الجزء التاسع من تفسير سورة يونس
ملتقى الجزائريين والعرب :: المنتدى العام :: الركن الإسلامي :: ملحق تفسير القرآن كاملا لابن كثير
:: تفسير سورة يونس
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
الجزء التاسع من تفسير سورة يونس
أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64)
يخبر تعالى أن أولياءه هم الذين آمنوا وكانوا يتقون، كما فسرهم ربهم، فكل من كان تقيا كان لله وليا: أنه ( لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ) [أي] فيما يستقبلون من أهوال القيامة، ( وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) على ما وراءهم في الدنيا.
وقال عبد الله بن مسعود، وابن عباس، وغير واحد من السلف: أولياء الله الذين إذا رءوا ذُكِر الله.
وقد ورد هذا في حديث مرفوع كما قال البزار:
حدثنا علي بن حَرْب الرازي، حدثنا محمد بن سعيد بن سابق، حدثنا يعقوب بن
عبد الله الأشعري -وهو القمي -عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير،
عن ابن عباس قال: قال رجل: يا رسول الله، مَنْ أولياء الله؟ قال: "الذين
إذا رءُوا ذُكر الله". ثم قال البزار: وقد روي عن سعيد مرسلا.
وقال ابن جرير: حدثنا أبو هشام الرِّفاعي، حدثنا ابن فضيل
حدثنا أبي، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زُرْعَة بن عمرو بن جرير
البَجَلي، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "إن من عباد الله عبادا يغبطهم الأنبياء والشهداء". قيل: من هم يا رسول الله؟ لعلنا نحبهم. قال: "هم قوم تحابوا
في الله من غير أموال ولا أنساب، وجوههم نور على منابر من نور، لا يخافون
إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس". ثم قرأ: ( أَلا إِنَّ
أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ )
ثم رواه أيضا أبو داود، من حديث جرير، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة
بن عمرو بن جرير، عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه
وسلم، بمثله.
وهذا أيضا إسناد جيد، إلا أنه منقطع بين أبي زرعة وعمر بن الخطاب، والله أعلم.
وفي حديث الإمام أحمد، عن أبي النضر، عن عبد الحميد بن بَهْرَام، عن
شَهْر بن حَوْشَب، عن عبد الرحمن بن غَنْم، عن أبي مالك الأشعري قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي من أفناء الناس ونوازع القبائل قوم لم
تتصل
بينهم أرحام متقاربة، تحابوا في الله، وتصافوا في الله، يضع الله لهم يوم
القيامة منابر من نور، فيجلسهم عليها، يفزع الناس ولا يفزعون، وهم أولياء
الله، الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون". والحديث متطول.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا سفيان، عن الأعمش، عن
ذَكْوَان أبي صالح، عن رجل، عن أبي الدرداء، رضي الله عنه، عن النبي صلى
الله عليه وسلم في قوله: ( لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَفِي الآخِرَةِ ) قال: "الرؤيا الصالحة يراها المسلم، أو تُرى له".
وقال ابن جرير: حدثني أبو السائب، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي
صالح، عن عطاء بن يسار، عن رجل من أهل مصر، عن أبي الدرداء في قوله: (
لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ) قال: سأل
رجل أبا الدرداء عن هذه الآية، فقال: لقد سألت عن شيء ما سمعتُ [أحدًا]
سأل عنه بعد رجل سأل عنه رسولَ الله، فقال: "هي الرؤيا الصالحة يراها
الرجل المسلم، أو تُرَى له، بشراه في الحياة الدنيا، وبشراه في الآخرة
[الجنة]".
ثم رواه ابن جرير من حديث سفيان، عن ابن المنْكَدِر، عن عَطَاء بن
يَسَار، عن رجل من أهل مصر، أنه سأل أبا الدرداء عن هذه الآية، فذكر نحو ما
تقدم.
وقال ابن جرير: حدثني المثنى: حدثنا الحجاج بن مِنْهَال، حدثنا حماد بن
زيد، عن عاصم بن بَهْدَلَة، عن أبي صالح قال: سمعت أبا الدرداء، وسئل عن: (
الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى ) فذكر نحوه
سواء.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا أبان، حدثنا يحيى، عن أبي سلمة، عن
عبادة بن الصامت؛ أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول
الله، أرأيت قول الله تعالى: ( لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ) ؟ فقال: "لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد
من أمتي -أو: أحد قبلك" قال: "تلك الرؤيا الصالحة، يراها الرجل الصالح أو
تُرَى له" .
وكذا رواه أبو داود الطيالسي، عن عمران القَطَّان، عن يحيى بن أبي كثير، به ورواه الأوزاعي،
عن يحيى بن أبي كثير، فذكره. ورواه علي بن المبارك، عن يحيى، عن أبي سلمة
قال: نُبّئنا عن عبادة بن الصامت، سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه
الآية، فذكره.
وقال ابن جرير: حدثني أبو حميد الحِمْصيّ، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا
عمر بن عمرو بن عبد الأحْمُوسي، عن حميد بن عبد الله المزني قال: أتى رجل
عبادة بن الصامت فقال: آية في كتاب الله أسألك عنها، قول الله تعالى: (
لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) ؟ فقال عبادة: ما سألني
عنها أحد قبلك، سألت عنها نبي الله فقال مثل ذلك: "ما سألني عنها أحد قبلك،
الرؤيا الصالحة، يراها العبد المؤمن في المنام أو تُرَى له".
ثم رواه من حديث موسى بن عبيدة، عن أيوب بن خالد بن صَفْوان، عن عبادة
بن الصامت؛ أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لَهُمُ الْبُشْرَى
فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ) فقد عرفنا بشرى الآخرة الجنة،
فما بشرى الدنيا؟ قال: "الرؤيا الصالحة يراها العبد أو تُرَى له، وهي جزء
من أربعة وأربعين جزءا أو سبعين جزءا من النبوة".
وقال [الإمام]
أحمد أيضا: حدثنا بَهْز، حدثنا حماد، حدثنا أبو عمران، عن عبد الله بن
الصامت، عن أبي ذر؛ أنه قال: يا رسول الله، الرجل يعمل العمل فيحمده الناس عليه، ويثنون عليه به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تلك عاجل بشرى المؤمن". رواه مسلم.
وقال أحمد أيضا: حدثنا حسن -يعني الأشيب -حدثنا ابن لَهِيعة، حدثنا
دَرَّاج، عن عبد الرحمن بن جُبَيْر، عن عبد الله بن عمرو، عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم أنه قال: ( لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَفِي الآخِرَةِ ) قال: "الرؤيا الصالحة يبشرها المؤمن، هي جزء من تسعة
وأربعين جزءا من النبوة، فمن رأى [ذلك] فليخبر بها، ومن رأى سوى ذلك فإنما هو من الشيطان ليَحْزُنه، فلينفث عن يساره ثلاثا، وليكبر ولا يخبر بها أحدا" لم يخرجوه.
وقال ابن جرير: حدثني يونس، أنبأنا ابن وَهْب، حدثني عمرو بن الحارث، أن
دَرَّاجا أبا السمح حدثه عن عبد الرحمن بن جُبَيْر، عن عبد الله بن عمرو،
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لَهُمُ الْبُشْرَى فِي
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) الرؤيا الصالحة يبشَّرها المؤمن، جزء من ستة
وأربعين جزءا من النبوة".
وقال أيضا ابن جرير: حدثني محمد بن أبي حاتم المؤدَّب، حدثنا عمار بن
محمد، حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه
وسلم: ( لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ )
قال: "هي في الدنيا الرؤيا الصالحة، يراها العبد أو تُرَى له، وهي في الآخرة الجنة".
ثم رواه عن أبي كُرَيْب، عن أبي بكر بن عَيَّاش، عن أبي حصين، عن أبي
صالح، عن أبي هريرة أنه قال: الرؤيا الحسنة بشرى من الله، وهي من
المبشّرات.
هكذا رواه من هذه الطريق موقوفا.
وقال أيضا: حدثنا أبو كُرَيْب، حدثنا أبو بكر، حدثنا هشام، عن ابن
سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الرؤيا
الحسنة هي البشرى، يراها المسلم أو تُرَى له".
وقال ابن جرير: حدثني أحمد بن حماد الدُّولابي، حدثنا سفيان، عن عبيد
الله بن أبي يزيد، عن أبيه، عن سِبَاع بن ثابت، عن أم كُرْز الكعبية: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ذهبت النبوة، وبقيت المبشرات".
وهكذا روي عن ابن مسعود، وأبي هريرة، وابن عباس، ومجاهد، وعُرْوَة بن
الزبير، ويحيى بن أبي كثير، وإبراهيم النَّخَعي، وعطاء بن أبي رباح: أنهم
فسروا ذلك بالرؤيا الصالحة.
وقيل: المراد بذلك بشرى الملائكة للمؤمن عند احتضاره بالجنة والمغفرة كما في قوله تعالى: إِنَّ
الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ
عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا
بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ
أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ
فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلا مِنْ غَفُورٍ رَحِيم [ فصلت : 30 -32 ] .
وفي حديث البراء: "أن المؤمن إذا حضره الموت، جاءه ملائكة بيض الوجوه،
بيض الثياب، فقالوا: اخرجي أيتها الروح الطيبة إلى روح وريحان، ورب غير
غضبان. فتخرج من فمه، كما تسيل القطرة من فم السقاء".
وأما بشراهم في الآخرة، فكما قال تعالى: لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [ الأنبياء : 103 ]. وقال تعالى: يَوْمَ
تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ
أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي
مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ [ الحديد : 12 ].
وقوله: ( لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ) أي: هذا الوعد لا يبدل ولا يخلف ولا يغير، بل هو مقرر مثبت كائن لا محالة: ( ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )
وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (65) أَلا
إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَمَا
يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ
يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ (66) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (67)
يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: ( وَلا يَحْزُنْكَ ) قولُ هؤلاء
المشركين، واستعن بالله عليهم، وتوكل عليه؛ فإن العزة لله جميعا، أي:
جميعها له ولرسوله وللمؤمنين، ( هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) أي: السميع
لأقوال عباده العليم بأحوالهم.
ثم أخبر تعالى أن له ملك السموات والأرض، وأن المشركين يعبدون الأصنام، وهي لا تملك شيئا، لا ضرًا ولا نفعا، ولا دليل لهم على عبادتها، بل إنما يتبعون في ذلك ظنونهم وتخرصهم وكذبهم وإفكهم.
ثم أخبر أنه الذي جعل لعباده الليل ليسكنوا فيه، أي: يستريحون فيه من
نَصَبهم وكلالهم وحَرَكاتهم، ( وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ) أي: مضيئا لمعاشهم
وسعيهم، وأسفارهم ومصالحهم، ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ
يَسْمَعُونَ ) أي: يسمعون هذه الحجج والأدلة، فيعتبرون بها، ويستدلون على عظمة خالقها، ومقدرها ومسيرها.
قَالُوا
اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي
السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا
أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (68) قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ (69) مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70)
يقول تعالى منكرًا على من ادعى أن له ولدًا: ( سُبْحَانَهُ هُوَ
الْغَنِيُّ ) أي: تقدس عن ذلك، هو الغني عن كل ما سواه، وكل شيء فقير إليه،
( لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ ) أي: فكيف يكون له ولد
مما خلق، وكل شيء مملوك له، عبد له؟! ( إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ
بِهَذَا ) أي: ليس عندكم دليل على ما تقولونه من الكذب والبهتان! (
أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) إنكار ووعيد أكيد، وتهديد شديد، كما قال تعالى: وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا [ مريم : 88 -95 ].
ثم توعد تعالى الكاذبين عليه المفترين، ممن زعم أنه له ولدا، بأنهم لا
يفلحون في الدنيا ولا في الآخرة، فأما في الدنيا فإنهم إذا استدرجهم وأملى
لهم متعهم قليلا ثم يضطرهم إلى عذاب غليظ، كما قال ها هنا: ( مَتَاعٌ فِي
الدُّنْيَا ) أي: مدة قريبة، ( ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ) أي: يوم
القيامة، ( ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ ) أي: الموجع المؤلم (
بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ) أي: بسبب كفرهم وافترائهم وكذبهم على الله،
فيما ادعوه من الإفك والزور.
يخبر تعالى أن أولياءه هم الذين آمنوا وكانوا يتقون، كما فسرهم ربهم، فكل من كان تقيا كان لله وليا: أنه ( لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ) [أي] فيما يستقبلون من أهوال القيامة، ( وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) على ما وراءهم في الدنيا.
وقال عبد الله بن مسعود، وابن عباس، وغير واحد من السلف: أولياء الله الذين إذا رءوا ذُكِر الله.
وقد ورد هذا في حديث مرفوع كما قال البزار:
حدثنا علي بن حَرْب الرازي، حدثنا محمد بن سعيد بن سابق، حدثنا يعقوب بن
عبد الله الأشعري -وهو القمي -عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير،
عن ابن عباس قال: قال رجل: يا رسول الله، مَنْ أولياء الله؟ قال: "الذين
إذا رءُوا ذُكر الله". ثم قال البزار: وقد روي عن سعيد مرسلا.
وقال ابن جرير: حدثنا أبو هشام الرِّفاعي، حدثنا ابن فضيل
حدثنا أبي، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زُرْعَة بن عمرو بن جرير
البَجَلي، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "إن من عباد الله عبادا يغبطهم الأنبياء والشهداء". قيل: من هم يا رسول الله؟ لعلنا نحبهم. قال: "هم قوم تحابوا
في الله من غير أموال ولا أنساب، وجوههم نور على منابر من نور، لا يخافون
إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس". ثم قرأ: ( أَلا إِنَّ
أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ )
ثم رواه أيضا أبو داود، من حديث جرير، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة
بن عمرو بن جرير، عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه
وسلم، بمثله.
وهذا أيضا إسناد جيد، إلا أنه منقطع بين أبي زرعة وعمر بن الخطاب، والله أعلم.
وفي حديث الإمام أحمد، عن أبي النضر، عن عبد الحميد بن بَهْرَام، عن
شَهْر بن حَوْشَب، عن عبد الرحمن بن غَنْم، عن أبي مالك الأشعري قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي من أفناء الناس ونوازع القبائل قوم لم
تتصل
بينهم أرحام متقاربة، تحابوا في الله، وتصافوا في الله، يضع الله لهم يوم
القيامة منابر من نور، فيجلسهم عليها، يفزع الناس ولا يفزعون، وهم أولياء
الله، الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون". والحديث متطول.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا سفيان، عن الأعمش، عن
ذَكْوَان أبي صالح، عن رجل، عن أبي الدرداء، رضي الله عنه، عن النبي صلى
الله عليه وسلم في قوله: ( لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَفِي الآخِرَةِ ) قال: "الرؤيا الصالحة يراها المسلم، أو تُرى له".
وقال ابن جرير: حدثني أبو السائب، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي
صالح، عن عطاء بن يسار، عن رجل من أهل مصر، عن أبي الدرداء في قوله: (
لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ) قال: سأل
رجل أبا الدرداء عن هذه الآية، فقال: لقد سألت عن شيء ما سمعتُ [أحدًا]
سأل عنه بعد رجل سأل عنه رسولَ الله، فقال: "هي الرؤيا الصالحة يراها
الرجل المسلم، أو تُرَى له، بشراه في الحياة الدنيا، وبشراه في الآخرة
[الجنة]".
ثم رواه ابن جرير من حديث سفيان، عن ابن المنْكَدِر، عن عَطَاء بن
يَسَار، عن رجل من أهل مصر، أنه سأل أبا الدرداء عن هذه الآية، فذكر نحو ما
تقدم.
وقال ابن جرير: حدثني المثنى: حدثنا الحجاج بن مِنْهَال، حدثنا حماد بن
زيد، عن عاصم بن بَهْدَلَة، عن أبي صالح قال: سمعت أبا الدرداء، وسئل عن: (
الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى ) فذكر نحوه
سواء.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا أبان، حدثنا يحيى، عن أبي سلمة، عن
عبادة بن الصامت؛ أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول
الله، أرأيت قول الله تعالى: ( لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ) ؟ فقال: "لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد
من أمتي -أو: أحد قبلك" قال: "تلك الرؤيا الصالحة، يراها الرجل الصالح أو
تُرَى له" .
وكذا رواه أبو داود الطيالسي، عن عمران القَطَّان، عن يحيى بن أبي كثير، به ورواه الأوزاعي،
عن يحيى بن أبي كثير، فذكره. ورواه علي بن المبارك، عن يحيى، عن أبي سلمة
قال: نُبّئنا عن عبادة بن الصامت، سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه
الآية، فذكره.
وقال ابن جرير: حدثني أبو حميد الحِمْصيّ، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا
عمر بن عمرو بن عبد الأحْمُوسي، عن حميد بن عبد الله المزني قال: أتى رجل
عبادة بن الصامت فقال: آية في كتاب الله أسألك عنها، قول الله تعالى: (
لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) ؟ فقال عبادة: ما سألني
عنها أحد قبلك، سألت عنها نبي الله فقال مثل ذلك: "ما سألني عنها أحد قبلك،
الرؤيا الصالحة، يراها العبد المؤمن في المنام أو تُرَى له".
ثم رواه من حديث موسى بن عبيدة، عن أيوب بن خالد بن صَفْوان، عن عبادة
بن الصامت؛ أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لَهُمُ الْبُشْرَى
فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ) فقد عرفنا بشرى الآخرة الجنة،
فما بشرى الدنيا؟ قال: "الرؤيا الصالحة يراها العبد أو تُرَى له، وهي جزء
من أربعة وأربعين جزءا أو سبعين جزءا من النبوة".
وقال [الإمام]
أحمد أيضا: حدثنا بَهْز، حدثنا حماد، حدثنا أبو عمران، عن عبد الله بن
الصامت، عن أبي ذر؛ أنه قال: يا رسول الله، الرجل يعمل العمل فيحمده الناس عليه، ويثنون عليه به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تلك عاجل بشرى المؤمن". رواه مسلم.
وقال أحمد أيضا: حدثنا حسن -يعني الأشيب -حدثنا ابن لَهِيعة، حدثنا
دَرَّاج، عن عبد الرحمن بن جُبَيْر، عن عبد الله بن عمرو، عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم أنه قال: ( لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَفِي الآخِرَةِ ) قال: "الرؤيا الصالحة يبشرها المؤمن، هي جزء من تسعة
وأربعين جزءا من النبوة، فمن رأى [ذلك] فليخبر بها، ومن رأى سوى ذلك فإنما هو من الشيطان ليَحْزُنه، فلينفث عن يساره ثلاثا، وليكبر ولا يخبر بها أحدا" لم يخرجوه.
وقال ابن جرير: حدثني يونس، أنبأنا ابن وَهْب، حدثني عمرو بن الحارث، أن
دَرَّاجا أبا السمح حدثه عن عبد الرحمن بن جُبَيْر، عن عبد الله بن عمرو،
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لَهُمُ الْبُشْرَى فِي
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) الرؤيا الصالحة يبشَّرها المؤمن، جزء من ستة
وأربعين جزءا من النبوة".
وقال أيضا ابن جرير: حدثني محمد بن أبي حاتم المؤدَّب، حدثنا عمار بن
محمد، حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه
وسلم: ( لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ )
قال: "هي في الدنيا الرؤيا الصالحة، يراها العبد أو تُرَى له، وهي في الآخرة الجنة".
ثم رواه عن أبي كُرَيْب، عن أبي بكر بن عَيَّاش، عن أبي حصين، عن أبي
صالح، عن أبي هريرة أنه قال: الرؤيا الحسنة بشرى من الله، وهي من
المبشّرات.
هكذا رواه من هذه الطريق موقوفا.
وقال أيضا: حدثنا أبو كُرَيْب، حدثنا أبو بكر، حدثنا هشام، عن ابن
سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الرؤيا
الحسنة هي البشرى، يراها المسلم أو تُرَى له".
وقال ابن جرير: حدثني أحمد بن حماد الدُّولابي، حدثنا سفيان، عن عبيد
الله بن أبي يزيد، عن أبيه، عن سِبَاع بن ثابت، عن أم كُرْز الكعبية: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ذهبت النبوة، وبقيت المبشرات".
وهكذا روي عن ابن مسعود، وأبي هريرة، وابن عباس، ومجاهد، وعُرْوَة بن
الزبير، ويحيى بن أبي كثير، وإبراهيم النَّخَعي، وعطاء بن أبي رباح: أنهم
فسروا ذلك بالرؤيا الصالحة.
وقيل: المراد بذلك بشرى الملائكة للمؤمن عند احتضاره بالجنة والمغفرة كما في قوله تعالى: إِنَّ
الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ
عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا
بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ
أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ
فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلا مِنْ غَفُورٍ رَحِيم [ فصلت : 30 -32 ] .
وفي حديث البراء: "أن المؤمن إذا حضره الموت، جاءه ملائكة بيض الوجوه،
بيض الثياب، فقالوا: اخرجي أيتها الروح الطيبة إلى روح وريحان، ورب غير
غضبان. فتخرج من فمه، كما تسيل القطرة من فم السقاء".
وأما بشراهم في الآخرة، فكما قال تعالى: لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [ الأنبياء : 103 ]. وقال تعالى: يَوْمَ
تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ
أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي
مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ [ الحديد : 12 ].
وقوله: ( لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ) أي: هذا الوعد لا يبدل ولا يخلف ولا يغير، بل هو مقرر مثبت كائن لا محالة: ( ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )
وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (65) أَلا
إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَمَا
يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ
يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ (66) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (67)
يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: ( وَلا يَحْزُنْكَ ) قولُ هؤلاء
المشركين، واستعن بالله عليهم، وتوكل عليه؛ فإن العزة لله جميعا، أي:
جميعها له ولرسوله وللمؤمنين، ( هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) أي: السميع
لأقوال عباده العليم بأحوالهم.
ثم أخبر تعالى أن له ملك السموات والأرض، وأن المشركين يعبدون الأصنام، وهي لا تملك شيئا، لا ضرًا ولا نفعا، ولا دليل لهم على عبادتها، بل إنما يتبعون في ذلك ظنونهم وتخرصهم وكذبهم وإفكهم.
ثم أخبر أنه الذي جعل لعباده الليل ليسكنوا فيه، أي: يستريحون فيه من
نَصَبهم وكلالهم وحَرَكاتهم، ( وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ) أي: مضيئا لمعاشهم
وسعيهم، وأسفارهم ومصالحهم، ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ
يَسْمَعُونَ ) أي: يسمعون هذه الحجج والأدلة، فيعتبرون بها، ويستدلون على عظمة خالقها، ومقدرها ومسيرها.
قَالُوا
اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي
السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا
أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (68) قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ (69) مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70)
يقول تعالى منكرًا على من ادعى أن له ولدًا: ( سُبْحَانَهُ هُوَ
الْغَنِيُّ ) أي: تقدس عن ذلك، هو الغني عن كل ما سواه، وكل شيء فقير إليه،
( لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ ) أي: فكيف يكون له ولد
مما خلق، وكل شيء مملوك له، عبد له؟! ( إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ
بِهَذَا ) أي: ليس عندكم دليل على ما تقولونه من الكذب والبهتان! (
أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) إنكار ووعيد أكيد، وتهديد شديد، كما قال تعالى: وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا [ مريم : 88 -95 ].
ثم توعد تعالى الكاذبين عليه المفترين، ممن زعم أنه له ولدا، بأنهم لا
يفلحون في الدنيا ولا في الآخرة، فأما في الدنيا فإنهم إذا استدرجهم وأملى
لهم متعهم قليلا ثم يضطرهم إلى عذاب غليظ، كما قال ها هنا: ( مَتَاعٌ فِي
الدُّنْيَا ) أي: مدة قريبة، ( ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ) أي: يوم
القيامة، ( ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ ) أي: الموجع المؤلم (
بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ) أي: بسبب كفرهم وافترائهم وكذبهم على الله،
فيما ادعوه من الإفك والزور.
رد: الجزء التاسع من تفسير سورة يونس
جزاك الله خيرا ونفعك بالعلم
الزعيم- المـديـر العـــام
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 7554
M.AYMAN- عضو نشيط
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 1898
تاريخ الميلاد : 13/10/1985
العمر : 39
رد: الجزء التاسع من تفسير سورة يونس
شكرا على الرد نورت الموضوع بمرورك
لا تبخل علينا بجميل كلماتك
ولا تنسى أن تزورنا دوما على عنوان واحد
هنا
لا تبخل علينا بجميل كلماتك
ولا تنسى أن تزورنا دوما على عنوان واحد
هنا
رد: الجزء التاسع من تفسير سورة يونس
شكرا على الموضوع
لا تبخل علينا
لا تبخل علينا
aaaa- عضو نشيط
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 768
تاريخ الميلاد : 13/10/1983
العمر : 41
مواضيع مماثلة
» الجزء الاول من تفسير سورة يونس
» الجزء الثاني من تفسير سورة يونس
» الجزء الثامن من تفسير سورة يونس
» الجزء الرابع من تفسير سورة يونس
» الجزء الخامس من تفسير سورة يونس
» الجزء الثاني من تفسير سورة يونس
» الجزء الثامن من تفسير سورة يونس
» الجزء الرابع من تفسير سورة يونس
» الجزء الخامس من تفسير سورة يونس
ملتقى الجزائريين والعرب :: المنتدى العام :: الركن الإسلامي :: ملحق تفسير القرآن كاملا لابن كثير
:: تفسير سورة يونس
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى