الشيخ محمد الصالح بن عتيق
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
الشيخ محمد الصالح بن عتيق
الشيخ محمد الصالح بن عتيق رحمه الله
هو محمد الصالح بن الحسين بن المكي بن شعبان بن رابح بن داود بن سيدي سعد العتيق الشهير بابن عتيق، ولد في الرابع من شهر ماي سنة 1903 بقرية العارصة الواقعة على بعد حوالي 3 كلم من مدينة الميلية و نشأ بها وسط عائلة فقيرة، تلقى تعليمه الأول بكتاب القرية، غير أن ظروف الفقر و الحاجة لم تمكنانه من مواصلة تعليمه، فكان أن انقطع عن ذلك من أجل رعي الماشية. و قد ازدادت قسوة الحياة عليه بوفاة والده و هو في الخامسة عشر من عمره، و تضاعفت نكبة العائلة بوفاة الوالدة بعد مدة تقل عن العام، مما جعله و إخوته يواجهون المزيد من متاعب الحياة.
كل ذلك لم يثن من عزيمته و حبه للعلم و التعلم، و هو ما دفعه لمغادرة القرية باتجاه ضواحي مدينة قسنطينة في رحلة هي أشبه بالمغامرة بحثا عن مكان يسمح له بمواصلة تعليمه، فتنقل بين عدة زوايا، غير أن طريقة و ظروف التعليم التي عايشها لم ترق له بسبب ما كان يحيط بها من تقاليد بالية و معتقدات منحرفة هي أبعد ما تكون عن الدين. و في آخر المطاف استقر بمدينة ميلة التي وجد فيها ضالته، حيث أتم هناك حفظ القرآن الكريم و حضر دروس العلامة الشيخ محمد الظريف الميلي في الفقه و التوحيد، كما تابع دروسا في قواعد اللغة العربية و النحو، و كانت هذه المحطة نقطة تحول كبيرة في حياته، حيث اندفع لتحصيل مزيد من العلوم بنهم و شغف كبيرين.
و شاءت قدرة الله أن تبرز في هذه المرحلة كوكبة من أهل العلم و الإصلاح كان على رأسهم العلامة الفذ الشيخ عبد الحميد بن باديس الذي قاد حملة في مجالات نشر التعليم و الإصلاح الاجتماعي و محاربة كل أشكال البدع و الخرافات وصل مداها على أغلب جهات القطر.
و قد حضر الشيخ بن عتيق بميلة في هذا الوقت عودة احد رواد هذه الحركة من تونس و هو المفكر و المصلح الأستاذ مبارك الميلي الذي ألتف حوله طلبة العلم و هذا من خلال الدروس التي كان يقدمها بالجامع الأعظم بميلة.
في سنة 1927 التحق بجامع الزيتونة بتونس أين تابع دروسه إلى غاية 1932 حيث حصل على شهادة التطويع، وبعد عودته دهاه بن باديس للعمل تحت إشراف جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، فلبى الطلب و تجند للقيام بالمهمة في الميلية و ضواحيها، و هكذا أسس جمعية و أنشأ مدرسة للتعليم و شرع في العمل، إلا أن مهمته لم تكن سهلة، حيث اعترض سبيل العمل الإصلاحي ظروف لأجهل و الخرافة المنتشرة بالمنطقة فضلا عن ألاعيب الإدارة الاستعمارية التي رأت في الدعوة الجديدة خطرا يتهددها، فسعت بشتى الطرق إلى إفشال جهود الشيخ عن طريق إبعاد و تهديد كل من يتصل به أو يناصر حركته، كل ذلك جعل مهمته محدودة و محاصرة مما دفع به إلى مغادرة الميلية إلى حين.
في سنة 1934 عين إماما مرشدا بالمسجد الكبير بقلعة بني عباس و منها انتقل إلى فرنسا بتكليف من جمعية العلماء و العمل في مجال الدعوة و الإرشاد في أوساط العمال الجزائريين بباريس و التي أقام بها إلى غاية 1938 حيث عاد إلى أرض الوطن، وبعد فترة عمل وجيزة بمدينة البرج عاد مرة أخرى إلى مسقط رأسه مدينة الميلية، غير أنه هذه المرة وجد سكانها في انتظاره بشوق و استعداد لتبني جهود جمعية العلماء في نشر العلم و إصلاح أوضاع المجتمع، و هكذا عمل على تأسيس جمعية لفتح مدرسة للتعليم، و خلال غياب الشيخ في مهمة بالبرج تدخل حاكم الميلية فأغلق المدرسة، و بطلب من ابن باديس عاد بن عتيق مرة أخرى إلى الميلية باعتباره يحوز رخصة لفتح مدرسة، و هكذا اختار مقرا لهذا الغرض، إلا أن الإدارة الاستعمارية عارضت ذلك بحجة أن الرخصة مضى عليها وقت طويل، فقدم طلبا جديدا، و بعد ستة أشهر من المحاولات و التدخلات أستدعي من قبل الإدارة التي أعادت له الملف مع الرفض الصادر عن عامل عمالة قسنطينة و الذي بنى قراره استنادا لتقرير حاكم الميلية الذي جاء فيه بالحرف " إن المسمى هيدوك محمد الصالح ( و هو الاسم الكامل للشيخ) أحد المشوشين الكبار، و كلما حل بالميلية تحركت العناصر المعادية لفرنسا، فإبعاده عنها أمر ضروري".
و خلال هذه الفترة (سنة 1940) صادف أن كان السيد محمد خطاب المقيم بالمغرب الأقصى في زيارة لمدينة الميلية، فتبرع ببناء مدرسة من خالص ماله، فجاءت مبادرته الكريمة هذه في وقتها المناسب لاستكمال الجهود التي بدلت سابقا.
في سنة 1943 امتد نشاط جمعية العلماء إلى مقاطعة وهران فكان أن كلفت الجمعية الشيخ بن عتيق بالعمل بمدينة تيهرت التي ألتحق بها بداية سنة 1944 على أساس العودة بعد ثلاثة اشهر، إلا أن متطلبات العمل و الصعوبات التي وجدها جعلت إقامته تمتد لفترة أطول، و كان لأحداث الثامن ماي 1945 أثرها في تأجيل عودته مرة أخرى، حيث تم غلق جميع مدارس الجمعية بعمالة قسنطينة، و تعطيل مؤسساتها، و اعتقال أعضائها. و هكذا استمر هناك إلى غاية سنة 1949 أين التحق بمدينة سكيكدة للعمل بها، و لم يدم مقامه بها سوى عام واحد، ليعود للمرة الثالثة لمدينة الميلية، حيث قام هناك المحسن الكريم محمد خطاب بشراء دار واسعة، و رغب أن تكون فرعا لمعهد عبد الحميد بن باديس، مع التزامه بالإنفاق عليها و على طلبتها و أساتذتها، و طلب من رئيس جمعية العلماء الاعتراف بها كفرع و تعيين ابن عتيق مديرا لها، فكان له ذلك. و هكذا أقيم حفل كبير خلال افتتاح الموسم الدراسي 1950 – 1951 تحت إشراف رئيس جمعية العلماء الشيخ البشير الإبراهيمي، و سار التعليم بهذا الفرع على أحسن ما يرام إلى غاية سنة 1954 حيث عين الشيخ بن عتيق واعظا مرشدا بمدينة البليدة، و التي استمر عمله بها إلى غاية 7 أفريل 1956 تاريخ اعتقاله من طرف رجال الدرك الفرنسي، و هكذا قضى السنوات الموالية متنقلا بين معتقلات البرواقية، أفلو، أركول بوهران، بوسوي بسيدي بلعباس، الدويرة، و أخيرا معتقل الشحمي بوهران، و لم يفرج عنه سوى سنة 1962 ، أيام قليلة قبل وقف القتال.
توفي الشيخ العلامة محمد الصالح بن عتيق و دفن بمدينة الميلية.
هو محمد الصالح بن الحسين بن المكي بن شعبان بن رابح بن داود بن سيدي سعد العتيق الشهير بابن عتيق، ولد في الرابع من شهر ماي سنة 1903 بقرية العارصة الواقعة على بعد حوالي 3 كلم من مدينة الميلية و نشأ بها وسط عائلة فقيرة، تلقى تعليمه الأول بكتاب القرية، غير أن ظروف الفقر و الحاجة لم تمكنانه من مواصلة تعليمه، فكان أن انقطع عن ذلك من أجل رعي الماشية. و قد ازدادت قسوة الحياة عليه بوفاة والده و هو في الخامسة عشر من عمره، و تضاعفت نكبة العائلة بوفاة الوالدة بعد مدة تقل عن العام، مما جعله و إخوته يواجهون المزيد من متاعب الحياة.
كل ذلك لم يثن من عزيمته و حبه للعلم و التعلم، و هو ما دفعه لمغادرة القرية باتجاه ضواحي مدينة قسنطينة في رحلة هي أشبه بالمغامرة بحثا عن مكان يسمح له بمواصلة تعليمه، فتنقل بين عدة زوايا، غير أن طريقة و ظروف التعليم التي عايشها لم ترق له بسبب ما كان يحيط بها من تقاليد بالية و معتقدات منحرفة هي أبعد ما تكون عن الدين. و في آخر المطاف استقر بمدينة ميلة التي وجد فيها ضالته، حيث أتم هناك حفظ القرآن الكريم و حضر دروس العلامة الشيخ محمد الظريف الميلي في الفقه و التوحيد، كما تابع دروسا في قواعد اللغة العربية و النحو، و كانت هذه المحطة نقطة تحول كبيرة في حياته، حيث اندفع لتحصيل مزيد من العلوم بنهم و شغف كبيرين.
و شاءت قدرة الله أن تبرز في هذه المرحلة كوكبة من أهل العلم و الإصلاح كان على رأسهم العلامة الفذ الشيخ عبد الحميد بن باديس الذي قاد حملة في مجالات نشر التعليم و الإصلاح الاجتماعي و محاربة كل أشكال البدع و الخرافات وصل مداها على أغلب جهات القطر.
و قد حضر الشيخ بن عتيق بميلة في هذا الوقت عودة احد رواد هذه الحركة من تونس و هو المفكر و المصلح الأستاذ مبارك الميلي الذي ألتف حوله طلبة العلم و هذا من خلال الدروس التي كان يقدمها بالجامع الأعظم بميلة.
في سنة 1927 التحق بجامع الزيتونة بتونس أين تابع دروسه إلى غاية 1932 حيث حصل على شهادة التطويع، وبعد عودته دهاه بن باديس للعمل تحت إشراف جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، فلبى الطلب و تجند للقيام بالمهمة في الميلية و ضواحيها، و هكذا أسس جمعية و أنشأ مدرسة للتعليم و شرع في العمل، إلا أن مهمته لم تكن سهلة، حيث اعترض سبيل العمل الإصلاحي ظروف لأجهل و الخرافة المنتشرة بالمنطقة فضلا عن ألاعيب الإدارة الاستعمارية التي رأت في الدعوة الجديدة خطرا يتهددها، فسعت بشتى الطرق إلى إفشال جهود الشيخ عن طريق إبعاد و تهديد كل من يتصل به أو يناصر حركته، كل ذلك جعل مهمته محدودة و محاصرة مما دفع به إلى مغادرة الميلية إلى حين.
في سنة 1934 عين إماما مرشدا بالمسجد الكبير بقلعة بني عباس و منها انتقل إلى فرنسا بتكليف من جمعية العلماء و العمل في مجال الدعوة و الإرشاد في أوساط العمال الجزائريين بباريس و التي أقام بها إلى غاية 1938 حيث عاد إلى أرض الوطن، وبعد فترة عمل وجيزة بمدينة البرج عاد مرة أخرى إلى مسقط رأسه مدينة الميلية، غير أنه هذه المرة وجد سكانها في انتظاره بشوق و استعداد لتبني جهود جمعية العلماء في نشر العلم و إصلاح أوضاع المجتمع، و هكذا عمل على تأسيس جمعية لفتح مدرسة للتعليم، و خلال غياب الشيخ في مهمة بالبرج تدخل حاكم الميلية فأغلق المدرسة، و بطلب من ابن باديس عاد بن عتيق مرة أخرى إلى الميلية باعتباره يحوز رخصة لفتح مدرسة، و هكذا اختار مقرا لهذا الغرض، إلا أن الإدارة الاستعمارية عارضت ذلك بحجة أن الرخصة مضى عليها وقت طويل، فقدم طلبا جديدا، و بعد ستة أشهر من المحاولات و التدخلات أستدعي من قبل الإدارة التي أعادت له الملف مع الرفض الصادر عن عامل عمالة قسنطينة و الذي بنى قراره استنادا لتقرير حاكم الميلية الذي جاء فيه بالحرف " إن المسمى هيدوك محمد الصالح ( و هو الاسم الكامل للشيخ) أحد المشوشين الكبار، و كلما حل بالميلية تحركت العناصر المعادية لفرنسا، فإبعاده عنها أمر ضروري".
و خلال هذه الفترة (سنة 1940) صادف أن كان السيد محمد خطاب المقيم بالمغرب الأقصى في زيارة لمدينة الميلية، فتبرع ببناء مدرسة من خالص ماله، فجاءت مبادرته الكريمة هذه في وقتها المناسب لاستكمال الجهود التي بدلت سابقا.
في سنة 1943 امتد نشاط جمعية العلماء إلى مقاطعة وهران فكان أن كلفت الجمعية الشيخ بن عتيق بالعمل بمدينة تيهرت التي ألتحق بها بداية سنة 1944 على أساس العودة بعد ثلاثة اشهر، إلا أن متطلبات العمل و الصعوبات التي وجدها جعلت إقامته تمتد لفترة أطول، و كان لأحداث الثامن ماي 1945 أثرها في تأجيل عودته مرة أخرى، حيث تم غلق جميع مدارس الجمعية بعمالة قسنطينة، و تعطيل مؤسساتها، و اعتقال أعضائها. و هكذا استمر هناك إلى غاية سنة 1949 أين التحق بمدينة سكيكدة للعمل بها، و لم يدم مقامه بها سوى عام واحد، ليعود للمرة الثالثة لمدينة الميلية، حيث قام هناك المحسن الكريم محمد خطاب بشراء دار واسعة، و رغب أن تكون فرعا لمعهد عبد الحميد بن باديس، مع التزامه بالإنفاق عليها و على طلبتها و أساتذتها، و طلب من رئيس جمعية العلماء الاعتراف بها كفرع و تعيين ابن عتيق مديرا لها، فكان له ذلك. و هكذا أقيم حفل كبير خلال افتتاح الموسم الدراسي 1950 – 1951 تحت إشراف رئيس جمعية العلماء الشيخ البشير الإبراهيمي، و سار التعليم بهذا الفرع على أحسن ما يرام إلى غاية سنة 1954 حيث عين الشيخ بن عتيق واعظا مرشدا بمدينة البليدة، و التي استمر عمله بها إلى غاية 7 أفريل 1956 تاريخ اعتقاله من طرف رجال الدرك الفرنسي، و هكذا قضى السنوات الموالية متنقلا بين معتقلات البرواقية، أفلو، أركول بوهران، بوسوي بسيدي بلعباس، الدويرة، و أخيرا معتقل الشحمي بوهران، و لم يفرج عنه سوى سنة 1962 ، أيام قليلة قبل وقف القتال.
توفي الشيخ العلامة محمد الصالح بن عتيق و دفن بمدينة الميلية.
الأمير- عضو نشيط
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 6081
تاريخ الميلاد : 29/10/1996
العمر : 28
مواضيع مماثلة
» المكثر الأستاذ محمد الصالح الصديق
» الشيخ محمد الطاهر آيت علجت
» الفقيه الشيخ محمد شارف
» الشيخ محمد الطاهر ساحلي
» الشيخ محمد الطاهر التليلي
» الشيخ محمد الطاهر آيت علجت
» الفقيه الشيخ محمد شارف
» الشيخ محمد الطاهر ساحلي
» الشيخ محمد الطاهر التليلي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى