الجزء الحادي عشر من تفسير سورة آل عمران
ملتقى الجزائريين والعرب :: المنتدى العام :: الركن الإسلامي :: ملحق تفسير القرآن كاملا لابن كثير
:: تفسير سورة آل عمران
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
الجزء الحادي عشر من تفسير سورة آل عمران
وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ
لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ
هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ
عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ
(78)
يخبر تعالى عن اليهود، عَليهم لعائن الله، أن منهم فريقا يُحَرِّفون
الكلم عن مواضعه ويُبَدِّلون كلام الله، ويزيلونه عن المراد به، ليُوهِموا
الجهلة أنه في كتاب الله كذلك، وينسبونه إلى الله، وهو كذب على الله، وهم
يعلمون من أنفسهم أنهم قد كذبوا وافتروا في ذلك كله؛ ولهذا قال: (
وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ )
وقال مجاهد، والشعبي، والحسن، وقتادة، والربيع بن أنس: ( يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ ) يحرفونه.
وهكذا روى البخاري عن ابن عباس: أنهم يحرفون ويزيدون وليس أحد من خلق الله يزيل لفظ كتاب من كتب الله، لكنهم يحرفونه: يتأولونه على غير تأويله.
وقال وهب بن مُنَبِّه: إن التوراة والإنجيل كما أنـزلهما الله لم يغير
منهما حرف، ولكنهم يُضِلّونَ بالتحريف والتأويل، وكتب كانوا يكتبونها من
عند أنفسهم، ( وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ
عِنْدِ اللَّهِ ) فأما كتب الله فإنها محفوظة ولا تحول.
رواه ابن أبي حاتم، فإن عَنَى وَهْب ما بأيديهم من ذلك، فلا شك أنه قد
دخلها التبديل والتحريف والزيادة والنقص، وأما تعريب ذلك المشاهد بالعربية
ففيه خطأ كبير، وزيادات كثيرة ونقصان، ووَهْم فاحش. وهو من باب تفسير
المعبر المعرب، وفَهْم كثير منهم بل أكثرهم، بل جميعهم فاسد. وأما إن عَنَى كتب الله التي هي كتبه من عنده، فتلك كما قال محفوظة لم يدخلها شيء.
مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ
وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ
اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ
الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ
(79)
وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ
أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
(80)
قال محمد بن إسحاق: حدثنا محمد بن أبي محمد، عن عِكْرِمة أو سعيد بن جُبَير، عن ابن < 2-66 >
عباس قال: قال أبو رافع القُرَظِي، حين اجتمعت الأحبار من اليهود والنصارى
من أهل نجران، عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى الإسلام:
أتريد يا محمد أن نعبدكَ كما تعبد النصارى عيسى ابن مريم؟ فقال رجل من أهل
نجران نصراني يقال له الرئيس: أوَ ذاك تريد منا يا محمد، وإليه تدعوننا؟ أو
كما قال. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَعَاذَ اللهِ أنْ نَعْبُدَ
غَيْرَ اللهِ، أو أنْ نَأْمُرَ بِعِبَادَةِ غَيْرِه، مَا بِذَلِكَ
بَعَثَنِي، ولا بِذَلِكَ أَمَرَنِي". أو كما قال صلى الله عليه وسلم،
فأنـزل الله عز وجل في ذلك من قولهما: ( مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ
يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ) [الآية] إلى قوله: ( بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) .
فقوله
( مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ
وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ
اللَّهِ ) أي: ما ينبغي لبشر آتاه الله الكتاب والحُكْم والنبوة أن يقول
للناس: اعبدوني من دون الله. أي: مع الله، فإذا كان هذا لا يصلح لنبي ولا لمرسل، فلأن لا يصلح
لأحد من الناس غيرهم بطريق الأولى والأحرى؛ ولهذا قال الحسن البصري: لا
ينبغي هذا لمؤمن أن يأمر الناس بعبادته. قال: وذلك أن القوم كان يعبد بعضهم
بعضا -يعني أهل الكتاب-كانوا يَتعبَّدون لأحبارهم ورهبانهم، كما قال الله
تعالى:
اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ
اللَّهِ [وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا
إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ]
[التوبة:31] وفي المسند، والترمذي -كما سيأتي-أن عَديّ بن حاتم قال: يا
رسول الله، ما عبدوهم. قال: "بَلَى، إنَّهُمْ أَحَلُّوا لَهُمُ الْحَرَامَ
وحَرَّمُوا عَلَيْهِمُ الْحَلالَ، فَاتَّبَعُوهُمْ، فَذَلِكَ عِبَادَتُهُمْ إِيَّاهُمْ".
فالجهلة من الأحبار والرهبان ومشايخ الضلال يدخلون في هذا الذم
والتوبيخ، بخلاف الرسل وأتباعهم من العلماء العاملين، فإنما يأمرون بما
أمَرَ الله به وبلغتهم إياه رسله الكرام. إنما يَنْهَوْنهم عما نهاهم الله
عنه وبلغتهم إياه رسله الكرام. فالرسل، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعينَ،
هم السفراء بين الله وبين خلقه في أداء ما حملوه من الرسالة وإبلاغ
الأمانة، فقاموا بذلك أتم قيام، ونصحوا الخلق، وبلغوهم الحق.
وقوله: ( وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ
الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ ) أي: ولكن يقول الرسول للناسِ:
كونوا رَبَّانيين. قال ابن عباس وأبو رَزِين وغير واحد، أي: حكماء علماء
حلماء. وقال الحسن وغير واحد: فقهاء، وكذا رُوِي عن ابن عباس، وسعيد بن
جُبير، وقتادة، وعطاء الخراساني، وعطية العوفي، والربيع بن أنس. وعن الحسن
أيضا: يعني أهل عبادة وأهل تقوى.
وقال الضحاك في قوله: ( بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ
وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ ) حَقٌ على من تعلم القرآن أن يكون فَقيهًا:
"تَعْلَمُون" أي: تفهمون معناه. وقرئ ( تُعَلِّمُون ) بالتشديد من التعليم ( وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ ) تحفظون ألفاظه.
< 2-67 >
ثم قال: ( وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ
وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا ) أي: ولا يأمركم بعبادة أحد غير الله، لا نبي
مرسل ولا ملك مُقَرَّب ( أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ
مُسْلِمُونَ ) أي: لا يَفْعَل
ذلك؛ لأنَّ من دعا إلى عبادة غير الله فقد دعا إلى الكفر، والأنبياء إنما
يأمرون بالإيمان، وهو عبادة الله وحده لا شريك له، كما قال تعالى:
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي
إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ
[الأنبياء:25] وقال تعالى:
وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ
الآية ،[النحل:36] وقال تعالى
وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ
[الزخرف:45] وقال [تعالى] إخبارًا عن الملائكة:
وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ
[الأنبياء:29].
وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ
كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ
لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ
عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا
مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ
(81)
فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
(82)
يخبر تعالى أنه أخذ ميثاق كل نبي بعثه من لدن آدم، عليه السلام، إلى
عيسى، عليه السلام، لَمَهْمَا آتى الله أحدَهم من كتاب وحكمة، وبلغ أيّ
مبلَغ، ثم جاءه رسول من بعده، ليؤمنَنَّ به ولينصرَنَّه، ولا يمنعه ما هو
فيه من العلم والنبوة من اتباع من بعث بعده ونصرته؛ ولهذا قال تعالى وتقدس:
( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ
كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ) أي: لمهما أعطيتكم
من كتاب وحكمة ( ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ
لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ
عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي )
وقال ابن عباس، ومجاهد، والربيع، وقتادة، والسدي: يعني عهدي.
وقال محمد بن إسحاق: ( إصري ) أي: ثقل ما حمّلْتم من عهدي، أي ميثاقي الشديد المؤكد.
( قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ
الشَّاهِدِينَ * فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ ) أي: عن هذا العهد
والميثاق، ( فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ )
قال علي بن أبي طالب وابن عمه عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما: ما
بعث الله نبيا من الأنبياء إلا أخذ عليه الميثاق، لئن بَعَث محمدًا وهو
حَيّ ليؤمنن به ولينصرنه، وأمَرَه أن يأخذ الميثاق على أمته: لئن بعث محمد
[صلى الله عليه وسلم] وهم أحياء ليؤمِنُنَّ به ولينصرُنَّه.
< 2-68 >
وقال طاووس، والحسن البصري، وقتادة: أخذ الله ميثاق النبيين أن يصدق بعضهم بعضا.
وهذا لا يضاد ما قاله عليّ وابن عباس ولا ينفيه، بل يستلزمه ويقتضيه.
ولهذا رواه عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن ابن طاووس، عن أبيه مثل قول عليّ
وابن عباس.
وقد قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا سفيان، عن جابر، عن
الشعبي، عن عبد الله بن ثابت قال: جاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال: يا رسول الله، إني مررتُ بأخٍ لي من قُرَيْظَة، فكتب لي جَوَامعَ من التوراة، ألا أعرضها عليك؟ قال: فتغيَّرَ وَجْهُ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم -قال عبد الله بن ثابت: قلت
له: ألا ترى ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عمر: رضينا بالله
ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا -قال: فسُرِّيَ عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم وقال: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ أَصْبَحَ
فِيكُمْ مُوسَى عليه السلام، ثُمَّ اتَّبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِي
لَضَلَلْتُمْ، إِنَّكُمْ حَظِّي مِنْ الأمَمِ، وَأَنَا حَظُّكُمْ مِنْ النَّبِيِّينَ" .
حديث آخر: قال الحافظ أبو بكر
حدثنا إسحاق، حدثنا حماد، عن مُجالد، عن الشعبي، عن جابر قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَسْأَلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ،
فَإِنَّهُمْ لَنْ يَهْدُوكُمْ وَقَدْ ضَلُّوا ، وَإِنَّكُمْ إِمَّا أَنْ
تُصَدِّقُوا بِبَاطِلٍ وإما أنْ تُكَذِّبُوا بِحَقٍّ، وَإِنَّه
-واللهِ-لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ مَا حَلَّ لَهُ إِلا
أَنْ يَتَّبِعَنِي" .
وفي بعض الأحاديث [له] :"لَوْ كَانَ مُوسَى وَعِيسَى حَيَّينِ لَمَا وَسِعَهُما إلا اتِّباعِي" .
فالرسول محمد خاتم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه، دائما إلى يوم الدين، وهو الإمام الأعظم الذي لو وجد في أي عصر وجد لكان هو الواجب الطاعة المقدَّم على الأنبياء كلهم؛ ولهذا كان إمامهم ليلة الإسراء لما اجتمعوا ببيت المقدس، وكذلك هو الشفيع في يوم الحشر
في إتيان الرب لِفَصْل القضاء، وهو المقام المحمود الذي لا يليق إلا له،
والذي يحيد عنه أولو العزم من الأنبياء والمرسلين، حتى تنتهي النوبة إليه،
فيكونَ هو المخصوص به.
< 2-69 >
أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ
(83)
يقول تعالى منكرًا على من أراد دينا سوى دين الله، الذي أنـزل به كتبَه
وأرسل به رسلَه، وهو عبادته وحده لا شريك له، الذي ( وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ
فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) أي: استسلم له من فيهما طوعا وكرها، كما
قال تعالى:
وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ
[الرعد:15] وقال تعالى:
أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ
ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ
دَاخِرُونَ * وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ
[النحل: 48 -50] .
فالمؤمن مستسلم بقلبه وقالبه لله، والكافر مستسلم لله كرها، فإنه تحت
التسخير والقهر والسلطان العظيم، الذي لا يخالف ولا يمانع. وقد ورد حديث في
تفسير هذه الآية، على معنى آخر فيه غرابة، فقال الحافظ أبو القاسم
الطبراني:
حدثنا أحمد بن النضر العسكري، حدثنا سعيد بن حفص النُّفَيْلي، حدثنا
محمد بن مِحْصَن العكاشي، حدثنا الأوزاعي، عن عطاء بن أبي رباح، عن النبي
صلى الله عليه وسلم: ( وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ
طَوْعًا وَكَرْهًا ) أمَّا مَنْ فِي السَّمَاواتِ فَالْمَلائِكَةُ، وأمَّا
مَنْ فِي الأرضِ فَمَنْ وُلِدَ عَلَى الإسْلامِ، وأمَّا كَرْهًا فَمَنْ
أُتِي بِهِ مِنْ سَبَايا الأمَمِ فِي السَّلاسِلِ والأغْلالِ، يُقَادُونَ
إلَى الْجَنَّةِ وَهُمْ كَارِهُونَ" .
وقد ورد في الصحيح: "عَجِبَ رَبُّكَ مِنْ قَوْمٍ يُقَادُونَ إلَى الْجَنَّةِ فِي السَّلاسِل" وسيأتي له شاهد من وجه آخر ولكن المعنى الأول للآية أقوى.
وقد قال وَكِيع في تفسيره: حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد: ( وَلَهُ
أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا ) قال: هو
كقوله:
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ
[لقمان:25] .
وقال أيضا: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس: ( وَلَهُ
أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا ) قال: حين
أخذ الميثاق.
< 2-70 >
( وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ) أي: يوم المَعَاد، فيجازي كلا بعمله.
الزعيم- المـديـر العـــام
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 7554
رد: الجزء الحادي عشر من تفسير سورة آل عمران
موضــــــ جميل ـــــوع
والأجمل مشاركة به معنا
لا تحرمنا مواضيعك سنكون شاكريــــ لك ـــن على جهودك الطيبة
فكن دائما كما أنت لأنك تستحق كــــ الشكر ــــــل
ولا تنسى أن تترك أثرا هنا
رد: الجزء الحادي عشر من تفسير سورة آل عمران
شكرا على الرد نورت الموضوع بمرورك
لا تبخل علينا بجميل كلماتك
ولا تنسى أن تزورنا دوما على عنوان واحد
هنا
لا تبخل علينا بجميل كلماتك
ولا تنسى أن تزورنا دوما على عنوان واحد
هنا
الزعيم- المـديـر العـــام
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 7554
رد: الجزء الحادي عشر من تفسير سورة آل عمران
شكرا على الموضوع
أبو سليمان- المشرفون
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 3412
تاريخ الميلاد : 03/11/1996
العمر : 28
مواضيع مماثلة
» الجزء الثاني عشر من تفسير سورة آل عمران
» الجزء الثالث عشر من تفسير سورة آل عمران
» الجزء الرابع عشر من تفسير سورة آل عمران
» الجزء الخامس عشر من تفسير سورة آل عمران
» الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران
» الجزء الثالث عشر من تفسير سورة آل عمران
» الجزء الرابع عشر من تفسير سورة آل عمران
» الجزء الخامس عشر من تفسير سورة آل عمران
» الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران
ملتقى الجزائريين والعرب :: المنتدى العام :: الركن الإسلامي :: ملحق تفسير القرآن كاملا لابن كثير
:: تفسير سورة آل عمران
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى