الجزء التاسع من تفسير سورة غافر
ملتقى الجزائريين والعرب :: المنتدى العام :: الركن الإسلامي :: ملحق تفسير القرآن كاملا لابن كثير
:: تفسير جزء يس كاملا
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
الجزء التاسع من تفسير سورة غافر
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ
عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ
لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ
وَلِتَبْلُغُوا أَجَلا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ(67) هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ(68)
وقد بين تعالى أنه لا يستحق العبادة أحد سواه، في قوله: ( هُوَ الَّذِي
خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ
يُخْرِجُكُمْ طِفْلا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا
شُيُوخًا ) أي: هو الذي يقلبكم في هذه الأطوار كلها، وحده لا شريك له، وعن
أمره وتدبيره وتقديره يكون ذلك كله، ( وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ
قَبْلُ ) أي: من قبل أن يوجد ويخرج إلى هذا العالم، بل تسقطه أمه سقطا،
ومنهم من يتوفى صغيرا، وشابا، وكهلا قبل الشيخوخة، كقوله: لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى [الحج: 5] وقال هاهنا: ( وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) قال ابن جريج، تتذكرون البعث.ثم
قال: ( هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ ) أي: هو المتفرد بذلك، لا يقدر
على ذلك أحد سواه، ( فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ
فَيَكُونُ ) أي: لا يخالف ولا يمانع، بل ما شاء كان [لا محالة] . أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ(69) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ(70) إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ(71) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ(72) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ(73) مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ(74) ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ(75) ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ(76) يقول
تعالى: ألا تعجب يا محمد من هؤلاء المكذبين بآيات الله، ويجادلون في الحق
والباطل، كيف تُصرّف عقولهم عن الهدى إلى الضلال، ( الَّذِينَ كَذَّبُوا
بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا ) أي: من الهدى والبيان، (
فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) هذا تهديد شديد، ووعيد أكيد، من الرب، جل جلاله،
لهؤلاء، كما قال تعالى: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ [المرسلات: 15].وقوله:
( إِذِ الأغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ ) أي: متصلة بالأغلال،
بأيدي الزبانية يسحبونهم على وجوههم، تارة إلى الحميم وتارة إلى الجحيم؛
ولهذا قال: ( يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ
) ، كما قال: هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ * يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ [الرحمن: 43، 44] . وقال بعد ذكْره أكلهم الزقوم وشربهم الحميم: ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإِلَى الْجَحِيمِ [الصافات:68] وقال : وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ إلى أن قال: ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ * لآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ * فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ * فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ * هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ [الواقعة: 41 -56]. وقال : إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ * خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ * ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ * ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ * إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ [الدخان: 43 -50]، < 7-158 > أي: يقال لهم ذلك على وجه التقريع والتوبيخ، والتحقير والتصغير، والتهكم والاستهزاء بهم.قال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا منصور بن عمار، حدثنا بشير
بن طلحة الخزامي، عن خالد بن دُرَيْك، عن يعلى بن مُنْيَه -رفع الحديث إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم-قال: "ينشئ الله سحابة لأهل النار سوداء
مظلمة، ويقال: يا أهل النار، أي شيء تطلبون؟ فيذكرون بها سحاب الدنيا
فيقولون: نسأل بَرْد الشراب، فتمطرهم أغلالا تزيد في أغلالهم، وسلاسل تزيد
في سلاسلهم، وجمرا يُلْهِبُ النار عليهم". هذا حديث غريب . وقوله:
( ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِ
اللَّهِ ) أي: قيل لهم: أين الأصنام التي كنتم تعبدونها من دون الله؟ هل
ينصرونكم اليوم؟ ( قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا ) أي: ذهبوا فلم ينفعونا، ( بَلْ
لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا ) أي: جحدوا عبادتهم، كقوله
تعالى: ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ [الأنعام: 23]؛ ولهذا قال: ( كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ ) . وقوله:
( ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ
وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ ) أي: تقول لهم الملائكة: هذا الذي أنتم فيه
جزاء على فرحكم في الدنيا بغير الحق، ومرحكم وأشركم وبطركم، ( ادْخُلُوا
أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ
) أي: فبئس المْنـزلُ والمَقِيلُ الذي فيه الهوان والعذاب الشديد، لمن
استكبر عن آيات الله، واتباع دلائله وحُججه.
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ
الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ(77) يقول
تعالى آمرا رسوله، صلوات الله وسلامه عليه، بالصبر على تكذيب من كذبه من
قومه؛ فإن الله سينجز لك ما وعدك من النصر والظفر على قومك، وجعل العاقبة
لك ولمن اتبعك في الدنيا والآخرة، ( فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي
نَعِدُهُمْ ) أي: في الدنيا. وكذلك وقع، فإن الله أقر أعينهم من كبرائهم
وعظمائهم، أبيدوا في يوم بدر. ثم فتح الله عليه مكة وسائر جزيرة العرب في
أيام حياته صلى الله عليه وسلم.وقوله: ( أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ) أي: فنذيقهم العذاب الشديد في الآخرة.
رد: الجزء التاسع من تفسير سورة غافر
موضــــــ جميل ـــــوع
والأجمل مشاركة به معنا
لا تحرمنا مواضيعك سنكون شاكريــــ لك ـــن على جهودك الطيبة
فكن دائما كما أنت لأنك تستحق كــــ الشكر ــــــل
ولا تنسى أن تترك أثرا هنا
والأجمل مشاركة به معنا
لا تحرمنا مواضيعك سنكون شاكريــــ لك ـــن على جهودك الطيبة
فكن دائما كما أنت لأنك تستحق كــــ الشكر ــــــل
ولا تنسى أن تترك أثرا هنا
الزعيم- المـديـر العـــام
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 7554
أبو سليمان- المشرفون
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 3412
تاريخ الميلاد : 03/11/1996
العمر : 28
رد: الجزء التاسع من تفسير سورة غافر
شكرا على الرد نورت الموضوع بمرورك
لا تبخل علينا بجميل كلماتك
لا تبخل علينا بجميل كلماتك
aaaa- عضو نشيط
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 768
تاريخ الميلاد : 13/10/1983
العمر : 41
مواضيع مماثلة
» الجزء السابع من تفسير سورة غافر
» الجزء الثامن من تفسير سورة غافر
» الجزء الاول من تفسير سورة غافر
» الجزء الثاتي من تفسير سورة غافر
» الجزء الثالث من تفسير سورة غافر
» الجزء الثامن من تفسير سورة غافر
» الجزء الاول من تفسير سورة غافر
» الجزء الثاتي من تفسير سورة غافر
» الجزء الثالث من تفسير سورة غافر
ملتقى الجزائريين والعرب :: المنتدى العام :: الركن الإسلامي :: ملحق تفسير القرآن كاملا لابن كثير
:: تفسير جزء يس كاملا
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى