ملتقى الجزائريين والعرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف Empty الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف

مُساهمة من طرف اعصار الجمعة 20 مايو - 15:18:15

الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B2






إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ







(196)






وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ







(197)






وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ







(198) الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B1


( إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نـزلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى
الصَّالِحِينَ ) أي: الله حسبي وكافىّ، وهو نصيري وعليه متكلي، وإليه ألجأ،
وهو وليي في الدنيا والآخرة، وهو ولي كل صالح بعدي. وهذا كما قال هود،
عليه السلام، لما قال له قومه: الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B2

إِنْ نَقُولُ إِلا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي
أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ
*


مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ
*
إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ
إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ

الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B1
[هود:54-56] وكقول الخليل [عليه السلام] الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B2
أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ
* أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ *
فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ *
وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ
الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B1
[الشعراء:75-80] الآيات، وكقوله لأبيه وقومه الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B2 إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ *
إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B1
[الزخرف:26-28]
وقوله: ( وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ) إلى آخر الآية، مؤكد
لما تقدم، إلا أنه بصيغة الخطاب، وذلك بصيغة الغيبة؛ ولهذا قال: ( لا
يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ )
وقوله: ( وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ ) كقوله تعالى:
الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B2
إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ [وَلَوْ سَمِعُوا مَا
اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا
يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ]
الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B1
[فاطر:14]
وقوله: ( وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ )
إنما قال: ( يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ ) أي: يقابلونك بعيون مصورة كأنها ناظرة،
وهي جماد؛ ولهذا عاملهم معاملة من يعقل؛ لأنها على صور مصورة كالإنسان،
[فقال] الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP ( وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ ) فعبر عنها بضمير من يعقل.
وقال السدي: المراد بهذا الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP المشركون وروي عن مجاهد نحوه. والأول أولى، وهو اختيار ابن جرير، وقاله قتادة.
الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B2






خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ







(199)






وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ







(200) الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B1
قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: ( خُذِ الْعَفْوَ ) يعني: خذ
ما عفا لك من أموالهم، وما أتوك به من شيء فخذه. وكان هذا قبل أن تنـزل
"براءة" بفرائض الصدقات وتفصيلها، وما انتهت إليه الصدقات. قاله السدي.
وقال الضحاك، عن ابن عباس: ( خُذِ الْعَفْوَ ) أنفق الفضل. وقال سعيد الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP بن جبير عن ابن عباس: قال الفضل.
< 3-531 >

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله: ( خُذِ الْعَفْوَ ) أمره الله
بالعفو والصفح عن المشركين عشر سنين، ثم أمره بالغلظة عليهم. واختار هذا
القول ابن جرير.
وقال غير واحد، عن مجاهد في قوله تعالى: ( خُذِ الْعَفْوَ ) قال: من أخلاق الناس وأعمالهم من غير تحسس الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
وقال هشام بن عُرْوة، عن أبيه: أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن
يأخذ العفو من أخلاق الناس. وفي رواية قال: خذ ما عفي لك من أخلاقهم.
وفي صحيح البخاري، عن هشام، عن أبيه عروة، عن أخيه الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP عبد الله بن الزبير قال: إنما أنـزل الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP ( خُذِ الْعَفْوَ ) من أخلاق الناس الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP وفي رواية لغيره: عن هشام، عن أبيه، عن ابن عمر. وفي رواية: عن هشام، عن أبيه، عن عائشة أنهما قالا مثل ذلك الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP2 والله أعلم.
وفي رواية سعيد بن منصور، عن أبي معاوية، عن هشام، عن وهب بن كيسان، عن ابن الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
الزبير: ( خُذِ الْعَفْوَ ) قال: من أخلاق الناس، والله لآخذنه منهم ما
صحبتهم. وهذا أشهر الأقوال، ويشهد له ما رواه ابن جرير وابن أبي حاتم
جميعا: حدثنا يونس حدثنا سفيان -هو ابن عيينة -عن أمي قال: لما أنـزل الله،
عز وجل، على نبيه صلى الله عليه وسلم: ( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ
بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "ما هذا يا جبريل؟" قال: إن الله أمرك أن تعفو عمن ظلمك، وتعطي من
حرمك، وتصل من قطعك.
وقد رواه ابن أبي حاتم أيضا، عن أبي يزيد القراطيسي كتابة، عن أصْبَغ
بن الفرج، عن سفيان، عن أُمَيّ عن الشعبي. نحوه، وهذا -على كل حال -مرسل،
وقد روي له شاهد الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP من وجوه أخر، وقد روي مرفوعا عن جابر وقيس بن سعد بن عبادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أسندهما ابن مردويه الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو المغيرة، حدثنا معاذ بن رفاعة، حدثني علي
بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة الباهلي، عن عقبة بن عامر، رضي الله عنه،
قال: لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فابتدأته، فأخذت بيده، فقلت: يا
رسول الله، أخبرني بفواضل الأعمال. فقال: "يا عقبة، صل من قطعك، وأعط من
حرمك، وأعرض عمن ظلمك".
وروى الترمذي نحوه، من طريق عبيد الله بن زَحْر الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP عن علي بن يزيد، به. وقال حسن الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
قلت: ولكن "علي بن يزيد" وشيخه "القاسم أبو عبد الرحمن"، فيهما ضعف.
< 3-532 >

وقال البخاري قوله: ( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ
عَنِ الْجَاهِلِينَ ) "العرف": المعروف. حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن
الزهري، أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أن ابن عباس قال: قدم
عيينة بن حصن بن حذيفة، فنـزل على ابن أخيه الحر بن قيس -وكان من النفر
الذين يدنيهم عمر -وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته -كُهولا كانوا أو
شبابا -فقال عيينة لابن أخيه: يابن أخي، لك وجه عند هذا الأمير، فاستأذن لي
عليه. قال: سأستأذن لك عليه. قال ابن عباس: فاستأذن الحر لعيينة، فأذن له
عمر [رضي الله عنه] الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
فلما دخل عليه قال: هي يا ابن الخطاب، فوالله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم
بيننا بالعدل. فغضب عمر حتى هم أن يوقع به، فقال له الحر: يا أمير
المؤمنين، قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: ( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ
بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) وإن هذا من الجاهلين، والله
ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وَقَّافًا عند كتاب الله، عز وجل.
انفرد بإخراجه البخاري الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا يونس بن عبد الأعلى قراءة، أخبرنا ابن وهب،
أخبرني مالك بن أنس، عن عبد الله بن نافع؛ أن سالم بن عبد الله بن عمر مر
على عير لأهل الشام وفيها جرس، فقال: إن هذا منهي عنه، فقالوا: نحن أعلم
بهذا منك، إنما يكره الجُلْجُل الكبير، فأما مثل هذا فلا بأس به. فسكت سالم
وقال: ( وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ )
وقول البخاري: "العرف: المعروف" نص عليه عروة بن الزبير، والسُّدِّي،
وقتادة، وابن جرير، وغير واحد. وحكى ابن جرير أنه يقال: أوليته عرفًا،
وعارفًا، وعارفة، كل ذلك بمعنى: "المعروف". قال: وقد أمر الله نبيه صلى
الله عليه وسلم أن يأمر عباده بالمعروف، ويدخل في ذلك جميع الطاعات،
وبالإعراض عن الجاهلين، وذلك وإن كان أمرا لنبيه صلى الله عليه وسلم فإنه
تأديب لخلقه باحتمال من ظلمهم واعتدى عليهم، لا بالإعراض عمن جهل الحق
الواجب من حق الله، ولا بالصفح عمن كفر بالله وجهل وحدانيته، وهو للمسلمين
حرب.
وقال سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قتادة في قوله: ( خُذِ الْعَفْوَ
وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) قال: هذه أخلاق أمر
الله [عز وجل] الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP بها نبيه صلى الله عليه وسلم، ودله عليها.
وقد أخذ بعض الحكماء هذا المعنى، فسبكه في بيتين فيهما جناس فقال:

خُــذ العفــو وأمـر بعُـرفٍ كَمَـا


أُمِــرتَ وأعْـرض عـن الجَـاهلينْ

وَلِــنْ فــي الكَـلام لكُـلِّ الأنـام


فَمُسْتَحْسَــن مـن ذَوِي الجـاه ليـن
وقال
بعض العلماء: الناس رجلان: فرجل محسن، فخذ ما عفا لك من إحسانه، ولا تكلفه
فوق طاقته ولا ما يحرجه. وإما مسيء، فمره بالمعروف، فإن تمادى على ضلاله،
واستعصى عليك، واستمر في جهله، فأعرض عنه، فلعل ذلك أن يرد كيده، كما قال
تعالى: الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B2 ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ * وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ
الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B1
[المؤمنون:96-98]
< 3-533 >
وقال تعالى: الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B2
وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ
أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ
حَمِيمٌ
* وَمَا يُلَقَّاهَا
الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B1
أي هذه الوصية الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B2 إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B1
[فصلت:34-36] وقال في هذه السورة الكريمة أيضا: ( وَإِمَّا يَنـزغَنَّكَ
مِنَ الشَّيْطَانِ نـزغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )
فهذه الآيات الثلاث في "الأعراف" و "المؤمنون" و "حم السجدة" ، لا رابع
لهن، فإنه تعالى يرشد فيهن إلى معاملة العاصي من الإنس بالمعروف والتي هي
أحسن، فإن ذلك يكفه عما هو فيه من التمرد بإذنه تعالى؛ ولهذا قال: (
فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ )
ثم يرشد تعالى إلى الاستعاذة به من شيطان الجان، فإنه لا يكفه الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP عنك الإحسان، وإنما يريد هلاكك ودمارك بالكلية، فإنه عدو مبين لك ولأبيك من قبلك.
قال ابن جرير في تفسير قوله: ( وَإِمَّا يَنـزغَنَّكَ مِنَ
الشَّيْطَانِ نـزغٌ ) وإما يُغْضبَنَّك من الشيطان غضب يصدك عن الإعراض عن
الجاهلين الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
ويحملك على مجازاتهم ( فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ) يقول: فاستجر بالله من
نـزغه ( سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) يقول: إن الله الذي تستعيذ به من نـزغ الشيطان
سميع لجهل الجاهل عليك، والاستعاذة به من نـزغه، ولغير ذلك من كلام خلقه،
لا يخفى عليه منه شيء، عليم بما يذهب عنك نـزغ الشيطان، وغير ذلك من أمور
خلقه.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: لما نـزل: ( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ
بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "يا رب، كيف بالغضب؟" فأنـزل الله: ( وَإِمَّا يَنـزغَنَّكَ مِنَ
الشَّيْطَانِ نـزغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
قلت: وقد تقدم في أول الاستعاذة حديث الرجلين اللذين تسابا بحضرة النبي
صلى الله عليه وسلم، فغضب أحدهما حتى جعل أنفه يتمزع غضبًا، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد: أعوذ
بالله من الشيطان الرجيم". فقيل له، فقال: ما بي من جنون الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
وأصل "النـزغ": الفساد، إما بالغضب أو غيره، قال الله تعالى:
الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B2 وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ
الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B1
[الإسراء:53] و"العياذ": الالتجاء والاستناد والاستجارة من الشر، وأما "الملاذ" ففي طلب الخير، كما قال أبو الطيب [الحسن بن هانئ] الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP المتنبي:

يَـا مَـنْ ألــوذُ بـه فيمَــا أؤمِّلُـه


وَمَـنْ أعــوذُ بـه ممـا أحَــاذرُه

لا يَجْبـر النـاس عَظمًـا أنت كـاسرُه


ولا يَهِيضُـون عَظمًـا أنـت جَـابِره الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP2

وقد قدمنا أحاديث الاستعاذة في أول التفسير، بما أغنى عن إعادته هاهنا.
< 3-534 >

الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B2






إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ







(201)






وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ







(202) الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B1
يخبر تعالى عن المتقين من عباده الذين أطاعوه فيما أمر، وتركوا ما عنه
زجر، أنهم ( إِذَا مَسَّهُمْ ) أي: أصابهم "طيف" وقرأ آخرون: "طائف"، وقد
جاء فيه حديث، وهما قراءتان مشهورتان، فقيل: بمعنى واحد. وقيل: بينهما فرق،
ومنهم من فسر ذلك بالغضب، ومنهم من فسره بمس الشيطان بالصرع ونحوه، ومنهم
من فسره بالهم بالذنب، ومنهم من فسره بإصابة الذنب.
وقوله: ( تَذَكَّرُوا ) أي: عقاب الله وجزيل ثوابه، ووعده ووعيده،
فتابوا وأنابوا، واستعاذوا بالله ورجعوا إليه من قريب. ( فَإِذَا هُمْ
مُبْصِرُونَ ) أي: قد استقاموا وصحوا مما كانوا فيه.
وقد أورد الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP الحافظ أبو بكر بن مردويه هاهنا حديث محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: جاءت امرأة إلى النبي الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
صلى الله عليه وسلم وبها طيف فقالت: يا رسول الله، ادع الله أن يشفيني.
فقال: "إن شئت دعوت الله فشفاك، وإن شئت فاصبري ولا حساب عليك". فقالت: بل
أصبر، ولا حساب علي.
ورواه غير واحد من أهل السنن، وعندهم: قالت الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP يا رسول الله، إني أصرع وأتكشف، فادع الله أن يشفيني. فقال الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP إن شئت دعوت الله أن يشفيك، وإن شئت صبرت ولك الجنة؟" فقالت: بل أصبر، ولي الجنة، ولكن الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP ادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها، فكانت لا تتكشف.
وأخرجه الحاكم في مستدركه، وقال: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
وقد ذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة "عمرو بن جامع" من تاريخه: أن شابًا كان يتعبد في المسجد، فهويته امرأة، فدعته إلى نفسها، وما الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
زالت به حتى كاد يدخل معها المنـزل، فذكر هذه الآية: ( إِنَّ الَّذِينَ
اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا
هُمْ مُبْصِرُونَ ) فخر مغشيًا عليه، ثم أفاق فأعادها، فمات. فجاء عمر
فَعزَّى فيه أباه الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP وكان قد دفن ليلا فذهب فصلى على قبره بمن معه، ثم ناداه عمر فقال: يا فتى الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B2 وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B1
[الرحمن:46] وأجابه الفتى من داخل القبر: يا عمر، قد أعطانيهما ربي، عز وجل، في الجنة مرتين الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
وقوله: ( وَإِخْوَانِهِمْ ) أ:ي وإخوان الشياطين من الإنس، كقوله:
الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B2 إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B1
[الإسراء:27] وهم أتباعهم والمستمعون الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP لهم القابلون الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP لأوامرهم ( يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ) أي: تساعدهم الشياطين على [فعل] الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP المعاصي، وتسهلها عليهم وتحسنها لهم.
< 3-535 >

وقال ابن كثير: المد: الزيادة. يعني: يزيدونهم في الغي، يعني: الجهل والسفه.
( ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ ) قيل: معناه إن الشياطين تمد، والإنس لا تقصر
في أعمالهم بذلك . كما قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: (
وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ ) قال:
لا الإنس يقصرون عما يعملون من السيئات، ولا الشياطين تمسك عنهم.
قيل: معناه كما رواه العوفي، عن ابن عباس في قوله: ( يَمُدُّونَهُمْ
فِي الْغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ ) قال: هم الجن، يوحون إلى أوليائهم من
الإنس ( ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ ) يقول: لا يسأمون.
وكذا قال السُّدِّي وغيره: يعني إن الشياطين يمدون أولياءهم من الإنس
ولا تسأم من إمدادهم في الشر؛ لأن ذلك طبيعة لهم وسَجِيَّة، لا تفتر فيه
ولا تبطل عنه، كما قال تعالى:
الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B2 أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا
الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B1
[مريم:83] قال ابن عباس وغيره: تزعجهم إلى المعاصي إزعاجا.
الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B2






وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ
إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ
رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ







(203) الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B1
قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله تعالى: ( قَالُوا لَوْلا
اجْتَبَيْتَهَا ) يقول: لولا تلقيتها. وقال مرة أخرى: لولا أحدثتها
فأنشأتها.
وقال ابن جرير الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد في قوله [تعالى] الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
( وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَهَا ) قال:
لولا اقتضيتها، قالوا: تخرجها عن نفسك. وكذا قال قتادة، والسدي، وعبد
الرحمن بن زيد بن أسلم، واختاره ابن جرير.
وقال العوفي، عن ابن عباس [رضي الله عنه] الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP ( لَوْلا اجْتَبَيْتَهَا ) يقول: تلقيتها من الله، عز وجل الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
وقال الضحاك: ( لَوْلا اجْتَبَيْتَهَا ) يقول: لولا أخذتها أنت فجئت بها من السماء.
ومعنى قوله تعالى: ( وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ ) أي: معجزة، وخارق، كما قال تعالى:
الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B2 إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ
الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B1
[الشعراء:4] يقولون للرسول صلى الله عليه وسلم: ألا تجهد نفسك في طلب الآيات [من الله] الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
حتى نراها ونؤمن بها، قال الله تعالى له: ( قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا
يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي ) أي: أنا لا أتقدم إليه تعالى في شيء، وإنما
أتبع ما أمرني به فأمتثل ما يوحيه إلي، فإن بعث آية قبلتها، وإن منعها لم
أسأله ابتداء إياها؛ إلا أن يأذن لي في ذلك، فإنه حكيم عليم.
ثم أرشدهم إلى أن هذا القرآن هو أعظم المعجزات، وأبين الدلالات، وأصدق
الحجج والبينات، فقال: ( هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى
وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ )
< 3-536 >

الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B2






وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ







(204) الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B1
لما ذكر تعالى أن القرآن بصائر للناس وهدى ورحمة، أمر تعالى بالإنصات
عند تلاوته إعظامًا له واحترامًا، لا كما كان يعتمده كفار قريش المشركون الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP في قولهم: الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B2 لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ [لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ] الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B1

[فصلت:26] ولكن يتأكد ذلك في الصلاة المكتوبة إذا جهر الإمام بالقراءة كما
ورد الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه، من حديث أبي موسى الأشعري، رضي الله
عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الإمام ليؤتم به،
فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا" الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP وكذلك رواه أهل السنن من حديث أبي هريرة الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP وصححه مسلم بن الحجاج أيضا، ولم يخرجه في كتابه الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
وقال إبراهيم بن مسلم الهجري، عن أبي عياض، عن أبي هريرة قال: كانوا
يتكلمون في الصلاة، فلما نـزلت هذه الآية: ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ
فَاسْتَمِعُوا لَهُ [ وَأَنْصِتُوا ] ) الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP والآية الأخرى، أمروا بالإنصات الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
وقال ابن جرير: حدثنا أبو كريب، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن
المسيب بن رافع، قال ابن مسعود: كنا يسلم بعضنا على بعض في الصلاة: سلام
على فلان، وسلام على فلان، فجاء القرآن ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ
فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )
وقال أيضا: حدثنا أبو كريب، حدثنا المحاربي، عن داود بن أبي هند، عن
بشير بن جابر قال: صلى ابن مسعود، فسمع ناسًا يقرءون مع الإمام، فلما انصرف
قال: أما آن لكم أن تفهموا؟ أما آن لكم أن تعقلوا؟ ( وَإِذَا قُرِئَ
الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا ) كما أمركم الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP الله الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
قال: وحدثني أبو السائب، حدثنا حفص، عن أشعث، عن الزهري قال: نـزلت هذه
الآية في فتى من الأنصار، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما قرأ شيئا
قرأه، فنـزلت: ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ
وَأَنْصِتُوا )
وقد روى الإمام أحمد وأهل السنن، من حديث الزهري، عن أبي أُكَيْمضة
الليثي، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر
فيها بالقراءة، فقال: "هل قرأ أحد منكم معي آنفا؟" قال رجل: نعم يا رسول
الله. قال الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
إني أقول: ما لي أنازع القرآن؟" قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم فيما جهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالقراءة من الصلوات الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP حين سمعوا ذلك من < 3-537 >
رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
وقال الترمذي: "هذا حديث حسن". وصححه أبو حاتم الرازي.
وقال عبد الله بن المبارك، عن يونس عن الزهري قال: لا يقرأ من وراء
الإمام فيما يجهر به الإمام، تكفيهم قراءة الإمام وإن لم يسمعهم صوته،
ولكنهم يقرءون فيما لا يجهر به سرًا في أنفسهم، ولا يصلح لأحد خلفه أن يقرأ
معه فيما يجهر به سرًا ولا علانية، فإن الله تعالى قال: ( وَإِذَا قُرِئَ
الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )
قلت: هذا مذهب طائفة من العلماء: أن المأموم لا يجب عليه في الصلاة
الجهرية قراءة فيما جهر فيه الإمام لا الفاتحة ولا غيرها، وهو أحد قولي
الشافعي، وهو القديم كمذهب مالك، ورواية عن أحمد بن حنبل، لما ذكرناه من
الأدلة المتقدمة. وقال في الجديد: يقرأ الفاتحة فقط في سكتات الإمام، وهو
قول طائفة من الصحابة والتابعين فمن بعدهم. وقال أبو حنيفة وأحمد بن حنبل:
لا يجب على المأموم قراءة أصلا في السرية ولا الجهرية، لما ورد في الحديث:
"من كان له إمام فقراءته له قراءة". وهذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده
عن جابر مرفوعًا، وهو في موطأ مالك عن وهب بن كيسان، عن جابر موقوفًا،
وهذا أصح. وهذه المسألة مبسوطة في غير هذا الموضع الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP وقد أفرد لها الإمام أبو عبد الله البخاري مصنفًا على حدة الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP واختار وجوب القراءة خلف الإمام في السرية والجهرية أيضا، والله أعلم.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ
فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا ) يعني: في الصلاة المفروضة. وكذا روي عن
عبد الله بن المغفل.
وقال ابن جرير: حدثنا حُمَيْد بن مَسْعَدة، حدثنا بشر بن المفضل، حدثنا
الجريري، عن طلحة بن عبيد الله بن كَرِيزَ قال: رأيت عبيد بن عمير وعطاء
بن أبي رباح يتحدثان، والقاص يقص، فقلت: ألا تستمعان إلى الذكر وتستوجبان
الموعود؟ قال: فنظرا إلي، ثم أقبلا على حديثهما. قال: فأعدت الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP فنظرا إلي، وأقبلا الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
على حديثهما. قال: فأعدت الثالثة، قال: فنظرا إلي فقالا إنما ذلك في
الصلاة: ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا )
وقال سفيان الثوري، عن أبي هاشم إسماعيل بن كثير، عن مجاهد في قوله: (
وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا ) قال: في
الصلاة. وكذا رواه غير واحد عن مجاهد.
وقال عبد الرزاق، عن الثوري، عن ليث، عن مجاهد قال: لا بأس إذا قرأ الرجل في غير الصلاة أن يتكلم.
< 3-538 >

وكذا قال سعيد بن جبير، والضحاك، وإبراهيم النخعي، وقتادة، والشعبي،
والسدي، وعبد الرحمن ابن زيد بن أسلم: أن المراد بذلك في الصلاة.
وقال شعبة، عن منصور، سمعت إبراهيم بن أبي حرة يحدث أنه سمع مجاهدا
يقول في هذه الآية: ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ
وَأَنْصِتُوا ) قال: في الصلاة والخطبة يوم الجمعة.
وكذا روى ابن جريج الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP عن عطاء، مثله.
وقال هُشَيْم، عن الربيع بن صبيح، عن الحسن قال: في الصلاة وعند الذكر.
وقال ابن المبارك، عن بَقِيَّة: سمعت ثابت بن عجلان يقول: سمعت سعيد بن
جبير يقول في قوله: ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ
وَأَنْصِتُوا ) قال: الإنصات يوم الأضحى، ويوم الفطر، ويوم الجمعة، وفيما
يجهر به الإمام من الصلاة.
وهذا اختيار ابن جرير أن المراد بذلك [الإنصات في الصلاة وفي الخطبة؛ لما جاء في الأحاديث من الأمر بالإنصات] الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP خلف الإمام وحال الخطبة.
وقال عبد الرزاق، عن الثوري، عن ليث، عن مجاهد أنه كره إذا مر الإمام بآية خوف أو بآية رحمة أن يقول أحد من خلفه شيئا، قال: السكوت.
وقال مبارك بن فَضَالة، عن الحسن: إذا جلست إلى القرآن، فأنصت له.
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا عباد بن ميسرة،
عن الحسن، عن أبي هريرة، رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: "من استمع إلى آية من كتاب الله، كتبت له حسنة مضاعفة، ومن تلاها كانت
له نورًا يوم القيامة". تفرد به أحمد الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP رحمه الله.
الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B2






وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ
مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ







(205)






إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ







(206) الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B1
يأمر تعالى بذكره أول النهار وآخره، كما أمر بعبادته في هذين الوقتين في قوله:
الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B2 وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B1
[ق:39] وقد كان هذا قبل أن تفرض الصلوات الخمس ليلة الإسراء، وهذه الآية مكية.
وقال هاهنا بالغدو -وهو أوائل النهار: ( وَالآصَالِ ) جمع أصيل، كما أن الأيمان جمع يمين.
وأما قوله: ( تَضَرُّعًا وَخِيفَةً ) أي: اذكر ربك في نفسك رهبة ورغبة، وبالقول لا جهرًا؛ ولهذا < 3-539 >
قال: ( وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ ) وهكذا يستحب أن يكون الذكر لا يكون نداء و[لا] الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP جهرًا بليغًا؛ ولهذا لما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فأنـزل الله:
الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B2 وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B1
[البقرة:186] الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP2
وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري قال: رفع الناس أصواتهم بالدعاء في
بعض الأسفار، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس، أربعوا على
أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبًا؛ إن الذي تدعونه سميع قريب" الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
وقد يكون المراد من هذه الآية كما في قوله تعالى:
الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B2 وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا
الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف B1
[الإسراء:110] فإن المشركين كانوا إذا سمعوا القرآن سبوه، وسبوا من أنـزله، و[سبوا] الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
من جاء به؛ فأمره الله تعالى ألا يجهر به، لئلا ينال منه المشركون، ولا
يخافت به عن أصحابه فلا يسمعهم، وليتخذ سبيلا بين الجهر والإسرار. وكذا قال
في هذه الآية الكريمة: ( وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ
وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ )
وقد زعم ابن جرير وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم قبله: أن المراد بهذه
الآية: أمر السامع للقرآن في حال استماعه بالذكر على هذه الصفة. وهذا بعيد
مناف للإنصات المأمور به، ثم المراد بذلك في الصلاة، كما تقدم، أو الصلاة
والخطبة، ومعلوم أن الإنصات إذ ذاك أفضل من الذكر باللسان، سواء كان سرًا
أو جهرًا، فهذا الذي قالاه لم يتابعا عليه، بل المراد الحض على كثرة الذكر
من العباد بالغدو والآصال، لئلا يكونوا من الغافلين؛ ولهذا مدح الملائكة
الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون، فقال: ( إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ
رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ [ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ
يَسْجُدُونَ ] ) الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
وإنما ذكرهم بهذا ليتشبه بهم في كثرة طاعتهم وعبادتهم؛ ولهذا شرع لنا
السجود هاهنا لما ذكر سجودهم لله، عز وجل، كما جاء في الحديث: "ألا تصفون
كما تصف الملائكة عند ربها، يتمون الصفوف الأوَل، ويتَراصُّون في الصف" الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
وهذه أول سجدة في القرآن، مما يشرع لتاليها ومستمعها السجود بالإجماع.
وقد ورد في حديث رواه ابن ماجة، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه عدها في سجدات القرآن الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP
آخر [تفسير] الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف MARGNTIP سورة الأعراف، ولله الحمد والمنة.



اعصار
اعصار
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 34551

https://www.helpub.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف Empty رد: الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف

مُساهمة من طرف الزعيم الجمعة 20 مايو - 17:49:46


الزعيم
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 7554

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف Empty رد: الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف

مُساهمة من طرف اعصار الجمعة 20 مايو - 18:15:37

منور الموضوع أخي لا تحرمنا ردودك



اعصار
اعصار
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 34551

https://www.helpub.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف Empty رد: الجزء السادس والعشرون والاخير من تفسير سورة الأعراف

مُساهمة من طرف aaaa الخميس 29 مارس - 22:08:44

شكرا على الموضوع
لا تبخل علينا




aaaa
عضو نشيط
عضو  نشيط

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 768
تاريخ الميلاد : 13/10/1983
العمر : 41

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى