فقال: عن
عبد الله بن عُبيد، عن رجل من آل عبد الله بن مسعود -وحديث طلحة أتم وأحسن
-قال: ذَكَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الدابة فقال: "لها ثلاث خرجات
من الدهر، فتخرج خَرجة من أقصى البادية، ولا يدخل ذكرها القرية -يعني: مكة
-ثم تكمن زمانًا طويلا ثم تخرج خَرْجة أخرى دون تلك، فيعلو ذكرها في أهل
البادية، ويدخل ذكرها القرية" يعني: مكة. -قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "ثم بينما الناس في أعظم المساجد على الله حرمة وأكرمها: المسجد
الحرام، لم يَرُعْهم إلا وهي تَرْغو
بين الركن والمقام، تنفض عن رأسها التراب. فارفض الناس عنها شتَّى ومعًا،
وبقيت عصابة من المؤمنين، وعرفوا أنهم لم يعجزوا الله، فبدأت بهم فجَلَت
وجوههم حتى جعلتها كأنها الكوكب الدرّي، وولت في الأرض لا يدركها طالب، ولا
ينجو منها هارب، حتى إن الرجل ليتعوذ منها بالصلاة، فتأتيه من خلفه فتقول:
يا فلان، الآن تصلي؟ < 6-212 >
فيقبل عليها فَتَسِمُهُ
في وجهه، ثم تنطلق ويشترك الناس في الأموال، ويصطحبون في الأمصار، يعرف
المؤمن من الكافر، حتى إن المؤمن ليقول: يا كافر، اقضني حقي. وحتى إن
الكافر ليقول: يا مؤمن، اقضني حقي" .
ورواه ابن جرير من طريقين، عن حذيفة بن أُسَيْد موقوفًا فالله أعلم. ورواه من رواية حذيفة بن اليمان مرفوعًا، وأن ذلك في زمان عيسى بن مريم، وهو يطوف بالبيت، ولكن إسناده لا يصح .
حديث آخر: قال مسلم بن الحجاج: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد
بن بشر، عن أبي حَيَّان، عن أبي زُرْعَة، عن عبد الله بن عمرو قال: حَفظْتُ
من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا لم أنسه
بعد: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أول الآيات خروجًا
طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة على الناس ضُحى، وأيتهما ما كانت قبل
صاحبتها، فالأخرى على أثرها قريبًا" .
حديث آخر: روى مسلم في صحيحه من حديث العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب
-مولى الحُرَقَة -عن أبيه: عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال: "بادروا بالأعمال ستا : طلوع الشمس من مغربها، أو الدخان، أو الدجال، أو الدابة، أو خاصة أحدكم، أو أمر العامة"
. وله من حديث قتادة، عن الحسن، عن زياد بن رباح، عن أبي هريرة، رضي الله
عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بادروا بالأعمال ستا: الدجال،
والدخان، ودابة الأرض، وطلوع الشمس من مغربها، وأمر العامة وخُويّصة أحدكم"
.
حديث آخر: قال ابن ماجه: حدثنا حَرْمَلَة بن يحيى، حدثنا ابن وهب،
أخبرني عَمْرُو بن الحارث وابن لَهِيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سِنَان بن
سعد، عن أنس بن مالك، رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"بادروا بالأعمال ستًا: طلوع الشمس من مغربها، والدخان، ودابة الأرض،
والدجال، وخُوَيّصة أحدكم، وأمر العامة" . تفرد به .
حديث آخر: قال أبو داود الطيالسي أيضا: حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أوس
بن خالد، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "تخرج دابة الأرض، ومعها عصا موسى وخاتم سليمان، عليهما السلام،
فتخطم أنف الكافر بالعصا، وتُجلي وجه المؤمن < 6-213 >
بالخاتم، حتى يجتمع الناس على الخوان يعرف المؤمن من الكافر".
ورواه الإمام أحمد، عن بَهْز وعفان ويزيد بن هارون، ثلاثتهم عن حماد بن سلمة، به
. وقال: "فتخطم أنف الكافر بالخاتم، وتجلو وجه المؤمن بالعصا، حتى إن أهل
الخوان الواحد ليجتمعون فيقول هذا: يا مؤمن، ويقول هذا: يا كافر".
ورواه ابن ماجه، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يونس بن محمد المؤدب، عن حماد بن سلمة، به .
حديث آخر: قال ابن ماجه: حدثنا أبو غسان محمد بن عمرو، حدثنا أبو
تُمَيْلة، حدثنا خالد بن عُبَيْد، حدثنا عبد الله بن بُرَيدة، عن أبيه قال:
ذهب بي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موضع بالبادية، قريب من مكة،
فإذا أرض يابسة حولها رمل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تخرج
الدابة من هذا الموضع. فإذا فِتْر في شبر".
قال ابن بُرَيدة: فحججت بعد ذلك بسنين، فأرانا عصًا له، فإذا هو بعَصاي هذه ، كذا وكذا .
وقال عبد الرزاق عن مَعْمَر، عن قتادة؛ أن ابن عباس قال: هي دابةٌ ذات زَغَب، لها أربع قوائم، تخرج من بعض أودية تهامة .
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن رَجَاء، حدثنا فضيل
بن مرزوق، عن عطية قال: قال عبد الله: تخرج الدابة من صِدْع من الصفا
كجَرْي الفرس ثلاثة أيام، لم يخرج ثلثها.
وقال محمد بن إسحاق، عن أبان بن صالح قال: سئل عبد الله بن عمرو عن
الدابة، فقال: الدابة تخرج من تحت صخرة بجياد، والله لو كنت معهم -أو لو
شئت بعصاي الصخرة التي تخرج الدابة من تحتها. قيل: فتصنعُ ماذا يا عبد الله
بن عمرو؟ قال: تستقبل المشرق فتصرخ صرخة تنفُذُه، ثم تستقبل الشام فتصرخ صرخة تنفذه، ثم تستقبل المغرب فتصرخ صرخة تنفذه، ثم تستقبل اليمن فتصرخ صرخة تنفذه، ثم تروح من مكة فتصبح بعسفان. قيل: ثم ماذا؟ قال: لا أعلم.
وعن عبد الله بن عمر، أنه قال: تخرج الدابة ليلة جَمْع . ورواه ابن أبي حاتم. وفي < 6-214 >
إسناده ابن البيلمان .
وعن وهب بن منبه: أنه حكى من كلام عُزَير، عليه السلام، أنه قال: وتخرج
من تحت سدوم دابة تكلم الناس كل يسمعها، وتضع الحبالى قبل التمام، ويعود
الماء العذب أجاجًا، ويتعادى الأخلاء، وتُحرَقُ الحكمة، ويُرفَعُ العلم،
وتكلم الأرض التي تليها. وفي ذلك الزمان يرجو الناس ما لا يبلغون، ويتعبون
فيما لا ينالون، ويعملون فيما لا يأكلون. رواه ابن أبي حاتم، عنه.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو صالح -كاتب الليث -حدثني
معاوية بن صالح، عن أبي مريم: أنه سمع أبا هريرة، رضي الله عنه، يقول: إن
الدابة فيها من كل لون، ما بين قرنيها فرسخ للراكب.
وقال ابن عباس: هي مثل الحربة الضخمة.
وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، أنه قال: إنها دابة
لها ريش وزغب وحافر، وما لها ذنب، ولها لحية، وإنها لتخرج حُضْر الفرس
الجواد ثلاثا، وما خرج ثلثها . ورواه ابن أبي حاتم.
وقال ابن جُرَيْج، عن ابن الزبير أنه وصف الدابة فقال: رأسها رأس ثور،
وعينها عين خنـزير، وأذنها أذن فيل، وقرنها قرن أيَّل، وعنقها عنق نعامة،
وصدرها صدر أسد، ولونها لون نَمر، وخاصرتها خاصرة هِرّ، وذنبها ذنب كبش،
وقوائمها قوائم بعير، بين كل مفصلين اثنا [عشر]
ذراعًا، تخرج معها عصا موسى، وخاتم سليمان، فلا يبقى مؤمن إلا نَكتَت في
وجهه بعصا موسى نكتة بيضاء، فتفشو تلك النكتة حتى يبيضّ لها وجهه، ولا يبقى
كافر إلا نَكَتت في وجهه نكتة سوداء بخاتم سليمان، فتفشو تلك النكتة حتى
يسود لها وجهه، حتى إن الناس يتبايعون في الأسواق: بكم ذا يا مؤمن، بكم ذا
يا كافر؟ وحتى إنّ أهل البيت يجلسون على مائدتهم، فيعرفون مؤمنهم من
كافرهم، ثم تقول لهم الدابة: يا فلان، أبشر، أنت من أهل الجنة، ويا فلان،
أنت من أهل النار. فذلك قول الله تعالى: ( وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ
عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ
النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ ) . < 6-215 >
وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ
(83)
حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
(84)
وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ
(85)
أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ
وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
(86)
.
يقول تعالى مخبرًا عن يوم القيامة، وحشر الظالمين المكذبين
بآيات الله ورسله إلى بين يدي الله، عز وجل، ليسألهم عما فعلوه في الدار
الدنيا، تقريعًا وتوبيخًا، وتصغيرًا وتحقيرًا فقال: ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ
مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا ) أي: من كل قوم وقرن فوجًا، أي: جماعة ، ( مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا ) ، كما قال تعالى :
احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ
[الصافات: 22]، وقال تعالى
وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ
[التكوير: 7].
وقوله: ( فَهُمْ يُوزَعُونَ ) قال ابن عباس، رضي الله عنهما: يدفعون. وقال قتادة: وَزَعَةٌ ترد أولهم على آخرهم. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: يساقون.
( حَتَّى إِذَا جَاءُوا ) أي: أوقفوا بين يدي الله عز وجل، في مقام
المساءلة، ( قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا
أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) أي: ويسألون عن اعتقادهم، وأعمالهم فلما لم يكونوا من أهل السعادة، وكانوا كما قال الله تعالى عنهم: فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى
[القيامة: 31، 32]، فحينئذ قامت عليهم الحجة، ولم يكن لهم عذر يعتذرون به، كما قال تعالى: هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ * وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ
[المرسلات: 35، 37]، وهكذا قال هاهنا: ( وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ
بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ ) أي: بهتوا فلم يكن لهم جواب؛ لأنهم
كانوا في الدار الدنيا ظلمة لأنفسهم، وقد ردوا إلى عالم الغيب والشهادة
الذي لا تخفى عليه خافية.
ثم قال تعالى منبهًا على قدرته التامة، وسلطانه العظيم، وشأنه الرفيع
الذي تجب طاعته والانقياد لأوامره، وتصديق أنبيائه فيما جاءوا به من الحق
الذي لا مَحيد عنه، فقال ( أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ
لِيَسْكُنُوا فِيهِ ) أي: فيه ظلام تسكن
بسببه حركاتهم، وتهدأ أنفاسهم، ويستريحون من نَصَب التعب في نهارهم. (
وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ) أي: منيرًا مشرقًا، فبسبب ذلك يتصرفون في المعايش
والمكاسب، والأسفار والتجارات، وغير ذلك من شؤونهم التي يحتاجون إليها، (
إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) .
< 6-216 >
وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ
فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ
(87)
وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ
السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ
بِمَا تَفْعَلُونَ
(88)
يخبر تعالى عن هول يوم نفخة الفَزَع في الصُّور، وهو كما جاء في
الحديث: "قرن ينفخ فيه". وفي حديث(الصُّور) أن إسرافيل هو الذي ينفخ فيه
بأمر الله تعالى، فينفخ فيه أولا نفخة الفزع ويطولها، وذلك في آخر عمر
الدنيا، حين تقوم الساعة على شرار الناس من الأحياء، فيفزع مَنْ في السموات
ومَنْ في الأرض ( إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ) ، وهم الشهداء، فإنهم أحياء
عند ربهم يرزقون.
قال الإمام مسلم بن الحجاج: حدثنا عُبَيد الله
بن مُعاذ العنبري، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن النعمان بن سالم: سمعت يعقوب
بن عاصم بن عُرْوَة بن مسعود الثقفي، سمعت عبد الله بن عمرو، رضي الله
عنه، وجاءه رجل فقال: ما هذا الحديث الذي تَحدث أن الساعة تقوم إلى كذا
وكذا؟ فقال: سبحان الله -أو: لا إله إلا الله -أو كلمة نحوهما -لقد هممت
ألا أحدث أحدا شيئا أبدا، إنما قلت: إنكم سترون بعد قليل أمرًا عظيمًا يخرب
البيت، ويكون ويكون. ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يخرج
الدجال في أمتي فيمكث أربعين -[لا أدري أربعين]
يومًا، أو أربعين شهرًا، أو أربعين عامًا -فيبعث الله عيسى بن مريم كأنه
عروة بن مسعود، فيطلبه فيهلكه. ثم يمكث الناس سبع سنين، ليس بين اثنين
عداوة، ثم يرسل الله ريحًا باردة من قبل الشام، فلا يبقى على وجه الأرض أحد
في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته، حتى لو أن أحدهم دخل في كبد
جبل لدخَلَتْه
عليه حتى تقبضه". قال: سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:
"فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع، لا يعرفون معروفا ولا
ينكرون منكرًا، فيتمثل لهم الشيطان فيقول: ألا تستجيبون؟ فيقولون: فما
تأمرنا؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان، وهم في ذلك دار رزقهم، حسنٌ عيشهم. ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتًا [ورفع ليتا]
. قال: "وأول مَنْ يسمعه رجل يَلُوط حوض إبله". قال: "فَيَصْعَقُ ويَصعقُ
الناس، ثم يرسل الله -أو قال: ينـزل الله مطرًا كأنه الطَّل -أو قال: الظل
-نعمان الشاك -فتنبت
منه أجساد الناس، ثم ينفَخُ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون. ثم يقال: يا
أيها الناس، هلموا إلى ربكم، وقفوهم إنهم مسؤولون. ثم يقال: أخرجوا بعث
النار. فيقال: من كم؟ فيقال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين". قال: "فذلك يوم يجعل الولدان شيبا، وذلك يوم يكشف عن ساق" .
وقوله : ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتا ورفع ليتا" الليت : هو صفحة العنق، أي: أمال عنقه ليستمعه من السماء جيدًا.
فهذه نفخة الفزع. ثم بعد ذلك نفخة الصعق، وهو الموت. ثم بعد ذلك نفخة
القيام لرب العالمين، وهو النشور من القبور لجميع الخلائق؛ ولهذا قال: (
وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ ) -قُرئ بالمد، وبغيره على الفعل، وكلٌ بمعنى واحد -و ( دَاخِرِينَ ) أي: صاغرين مطيعين، لا يتخلف أحد < 6-217 >
عن أمره، كما قال تعالى:
يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ
[الإسراء: 52] ، وقال
ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ
[الروم: 25]. وفي حديث الصور: أنه في النفخة الثالثة يأمر الله الأرواح، فتوضع في ثقب في الصور، ثم ينفخ إسرافيل فيه بعدما تنبت
الأجساد في قبورها وأماكنها، فإذا نفخ في الصور طارت الأرواح، تتوهج أرواح
المؤمنين نورًا، وأرواح الكافرين ظُلمة، فيقول الله، عز وجل: وعزتي وجلالي
لترجعن كل روح إلى جسدها. فتجيء الأرواح إلى أجسادها، فتدب فيها كما يَدب السم في اللديغ، ثم يقومون فينفضون التراب من قبورهم، قال الله تعالى:
يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ
[المعارج: 43].
وقوله: ( وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ
مَرَّ السَّحَابِ ) أي: تراها كأنها ثابتة باقية على ما كانت عليه، وهي تمر
مر السحاب، أي: تزول عن أماكنها، كما قال تعالى: يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا * وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا
[الطور: 9 ، 10] ، وقال : وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا
[طه: 105، 107]، وقال تعالى:
وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً
[الكهف: 47].
وقوله: ( صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ) أي: يفعل ذلك بقدرته العظيمة الذي قد أتقن كل ما خلق، وأودع فيه من الحكمة ما أودع، ( إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ) أي: هو عليم بما يفعل عباده من خير وشر فيجازيهم عليه.
رد: الجزء الثامن من تفسير سورة النمل
موضــــــ جميل ـــــوع
والأجمل مشاركة به معنا
لا تحرمنا مواضيعك سنكون شاكريــــ لك ـــن على جهودك الطيبة
فكن دائما كما أنت لأنك تستحق كــــ الشكر ــــــل
ولا تنسى أن تترك أثرا هنا
والأجمل مشاركة به معنا
لا تحرمنا مواضيعك سنكون شاكريــــ لك ـــن على جهودك الطيبة
فكن دائما كما أنت لأنك تستحق كــــ الشكر ــــــل
ولا تنسى أن تترك أثرا هنا
الزعيم- المـديـر العـــام
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 7554
رد: الجزء الثامن من تفسير سورة النمل
جزاك الله خيرا على الموضوع
aaaa- عضو نشيط
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 768
تاريخ الميلاد : 13/10/1983
العمر : 41
رد: الجزء الثامن من تفسير سورة النمل
بآرك آلله فيكـم ونفع بكـم
اسأل الله العظيم
أن يرزقكم الفردوس الأعلى من الجنان
وأن يثيبكم البارئ على ما طرحتـم / خير الثواب
في انتظار جديدكم المميز
مواضيع مماثلة
» الجزء الأول من تفسير سورة النمل
» الجزء الثاني من تفسير سورة النمل
» الجزء الثالث من تفسير سورة النمل
» الجزء الرابع من تفسير سورة النمل
» الجزء الخامس من تفسير سورة النمل
» الجزء الثاني من تفسير سورة النمل
» الجزء الثالث من تفسير سورة النمل
» الجزء الرابع من تفسير سورة النمل
» الجزء الخامس من تفسير سورة النمل
ملتقى الجزائريين والعرب :: المنتدى العام :: الركن الإسلامي :: ملحق تفسير القرآن كاملا لابن كثير
:: تفسير سورة النمل
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى