الجزء الثاني من تفسير سورة النجم
ملتقى الجزائريين والعرب :: المنتدى العام :: الركن الإسلامي :: ملحق تفسير القرآن كاملا لابن كثير
:: تفسير جزء يس كاملا
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
الجزء الثاني من تفسير سورة النجم
إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الأُنْثَى (27) وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (28) فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى (30) يقول تعالى منكرا على المشركين في تسميتهم الملائكة تسمية الأنثى، وجعلهم لها أنها بنات الله، كما قال: وَجَعَلُوا
الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا
خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ
[الزخرف: 19]؛ولهذا قال: ( وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْم ) أي: ليس لهم
علم صحيح يصدق ما قالوه، بل هو كذب وزور وافتراء، وكفر شنيع. ( ٍ إِنْ
يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ
شَيْئًا ) أي: لا يجدي شيئا، ولا يقوم أبدا مقام الحق. وقد ثبت في الصحيح
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث"
.وقوله: ( فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا ) أي: أعرِضْ عن الذي أعرَضَ عن الحق واهجره. وقوله: ( وَلَمْ يُرِدْ إِلا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ) أي: وإنما أكثر همه ومبلغ علمه الدنيا، فذاك هو غاية ما لا خير فيه. ولذلك قال: ( ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ ) أي: طلب الدنيا والسعي لها هو غاية ما وصلوا إليه. وقد روى الإمام أحمد عن أم المؤمنين عائشة [رضي الله عنها] قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، ولها يجمع من لا عقل له" وفي الدعاء المأثور: "اللهم لا تجعل الدنيا أكبر هَمِّنَا، ولا مَبْلَغَ علمنا".وقوله:
( إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ
أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى ) أي: هو الخالق لجميع المخلوقات، والعالم بمصالح
عباده، وهو الذي يهدي من يشاء، ويضل من يشاء، وذلك كله عن قدرته وعلمه
وحكمته، وهو العادل الذي لا يجور أبدًا، لا في شرعه ولا في قَدَره.
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ
أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31)
الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا
اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ
أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ
أُمَّهَاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32) < 7-460 > يخبر
تعالى أنه مالك السماوات والأرض، وأنه الغني عما سواه، الحاكم في خلقه
بالعدل، وخلق الخلق بالحق، ( لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا
عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ) أي: يجازي كلا
بعمله، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر. ثم فسر المحسنين بأنهم الذين
يجتنبون كبائر الإثم والفواحش، أي: لا يتعاطون المحرمات والكبائر، وإن وقع
منهم بعض الصغائر فإنه يغفر لهم ويستر عليهم، كما قال في الآية الأخرى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا
[النساء: 31]. وقال هاهنا: ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ
وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ ) . وهذا استثناء منقطع؛ لأن اللمم من صغائر
الذنوب ومحقرات الأعمال.قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا مَعْمَر
عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: ما رأيت شيئًا أشبه باللمَم مما
قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "إن الله تعالى كتب على
ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فَزِنَا العين النظر، وزنا
اللسان النطق، والنفس تَمنَّى وتَشْتَهِي، والفرج يُصدِّق ذلك أو
يُكَذِّبه".أخرجاه في الصحيحين، من حديث عبد الرزاق، به .وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن
ثور حدثنا مَعْمَر، عن الأعمش، عن أبي الضُّحَى؛ أن ابن مسعود قال: "زنا
العينين النظر، وزنا الشفتين التقبيل، وزنا اليدين البطش، وزنا الرجلين
المشي، ويُصدّق ذلك الفرج أو يُكَذِّبه، فإن تقدم بفرجه كان زانيا، وإلا
فهو اللَّمَم" . وكذا قال مسروق، والشعبي. وقال
عبد الرحمن بن نافع -الذي يقال له: ابن لبابة الطائفي-قال: سألت أبا هريرة
عن قول الله: ( إِلا اللَّمَمَ ) قال: القُبلة، والغمزة، والنظرة،
والمباشرة، فإذا مس الختانُ الختانَ فقد وجب الغسل، وهو الزنا. وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ( إِلا اللَّمَمَ ) إلا ما سلف. وكذا قال زيد بن أسلم. وقال
ابن جرير: حدثنا ابن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن منصور،
عن مجاهد أنه قال: في هذه الآية: ( إِلا اللَّمَمَ ) قال: الذي يلم بالذنب
ثم يَدَعه، قال الشاعر:
< 7-461 > وقال
ابن جرير: حدثنا ابن حميد، حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قول الله: (
إِلا اللَّمَمَ ) قال: الرجل يلم بالذنب ثم ينـزع عنه، قال: وكان أهل
الجاهلية يطوفون بالبيت وهم يقولون:
وقد رواه ابن جرير وغيره مرفوعا .قال
ابن جرير: حدثني سليمان بن عبد الجبار، حدثنا أبو عاصم، حدثنا زكريا بن
إسحاق، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن ابن عباس: ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ
كَبَائِرَ الإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ ) قال: هو الرجل يلم
بالفاحشة ثم يتوب وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
وهكذا رواه الترمذي، عن أحمد بن عثمان أبي
عثمان البصري، عن أبي عاصم النبيل. ثم قال: هذا حديث حسن صحيح غريب، لا
نعرفه إلا من حديث زكريا بن إسحاق. وكذا قال البزار: لا نعلمه يُروى متصلا
إلا من هذا الوجه. وساقه ابن أبي حاتم والبغوي من حديث أبي عاصم النبيل،
وإنما ذكره البغوي في تفسير سورة "تنـزيل" وفي صحته مرفوعا نظر .ثم
قال ابن جرير: حدثنا محمد بن عبد الله بن بَزِيع، حدثنا يزيد بن زُرَيْع،
حدثنا يونس، عن الحسن، عن أبي هريرة -أراه رفعه-: ( الَّذِينَ
يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ ) قال:
"اللمة من الزنا ثم يتوب ولا يعود، واللمة من السرقة ثم يتوب ولا يعود،
واللمة من شرب الخمر ثم يتوب ولا يعود"، قال: "ذلك الإلمام" .وحدثنا
ابن بشار، حدثنا ابن أبي عَديّ، عن عوف، عن الحسن في قول الله: (
الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ )
قال: اللمم من الزنا أو السرقة أو شرب الخمر، ثم لا يعود. وحدثني
يعقوب، حدثنا ابن عُلَيَّةَ، عن أبي رَجاء، عن الحسن في قول الله: (
الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ )
قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: هو الرجل يصيب اللمة
من الزنا، واللمة من شرب الخمر، فيجتنبها ويتوب منها.وقال ابن جرير ، عن عطاء، عن ابن عباس: ( إِلا اللَّمَمَ ) يلم بها في الحين. قلت: الزنا؟ قال: الزنا ثم يتوب.وقال ابن جرير أيضا: حدثنا أبو كُرَيْب، حدثنا ابن عُيَيْنَة، عن عمرو، عن عطاء، عن ابن < 7-462 > عباس قال: ( اللَّمَمَ ) الذي يلم المرَّةَ.وقال
السدي: قال أبو صالح: سئلت عن ( اللَّمَمَ ) فقلت: هو الرجل يصيب الذنب ثم
يتوب. وأخبرت بذلك ابن عباس فقال: لقد أعانك عليها مَلَك كريم. حكاه
البغوي. وروى ابن جرير من طريق المثنى بن الصباح -وهو ضعيف-عن عمرو بن شعيب؛ أن عبد الله بن عمرو قال: ( اللَّمَمَ ) : ما دون الشرك.وقال سفيان الثوري، عن جابر الجُعفي، عن عطاء، عن ابن الزبير: ( إِلا اللَّمَمَ ) قال: ما بين الحدين: حد الدنيا وعذاب الآخرة. وكذا رواه شعبة، عن الحكم، عن ابن عباس، مثله سواء. وقال العَوْفِيّ، عن ابن عباس في قوله: ( إِلا اللَّمَمَ ) كل شيء بين الحدين: حد الدنيا وحد الآخرة، تكفره الصلوات، وهو
اللمم، وهو دون كل موجب، فأما حد الدنيا فكل حد فرض الله عقوبته في
الدنيا، وأما حد الآخرة فكل شيء ختمه الله بالنار، وأخَّر عقوبته إلى
الآخرة. وكذا قال عكرمة، وقتادة، والضحاك.وقوله: ( إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ) أي: رحمته وَسِعَت كل شيء، ومغفرته تَسَع الذنوب كلها لمن تاب منها، كقوله:
قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا
تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ
جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر: 53]. وقوله: ( هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأرْض ) أي: هو بصير بكم، عليم بأحوالكم وأفعالكم وأقوالكم التي تصدر عنكم وتقع منكم، حين أنشأ أباكم آدم من الأرض، واستخرج ذريته من صلبه أمثال الذَّر، ثم قسمهم فريقين: فريقا للجنة وفريقا للسعير
. وكذا قوله: ( وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ )
قد كتب الملك الذي يُوَكَّل به رزقَه وأجَلَه وعمله، وشقي أم سعيد.قال
مكحول: كنا أجنة في بطون أمهاتنا، فسقط منا من سقط، وكنا فيمن بقي، ثم كنا
مراضع فهلك منا من هلك. وكنا فيمن بقي ثم صرنا يَفَعَةً، فهلك منا من هلك.
وكنا فيمن بقي ثم صرنا شبابًا فهلك منا من هلك. وكنا فيمن بقي ثم صرنا
شيوخا -لا أبا لك-فماذا بعد هذا ننتظر؟ رواه ابن أبي حاتم عنه. وقوله: ( فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ) أي: تمدحوها وتشكروها وتمنوا بأعمالكم، ( هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ) ، كما قال: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلا [النساء: 49]. وقال مسلم في صحيحه: حدثنا عَمْرو الناقد، حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا الليث، عن يزيد < 7-463 >
بن أبي حبيب، عن محمد بن عمرو بن عطاء قال: سميت ابنتي بَرّةَ، فقالت لي
زينب بنت أبي سلمة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا الاسم،
وسميت بَرَّة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزكوا أنفسكم، إن
الله أعلم بأهل البر منكم". فقالوا: بم نسميها؟ قال: "سموها زينب" .وقد
ثبت أيضا في الحديث الذي رواه الإمام أحمد حيث قال: حدثنا عفان، حدثنا
وهيب، حدثنا خالد الحَذَّاء، عن عبد الرحمن بن أبي بكْرَة، عن أبيه قال:
مدح رَجُلٌ رجلا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: "ويلك! قطعت عُنُقَ صاحبك -مرارًا-إذا كان أحدكم مادحا صاحبه لا
محالة فليقل: أحسب فلانا -والله حسيبه، ولا أزكي على الله أحدا-أحسبه كذا
وكذا، إن كان يعلم ذلك" .ثم رواه عن غُنْدَر، عن شعبة، عن خالد الحذاء، به. وكذا رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، من طرق، عن خالد الحذاء، به .وقال
الإمام أحمد: حدثنا وَكِيع، وعبد الرحمن قالا حدثنا سفيان، عن منصور، عن
إبراهيم، عن همام بن الحارث قال: جاء رجل إلى عثمان فأثنى عليه في وجهه،
قال: فجعل المقداد بن الأسود يحثو في وجهه التراب ويقول: أمرنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم إذا لقينا المداحين أن نحثو في وجوههم التراب.ورواه مسلم وأبو داود من حديث الثوري، عن منصور، به . أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33) وَأَعْطَى قَلِيلا وَأَكْدَى (34) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى (35) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى (41) .يقول تعالى ذَامًّا لمن تولى عن طاعة الله: فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى
[القيامة: 31 ، 32]، ( وَأَعْطَى قَلِيلا وَأَكْدَى ) قال ابن عباس: أطاع
قليلا ثم قطعه. وكذا قال مجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وقتادة، وغير واحد.
قال عكرمة وسعيد: كمثل القوم إذا كانوا يحفرون بئرًا، فيجدون في أثناء
الحفر صخرة تمنعهم من تمام العمل، فيقولون: "أكدينا"، ويتركون العمل.وقوله: ( أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى ) أي: أعند هذا الذي قد أمسك يده خشية الإنفاق، وقطع < 7-463 >
معروفه، أعنده علم الغيب أنه سينفد ما في يده، حتى قد أمسك عن معروفه، فهو
يرى ذلك عيانا؟! أي: ليس الأمر كذلك، وإنما أمسك عن الصدقة والمعروف والبر
والصلة بخلا وشحا وهلعا؛ ولهذا جاء في الحديث: "أنفق بلالا ولا تَخْشَ من
ذي العرش إقلالا" ، وقد قال الله تعالى: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ: 39]. وقوله:
( أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي
وَفَّى ) قال سعيد بن جبير، والثوري أي بلّغ جميع ما أمر به.وقال
ابن عباس: ( وَفَّى ) لله بالبلاغ. وقال سعيد بن جُبَير: ( وَفَّى ) ما أمر
به. وقال قتادة: ( وَفَّى ) طاعة الله، وأدى رسالته الى خلقه. وهذا القول
هو اختيار ابن جرير، وهو يشمل الذي قبله، ويشهد له قوله تعالى: وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا
[البقرة: 124] فقام بجميع الأوامر، وترك جميع النواهي، وبلغ الرسالة على
التمام والكمال، فاستحق بهذا أن يكون للناس إماما يُقتَدى به في جميع
أحواله وأفعاله وأقواله، قال الله تعالى: ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [النحل: 123]. وقال
ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عوف الحِمْصي، حدثنا آدم بن أبي إياس
العسقلاني، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي
أمامة قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: ( وَإِبْرَاهِيمَ
الَّذِي وَفَّى ) قال: "أتدري ما وفى؟" قلت: الله ورسوله أعلم. قال: "وفى
عمل يومه بأربع ركعات من أول النهار".ورواه ابن جرير من حديث جعفر بن الزبير، وهو ضعيف .وقال الترمذي في جامعه: حدثنا أبو جعفر السّمْناني، حدثنا أبو مُسْهِر، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن بحير بن سعد
، عن خالد بن مَعْدان، عن جبير بن نُفَير، عن أبي الدرداء وأبي ذر، عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله، عز وجل، أنه قال: "ابن آدم اركع لي
أربع ركعات من أول النهار، أكفك آخره" .قال
ابن أبي حاتم رحمه الله: حدثنا أبي، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا أسد بن
موسى، حدثنا ابن لَهِيعَة، حدثنا زَبَّان بن قائد، عن سهل بن معاذ بن أنس،
عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ألا أخبركم لم سمى
الله إبراهيم خليله الذي وفى؟ إنه كان يقول كلما أصبح وأمسى: < 7-465 > فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ [الروم: 17] حتى ختم الآية". ورواه ابن جرير عن أبي كُرَيْب، عن رِشْدِين بن سعد، عن زَبَّان، به .ثم
شرع تعالى يبين ما كان أوحاه في صحف إبراهيم وموسى فقال: ( أَلا تَزِرُ
وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) أي: كل نفس ظلمت نفسها بكفر أو شيء من الذنوب
فإنما عليها وزرها، لا يحمله عنها أحد، كما قال: وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى
[فاطر: 18] ، ( وَأَنْ لَيْسَ لِلإنْسَانِ إِلا مَا سَعَى ) أي: كما لا
يحمل عليه وزر غيره، كذلك لا يحصل من الأجر إلا ما كسب هو لنفسه. ومن هذه
الآية الكريمة استنبط الشافعي، رحمه الله، ومن اتبعه أن القراءة لا يصل
إهداء ثوابها إلى الموتى؛ لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم؛ ولهذا لم يندب إليه
رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته ولا حثهم عليه، ولا أرشدهم إليه بنص
ولا إيماء، ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة، رضي الله عنهم، ولو كان خيرا
لسبقونا إليه، وباب القربات يقتصر فيه على النصوص، ولا يتصرف فيه بأنواع
الأقيسة والآراء، فأما الدعاء والصدقة فذاك مجمع على وصولهما، ومنصوص من
الشارع عليهما. وأما الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه، عن أبي هريرة
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا
من ثلاث: من ولد صالح يدعو له، أو صدقة جارية من بعده، أو علم ينتفع به" ، فهذه الثلاثة في الحقيقة هي من سعيه وكده وعمله، كما جاء في الحديث: "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه" . والصدقة الجارية كالوقف ونحوه هي من آثار عمله ووقفه، وقد قال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ
الآية [يس: 12]. والعلم الذي نشره في الناس فاقتدى به الناس بعده هو أيضا
من سعيه وعمله، وثبت في الصحيح: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور
من اتبعه، من غير أن ينقص من أجورهم شيئا". وقوله: ( وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ) أي: يوم القيامة، كما قال تعالى: وَقُلِ
اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ
وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ
بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
[التوبة: 105] أي: فيخبركم به، ويجزيكم عليه أتم الجزاء، إن خيرا فخير،
وإن شرا فشر. وهكذا قال هاهنا: ( ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأوْفَى )
أي: الأوفر. < 7-466 > وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (42) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى (43) وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (44)
يقول تعالى [مخبرا] ( وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى ) أي: المعاد يوم القيامة. قال
ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا سُوَيد بن سَعيد، حدثنا مسلم بن خالد، عن
عبد الرحمن بن سابط، عن عمرو بن ميمون الأوْديّ قال: قام فينا معاذ بن جبل
فقال: يا بني أود، إني رسول رسول الله إليكم، تعلمون أن المعاد إلى الله،
إلى الجنة أو إلى النار. وذكر البغوي من رواية أبي جعفر الرازي، عن
الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب، عن النبي صلى الله عليه
وسلم في قوله: ( وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى ) ، قال: لا فكرةَ في
الرب . قال البغوي: وهذا مثل ما رُوي عن أبي هريرة مرفوعا: "تفكَّروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق، فإنه لا تحيط به الفِكْرة". كذا أورده، وليس بمحفوظ بهذا اللفظ
، وإنما الذي في الصحيح: "يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق
كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغ أحدكم ذلك فليستعذ بالله وَلْيَنْتَه"
. وفي الحديث الآخر الذي في السنن: "تفكروا في مخلوقات الله، ولا تفكروا في ذات الله، فإن الله خلق ملكا ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مَسِيرة ثلاثمائة سنة" أو كما قال . وقوله: ( وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ) أي: خلق في عباده الضحك، والبكاء وسببهما وهما مختلفان. ( وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا ) ، كقوله: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ [الملك: 2]
الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا
خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ
[الزخرف: 19]؛ولهذا قال: ( وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْم ) أي: ليس لهم
علم صحيح يصدق ما قالوه، بل هو كذب وزور وافتراء، وكفر شنيع. ( ٍ إِنْ
يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ
شَيْئًا ) أي: لا يجدي شيئا، ولا يقوم أبدا مقام الحق. وقد ثبت في الصحيح
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث"
.وقوله: ( فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا ) أي: أعرِضْ عن الذي أعرَضَ عن الحق واهجره. وقوله: ( وَلَمْ يُرِدْ إِلا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ) أي: وإنما أكثر همه ومبلغ علمه الدنيا، فذاك هو غاية ما لا خير فيه. ولذلك قال: ( ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ ) أي: طلب الدنيا والسعي لها هو غاية ما وصلوا إليه. وقد روى الإمام أحمد عن أم المؤمنين عائشة [رضي الله عنها] قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، ولها يجمع من لا عقل له" وفي الدعاء المأثور: "اللهم لا تجعل الدنيا أكبر هَمِّنَا، ولا مَبْلَغَ علمنا".وقوله:
( إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ
أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى ) أي: هو الخالق لجميع المخلوقات، والعالم بمصالح
عباده، وهو الذي يهدي من يشاء، ويضل من يشاء، وذلك كله عن قدرته وعلمه
وحكمته، وهو العادل الذي لا يجور أبدًا، لا في شرعه ولا في قَدَره.
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ
أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31)
الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا
اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ
أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ
أُمَّهَاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32) < 7-460 > يخبر
تعالى أنه مالك السماوات والأرض، وأنه الغني عما سواه، الحاكم في خلقه
بالعدل، وخلق الخلق بالحق، ( لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا
عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ) أي: يجازي كلا
بعمله، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر. ثم فسر المحسنين بأنهم الذين
يجتنبون كبائر الإثم والفواحش، أي: لا يتعاطون المحرمات والكبائر، وإن وقع
منهم بعض الصغائر فإنه يغفر لهم ويستر عليهم، كما قال في الآية الأخرى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا
[النساء: 31]. وقال هاهنا: ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ
وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ ) . وهذا استثناء منقطع؛ لأن اللمم من صغائر
الذنوب ومحقرات الأعمال.قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا مَعْمَر
عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: ما رأيت شيئًا أشبه باللمَم مما
قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "إن الله تعالى كتب على
ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فَزِنَا العين النظر، وزنا
اللسان النطق، والنفس تَمنَّى وتَشْتَهِي، والفرج يُصدِّق ذلك أو
يُكَذِّبه".أخرجاه في الصحيحين، من حديث عبد الرزاق، به .وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن
ثور حدثنا مَعْمَر، عن الأعمش، عن أبي الضُّحَى؛ أن ابن مسعود قال: "زنا
العينين النظر، وزنا الشفتين التقبيل، وزنا اليدين البطش، وزنا الرجلين
المشي، ويُصدّق ذلك الفرج أو يُكَذِّبه، فإن تقدم بفرجه كان زانيا، وإلا
فهو اللَّمَم" . وكذا قال مسروق، والشعبي. وقال
عبد الرحمن بن نافع -الذي يقال له: ابن لبابة الطائفي-قال: سألت أبا هريرة
عن قول الله: ( إِلا اللَّمَمَ ) قال: القُبلة، والغمزة، والنظرة،
والمباشرة، فإذا مس الختانُ الختانَ فقد وجب الغسل، وهو الزنا. وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ( إِلا اللَّمَمَ ) إلا ما سلف. وكذا قال زيد بن أسلم. وقال
ابن جرير: حدثنا ابن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن منصور،
عن مجاهد أنه قال: في هذه الآية: ( إِلا اللَّمَمَ ) قال: الذي يلم بالذنب
ثم يَدَعه، قال الشاعر:
إنْ تَغْفِــر اللهُــمّ تغفــر جَمّــا | وَأيّ عَبْـــد لَــكَ مَــا أَلَمَّــا?! |
ابن جرير: حدثنا ابن حميد، حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قول الله: (
إِلا اللَّمَمَ ) قال: الرجل يلم بالذنب ثم ينـزع عنه، قال: وكان أهل
الجاهلية يطوفون بالبيت وهم يقولون:
إن تغفــر اللهــم تغفــر جمــا | وأي عبـــد لــك مــا ألمــا?! |
ابن جرير: حدثني سليمان بن عبد الجبار، حدثنا أبو عاصم، حدثنا زكريا بن
إسحاق، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن ابن عباس: ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ
كَبَائِرَ الإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ ) قال: هو الرجل يلم
بالفاحشة ثم يتوب وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إن تغفــر اللهــم تغفــر جمــا | وأي عبـــد لــك مــا ألمــا?! |
عثمان البصري، عن أبي عاصم النبيل. ثم قال: هذا حديث حسن صحيح غريب، لا
نعرفه إلا من حديث زكريا بن إسحاق. وكذا قال البزار: لا نعلمه يُروى متصلا
إلا من هذا الوجه. وساقه ابن أبي حاتم والبغوي من حديث أبي عاصم النبيل،
وإنما ذكره البغوي في تفسير سورة "تنـزيل" وفي صحته مرفوعا نظر .ثم
قال ابن جرير: حدثنا محمد بن عبد الله بن بَزِيع، حدثنا يزيد بن زُرَيْع،
حدثنا يونس، عن الحسن، عن أبي هريرة -أراه رفعه-: ( الَّذِينَ
يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ ) قال:
"اللمة من الزنا ثم يتوب ولا يعود، واللمة من السرقة ثم يتوب ولا يعود،
واللمة من شرب الخمر ثم يتوب ولا يعود"، قال: "ذلك الإلمام" .وحدثنا
ابن بشار، حدثنا ابن أبي عَديّ، عن عوف، عن الحسن في قول الله: (
الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ )
قال: اللمم من الزنا أو السرقة أو شرب الخمر، ثم لا يعود. وحدثني
يعقوب، حدثنا ابن عُلَيَّةَ، عن أبي رَجاء، عن الحسن في قول الله: (
الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ )
قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: هو الرجل يصيب اللمة
من الزنا، واللمة من شرب الخمر، فيجتنبها ويتوب منها.وقال ابن جرير ، عن عطاء، عن ابن عباس: ( إِلا اللَّمَمَ ) يلم بها في الحين. قلت: الزنا؟ قال: الزنا ثم يتوب.وقال ابن جرير أيضا: حدثنا أبو كُرَيْب، حدثنا ابن عُيَيْنَة، عن عمرو، عن عطاء، عن ابن < 7-462 > عباس قال: ( اللَّمَمَ ) الذي يلم المرَّةَ.وقال
السدي: قال أبو صالح: سئلت عن ( اللَّمَمَ ) فقلت: هو الرجل يصيب الذنب ثم
يتوب. وأخبرت بذلك ابن عباس فقال: لقد أعانك عليها مَلَك كريم. حكاه
البغوي. وروى ابن جرير من طريق المثنى بن الصباح -وهو ضعيف-عن عمرو بن شعيب؛ أن عبد الله بن عمرو قال: ( اللَّمَمَ ) : ما دون الشرك.وقال سفيان الثوري، عن جابر الجُعفي، عن عطاء، عن ابن الزبير: ( إِلا اللَّمَمَ ) قال: ما بين الحدين: حد الدنيا وعذاب الآخرة. وكذا رواه شعبة، عن الحكم، عن ابن عباس، مثله سواء. وقال العَوْفِيّ، عن ابن عباس في قوله: ( إِلا اللَّمَمَ ) كل شيء بين الحدين: حد الدنيا وحد الآخرة، تكفره الصلوات، وهو
اللمم، وهو دون كل موجب، فأما حد الدنيا فكل حد فرض الله عقوبته في
الدنيا، وأما حد الآخرة فكل شيء ختمه الله بالنار، وأخَّر عقوبته إلى
الآخرة. وكذا قال عكرمة، وقتادة، والضحاك.وقوله: ( إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ) أي: رحمته وَسِعَت كل شيء، ومغفرته تَسَع الذنوب كلها لمن تاب منها، كقوله:
قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا
تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ
جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر: 53]. وقوله: ( هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأرْض ) أي: هو بصير بكم، عليم بأحوالكم وأفعالكم وأقوالكم التي تصدر عنكم وتقع منكم، حين أنشأ أباكم آدم من الأرض، واستخرج ذريته من صلبه أمثال الذَّر، ثم قسمهم فريقين: فريقا للجنة وفريقا للسعير
. وكذا قوله: ( وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ )
قد كتب الملك الذي يُوَكَّل به رزقَه وأجَلَه وعمله، وشقي أم سعيد.قال
مكحول: كنا أجنة في بطون أمهاتنا، فسقط منا من سقط، وكنا فيمن بقي، ثم كنا
مراضع فهلك منا من هلك. وكنا فيمن بقي ثم صرنا يَفَعَةً، فهلك منا من هلك.
وكنا فيمن بقي ثم صرنا شبابًا فهلك منا من هلك. وكنا فيمن بقي ثم صرنا
شيوخا -لا أبا لك-فماذا بعد هذا ننتظر؟ رواه ابن أبي حاتم عنه. وقوله: ( فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ) أي: تمدحوها وتشكروها وتمنوا بأعمالكم، ( هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ) ، كما قال: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلا [النساء: 49]. وقال مسلم في صحيحه: حدثنا عَمْرو الناقد، حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا الليث، عن يزيد < 7-463 >
بن أبي حبيب، عن محمد بن عمرو بن عطاء قال: سميت ابنتي بَرّةَ، فقالت لي
زينب بنت أبي سلمة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا الاسم،
وسميت بَرَّة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزكوا أنفسكم، إن
الله أعلم بأهل البر منكم". فقالوا: بم نسميها؟ قال: "سموها زينب" .وقد
ثبت أيضا في الحديث الذي رواه الإمام أحمد حيث قال: حدثنا عفان، حدثنا
وهيب، حدثنا خالد الحَذَّاء، عن عبد الرحمن بن أبي بكْرَة، عن أبيه قال:
مدح رَجُلٌ رجلا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: "ويلك! قطعت عُنُقَ صاحبك -مرارًا-إذا كان أحدكم مادحا صاحبه لا
محالة فليقل: أحسب فلانا -والله حسيبه، ولا أزكي على الله أحدا-أحسبه كذا
وكذا، إن كان يعلم ذلك" .ثم رواه عن غُنْدَر، عن شعبة، عن خالد الحذاء، به. وكذا رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، من طرق، عن خالد الحذاء، به .وقال
الإمام أحمد: حدثنا وَكِيع، وعبد الرحمن قالا حدثنا سفيان، عن منصور، عن
إبراهيم، عن همام بن الحارث قال: جاء رجل إلى عثمان فأثنى عليه في وجهه،
قال: فجعل المقداد بن الأسود يحثو في وجهه التراب ويقول: أمرنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم إذا لقينا المداحين أن نحثو في وجوههم التراب.ورواه مسلم وأبو داود من حديث الثوري، عن منصور، به . أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33) وَأَعْطَى قَلِيلا وَأَكْدَى (34) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى (35) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى (41) .يقول تعالى ذَامًّا لمن تولى عن طاعة الله: فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى
[القيامة: 31 ، 32]، ( وَأَعْطَى قَلِيلا وَأَكْدَى ) قال ابن عباس: أطاع
قليلا ثم قطعه. وكذا قال مجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وقتادة، وغير واحد.
قال عكرمة وسعيد: كمثل القوم إذا كانوا يحفرون بئرًا، فيجدون في أثناء
الحفر صخرة تمنعهم من تمام العمل، فيقولون: "أكدينا"، ويتركون العمل.وقوله: ( أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى ) أي: أعند هذا الذي قد أمسك يده خشية الإنفاق، وقطع < 7-463 >
معروفه، أعنده علم الغيب أنه سينفد ما في يده، حتى قد أمسك عن معروفه، فهو
يرى ذلك عيانا؟! أي: ليس الأمر كذلك، وإنما أمسك عن الصدقة والمعروف والبر
والصلة بخلا وشحا وهلعا؛ ولهذا جاء في الحديث: "أنفق بلالا ولا تَخْشَ من
ذي العرش إقلالا" ، وقد قال الله تعالى: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ: 39]. وقوله:
( أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي
وَفَّى ) قال سعيد بن جبير، والثوري أي بلّغ جميع ما أمر به.وقال
ابن عباس: ( وَفَّى ) لله بالبلاغ. وقال سعيد بن جُبَير: ( وَفَّى ) ما أمر
به. وقال قتادة: ( وَفَّى ) طاعة الله، وأدى رسالته الى خلقه. وهذا القول
هو اختيار ابن جرير، وهو يشمل الذي قبله، ويشهد له قوله تعالى: وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا
[البقرة: 124] فقام بجميع الأوامر، وترك جميع النواهي، وبلغ الرسالة على
التمام والكمال، فاستحق بهذا أن يكون للناس إماما يُقتَدى به في جميع
أحواله وأفعاله وأقواله، قال الله تعالى: ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [النحل: 123]. وقال
ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عوف الحِمْصي، حدثنا آدم بن أبي إياس
العسقلاني، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي
أمامة قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: ( وَإِبْرَاهِيمَ
الَّذِي وَفَّى ) قال: "أتدري ما وفى؟" قلت: الله ورسوله أعلم. قال: "وفى
عمل يومه بأربع ركعات من أول النهار".ورواه ابن جرير من حديث جعفر بن الزبير، وهو ضعيف .وقال الترمذي في جامعه: حدثنا أبو جعفر السّمْناني، حدثنا أبو مُسْهِر، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن بحير بن سعد
، عن خالد بن مَعْدان، عن جبير بن نُفَير، عن أبي الدرداء وأبي ذر، عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله، عز وجل، أنه قال: "ابن آدم اركع لي
أربع ركعات من أول النهار، أكفك آخره" .قال
ابن أبي حاتم رحمه الله: حدثنا أبي، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا أسد بن
موسى، حدثنا ابن لَهِيعَة، حدثنا زَبَّان بن قائد، عن سهل بن معاذ بن أنس،
عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ألا أخبركم لم سمى
الله إبراهيم خليله الذي وفى؟ إنه كان يقول كلما أصبح وأمسى: < 7-465 > فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ [الروم: 17] حتى ختم الآية". ورواه ابن جرير عن أبي كُرَيْب، عن رِشْدِين بن سعد، عن زَبَّان، به .ثم
شرع تعالى يبين ما كان أوحاه في صحف إبراهيم وموسى فقال: ( أَلا تَزِرُ
وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) أي: كل نفس ظلمت نفسها بكفر أو شيء من الذنوب
فإنما عليها وزرها، لا يحمله عنها أحد، كما قال: وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى
[فاطر: 18] ، ( وَأَنْ لَيْسَ لِلإنْسَانِ إِلا مَا سَعَى ) أي: كما لا
يحمل عليه وزر غيره، كذلك لا يحصل من الأجر إلا ما كسب هو لنفسه. ومن هذه
الآية الكريمة استنبط الشافعي، رحمه الله، ومن اتبعه أن القراءة لا يصل
إهداء ثوابها إلى الموتى؛ لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم؛ ولهذا لم يندب إليه
رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته ولا حثهم عليه، ولا أرشدهم إليه بنص
ولا إيماء، ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة، رضي الله عنهم، ولو كان خيرا
لسبقونا إليه، وباب القربات يقتصر فيه على النصوص، ولا يتصرف فيه بأنواع
الأقيسة والآراء، فأما الدعاء والصدقة فذاك مجمع على وصولهما، ومنصوص من
الشارع عليهما. وأما الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه، عن أبي هريرة
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا
من ثلاث: من ولد صالح يدعو له، أو صدقة جارية من بعده، أو علم ينتفع به" ، فهذه الثلاثة في الحقيقة هي من سعيه وكده وعمله، كما جاء في الحديث: "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه" . والصدقة الجارية كالوقف ونحوه هي من آثار عمله ووقفه، وقد قال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ
الآية [يس: 12]. والعلم الذي نشره في الناس فاقتدى به الناس بعده هو أيضا
من سعيه وعمله، وثبت في الصحيح: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور
من اتبعه، من غير أن ينقص من أجورهم شيئا". وقوله: ( وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ) أي: يوم القيامة، كما قال تعالى: وَقُلِ
اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ
وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ
بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
[التوبة: 105] أي: فيخبركم به، ويجزيكم عليه أتم الجزاء، إن خيرا فخير،
وإن شرا فشر. وهكذا قال هاهنا: ( ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأوْفَى )
أي: الأوفر. < 7-466 > وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (42) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى (43) وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (44)
يقول تعالى [مخبرا] ( وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى ) أي: المعاد يوم القيامة. قال
ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا سُوَيد بن سَعيد، حدثنا مسلم بن خالد، عن
عبد الرحمن بن سابط، عن عمرو بن ميمون الأوْديّ قال: قام فينا معاذ بن جبل
فقال: يا بني أود، إني رسول رسول الله إليكم، تعلمون أن المعاد إلى الله،
إلى الجنة أو إلى النار. وذكر البغوي من رواية أبي جعفر الرازي، عن
الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب، عن النبي صلى الله عليه
وسلم في قوله: ( وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى ) ، قال: لا فكرةَ في
الرب . قال البغوي: وهذا مثل ما رُوي عن أبي هريرة مرفوعا: "تفكَّروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق، فإنه لا تحيط به الفِكْرة". كذا أورده، وليس بمحفوظ بهذا اللفظ
، وإنما الذي في الصحيح: "يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق
كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغ أحدكم ذلك فليستعذ بالله وَلْيَنْتَه"
. وفي الحديث الآخر الذي في السنن: "تفكروا في مخلوقات الله، ولا تفكروا في ذات الله، فإن الله خلق ملكا ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مَسِيرة ثلاثمائة سنة" أو كما قال . وقوله: ( وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ) أي: خلق في عباده الضحك، والبكاء وسببهما وهما مختلفان. ( وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا ) ، كقوله: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ [الملك: 2]
رد: الجزء الثاني من تفسير سورة النجم
موضــــــ جميل ـــــوع
والأجمل مشاركة به معنا
لا تحرمنا مواضيعك سنكون شاكريــــ لك ـــن على جهودك الطيبة
فكن دائما كما أنت لأنك تستحق كــــ الشكر ــــــل
ولا تنسى أن تترك أثرا هنا
والأجمل مشاركة به معنا
لا تحرمنا مواضيعك سنكون شاكريــــ لك ـــن على جهودك الطيبة
فكن دائما كما أنت لأنك تستحق كــــ الشكر ــــــل
ولا تنسى أن تترك أثرا هنا
الزعيم- المـديـر العـــام
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 7554
أبو سليمان- المشرفون
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 3412
تاريخ الميلاد : 03/11/1996
العمر : 28
رد: الجزء الثاني من تفسير سورة النجم
شكرا على الرد نورت الموضوع بمرورك
لا تبخل علينا بجميل كلماتك
ولا تنسى أن تزورنا دوما على عنوان واحد
هنا
لا تبخل علينا بجميل كلماتك
ولا تنسى أن تزورنا دوما على عنوان واحد
هنا
رد: الجزء الثاني من تفسير سورة النجم
شكرا على الرد نورت الموضوع بمرورك
لا تبخل علينا بجميل كلماتك
لا تبخل علينا بجميل كلماتك
aaaa- عضو نشيط
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 768
تاريخ الميلاد : 13/10/1983
العمر : 41
مواضيع مماثلة
» الجزء الأول من تفسير سورة النجم
» الجزء الثاني من تفسير سورة ص
» الجزء الثاني من تفسير سورة يس
» الجزء الثاني من تفسير سورة الطور
» الجزء الثاني من تفسير سورة الممتحنة
» الجزء الثاني من تفسير سورة ص
» الجزء الثاني من تفسير سورة يس
» الجزء الثاني من تفسير سورة الطور
» الجزء الثاني من تفسير سورة الممتحنة
ملتقى الجزائريين والعرب :: المنتدى العام :: الركن الإسلامي :: ملحق تفسير القرآن كاملا لابن كثير
:: تفسير جزء يس كاملا
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى