الجزء العاشر من تفسير سورة القصص
ملتقى الجزائريين والعرب :: المنتدى العام :: الركن الإسلامي :: ملحق تفسير القرآن كاملا لابن كثير
:: تفسير سورة القصص
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
الجزء العاشر من تفسير سورة القصص
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا
إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ
بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ
(71)
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا
إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ
بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ
(72)
وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا
فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
(73) .
< 6-252 >
يقول تعالى ممتنًا على عباده بما سخر لهم من الليل والنهار، اللذين لا
قوَامَ لهم بدونهما. وبين أنه لو جعلَ الليلَ دائمًا عليهم سرمدًا إلى يوم
القيامة، لأضرّ ذلك بهم، ولسئمته النفوس وانحصرت منه، ولهذا قال تعالى: (
مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ ) أي: تبصرون به
وتستأنسون بسببه، ( أَفَلا تَسْمَعُونَ ) .
ثم أخبر أنه لو جعل النهار سرمدًا دائمًا مستمرًّا إلى يوم القيامة،
لأضرَّ ذلك بهم، ولتعبت الأبدان وكلَّت من كثرة الحركات والأشغال؛ ولهذا
قال: ( مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ
) أي: تستريحون من حركاتكم وأشغالكم . ( أَفَلا تُبْصِرُونَ * وَمِنْ
رَحْمَتِهِ ) أي: بكم ( جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ) أي: خلق
هذا وهذا ( لِتَسْكُنُوا فِيهِ ) أي: في الليل ، ( وَلِتَبْتَغُوا مِنْ
فَضْلِهِ ) أي: في النهار بالأسفار والترحال، والحركات والأشغال، وهذا من
باب اللف والنشر.
وقوله: ( وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) أي: تشكرون الله بأنواع العبادات
في الليل والنهار، ومن فاته شيء بالليل استدركه بالنهار، أو بالنهار
استدركه بالليل، كما قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا
[ الفرقان : 62 ]. والآيات في هذا كثيرة .
وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ
(74)
وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ
فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا
يَفْتَرُونَ
(75) .
وهذا أيضا نداء [ثان]
على سبيل التقريع والتوبيخ لِمَنْ عبد مع الله إلهًا آخر، يناديهم الرب
-تبارك وتعالى -على رؤوس الأشهاد فيقول: ( أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ
كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ) أي: في الدار الدنيا.
( وَنـزعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ) : قال مجاهد: يعني رسولا.
( فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ) أي: على صحة ما ادعيتموه من أن لله
شركاء، ( فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ ) أي: لا إله غيره، أي: فلم
ينطقوا ولم يحيروا جوابا، ( وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) أي: ذهبوا فلم ينفعوهم.
إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ
مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي
الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ
الْفَرِحِينَ
(76)
وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ
نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ
وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ
الْمُفْسِدِينَ
(77) .
< 6-253 >
قال الأعمش، عن المِنْهَال بن عمرو، عن سعيد بن جُبَيْر، عن ابن عباس قال:
( إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى ) ، قال: كان ابن عمه. وهكذا
قال إبراهيم النَّخَعي، وعبد الله بن الحارث بن نوفل، وسماك بن حرب،
وقتادة، ومالك بن دينار، وابن جُرَيْج، وغيرهم: أنه كان ابن عم موسى، عليه
السلام .
قال ابن جُرَيْج: هو قارون بن يصهر بن قاهث، وموسى بن عمران بن قاهث.
وزعم محمد بن إسحاق بن يَسَار: أن قارون كان عمَّ موسى ، عليه السلام.
قال ابن جرير: وأكثر أهل العلم على أنه كان ابن عمه، والله أعلم. وقال
قتادة بن دِعَامة: كنا نُحدّث أنه كان ابن عم موسى، وكان يسمى المنوّر لحسن
صوته بالتوراة، ولكن عدو الله نافق كما نافق السامري، فأهلكه البغي لكثرة
ماله.
وقال شَهْر بن حَوْشَب: زاد في ثيابه شبرًا طولا ترفعًا على قومه.
وقوله: ( وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ ) أي: [من] الأموال ( مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ ) أي: لَيُثقلُ حملُها الفئامَ من الناس لكثرتها.
قال الأعمش، عن خَيْثَمَةَ: كانت مفاتيح كنوز قارون من جلود، كل مفتاح
مثل الأصبع، كل مفتاح على خزانة على حدته، فإذا ركب حُملت على ستين بغلا
أغر محجلا. وقيل: غير ذلك، والله أعلم.
وقوله: ( إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا
يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ) أي: وعظه فيما هو فيه صالح قومه، فقالوا على سبيل
النصح والإرشاد: لا تفرح بما أنت فيه، يعنون: لا تبطر بما أنت فيه من
الأموال
( إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ) قال ابن عباس: يعني المرحين.
وقال مجاهد: يعني الأشرين البطرين، الذين لا يشكرون الله على ما أعطاهم.
وقوله: ( وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا
تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ) أي: استعمل ما وهبك الله من هذا المال
الجزيل والنعمة الطائلة، في طاعة ربك والتقرب إليه بأنواع القربات، التي
يحصل لك بها الثواب في الدار الآخرة. ( وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ
الدُّنْيَا ) أي: مما أباح الله فيها من المآكل والمشارب والملابس والمساكن والمناكح، فإن لربك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك < 6-254 >
حقًّا، ولزورك عليك حقا، فآت كل ذي حق حقه.
( وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ) أي: أحسن إلى خلقه
كما أحسن هو إليك ( وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأرْضِ ) أي: لا تكنْ همتك
بما أنت فيه أن تفسد به الأرض ،
وتسيء إلى خلق الله ( إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ) .
رد: الجزء العاشر من تفسير سورة القصص
موضــــــ جميل ـــــوع
والأجمل مشاركة به معنا
لا تحرمنا مواضيعك سنكون شاكريــــ لك ـــن على جهودك الطيبة
فكن دائما كما أنت لأنك تستحق كــــ الشكر ــــــل
ولا تنسى أن تترك أثرا هنا
والأجمل مشاركة به معنا
لا تحرمنا مواضيعك سنكون شاكريــــ لك ـــن على جهودك الطيبة
فكن دائما كما أنت لأنك تستحق كــــ الشكر ــــــل
ولا تنسى أن تترك أثرا هنا
الزعيم- المـديـر العـــام
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 7554
رد: الجزء العاشر من تفسير سورة القصص
جزاك الله خيرا على المرور نورت الموضوع جزاك الله خيرا على المرور نورت الموضوع
رد: الجزء العاشر من تفسير سورة القصص
جزاك الله خيرا على الموضوع
aaaa- عضو نشيط
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 768
تاريخ الميلاد : 13/10/1983
العمر : 41
رد: الجزء العاشر من تفسير سورة القصص
جزاك الله خيرا على الموضوع
aaaa- عضو نشيط
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 768
تاريخ الميلاد : 13/10/1983
العمر : 41
مواضيع مماثلة
» الجزء الاول من تفسير سورة القصص
» الجزء الثاني من تفسير سورة القصص
» الجزء الثالث من تفسير سورة القصص
» الجزء الرابع من تفسير سورة القصص
» الجزء الخامس من تفسير سورة القصص
» الجزء الثاني من تفسير سورة القصص
» الجزء الثالث من تفسير سورة القصص
» الجزء الرابع من تفسير سورة القصص
» الجزء الخامس من تفسير سورة القصص
ملتقى الجزائريين والعرب :: المنتدى العام :: الركن الإسلامي :: ملحق تفسير القرآن كاملا لابن كثير
:: تفسير سورة القصص
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى