الفرزدق :وبيض كأرآم الصريم ادريتها
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
الفرزدق :وبيض كأرآم الصريم ادريتها
وَبِيضٍ كَأرْآمِ الصّرِيمِ ادّرَيْتُهَا | بَعَيْني وقَد عارَ السِّماكُ وَأسحَرَا |
وَسُودِ الذُّرَى بِيض الوُجُوهِ كأنّها | دُمى هَكِرٍ يَنضحنَ مِسكاً وَعَنبرَا |
تَرَاخَى بهِنّ اللّيْلُ يَتْبَعْنَ فَارِكاً | يضِيءُ سَنَاهَا سَابِرِيّاً مُزَعْفَرَا |
وَقُلنَ لها: يا هِندُ! لا تَبْعدي بِنَا، | فإنّا نَخَافُ اللّيْلَ أنْ يَتَقَفّرَا |
عَلَينا، ونَخشَى النّاسَ أنْ يَشعرُوا بِنا | فَيُصْبِحَ ما نخشَى عَلَينا مُشَنَّرَا |
فجئتُ من الجَنبِ الجَحيشِ وَقد أرَى | مَخافَةَ مَنْ يأتي الرَّبَابَ وَشَعفَرَا |
فَعَاطَيْننَا الأفْوَاهَ، حَتى كَأنّمَا | شَرِبْنا بِرَاحٍ مِنْ أبَارِيقِ تُسْتَرَا |
فَلَمْ أدْرِ ما بُرْدايَ حَتى إذا انجَلى | سوَادُ الدُّجى عن وَاضِحِ اللوْن أشقرَا |
تَنَعَّلْنَ أطْرَفَ الرِّيَاطِ، وَواءَلَتْ | مَخافَةَ سَهْلِ الأرْضِ أن يَتقفّرَا |
وَقُلْتُ لَهُنّ: احْذُونَنا، فحَذَوْنَنا | شَبَارِيقَ رَيْطٍ، أوْ رِداءً مُحَبَّرَا |
فَلَمْ أرَ قَوْماً يَحْتَذُونَ فعَالَنا، | ولا مَجِلساً أحْلى حَدِيثاً وَأنْضَرَا |
مِنَ المَجْلِسِ المُسْتَأنِسِينَ كأنّهُمْ | لَدَى حَرْمَلِ البَطحَاءِ جنّانُ عَبقَرَا |
مَتى مَا تَرِدْ يَوْماً سَفَارِ تَجِدْ بهَا | أُدَيْهِمَ يَرْمي المُسْتَجِيزَ المُعَوَّرَا |
يَظلّ إلى أنْ تَغرُبَ الشمسُ قَائِماً | تشمُّسَ حِرْباءِ الصُّوَى حينَ أظهَرَا |
يُطَرِّدُ عَنْهَا الجَائِزِينَ، كَأنّهُ | غُرَابٌ عَلى أنْبَاثِهَا غَيرُ أعْوَرَا |
أأسْقَيْتَهَا وَالعُودُ يَهتَزّ في النّدى | كَأنّ بجَنْبَيْهِ زَرَابيَّ عَبْقَرَا |
فَلَمّا رَجَعْنا للّذِي قُلْتَ قَائِظاً، | أبَيْتَ، وَكانَتْ عِلّةً وَتَعَذُّرَا |
فَلَمّا احتَضَرْنَا للجَوَازِ وَقَوّمَتْ | على الحَوْض رَاموها من الشُّرْبِ مُنكَرَا |
فَقالوا: ألا قَبْرُ الهُذَيْلِ مَجازُها؟ | فقلتُ لهمْ: لمْ تُصْدروا الأمرَ مُصْدَرَا |
أتَشرَبُ أسلابَ امرِىءٍ كانَ وَجْهُهُ | إذا أظلمتْ سِيما امرِىءِ السوء أسفرَا |
كَذَبتُمْ وَآياتِ الهُدى لا تَذُوقُهُ | لَبُوني وَإنْ أمْسَتْ خَوَامسَ ضُمَّرَا |
أنَفْتُ لَهُ بِالسّيْفِ لَمّا رَأيْتُهَا | تَدُكّ بِأيْدِيهَا الرَّكِيَّ المُعَوَّرَا |
يَفُضّ عَرَاقِيبَ اللّقَاحِ، كَأنّهُ | شِهَابُ غَضاً شَيّعْتَهُ فَتَسَعّرَا |
ألَيْسَ امرُؤٌ ضَيْفاً وَقد غابَ رَهطُهُ | وَلَوْ سِيمَ حَيّاً مِثلَ هذا لأنْكَرَا |
أجادَتْ بِهِ مِنْ تَغْلِبَ ابنَةِ وَائِلٍ | حَصَانٌ لقَرْمٍ من رَبِيعَةَ أزْهَرَا |
فَمَنْ مُبْلِغٌ فِتْيَانَ تَغْلِبَ أنّني | عَقَرْتُ على قَبْرِ الهُذَيلِ ليُذكَرَا |
وَرُحْنا بأُخْرَى ما أجازُوا وَبَرّكَتْ | على الحَوْضِ مِنها جِلّةٌ لَنْ تَثَوَّرَا |
رَأتْ ذائداً حُرّاً، فَطَيّرَ سَيْفُهُ | عَنِ الحَوْضِ أولادها فأجلَينَ نُقَّرَا |
وَباتَتْ بِجُثْمَانِيّةِ المَاءِ بَيْتُهَا | إلى ذاتِ رِجْلٍ كَالمَآتِمِ حُسَّرَا |
يُحَبِّسُهَا جَنبَي سُفَيرٍ، وَيتّقي | عَلَيْها ضَغَابيسَ الحِمى أنْ تُعقَّرَا |
وَقَدْ سُمّنَتْ حَتى كَأنّ مَخاطَها | هِضَابُ القَليبِ أوْ فَوادِرُ عَضُوَرَا |
فَأصْبَحَ رَاعِيهَا تَخَالُ قَعودَهُ | من الجَهدِ قد مَلّ الرّسِيمَ وَأقصَرَا |
مُطِلاًّ على آثَارِهَا مُسْتَقِدّةً، | كَأنّ بِجَنْبَيْهِ عَقابِيلَ خَيْبَرَا |
وَلَمّا رَأتْ رَأسَ الجُذاعِ كَأنّهُ | يُعَامِسُ لُجّاً أوْ يُنازِعُ مَعْبَرَا |
تَباشَرْنَ واعصَوْصَبْنَ لَمّا رَأيْنَهُ | بمُنْصَلِتٍ لا يَرْتَجي مَا تَأخّرَا |
فصَبّحْنَ قَبلَ الوَارِدَاتِ مِنَ القَطا، | ببَطحَاءِ ذي قَارٍ، فَضَاءً مُفَجَّرَا |
تَبَلَّعُ حِيتَانَ الفَضَاءِ وَتَنْتَحِي | بِأعْنَاقِهَا في سَاكِنٍ غَيرِ أكَدَرَا |
إذا الحُوتُ مِنْ حَوماتهنّ اختَلَجَنَهُ | تَزعّمَ في أشْداقِهِنّ، وَجَرجَرَا |
فَوَلّتْ أُصَيْلالاً وَقَد كانَ بَعدَهَا | ضفَادِعُ ما نَالَتْ مِنَ العَينِ خُزَّرَا |
فَأضْحَتْ غَداةَ الغِبِّ عَنّا كَأنّما | يُدالي بهِا الرّاعي غَماماً كَنَهْورَا |
وَلَو شاءَ يَعسُوبُ الطُّفاوَة أصْبَحَتْ | رِواءً بجَيّاشِ الخَسِيفَةِ أقْمَرَا |
وَلاقَتْ مِنَ الحِرْمازِ أوْلادَ مِجشَإٍ | وَمِنْ مَازِنٍ شَرِّ القَبَائِلِ مَعشَرَا |
مواضيع مماثلة
» الفرزدق :وبيض ترقى من بنات مجاشع
» شاهد الان الحمام الميت في المنام وبيض الحمام
» الفرزدق :
» الفرزدق :لو كنت من سعد بن ضبة لم أبل
» الفرزدق:
» شاهد الان الحمام الميت في المنام وبيض الحمام
» الفرزدق :
» الفرزدق :لو كنت من سعد بن ضبة لم أبل
» الفرزدق:
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى