الفرزدق :أعرفت بين رويتين وحنبل
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
الفرزدق :أعرفت بين رويتين وحنبل
أعرَفَتْ بَينَ رُوَيّتَينِ وَحَنْبَلٍ | دِمَناً تَلُوحُ كَأنّهَا الأسْطَارُ |
لَعِبَ العَجاجُ بِكُلّ مَعْرِفَةٍ لهَا، | وَمُلِثّةٌ غَبَياتُهَا مِدْرَارُ |
فَعَفَتْ مَعالِمَها، وَغَيّرَ رَسْمَها | رِيحٌ تَرَوّحُ بِالحَصَى مِبْكَارُ |
فَترَى الأثَافيَ وَالرّمَادَ كَأنّهُ | بَوٌّ عَلَيْهِ رَوَائِمٌ أظْآرُ |
وَلَقَدْ يَحُلّ بها الجَميعُ، وَفيهِمُ | حُورُ العُيُونِ كَأنّهُنّ صِوارُ |
يَأنَسْنَ عِندَ بُعُولِهنّ إذا التَقَوْا، | وَإذا هُمُ بَرَزُوا فَهُنّ خِفَارُ |
شُمُسٌ إذا بَلٍغ الحَديثُ حَيَاءَهُ؛ | وَأوَانِسٌ بِكَرِيمَةٍ أغْرَارُ |
وَكَلامُهُنّ كَأنّمَا مَرْفُوعُهُ | بحَديثِهِنّ، إذا التَقَيْنَ، سِرَارُ |
رُجُحٌ وَلَسْنَ مِنَ اللّوَاتي بالضّحَى | لذُيولهِنّ، على الطّرِيقِ، غُبَارُ |
وَإذا خَرَجْنَ يَعُدْنَ أهْلَ مُصَابَةٍ | كان الخُطا لِسِرَاعِها الأشْبارُ |
هُنّ الحَرَائرُ لمْ يَرِثْنَ لِمُعْرِضٍ | مالاً، وَلَيْسَ أبٌ لَهُنّ يُجَارُ |
فَاطرَحْ بعَيْنِكَ هَلْ تَرَى أحداجهم | كالدَّوْمِ حِينَ تُحَمَّلُ الأخْدَارُ |
يَغْشَى الإكَامَ بِهِنّ كُلُّ مُخَيَّس | قَدْ شَاكَ مُخْتَلِفَاتُهُ مَوّارُ |
وَإذا العُيُونُ تَكارَهَتْ أبْصَارُها، | وَجَرَى بِهنّ مَعَ السّرَابِ قِفَارُ |
نَظَرَ الدَّلَهْمسُ نَظْرَةً مَا رَدّها | حَولٌ بِمُقْلَتِهِ، وَلا عُوّارُ |
فَرَأى الحُمُولَ كَأنّمَا أحْداجُهَا | في الآلِ حِينَ سَمَا بها الإظْهَارُ |
نَخلٌ يَكَادُ ذُرَاهُ مِنْ قِنْوَانِهِ، | بذُرَيْعَتَينِ، يُمِيلُهُ الإيقَارُ |
إنّ المَلامَةَ مِثْلُ مَا بَكَرَتْ به، | مِنْ تَحْتِ لَيْلَتها عَلَيكَ، نَوَارُ |
وَتَقُولُ كَيْفَ يَميلُ مِثْلُكَ للصِّبا | وَعَلَيْكَ مِنْ سَمَةِ الحَلِيمِ عِذارُ |
وَالشَّيبُ يَنهَضُ في السّوَادِ كأنّهُ | لَيْلٌ يَصِيحُ بِجَانِبَيْهِ نَهَارُ |
إنّ الشّبابَ لَرَابِحٌ مَنْ بَاعَهُ، | وَالشَّيْبُ لَيسَ لِبَائِعِيهِ تِجَارُ |
يا ابنَ المَرَاغَة! أنتَ ألأمُ مَن مَشَى | وَأذَلُّ مَنْ لِبَنَانِهِ أظْفَارُ |
وَإذا ذَكَرْتَ أبَاكَ أوْ أيّامَهُ، | أخْزَاكَ حَيْثُ تُقَبَّلُ الأحْجارُ |
إنّ المَرَاغَةَ مَرّغَتْ يَرْبُوعَها | في اللّؤمِ، حَيْثُ تجاهَدَ المِضْمارُ |
أنْتُمْ قَرَارَةُ كُلّ مَدْفَعِ سَوْءَةٍ، | وَلِكُلّ دافِعَةٍ تَسِيلُ قَرَارُ |
إني غَمَمْتُكَ بالهِجاءِ وَبِالحَصَى، | وَمَكَارِمٍ لِفِعالهِنّ مَنَارُ |
وَلَقَدْ عَطَفْتُ عَلَيْكَ حَرْباً مُرّةً، | إنّ الحُرُوبَ عَوَاطِفٌ أمْرارُ |
حَرْباً، وأُمِّكَ، لَيْسَ مُنجيَ هارِبٍ | مِنْها، وَلَوْ رَكِبَ النّعَامَ، فِرَارُ |
فلأفْخَرَنّ عَلَيْكَ فَخْراً لي بِهِ | قُحَمٌ عَلَيْكَ مِنَ الفَخَارِ كِبَارُ |
إني لَيَرْفَعُني عَلَيْكَ لِدارِمٍ | قَرْمٌ لَهُمْ وَنَجِيبَةٌ مِذْكَارُ |
وَإذا نَظَرْتَ رَأيتَ فوْقَكَ دارِماً | في الجَوّ حَيْثُ تُقَطَّعُ الأبْصَارُ |
إني لَيَعْطِفُ لِلّئِيمِ، إذا رَجَا، | مِني الرّوَاحَ مُجَرَّبٌ كَرّارُ |
إني لأشْتِمُكُمْ وَمَا في قَوْمِكُمْ | حَسَبٌ يُعَادِلُنا، وَلا أخْطارُ |
هَلْ يُعْدَلَنّ بقاصِعائِكَ مَعْشَرٌ | لَهُمُ السّماءُ عَلَيْكَ وَالأنْهَارُ |
وَالأكْرَمُونَ إذا يُعَدّ قَدِيمُهُمْ، | والأكْثَرُونَ إذا يُعَدّ كِثَارُ |
وَلَهُمْ عَلَيْك إذا القُرُومُ تخاطَرَتْ | خَمْطُ الفُحُولَةِ مُصْعَبٌ خَطّارُ |
وَلهُمْ عَليكَ إذا الفُحولُ تَدافَعَتْ | لُجَجٌ يَضُمّكَ مَوْجُهُنّ غِمَارُ |
قَوْمٌ يُرَدّ بِهِمْ، إذا ما اسْتَلأمُوا، | غَضَبُ المُلُوكِ، وَتُمْنَعُ الأدْبَارُ |
مَنَعَ النّسَاءَ لآلِ ضَبّةَ وَقْعَةٌ، | وَلآلِ سَعْدٍ وَقْعَةٌ مِبْكَارُ |
فَاسْألْ غَداةَ جَدُودَ أيُّ فَوَارِسٍ | مَنَعُوا النّسَاءَ لِعُوذِهِنّ جُؤارُ |
وَالخَيْلُ عَابِسَةٌ، عَلى أكْتافِهَا | دُفَعٌ تَبُلّ صُدُورَهَا وَغُبَارُ |
إنّا، وَأُمِّكَ، مَا تَظَلّ جِيَادُنا | إلاّ شَوَازِبَ لاحهُنّ غِوَارُ |
قُبّاً بِنَا وَبِهِنّ يُدْفَعُ وَالقَنَا | وَغْمُ العَدُوّ وَتُنْقَضُ الأوْتَارُ |
كَم كانَ مِن مَلِكٍ وَطِئْنَ وَسُوقةٍ | أطْلَقْنَهُ وَبِسَاعِدَيْهِ إسَارُ |
كانَ الفِداءُ لَهُ صُدُورَ رِمَاحِنَا، | وَالخَيْلَ إذْ رَهَجُ الغُبَارِ مُثَارُ |
وَلَئِنْ سَألْتَ لَتُنْبَأنّ بِأنّنَا | نَسْمُو بِأكْرَمِ ما تَعُدّ نِزَارُ |
قالَ المَلائِكَةُ الّذِينَ تُخُيِّرُوا، | وَالمُصْطَفُونَ لِدِينِهِ الأخْيَارُ: |
أبْكَى الإلَهُ عَلى بَلِيّةَ مَنْ بكَى | جَدَثاً يَنُوحُ على صَدَاهُ حِمَارُ |
كانَتْ مُنافِقَةَ الحَياةِ، وَمَوْتُها | خِزْيٌ عَلانِيَةٌ عَلَيْكَ وَعَارُ |
فَلَئِنْ بَكَيْتَ على الأتانِ لقد بكَى | جَزَعاً، غَادةَ فِرَاقِهَا، الأعيْارُ |
يَنْهَسْنَ أذْرُعَهُنّ حِينَ عَهِدْنَها | وَمَكانُ جُثْوَتِها لَهُنّ دُوَارُ |
تَبْكي عَلى امْرَأةٍ وَعِنْدَكَ مِثْلُها | قَعْسَاءُ لَيسَ لها عَلَيْكَ خِمَارُ |
وَلَتَكْفِيَنّكَ فقْدَ زَوْجَتِكَ التي | هَلَكَتْ مُوَقَّعَةُ الظّهُورِ قِصَارُ |
أخَوَاتُ أُمِّكَ كُلّهُنّ حَرِيصَةٌ، | ألاّ يَفُوتَكَ عِنْدَها الإصْهَارُ |
فاخْطُبْ وَقُلْ لأبيكَ يَشْفَعْ إنّهُ | سَيَكُونُ، أوْ سَيُعِينُكَ المِقْدارُ |
بِكْراً عَستْ بكَ أن تكونَ حَظِيّةً، | إنّ المَنَاكِحَ خَيرُها الأبْكَارُ |
إنّ الزّيارَةَ في الحَياةِ، ولا أرَى | مَيْتاً إذا دَخَلَ القُبُورَ يُزَارُ |
لما جَنَنْتَ اليَوْمَ مِنْهَا أعْظُماً، | يَبْرُقْنَ، بَينَ فُصُوصِهِنّ، فِقَارُ |
وَرَثَيْتَها وَفَضَحْتَها، في قَبْرِها، | مَا مِثْلَ ذلِكَ تَفْعَلُ الأخْيَارُ |
وَأكَلْتَ ما ذَخَرَتْ لنَفْسِكَ دونَها | وَالجَدْبُ فيهِ تَفاضَلُ الأبْرَارُ |
آثَرْتَ نَفْسَكَ بِاللَّوِيّةِ وَالّتي | كَانَتْ لهَا وَلِمثْلِهَا الأذْخَارُ |
وَتَرَى اللّئِيمَ كَذاكَ دُونَ عِيَالِهِ، | وَعَلى قَعِيدَتِهِ لَهُ اسْتِئْثَارُ |
أنَسِيتَ صُحْبَتَها، وَمَن يَكُ مُقرِفاً | تُخرِجْ مُغَيَّبَ سِرِّهِ الأخْبَارُ |
لمّا شَبِعْتَ ذَكَرْتَ رِيحَ كِسَائِهَا، | وَتَرَكْتَها، وَشِتَاؤها هَرّارُ |
هَلاّ وَقَدْ غَمَرَتْ فُؤادَكَ كَثْبَةٌ، | وَالضّأنُ مُخْصِبَةُ الجَنابِ غِزَارُ |
هَجْهَجْتَ حِينَ دَعَتكَ إنْ لم تأتِها | حَيْثُ السّباعُ شَوَارِعٌ كُشّارُ |
نَهَضَتْ لتَحْرُزَ شِلْوَها فَتَجَوّرَتْ | وَالمُخُّ مِنْ قَصَبِ القَوَائِمِ رَارُ |
قالَتْ، وَقَدْ جَنَحَتْ عَلى مَملولها، | وَالنّارُ تَخْبُو مَرّةً وَتُثَارُ |
عَجْفَاءُ، عَارِيَةُ العِظَامِ، أصَابها | حَدَثُ الزّمَانِ، وَجَدُّها العَثّارُ: |
أبَني الحَرَامِ فَتاتُكُمْ لا تُهْزَلَنْ، | إنّ الهُزَالَ عَلى الحَرائِرِ عَارُ |
لا تَتْرُكَنّ، وَلا يَزَالَنْ عِنْدَهَا | مِنْكُمْ، بِحَدّ شِتَائِهَا، مَيّارُ |
وَبِحَقّها، وَأبِيكَ، تُهْزَلُ مَا لهَا | مَالٌ فَيَعْصِمَهَا، وَلا أيْسارُ |
وَتَرَى شُيُوخَ بَني كُلَيْبٍ بَعْدَها | شَمِطَ اللِّحَى، وَتَسَعْسَعَ الأعمارُ |
يَتَكَلّمُونَ مَعَ الرّجالِ تَراهُمُ | زُبَّ اللّحَى، وَقُلُوبُهُمْ أصْفَارُ |
وَنُسَيّةٌ لِبَني كُلَيْبٍ عِنْدَهُمْ | مِثْلُ الخَنَافِسِ بَيْنَهُنّ وِبَارُ |
مُتَقَبِّضَاتٌ عِنْدَ شَرِّ بُعُولَةٍ، | شَمِطَتْ رُؤوسُهُمُ وَهُمْ أغْمَارُ |
أمَةُ اليَدَيْنِ لَئِيمَةٌ آباؤها، | سَوْداءُ حَيْثُ يُعلَّقُ التِّقْصَارُ |
مُتَعَالِمُ النَّفَرِ الّذِينَ هُمُ هُمُ | بِالتَّبْلِ لا غُمُرٌ ولا أفْتَارُ |
فَارْبِطْ لأُمّكَ عَنْ أبِيكَ أتَانَهُ، | وَاخْسأ فَما بكَ للكرَامِ فَخَارُ |
كَمْ كَانَ قَبْلَكَ مِنْ لَئِيمٍ خائِنٍ | تُرِكَتْ مَسَامِعُهُ وَهُنّ صِغَارُ |
الزعيم- المـديـر العـــام
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 7554
مواضيع مماثلة
» الفرزدق :
» الفرزدق :لو كنت من سعد بن ضبة لم أبل
» الفرزدق:
» الفرزدق :إن يك سيف خان أو قدر أبى
» الفرزدق :
» الفرزدق :لو كنت من سعد بن ضبة لم أبل
» الفرزدق:
» الفرزدق :إن يك سيف خان أو قدر أبى
» الفرزدق :
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى