الجزء الثالث من تفسير سورة آل عمران
ملتقى الجزائريين والعرب :: المنتدى العام :: الركن الإسلامي :: ملحق تفسير القرآن كاملا لابن كثير
:: تفسير سورة آل عمران
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
الجزء الثالث من تفسير سورة آل عمران
الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
(16)
الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ
(17)
يصف تعالى عباده المتقين الذين وعدهم الثواب الجزيل، فقال تعالى: (
الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا ) أي: بك وبكتابك وبرسولك (
فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا ) أي بإيماننا بك وبما شرعته لنا فاغفر لنا
ذنوبنا وتقصيرنا من أمرنا بفضلك ورحمتك ( وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ )
ثم قال: ( الصَّابِرِين ) أي: في قيامهم بالطاعات وتركهم المحرمات (
وَالصَّادِقِينَ ) فيما أخبروا به من إيمانهم بما يلتزمونه من الأعمال
الشاقة ( وَالقَانِتِينَ ) والقنوت: الطاعة والخضوع
( والْمُنفِقِينَ ) أي: من أموالهم في جميع ما أمروا به من الطاعات، وصلة
الأرحام والقرابات، وسد الخَلات، ومواساة ذوي الحاجات (
وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأسْحَارِ ) دل على فضيلة الاستغفار وقت الأسحار.
وقد قيل: إن يعقوب، عليه السلام، لما قال لبنيه: سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي
[يوسف:98 ] أنه أخرهم إلى وقت السحر. وثبت في الصحيحين وغيرهما من المساند
والسنن، من غير وجه، عن جماعة من الصحابة، أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: "ينـزلُ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى في كُلِّ لَيْلَةٍ إلَى
سمَِاءِ الدُّنيا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِر فيقولُ: هَلْ مِنْ سَائل فأعْطِيَه؟ هَلْ مِنْ دَاع فَأسْتجيبَ له؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِر فأغْفِرَ لَهُ ؟" الحديث وقد أفرد الحافظ أبو الحسن الدارقطني في ذلك جزءًا على حدة فرواه من طرق متعددة.
وفي الصحيحين، عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: مِنْ كُلِّ اللَّيلِ
قَدْ أوْترَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، مِنْ أولِهِ وأوْسَطِهِ
وآخِرِهِ، فَانْتَهَى وِتره إلَى السّحَرِ .
وكان عبد الله بن عمر يصلي من الليل، ثم يقول: يا نافع، هل جاء
السَّحَر؟ فإذا قال: نعم، أقبل على الدعاء والاستغفار حتى يصبح. رواه ابن
أبي حاتم.
وقال ابن جرير: حدثنا ابن وَكِيع، حدثنا أبي، عن حُرَيْث بن أبي مطر،
عن إبراهيم بن حاطب، عن أبيه قال: سمعت رجلا في السحر في ناحية المسجد وهو
يقول: ربّ أمرتني فأطعتك، < 2-24 >
وهذا سحر، فاغفر لي. فنظرت فإذا ابن مسعود، رضي الله عنه .
وروى ابن مَرْدُويه عن أنس بن مالك قال: كنا نؤمر إذا صلينا من الليل أنْ نستغفر في آخر السحر سبعين مرة.
شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو
الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
(18)
إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ
أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا
بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ
الْحِسَابِ
(19)
فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ
وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ
فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا
عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ
(20)
شهد
تعالى -وكفى به شهيدا، وهو أصدق الشاهدين وأعدلهم، وأصدق القائلين-(
أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ ) أي: المتفَرد بالإلهية لجميع الخلائق، وأن
الجميع عبيده وخلقه، والفقراء إليه، وهو الغني عما سواه كما قال تعالى: لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا
الآية [ النساء : 166 ] .
ثم قرن شهادة ملائكته وأولي العلم بشهادته فقال: ( شَهِدَ اللَّهُ
أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ ) وهذه
خصوصية عظيمة للعلماء في هذا المقام.
( قَائِمًا بِالْقِسْطِ ) منصوب على الحال، وهو في جميع الأحوال كذلك.
لا إِلَهَ إِلا هُوَ ) تأكيد لما سبق ( الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )
العزيز: الذي لا يرام جنابه عظمةً وكبرياء، الحكيم في أقواله وأفعاله وشرعه
وقدره.
وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن عبد ربه، حدثنا بَقِيَّة بن الوليد، حدثني جبير بن عَمْرو القرشي، حدثنا أبو سَعِيد
الأنصاري، عن أبي يحيى مولى آل الزبير بن العوام، عن الزبير بن العوام،
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعرفةَ يقرأ هذه الآية: (
شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو
الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
) "وأَنَا عَلَى ذلِكَ مِنَ الشَّاهِدِينَ يا رَبِّ" .
وقد رواه ابن أبي حاتم من وجه آخر، فقال: حدثنا علي بن حسين، حدثنا
محمد بن المتوكل العسقلاني، حدثنا عُمَر بن حفص بن ثابت أبو سعيد الأنصاري،
حدثنا عبد الملك بن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن جده،
عن الزبير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قرأ هذه الآية: (
شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ ) قال:
"وأَنَا أشْهَدُ أيْ رَبِّ" .
< 2-25 >
وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني في المعجم الكبير: حدثنا عبدان بن
أحمد وعلي بن سعيد الرازي قالا حدثنا عَمَّار بن عمر بن المختار، حدثني
أبي، حدثني غالب القطان قال: أتيت الكوفة في تجارة، فنـزلت قريبا من
الأعمش، فلما كانت ليلة أردتُ أن أنْحَدِرَ قام فتهجد من الليل، فمر بهذه
الآية: ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ
وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ * إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ ) ثم قال الأعمش:
وأنا أشهد بما شهد الله به، وأستودع الله هذه الشهادة، وهي لي عند الله
وديعة: ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ ) قالها مرارا. قلت: لقد
سمع فيها شيئا، فغدوت إليه فودعته، ثم قلت: يا أبا محمد، إني سمعتك تردد
هذه الآية. قال: أو ما بلغك ما فيها؟ قلت: أنا عندك منذ شهر لم تحدثني.
قال: والله لا أحدثك بها إلى سنة. فأقمت سنة فكنت على بابه، فلما مضت السنة
قلت: يا أبا محمد، قد مضت السنة. قال: حدثني أبو وائل، عن عبد الله قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُجَاءُ بِصَاحِبِهَا يَوْمَ
القِيامَةِ، فَيَقُولُ الله عز وجل: عَبْدِي عَهِدَ إلَيَّ، وأنَا أحَقُّ
مَن وَفَّى بالْعَهْدِ، أدْخِلُوا عَبْدِي الْجَنَّةَ" .
وقوله: ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ ) إخبار من الله
تعالى بأنه لا دين عنده يقبله من أحد سوى الإسلام، وهو اتباع الرسل فيما
بعثهم الله به في كل حين، حتى ختموا بمحمد صلى الله عليه وسلم، الذي سد
جميع الطرق إليه إلا من جهة محمد صلى الله عليه وسلم، فمن لقي الله بعد
بعثته محمدًا صلى الله عليه وسلم بدِين على غير شريعته، فليس بمتقبل. كما
قال تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ [وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ]
[آل عمران:85 ]
وقال في هذه الآية مخبرًا بانحصار الدين المتقبل عنده في الإسلام: ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ )
وذكر ابن جرير أن ابن عباس قرأ: ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ
إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا
إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ
الإسْلامُ ) بكسر إنه وفتح ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ )
أي: شهد هو وملائكته وأولو العلم من البشر بأن الدين عند الله الإسلام.
والجمهور قرأوها بالكسر على الخبر، وكلا المعنيين صحيح. ولكن هذا على قول
الجمهور أظهر والله أعلم.
ثم أخبر تعالى بأن
الذين أوتوا الكتاب الأول إنما اختلفوا بعد ما قامت عليهم الحجة، بإرسال
الرسل إليهم، وإنـزال الكتب عليهم، فقال: ( وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ
أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا
بَيْنَهُمْ ) أي: بغى بعضهم على بعض، فاختلفوا في الحق لتحاسدهم وتباغضهم
وتدابرهم، فحمل بعضهم بُغْض البَعْض الآخر
على مخالفته في جميع أقواله وأفعاله، وإن كانت حقا، ثم قال: ( وَمَنْ
يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) أي: من
جحد بما أنـزل الله في كتابه فإن الله < 2-26 >
سيجازيه على ذلك، ويحاسبه على تكذيبه، ويعاقبه على مخالفته كتابه
ثم قال تعالى: ( فَإِنْ حَاجُّوكَ ) أي: جادلوك في التوحيد ( فَقُلْ
أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ ) أي: فقل أخلصت عبادتي لله
وحده، لا شريك له ولا ند [له] ولا ولد ولا صاحبة له ( وَمَنِ اتَّبَعَنِ ) على ديني، يقول كمقالتي، كما قال تعالى:
قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ
اتَّبَعَنِي [وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ]
[ يوسف : 108 ].
ثم قال تعالى آمرًا لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم أن يدعو إلى طريقته ودينه، والدخول في شرعه وما بعثه الله به الكتابيين
من الملتين والأميين من المشركين فقال: ( وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتَابَ وَالأمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ
اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ ) أي: والله
عليه حسابهم وإليه مرجعهم ومآبهم، وهو الذي يهدي من يشاء، ويضل من يشاء،
وله الحكمة في ذلك، والحجة البالغة؛ ولهذا قال: ( وَاللَّهُ بَصِيرٌ
بِالْعِبَادِ ) أي: هو عليم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الضلالة، وهو الذي لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ
[ الأنبياء : 23 ]
وما ذاك إلا لحكمته ورحمته.
وهذه الآية وأمثالها من أصرح الدلالات على عموم بعثته، صَلوات الله وسلامه عليه، إلى جميع الخلق، كما هو معلوم من دينه ضرورة، وكما دل عليه الكتاب والسنة في غير ما آية وحديث، فمن ذلك قوله تعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا
[ الأعراف : 158 ] وقال تعالى: تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا
[ الفرقان : 1] وفي الصحيحين وغيرهما، مما ثبت تواتره بالوقائع المتعددة،
أنه بعث كتبه صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الله ملوك الآفاق، وطوائف
بني آدم من عربهم وعجمهم، كتابِيِّهم وأمِّيِّهم، امتثالا لأمر الله له
بذلك. وقد روى عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن هَمَّام، عن أبي هريرة، عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال: "والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لا يَسْمَعُ بِي
أحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأمَّةِ يَهُوديّ وَلا نَصْرَانِي، ومَاتَ وَلمَ
يُؤْمِنْ بِالَّذِي أرْسلتُ بِهِ، إلا كان مِنْ أَهْلِ النَّارِ" رواه مسلم
.
وقال صلى الله عليه وسلم: "بُعِثْتُ إلَى الأحْمَرِ والأسْودِ"
وقال: "كَانَ النَّبيُّ يُبْعَثُ إلَى قَوْمِه خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إلَى
النَّاسِ عَامَّةً". وقال الإمام أحمد: حدثنا مُؤَمِّل، حدثنا حَمَّاد،
حدثنا ثابت عن أنس، رضي الله عنه: أن غلاما يهوديا كان يَضع للنبي صلى الله
عليه وسلم وَضُوءه ويناوله نعليه، فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم
فدخل عليه وأبوه قاعد عند رأسه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "يا
فُلانُ، قُلْ: لا إله إلا الله" فَنَظَرَ إلَى أبيه، فَسَكَتَ أبوه،
فأعَادَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَنَظَرَ إلَى أَبيهِ،
فَقَالَ أبُوهُ: أطِعْ أبا الْقَاسِم، فَقَالَ الْغُلامُ: : أشْهَدُ أن < 2-27 >
لا إلَهَ إلا الله وأَنَّكَ رَسُولُ اللهِ، فَخَرَجَ النَّبَيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ: "الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أخْرَجَهُ بِي مِنِ النَّارِ" أخرجه البخاري في الصحيح إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث.
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ
النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ
بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
(21)
أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ
(22)
هذا ذم من الله تعالى لأهل الكتاب فيما ارتكبوه من المآثم والمحارم في
تكذيبهم بآيات الله قديما وحديثا، التي بلغتهم إياها الرسل، استكبارًا
عليهم وعنادًا لهم، وتعاظما على الحق واستنكافا عن اتباعه، ومع هذا قتلوا
من قتلوا من النبيين حين بلغوهم عن الله شرعه، بغير سبب ولا جريمة منهم
إليهم، إلا لكونهم دعوهم إلى الحقّ ( وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ
بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ ) وهذا هو غاية الكبر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الْكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ وَغَمْط النَّاسِ".
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو الزُّبَيْر الحسن بن علي بن مسلم
النيسابوري، نـزيل مكة، حدثني أبو حفص عمر بن حفص -يعني ابن ثابت بن زرارة
الأنصاري-حدثنا محمد بن حمزة، حدثني أبو الحسن مولى لبني أسد، عن مكحول، عن
قبيصة بن ذؤيب الخزاعي، عن أبي عبيدة بن الجراح، رضي الله عنه قال: قلت يا
رسول الله، أي الناس أشد عذابا يوم القيامة؟ قال: "رَجلٌ قَتَلَ نَبِيا
أوْ مَنْ أمر بِالمْعْرُوفِ ونَهَى عَنِ المُنْكَر". ثم قرأ رسول الله صلى
الله عليه وسلم: ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ
وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ
يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ )
[إلى قوله: ( وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ] )
الآية. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبَا عُبَيَدَةَ،
قَتَلَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ ثَلاثَةً وأَرْبَعين نَبيا، من أوَّلِ
النّهَارِ في ساعةٍ وَاحِدَةٍ، فَقَامَ مِائَة
وسَبْعُونَ رَجُلا مِنْ بَني إسْرائيلَ، فأمَرُوا مَنْ قَتَلَهُم
بالْمَعْرُوفِ ونَهَوْهُمْ عَنِ المنكرِ، فقتلوا جَمِيعًا مِنْ آخِرِ
النَّهارِ مِنْ ذَلكَ اليَوْمِ، فَهُم الذِينَ ذَكَرَ اللهُ، عَزَّ
وَجَلَّ".
وهكذا رواه ابن جرير عن أبي عبيد الوصّابي محمد بن حفص، عن ابن حُمَيْر، عن أبي الحسن مولى بني أسد، عن مكحول، به .
< 2-28 >
وعن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، قال: قتلت بنو إسرائيل ثلاثمائة
نبي من أول النهار، وأقاموا سوق بَقْلِهِمْ من آخره. رواه ابن أبي حاتم.
ولهذا لما أن تكبروا عن الحق واستكبروا على الخلق، قابلهم الله على ذلك
بالذلة والصغار في الدنيا والعذاب المهين في الآخرة، فقال: ( فَبَشِّرْهُمْ
بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) أي: موجع مهين. ( أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ
أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ )
الزعيم- المـديـر العـــام
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 7554
رد: الجزء الثالث من تفسير سورة آل عمران
موضــــــ جميل ـــــوع
والأجمل مشاركة به معنا
لا تحرمنا مواضيعك سنكون شاكريــــ لك ـــن على جهودك الطيبة
فكن دائما كما أنت لأنك تستحق كــــ الشكر ــــــل
ولا تنسى أن تترك أثرا هنا
رد: الجزء الثالث من تفسير سورة آل عمران
شكرا على الرد نورت الموضوع بمرورك
لا تبخل علينا بجميل كلماتك
ولا تنسى أن تزورنا دوما على عنوان واحد
هنا
لا تبخل علينا بجميل كلماتك
ولا تنسى أن تزورنا دوما على عنوان واحد
هنا
الزعيم- المـديـر العـــام
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 7554
رد: الجزء الثالث من تفسير سورة آل عمران
شكرا على الموضوع
أبو سليمان- المشرفون
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 3412
تاريخ الميلاد : 03/11/1996
العمر : 28
مواضيع مماثلة
» الجزء الثالث عشر من تفسير سورة آل عمران
» الجزء الثالث والعشرون من تفسير سورة آل عمران
» الجزء الثاني من تفسير سورة آل عمران
» الجزء الثامن عشر من تفسير سورة آل عمران
» الجزء التاسع عشر من تفسير سورة آل عمران
» الجزء الثالث والعشرون من تفسير سورة آل عمران
» الجزء الثاني من تفسير سورة آل عمران
» الجزء الثامن عشر من تفسير سورة آل عمران
» الجزء التاسع عشر من تفسير سورة آل عمران
ملتقى الجزائريين والعرب :: المنتدى العام :: الركن الإسلامي :: ملحق تفسير القرآن كاملا لابن كثير
:: تفسير سورة آل عمران
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى