ملتقى الجزائريين والعرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  Empty الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران

مُساهمة من طرف الزعيم الإثنين 16 مايو - 16:54:21

الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  B2







رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ


(53)









وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ


(54)

الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  B1


وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشَجّ، حدثنا وكيع، حدثنا
إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: ( فَاكْتُبْنَا مَعَ
الشَّاهِدِينَ ) قال مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم. وهذا إسناد جيد.
ثم قال الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP تعالى مخبرا عن [ملأ] الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP بني إسرائيل فيما هَمُّوا به من الفتك الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP بعيسى، عليه السلام، وإرادته بالسوء والصَّلب، حين تمالؤوا الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
عليه وَوَشَوا به إلى ملك ذلك الزمان، وكان كافرًا، فأنْهَوا إليه أن
هاهنا رجلا يضل الناس ويصدهم عن طاعة الملك، وَيُفَنِّد الرعايا، ويفرق بين
الأب وابنه الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP إلى غير ذلك مما تقلدوه في رقابهم ورموه به من الكذب، وأنه ولد زانية الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
حتى استثاروا غضب الملك، فبعث في طلبه من يأخذه ويصلبه ويُنَكّل به، فلما
أحاطوا بمنـزله وظنوا أنهم قد ظَفروا به، نجاه الله من بينهم، ورفعه من
رَوْزَنَة ذلك البيت إلى السماء، وألقى الله شبهه على رجل [ممن] الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
كان عنده في المنـزل، فلما دخل أولئك اعتقدوه في ظلمة الليل عيسى، عليه
السلام، فأخذوه وأهانوه وصلبوه، ووضعوا على رأسه الشوك. وكان هذا من مكر
الله بهم، فإنه نجى نبيه ورفعه من بين أظهرهم، وتركهم في ضلالهم يعمهون،
يعتقدون أنهم قد ظفروا بطَلبتِهم، وأسكن الله في قلوبهم قسوة وعنادا للحق
ملازما لهم، وأورثهم ذلة لا تفارقهم إلى يوم التناد؛ ولهذا قال تعالى: (
وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) .
الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  B2






إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ
وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ
فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ
مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ







(55)






فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ







(56)






وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ







(57)






ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ







(58) الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  B1
اختلف المفسرون في قوله: ( إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ )
فقال قتادة وغيره: هذا من المقدم والمؤخر، تقديره: إني رافعك إلي ومتوفيك،
يعني بعد ذلك.
< 2-47 >

وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: ( إِنِّي مُتَوَفِّيكَ ) أي: مميتك.
وقال محمد بن إسحاق، عمن لا يتهم، عن وَهْب بن مُنَبِّه، قال: توفاه الله ثلاث ساعات من النهار حين رفعه الله إليه.
قال ابن إسحاق: والنصارى يزعمون أن الله توفاه سبع ساعات ثم أحياه.
وقال إسحاق بن بشر الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP عن إدريس، عن وهب: أماته الله ثلاثة أيام، ثم بعثه، ثم رفعه.
وقال مطر الوراق: متوفيك من الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP الدنيا وليس بوفاة موت الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP وكذا قال ابن جرير: توفيه هو رفعه.
وقال الأكثرون: المراد بالوفاة هاهنا: النوم، كما قال تعالى:
الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  B2 وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ
الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  B1
[ الأنعام : 60 ] وقال تعالى:
الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  B2
اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ
فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ
الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ
يَتَفَكَّرُونَ
الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  B1
[ الزمر : 42 ] وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول -إذا قام من
النوم-: "الْحَمْدُ لله الَّذِي أحْيَانَا بَعْدَمَا أمَاتَنَا وإلَيْهِ
النُّشُورُ"، وقال الله تعالى:

الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  B2 وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا
*

وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ
الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  B1
إلى قوله [تعالى] الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  B2 وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا
*
بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا
*
وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا
الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  B1
[ النساء : 156 -159 ] والضمير في قوله:
الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  B2 قَبْلَ مَوْتِهِ
الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  B1
عائد على عيسى، عليه السلام، أي: وإن من أهل الكتاب إلا يؤمن الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
بعيسى قبل موت عيسى، وذلك حين ينـزل إلى الأرض قبل يوم القيامة، على ما
سيأتي بيانه، فحينئذ يؤمن به أهل الكتاب كلّهم؛ لأنه يضع الجزية ولا يقبل
إلا الإسلام.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن، حدثنا عبد
الله بن أبي جعفر، عن أبيه، حدثنا الربيع بن أنس، عن الحسن أنه قال في
قوله: ( إِنِّي مُتَوَفِّيكَ ) يعني وفاة المنام، رفعه الله في منامه. قال
الحسن: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهود: "إنَّ عِيسَى لمَْ
يَمُتْ، وَإنَّه رَاجِع إلَيْكُمْ قَبْلَ يَوْمِ الْقَيامَةِ" الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP2 .
وقوله تعالى: ( وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) أي: برفعي
إياك إلى السماء ( وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ
كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) وهكذا وقع؛ فإن المسيح، عليه السلام،
لما رفعه الله إلى السماء تَفَرَّقت أصحابه شيَعًا بعده؛ فمنهم من آمن بما
بعثه الله به على أنه عبد الله ورسوله وابن أمته، ومنهم من غلا فيه فجعله
ابن الله، وآخرون قالوا: هو الله. وآخرون قالوا: هو ثالث ثلاثة. وقد حكى
الله مقالاتهم في القرآن، ورَد على كل فريق، فاستمروا كذلك قريبا من
ثلاثمائة سنة، ثم نَبَع لهم ملك < 2-48 >
من ملوك اليونان، يقال له: قسطنطين، فدخل في دين النصرانية، قيل: حيلة
ليفسده، فإنه كان فيلسوفا، وقيل: جهلا منه، إلا أنه بَدل لهم دين المسيح
وحرفه، وزاد فيه ونقص منه، ووضعت له القوانين والأمانة الكبيرة -التي هي
الخيانة الحقيرة-وأحل في زمانه لحم الخنـزير، وصَلّوا له إلى المشرق الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP وصوروا له الكنائس، وزادوا في صيامهم عشرة أيام من أجل ذنب ارتكبه، فيما يزعمون. وصار دين المسيح الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
دين قسطنطين إلا أنه بنى لهم من الكنائس والمعابد والصوامع والديارت ما
يزيد على اثنى عشر ألف معبد، وبنى المدينة المنسوبة إليه، واتبعه الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP الطائفة المَلْكِيَّة منهم. وهم في هذا كله قاهرون لليهود، أيَّدهم الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP الله عليهم لأنهم أقرب إلى الحق منهم، وإن كان الجميع كفار، عليهم لعائن الله.
فلما بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم، فكان من آمن به يؤمن بالله
وملائكته وكتبه ورسله على الوجه الحق -كانوا هم أتباع كُل نبي على وجه
الأرض-إذ قد صدقوا الرسول النبي الأمي، خاتم الرسل، وسيد ولد آدم، الذي
دعاهم إلى التصديق بجميع الحق، فكانوا الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP أولى بكل نبي من أمته، الذين يزعمون أنهم على ملّته وطريقته، مع ما قد حَرّفوا وبدلوا.
ثم لو لم يكن شيء من ذلك لكان قد نسخ الله بشريعته الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
شريعة جميع الرسل بما بعث به محمدًا صلى الله عليه وسلم من الدين الحق،
الذي لا يغير ولا يبدل إلى قيام الساعة، ولا يزال قائما منصورًا ظاهرا على
كل دين. فلهذا فتح الله لأصحابه مشارق الأرض ومغاربها، واحتازوا الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
جميع الممالك، ودانت لهم جميعُ الدول، وكسروا كسرى، وقَصروا قيصر،
وسلبوهما كُنُوزَهما، وأنفقت في سبيل الله، كما أخبرهم بذلك نبيهم عن ربهم،
عز وجل، في قوله:
الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  B2
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ
قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ
وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا
الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  B1
الآية[ النور: 55 ] ولهذا الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP لما كانوا هم المؤمنين بالمسيح حقا الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
سلبوا النصارى بلاد الشام وأَجْلَوهم إلى الروم، فلجؤوا إلى مدينتهم
القسطنطينية، ولا يزال الإسلام وأهله فوقهم إلى يوم القيامة. وقد أخبر
الصادق المصدوق أمَّته بأن آخرهم سيفتحون القسطنطينية، ويستفيؤون الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
ما فيها من الأموال، ويقتلون الروم مَقْتلة عظيمة جدا، لم ير الناس مثلها
ولا يرون بعدها نظيرها، وقد جمعت في هذا جزءا مفردا. ولهذا قال تعالى: (
وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ ) أي: يوم القيامة ( فَأَحْكُمُ
بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ * فَأَمَّا الَّذِينَ
كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ
وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ) وكذلك فعل تعالى الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP بمن كفر بالمسيح من اليهود، أو غلا فيه وأطراه من النصارى؛ عَذبهم في الدنيا بالقتل والسبي وأخْذ الأموال وإزالة الأيدي عن < 2-49 >
الممالك، وفي الدار الآخرة عَذابُهم أشد وأشق
الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  B2 وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ
الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  B1
[الرعد:34] .
( وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
أُجُورَهُمْ ) أي: في الدنيا والآخرة، في الدنيا بالنصر والظفر، وفي
الآخرة بالجنات العاليات ( وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ )
ثم قال تعالى: ( ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ
الْحَكِيمِ ) أي: هذا الذي قَصَصْنَاه عليك يا محمد في أمر عيسى ومبدأ
ميلاده وكيفية أمره، هو مما قاله الله تعالى، وأوحاه إليك ونـزله عليك من
اللوح المحفوظ، فلا مرية فيه ولا شك، كما قال تعالى في سورة مريم:
الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  B2 ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ

*
مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ
الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  B1
[ مريم : 34-35 ] وهاهنا قال تعالى.
الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  B2







إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ







(59)







الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ






(60)







فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ
تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا
وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ
لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ







(61)
الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  B1

يقول تعالى: ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ ) في قدرة الله
تعالى حيث خلقه من غير أب ( كَمَثَلِ آدَمَ ) فإن الله تعالى خلقه من غير
أب ولا أم، بل ( خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )
والذي الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
خلق آدم قادر على خلق عيسى بطريق الأولى والأحرى، وإن جاز ادعاء البنوة في
عيسى بكونه مخلوقا من غير أب، فجواز ذلك في آدم بالطريق الأولى، ومعلوم
بالاتفاق أن ذلك باطل، فدعواها في عيسى أشد بطلانا وأظهر فسادًا. ولكن
الرب، عَزّ وجل، أراد أن يظهر قدرته لخلقه، حين خَلَق آدم لا من ذكر ولا من
أنثى؛ وخلق حواء من ذكر بلا أنثى، وخلق عيسى من أنثى بلا ذكر كما خلق بقية
البرية من ذكر وأنثى، ولهذا قال تعالى في سورة مريم:
الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  B2 وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  B1

[ مريم : 21 ].
وقال هاهنا: ( الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ) أي: هذا القول هو الحق في عيسى، الذي لا محيد عنه ولا صحيح الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP سواه، وماذا بعد الحق إلا الضلال.
ثم قال تعالى -آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يُبَاهِلَ مَنْ
عَانَدَ الحق في أمر عيسى بعد ظهور البيانِ: ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ
بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا
وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ )
أي: نحضرهم في حال المباهلة ( ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ
اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) أي: نلتعن ( فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ
عَلَى الْكَاذِبِينَ ) أي: منا أو منكم.
وكان سبب نـزول هذه المباهلة وما قبلها من أول السورة إلى هنا في وفد نجران، أن النصارى حين < 2-50 >
قدموا فجعلوا يُحَاجّون في عيسى، ويزعمون فيه ما يزعمون من البنوة
والإلهية، فأنـزل الله صَدْرَ هذه السورة رَدا عليهم، كما ذكره الإمام محمد
بن إسحاق بن يَسَار وغيره.
قال ابن إسحاق في سيرته المشهورة وغيره: وقَدم الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نصارى نَجْران، ستون راكبا، فيهم
أربعة عَشرَ رجلا من أشرافهم يؤول إليهم أمرهم، وهم: العاقب، واسمه عبد
المسيح، والسيد، وهو الأيْهَم، وأبو حارثة بن علقمة أخو بكر بن وائل، وأويس
الحارث الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP وزيد، وقيس، ويزيد، ونبيه، وخويلد، وعمرو، وخالد، وعبد الله، وَيُحَنَّس.
وأمْرُ هؤلاء يؤول إلى ثلاثة منهم، وهم: العاقب وكان أمير القوم وذا
رأيهم وصاحب مشورتهم، والذي لا يصدرون إلا عن رأيه، والسيد وكان عالمهم
وصاحب رَحْلهم ومُجتمعهم، وأبو حارثة بن علقمة وكان أسْقُفهم وحَبْرَهم
وإمامهم وصاحب مدارسهم، وكان رجلا من العرب من بني بكر بن وائل، ولكنه
تَنَصَّر، فعظمته الروم وملوكها وشرفوه، وبنوا له الكنائس وَمَوَّلُوه
وأخْدَموه، لما يعلمونه من صلابته في دينهم. وقد كان يعرف أمر رسول الله
صلى الله عليه وسلم وشأنه وصفته بما علمه من الكتب المتقدمة جيدا، ولكن
احتمله جهله على الاستمرار في النصرانية لما يرى [من] الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP تعظيمه فيها ووجاهته عند أهلها.
قال ابن إسحاق: وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير، قال: قَدِموا على رسول
الله صلى الله عليه وسلم المدينة فدخلوا عليه مَسْجِدَه حين صلى العصر،
عليهم ثياب الحبرَات: جُبَب وأرْدية، في جَمَال رجال بني الحارث بن كعب.
قال: يقول بعض من رآهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: ما رأينا بعدهم
وفدا مثلهم. وقد حانت صلاتهم، فقاموا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم
يصلون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دَعُوهم فصلّوا إلى المشرق.
قال: فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو حارثة بن علقمة،
والعاقب عبد المسيح، أو السيّد الأيهم، وهم من النصرانية على دين الملك، مع
اختلاف أمرهم، يقولون: هو الله، ويقولون: هو ولد الله، ويقولون: هو ثالث
ثلاثة. تعالى الله [عن ذلك علوًا كبيرا] الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
وكذلك قول النصرانية، فهم يحتجون في قولهم: "هو الله" بأنه كان يحيي
الموتى، ويُبْرئُ الأسقامَ، ويخبر بالغيوب، ويخلق من الطين كهيئة الطير، ثم
ينفخ فيه فيكون طيرا الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP وذلك كله بأمر الله، وليجعله آية للناس.
ويحتجون في قولهم بأنه ابن الله، يقولون: لم يكن له أب يعلم، وقد تكلم في المهد بشيء لم يصنعه أحد من بني آدم قبله.
ويحتجون في الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
قولهم بأنه ثالث ثلاثة، بقول الله تعالى: فعلنا، وأمرنا، وخلقنا، وقضينا؛
فيقولون: لو كان واحدًا ما قال إلا فعلتُ وقضيتُ وأمرتُ وخلقتُ؛ ولكنه هو
وعيسى ومَرْيَم وفي < 2-51 >
كل ذلك من الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP قولهم قد نـزل القرآن.
فلما كلمه الحَبْران قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أسْلِمَا" قالا قد أسلمنا. قال: "إنَّكُمَا لَمْ تُسْلِمَا فأسْلِما" قالا
بلى، قد أسلمنا قبلك. قال: "كَذَبْتُمَا، يمْنَعُكُمَا مِنَ الإسْلامِ
دُعَاؤكُما الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
لله ولدا، وَعِبَادَتُكُمَا الصَّلِيبَ وأكْلُكُمَا الخِنـزيرَ". قالا فمن
أبوه يا محمد؟ فَصَمَتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما فلم يجبهما،
فأنـزل الله في ذلك من قولهم، واختلاف أمرهم، صَدْرَ سورة آل عمران إلى بضع
وثمانين آية منها.
ثم تَكَلَّم ابن إسحاق على التفسير الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
إلى أن قال: فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من الله،
والفَصْلُ من القضاء بينه وبينهم، وأمر بما أمر به من ملاعنتهم إنْ رَدّوا
ذلك عليه، دعاهم إلى ذلك؛ فقالوا: يا أبا القاسم، دَعْنَا ننظر في أمرنا،
ثم نأتيك بما نريد أن نفعل الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
فيما دعوتنا إليه، فانصرفوا عنه، ثم خَلَوْا بالعاقب، وكان ذا رأيهم،
فقالوا: يا عبدَ المسيح، ماذا ترى؟ فقال: والله يا معشر النصارى لقد
عرَفْتم أن محمدًا لنبيٌّ مرسل، ولقد جاءكم بالفَصْل من خَبَر صاحبكم، ولقد
علمتم أنه ما لاعَن قوم نبيًا قط فبقي كبيرهم، ولا نبت صَغيرهم، وإنه
للاستئصال الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP منكم إن فعلتم، فإن كنتم [قد] الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP أبيتم إلا إلف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم، فوادعُوا الرجلَ وانصرفوا إلى بلادكم.
فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا أبا القاسم، قد رأينا ألا
نلاعنك، ونتركك على دينك، ونرجعَ على ديننا، ولكن ابعث معنا رجلا من أصحابك
ترضاه لنا، يحكم بيننا في أشياء اختلفنا فيها من أموالنا، فإنكم الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP عندنا رضًا.
قال محمد بن جعفر: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ائْتُونِي الْعَشِيَّة أبعث معكم القوي الأمين"، فَكان الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
عمر بن الخطاب يقول: ما أحببت الإمارة قَطّ حُبّي إياها يومئذ، رجاء أن
أكون صاحبها، فَرُحْتُ إلى الظهر مُهَجّرا، فلما صلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم الظهرَ سلَّم، ثم نَظَر عن يمينه وعن يساره، فجعلت أتطاول له
ليراني، فلم يَزَلْ يلتمس ببصره حتى رأى أبا عُبَيدة بن الجَرَّاح، فدعاه:
"اخْرُجْ معهم، فَاقْضِ بينهم بِالْحَقِّ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ". قال
عمر: فذهب بها أبو عبيدة، رضي الله عنه الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP .
وقد روى ابن مردويه من طريق محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
قتادة، عن محمود بن لبيد، عن رافع بن خُدَيْج: أن وفد أهل نجران قدموا على
رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه، إلا أنه قال في الأشراف: كانوا
اثني عشر. وذكر بقيته بأطول من هذا السياق، وزيادات أخَر.
وقال البخاري: حدثنا عباس بن الحسين، حدثنا يحيى بن آدم، عن إسرائيل،
عن أبي إسحاق، عن صِلَة بن زُفَر، عن حذيفة قال: جاء العاقبُ والسيدُ صاحبا
نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدان أن < 2-52 >
يلاعناه، قال: فقال أحدهما لصاحبه: لا تَفْعَلْ، فوالله إن الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
كان نبيا فلاعناه لا نفلحُ نحنُ ولا عَقبنا من بعدنا. قالا إنا نعطيك ما
سألتنا، وابعث معنا رجلا أمينًا، ولا تبعث معنا إلا أمينا. فقال:
"لأبْعَثَنَّ مَعَكُمْ رَجُلا أمينًا الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
حَقَّ أمِينٍ"، فاستشرفَ لها أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:
"قُمْ يَا أبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحٍِ" فلما قام قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: "هَذَا أمِينُ هذه الأمَّةِ".
[و] الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP رواه البخاري أيضا، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP2 من طرق عن أبي إسحاق السَّبِيعي، عن صِلَة، عن حذيفة، بنحوه.
وقد رواه أحمد، والنسائي، وابن ماجة، من حديث إسرائيل عن أبي إسحاق، عن صلَة عن ابن مسعود، بنحوه الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP .
وقال البخاري: حدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة، عن خالد، عن أبي قِلابة،
عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لكل أُمَّةٍ أمينٌ وأمين هذه
الأمَّة أبُو عبيدة بْنُ الْجَرَّاحِ" الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP .
وقال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل بن يزيد الرَّقِّي أبو يزيد، حدثنا
فُرَات، عن عبد الكريم ابن مالك الجزَري" عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال
أبو جهل: إن رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند الكعبة لآتينه
حتى أطَأ على عنقه. قال: فقال: "لو فعلَ لأخَذته الملائكةُ عيانًا، ولو أن
اليهود تمنَّوا الموت لماتوا ورأوا مقاعدهم من النار، ولو خرج الذين
يباهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم لرَجَعوا لا يجدون مالا ولا أهلا" الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP .


وقد رواه الترمذي، والنسائي، من حديث عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن عبد الكريم، به. وقال الترمذي: [حديث] الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP حسن صحيح الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP .
وقد روى البيهقي في دلائل النبوة قصَّة وَفْد نَجْران مطولة جدًا،
ولنذكره فإن فيه فوائدَ كثيرة، وفيه غرابة وفيه مناسبة لهذا المقام، قال
البيهقي:
حدثنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل، قالا
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن
بُكَيْر، عن سلمة بن عبدِ يَسُوع، عن أبيه، عن جده قال يونس -وكان نصرانيا
فأسلم-: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل نجران قبل أن ينـزل
عليه طس سليمان: "بِاسْم إلَهِ إِبْرَاهِيمَ وإسْحَاقَ ويَعْقُوبَ، مِنْ
مُحَمَّدٍ الَّنِبيِّ رَسُولِ اللهِ إلَى أسْقف < 2-53 >
نَجْرانَ وأهْلِ نَجْرانَ سِلْم الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
أَنْتُم، فإنِّي أحْمَدُ إلَيْكُمْ إلَهَ إبْرَاهِيمَ وإِسْحَاقَ
ويَعْقُوبَ. أَمَّا بَعْدُ، فإنِّي أَدْعُوكُم إلَى عِبَادَةِ اللهِ مِنْ
عِبَادَةِ الْعِبَادِ، وأدْعُوكُمْ إلَى وِلايَةِ اللهِ مِنْ وِلايَةِ
الْعِبَادِ، فَإِنْ أَبَيْتُمْ فَالْجِزْيَةُ، فَإِنْ أَبَيْتُمْ الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP آذَنْتُكُمْ بِحَرْبٍ والسَّلامُ".
فلما أتى الأسقف الكتاب فقرأه فَظعَ به، وذَعَره ذُعرًا شديدًا، وبعث
إلى رجل من أهل نجران يقال له: شُرَحْبيل بن وَداعة -وكان من هَمْدان ولم
يكن أحد يُدْعَى إذا نـزلت مُعْضلة قَبْلَه، لا الأيهم ولا السِّيد ولا
العاقب-فدفع الأسْقُفُ كتابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شُرَحْبيل،
فقرأه، فقال الأسقف: يا أبا مريمَ، ما رأيك الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
؟ فقال شرحبيل: قد علمت ما وعد الله إبراهيم في ذرية إسماعيل من النبوة،
فما يُؤْمنُ أن يكون هذا هو ذاك الرجل، ليس لي في النبوة رأي، ولو كان أمر
من أمور الدنيا لأشرت عليك فيه برأيي، وجَهِدتُ لك، فقال له الأسقف:
تَنَحَّ فاجلس. فَتَنَحَّى شرحبيل فجلس ناحية، فبعث الأسقف إلى رجل من أهل
نجران، يقال له: عبد الله بن شرحبيل، وهو من ذي أصبح من حمْير، فأقرأه
الكتاب، وسأله عن الرأي فيه، فقال له مثل قول شرحبيل، فقال له الأسقف:
فاجلس، فتَنَحى فجلس ناحية. وبعث الأسقف إلى رجل من أهل نجران، يقال له:
جبار بن فيض، من بني الحارث بن كعب، أحد بني الحماس، فأقرأه الكتاب، وسأله
عن الرأي فيه؟ فقال له مثل قول شُرَحبيل وعبد الله، فأمره الأسقف فتنحى
فجلس ناحية.
فلما اجتمع الرأي منهم على تلك المقالة جميعًا، أمر الأسقف بالناقوس
فضُرب به، ورُفعت النيران والمسوح في الصوامع، وكذلك كانوا يفعلون إذا
فَزعوا بالنهار، وإذا كان فزعُهم ليلا ضربوا بالناقوس، ورفعت النيران في
الصوامع، فاجتمعوا الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
حين ضرب بالناقوس ورفعت المسوح أهل الوادي أعلاه وأسفله -وطولُ الوادي
مَسِيرة يوم للراكب السريع، وفيه ثلاث وسبعون قرية، وعشرون ومائة ألف
مقاتل. فقرأ عليهم كتابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسألهم عن الرأي
فيه، فاجتمع رأيُ أهل الرأي منهم على أن يبعثوا شرحبيل بن ودَاعة الهمداني،
وعبد الله ابن شُرَحبيل الأصبحي، وجبار بن فيض الحارثي، فيأتونهم الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فانطلق الوفد حتى إذا كانوا بالمدينة
وضعوا ثياب السفر عنهم، ولبسوا حُلَلا لهم يجرونها من حبرة، وخواتيم الذهب،
ثم انطلقوا حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلموا عليه، فلم يرد
عليهم الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
وتصدوا لكلامه نهارا طويلا فلم يكلمهم وعليهم تلك الحلل وخواتيم الذهب.
فانطلقوا يتبعون عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف، وكانا مَعْرفة لهم،
فوجدوهما في ناس من المهاجرين والأنصار في مجلس، فقالوا: يا عثمان ويا عبد
الرحمن، إن نبيكم كتب إلينا بكتاب، فأقبلنا مجيبين له، فأتيناه فسلمنا عليه
فلم يرد سلامنا، وتصدينا لكلامه نهارا طويلا فأعيانا أن يكلمنا، فما الرأي
منكما، أترون أن نرجع؟ فقالا لعلي بن أبي طالب -وهو في < 2-54 >
القوم-: ما ترى يا أبا الحسن في هؤلاء القوم؟ فقال عَليّ لعثمان ولعبد
الرحمن: أرى أن يضعوا حُللهم هذه وخواتيمهم، ويلبسوا ثياب سفرهم ثم يعودا
إليه. ففعلوا فسلموا، فرد سلامهم، ثم قال: "والَّذِي بَعَثَنِي بِالحَقِّ
لَقَدْ أَتَوْنِي الْمرَّةَ الأولَى، وإنَّ إبْلِيسَ لَمَعَهُم" ثم ساءلهم
وساءلوه، فلم تزل به وبهم المسألة حتى قالوا: ما تقول في عيسى، فإنا نرجع
إلى قومنا ونحن نصارى، يسرنا إن كنت نبيا أن نسمع ما تقول فيه الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا عِنْدِي فِيهِ شِيء يَوْمِي هَذَا، فَأَقِيمُوا حَتَّى أُخْبِرَكُمْ بما الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
يقول لي رَبِّي في عيسَى". فأصبح الغد وقد أنـزل الله، عز وجل، هذه الآية:
( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ
تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا
تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ * فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا
جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا
وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ
ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
الْكَاذِبِينَ ) فأبوا أن يقروا بذلك، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه
وسلم الغد بعد ما أخبرهم الخبر، أقبل مشتملا على الحسن والحسين في خَمِيل
له وفاطمة تمشي عند ظهره للملاعنة، وله يومئذ عدة نسوة، فقال شرحبيل
لصاحبيه: قد علمتما أن الوادي إذا اجتمع أعلاه وأسفله لم يردوا ولم يصدروا
إلا عن رأيي الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP وإني والله أرى أمرا ثقيلا والله لئن كان هذا الرجل ملكا مبعوثا، فكنا أول العرب طعن في عينيه الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
ورد عليه أمره، لا يذهب لنا من صدره ولا من صدور أصحابه حتى يصيبونا
بجائحة، وإنا لأدنى العرب منهم جوارا، ولئن كان هذا الرجل نبيا مرسلا
فلاعَنَّاه لا يبقى على وجه الأرض منا شَعْر ولا ظُفُر إلا هلك. فقال الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP له صاحباه: يا أبا مريم، فما الرأي؟ فقال: أرى الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP أن أحكمه، فإني أرى رجلا لا يحكم شططا أبدا. فقالا له: أنت وذاك. قال: فلقي الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
شرحبيلُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: إني قد رأيت خيرا من
ملاعنتك. فقال: "وما هو؟" فقال: حكمك اليوم إلى الليل وليلتك إلى الصباح،
فمهما حكمت فينا فهو جائز. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَعَلَّ
وَرَاءكَ أحَدًا يَثْرِبُ عَلْيكَ؟" فقال شرحبيل: سل صاحبي. فسألهما فقالا
ما يرد الوادي ولا يَصْدرُ إلا عن رأي شرحبيل: فَرَجع رسول الله صلى الله
عليه وسلم فلم يلاعنهم، حتى إذا كان الغد أتوه فكتب لهم هذا الكتاب: "بِسْم
الله الرحمنِ الرَّحِيم، هَذَا مَا كَتَبَ مُحَمَّدٌ النَّبِي رَسُولُ
اللهِ لِنَجْرَانَ -إنْ كَانَ عَلَيْهِمْ حُكْمَهُ-فِي كُلِّ ثَمَرَةٍ
وَكُلِّ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ وَسَودَاءَ وَرَقِيقٍ فَاضِلٍ الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
عَلَيْهِمْ، وتَرْك ذَلِكَ كُلُّهُ لَهُمْ، عَلَى أَلْفَي حُلَّةٍ، فِي
كُلِّ رَجَبٍ أَلْفُ حُلَّةٍ، وفِي كُلِّ صَفَرٍ ألْفُ حُلَّةٍ" وذكر تمام
الشروط وبقية السياق الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP .
والغرض أن وفودهم الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
كان في سنة تسع؛ لأن الزهري قال: كان أهل نجران أول من أدى الجزية إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآية الجزية إنما أنـزلت بعد الفتح، وهي
قوله تعالى:
الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  B2 قَاتِلُوا
الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا
يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ
الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ
عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ

الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  B1

[ التوبة : 29 ].

وقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا أحمد بن داود المكي، حدثنا بشر بن < 2-55 >
مهران، أخبرنا محمد بن دينار، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن جابر
قال: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم العاقب والطيب، فدعاهما إلى
الملاعنة فواعداه على أن يلاعناه الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP الغداة. قال: فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين، ثم أرسل إليهما فَأَبَيَا أن يجيئا الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
وأقَرَّا بالخراج، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وَالَّذِي
بَعَثَني بالْحَقِّ لَوْ قَالا لا لأمْطَرَ عَلَيْهِمُ الْوَادِي الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
نارًا" قال جابر: فيهم نـزلت ( نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ
وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ) قال جابر: (
وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ) رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وعليّ بن
أبي طالب وَ(أَبْنَاءَنَا) الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP الحسن والحسين ( وَنِسَاءَنَا ) فاطمة.
وهكذا رواه الحاكم في مستدركه، عن علي بن عيسى، عن أحمد بن محمد الأزهري الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP عن علي بن حُجْر، عن علي بن مُسْهِر، عن داود بن أبي هند، به بمعناه. ثم قال: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP2 .
هكذا قال: وقد رواه أبو داود الطيالسي، عن شعبة، عن المغيرة الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP عن الشعبي مرسلا وهذا أصح الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP2 وقد روي عن ابن عباس والبراء نحو ذلك




الزعيم
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 7554

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  Empty رد: الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران

مُساهمة من طرف اعصار الإثنين 16 مايو - 18:35:58

الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  11111113

موضــــــ جميل ـــــوع
والأجمل مشاركة به معنا
لا تحرمنا مواضيعك سنكون شاكريــــ لك ـــن على جهودك الطيبة
فكن دائما كما أنت لأنك تستحق كــــ الشكر ــــــل
ولا تنسى أن تترك أثرا هنا



اعصار
اعصار
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 34551

https://www.helpub.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  Empty رد: الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران

مُساهمة من طرف الزعيم الثلاثاء 17 مايو - 16:18:49

شكرا على الرد نورت الموضوع بمرورك
لا تبخل علينا بجميل كلماتك
ولا تنسى أن تزورنا دوما على عنوان واحد

هنا




الزعيم
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 7554

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران  Empty رد: الجزء الثامن من تفسير سورة آل عمران

مُساهمة من طرف أبو سليمان الأحد 12 يونيو - 14:13:45

شكرا على الموضوع




أبو سليمان
المشرفون
المشرفون

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 3412
تاريخ الميلاد : 03/11/1996
العمر : 28

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى