تسرب مواد بترولية يهدد بكارثة بيئية في سطيف

تنام بلدية بازر صخرة التابعة لدائرة العلمة جنوب ولاية سطيف، على كارثة بيئية خطيرة سببتها تسربات كبيرة للبنزين والمازوت وغيرها من المواد البترولية إلى باطن الأرض، ما جعل العشرات من الهكتارات المحاذية لمركز توزيع المواد البترولية تسبح في هذه المواد السامة، ما ينذر بمستقبل غامض للكثير من الفلاحين بالمنطقة.



الحديث هنا لا يقتصر على منطقة بازر صخرة فقط، بل يطرح أكثر من علامة استفهام حول عمليات الصيانة التي من المفترض أن تقوم بها الشركة في كل مرة، وعقود التأمين المرتبطة بذلك والتي تكلف ملايين الدولارات، بل وكيف يمكن أن لا يتم الكشف عن هذه التسربات في وقتها. وبالعودة إلى الكارثة التي ألمت ببلدية بازر صخرة التي تعد من أفقر بلديات ولاية سطيف، فإنها لا تبعد عن مقر الولاية سوى 27 كم ويعيش بها أزيد من 33 ألف نسمة، مهنة معظمهم الزراعة والرعي، تغنى بخضرتها وجمال زرعها الشاعر الكبير بن قيطون في القصة الشهيرة بين سعيد وحيزية عبر قصيدته المعروفة ”عزوني يا ملاح”.

بدأت ملامح هذه الكارثة البيئية تطفو إلى السطح أواخر سنة 2007، حين وجد الكثير من الفلاحين أنفسهم في حيرة كبيرة، حيث أتلفت كل المنتجات الفلاحية التي كانت رمزا للمنطقة، خاصة منها الخضار الواسعة الانتشار، على غرار اللفت والجزر والخس والخرشوف وغيرها، ولم يجد الفلاحون أي تفسير لذلك، ومع مرور الأيام تطورت الأمور لتتضح أكثر، حيث انتشرت روائح البنزين في كل الأرجاء، وصعدت كميات كبيرة منها إلى سطح الآبار التي يستعملها الفلاحون للسقي والشرب والزراعة، بل وصل الأمر إلى غاية تسمم ونفوق عدد كبير من الحيوانات التي شربت من مياه تلك الآبار.

وقامت ”الخبر” بزيارة المنطقة واتصلت بالعديد من الفلاحين الذين أكدوا الأمر، بل إن ملامح صعود البنزين بدت واضحة بتشبع الطوب الموجود على الحواف، ويمكن مع ذلك مشاهدة الوضع بالعين المجردة، ويمكنك أن تستخرج بعض الماء وتقربه من عود ثقاب، فيشتعل سطح الماء بشكل كبير، وهو ما وقفنا عليه عند الفلاح بوساحة بلقاسم الذي يقطن بدوار لبواسحة التابع لبلدية بازر صخرة، حيث أصدرت مصالح البلدية قرارا إداريا بغلق البئر وحرمانه من استغلاله، غير أن كل المجالس البلدية التي مرت على المنطقة لم تكلف نفسها عناء فتح تحقيق في الأمر، زيادة على أن الطبقة الجوفية من المياه قد تشكل خطرا كبيرا على السكان، ومنه انتشار أمراض خطيرة على المدى المتوسط والبعيد.

”الخبر” اتصلت برئيس بلدية بازر صخرة عبد الغني مزعاش الذي قال إن هذا الملف يبقى مفتوحا، وإن البلدية سوف تتخذ خطوات جدية من أجل إعداد تقارير ميدانية، مع إعادة تحليل المياه والتربة بعد موجة الأمطار والثلوج التي اكتسحت المنطقة، ما قد يغير من نتائج التحاليل السابقة التي تؤكد وجود كميات كبيرة من المواد البترولية.

من جهته يرى الباحث في شؤون البيئة بجامعة سطيف الدكتور العمري تجار، أن هذه الكارثة التي تحدث في منطقة بازر صخرة ينجم عنها تأثيرات صحية خطيرة، ومع ملامسة التربة الملوثة للجـلد أو ابتلاع الـتربة الملوثـة أو شرب المياه التي قد تكون تسربت إليها الملوثات من التربة، فإن الأمر يصبح خطيرا جدا، زيادة على استنشاق الغازات السامة والغبار الذي يحتوي على مواد ضارة، أو تناول المنتجات الزراعية من المناطق الملوثة، ما ينجم عنه تسمم النباتات والحيوانات والنظام البيئي ككل، وهو ما يفقد الأراضي الزراعية قيمتها، وقد تتوقف عن الإنتاج الزراعي لمدة طويلة، بالرغم من المجهودات المبذولة من طرف الدولة، إلا أن البيئة في خطر.

ورغم الاتصالات المتكررة بمديرية نفطال بولاية سطيف للاستفسار عن القضية، إلا أن كل محاولاتنا باءت بالفشل، ولم نتمكن من أخذ أي تصريحات.