ورحل رمضان
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
ورحل رمضان
ها هورمضان قد مضى وتصرمت أيامه، ربح فيه الرابحون وخسر من عظمت موبقاته وآثامه، فيا أيها الرابح هنيئًا لك، و يا أيها الخاسر ما أجهلك، ولا نعلم من الرابح فنهنئه، ومن الخاسر فنعزيه، لكن الله يعلمهم، فعلم الغيوب إليه سبحانه.
أيتها النفس ؟! كنت في أيام... في صلاة، وقيام، وتلاوة، وصيام، وذكر، ودعاء, وصدقه، وإحسان، وصلة أرحام ! .
ذقنا حلاوةالايمان وعرفنا حقيقة الصيام، وذقنا لذة الدمعة، وحلاوة المناجاة في الأسحار!! كنا نُصلي صلاة من جُعلت قرةُ عينه في الصلاة، وكنا نصوم صيام من ذاق حلاوته وعرف طعمه, وكنا ننفق نفقه من لا يخشى الفقر, وكنا .. وكنا .. مما كنا نفعله في هذا الشهر المبارك الذي رحل عنا!.
رحلت يا رمضان! ولم يمض على رحيلك سوى ليالي وأيام، ولربما لم نذق فيها طعم القيام.
خليلي شهر الصوم زُمَّت مطاياه *** وسارت وفود العاشقين بمسراه
فيا شهر لا تبعد لك الخير كله *** وأنت ربيع الوصل يا طيب مرعاه
رمضان كيف ترحل عنا وقد كنت خير جليس لنا؟! بفضل ربنا كنت عوناً لنا، ونحن بين قارئ وصائم ومنفق وقائم، وباكٍ ودامع، وداعٍ وخاشع. رمضان فيك المساجد تعمر، والآيات تذكر، والقلوب تجبر، والذنوب تغفر، كنت للمتقين روضةً وأنساً، وللغافلين قيداً وحبساً، كيف ترحل عنا وقد ألفناك وعشقناك وأحببناك؟! رمضان ألا تسمع لأنين العاشقين وآهات المحبين؟!
قال ابن رجب في وداع رمضان: "يا شهر رمضان ترفق، دموع المحبين تدفق، قلوبهم من ألم الفراق تشقق، عسى وقفة الوداع تطفئ من نار الشوق ما أحرق، عسى ساعة توبة وإقلاع ترقع من الصيام ما تخرق، عسى منقطع عن ركب المقبولين يلحق، عسى أسير الأوزار يطلق، عسى من استوجبالنار يعتق"
عسى و عسى من قبل وقت التفرق *** إلى كل ما ترجو من الخير تلتقى
فيجبر مكسور و يقبل تائب *** و يعتق خطاء و يسعد من شقى
فقد رحلت يا شهر رمضان، يا شهر العتق من النيران، يا شهرالصدقة والإحسان، يا شهر الصيام والقيام، يا شهر الفضل والإنعام، يا شهرالخشوع والسجود والركوع، يا شهر القرآن والغفران، يا شهر الحسنات وإقالة العثرات، يا شهر التسبيح والتراويح، لقد رحلت يا شهر العتاق وأذقت الأنام مرارة الفراق.
ماذا استفدنا من رمضان ؟!
وها نحن ودعنا رمضان المبارك ... ونهاره الجميل ولياليه العطرة، وودعنا شهر القرآن والتقوى والصبر والجهاد والرحمة والمغفرة والعتق من النار.
فماذا جنينا من ثماره اليانعة، وظلاله الوارقة ؟! هل تحققنا بالتقوى ... وتخرجنا من مدرسه رمضان بشهادة المتقين؟! هل تعلمنا فيهالصبر والمصابرة على الطاعة، وعن المعصية؟! هل ربينا فيه أنفسنا علىالجهاد بأنواعه؟! هل جاهدنا أنفسنا وشهواتنا وانتصرنا عليها؟! هل غلبتنا العادات والتقاليد السيئة؟! هل ... هل ... هل...؟! أسئلة كثيرة .. وخواطر عديدة .. تتداعى على قلب كل مُسلم صادق .. يسأل نفسه ويجيبها بصدق وصراحة .. ماذا استفدت من رمضان ؟
من الذي استفاد من رمضان؟
عن أبى هريرة رضى الله عنه عنالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [أخرجه:البخاري (1/22 ، رقم 38)، ومسلم (1/523، رقم 760)]، وعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قام ليلةالقدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [أخرجه البخاري (2/672 ، رقم 1802)، و مسلم (1/523 ، رقم 760)]، وعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [أخرجه البخاري (1/22، رقم 37) ، ومسلم (1/523، رقم 759)].
فمغفرةالذنوب لهذه الأسباب الثلاثة، كل واحدٌ منها مكفرٌ لما سلف من الذنوب، وهي صيام رمضان وقيامه وقيام ليلة القدر، فتحصل المغفرة والتكفير بقيام ليلة القدر ولمن وقعت له وأصابها، سواء شعر بها أم لم يشعر. أما في صيام رمضان وقيامه فيتوقفالتكفير بهما على تمام الشهر، فإذا تم الشهر فقد كمل للمؤمن صيام رمضان وقيامه، فيترتب على ذلك مغفرة ما تقدم من ذنبه، ومن نقص من العمل الذي عليه نُقص له من الأجر بحسب نقصه، فلا يلومن إلا نفسه.
وسائل معينة على الاستمرار على الطاعة:
على المسلم أن يلزم نفسه بقدر من العبادات يستطيع أن يداوم عليه ولو كان قليلاً، فإنه سيكون كثيرًا بالمداومة عليه، وسيكون محببا إلى رب العزة. عن أم المؤمنينعائشة رضي الله عنها: أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أحب الأعمال إلى الله؟ قال: «أحب الأعمال إلى الله أَدْوَمُها وإِنْ قَلَّ» [أخرجه البخاري (5/2373، رقم 6100)، ومسلم (1/541، رقم783)] .
من الوسائل التي تعينه على ذلك:
1- الصيام المسنون: مثل: صيام (الاثنين، الخميس)، (عاشوراء)، (عرفه)، (ستة أيام من شوال) وغيرها، عن أبى أيوب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان وأتبعه ستًّا من شوال كان كصوم الدهر» [(أخرجه مسلم (2/822 رقم 1164)، والترمذي (3/132، رقم 759) وقال: حسن صحيح)].
2-قيام الليل: وقيام الليل مشروع في كل ليله: وهو سنة مؤكدة حث النبي صلى الله عليه وسلم على أدائها فعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، ومقربة إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم مطردة للداء عن الجسد» [أخرجه الطبراني في الأوسط (3/311، رقم 3253)، و الحاكم (1/451، رقم 1156) وقال : صحيح على شرط البخاري، والبيهقي (2/502 ، رقم 4423)].
3- قراءة القرآن: وقراءة القرآن وتدبره ليست خاصه برمضان: بل هي في كل وقت، فلا بد أن تمتع بصرك، وأن تسعد قلبك وبصيرتك بالنظر يومياً في كتاب ربك تبارك وتعالى، قال الله عز وجل: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء:9].
4- وجوب الاستمرار في أعمال الخير بعد رمضان: إن ما وجدناه من الخير والشعور بالرحمة، والإحساس بالنعمة إنما هو لذلك الإيمان والإخلاص والتجرد لله، إنما هو لتلك العبادة والإقبال على الله، إنما هو لذلك الذل والانكسار بين يدي الله، إنما هو لذلك التعلق والتشوق إلى مرضات الله، إنما هو لأجل التضحية والفداء والبذل في سبيل الله؛ فإن أردنا دوام ما أكرمنا الله به في رمضان فليكن لنا كل عامنا رمضان، وليكن لنا كل دهرنا رمضان، فإن تجديد رمضان بتجديد أعمار رمضان، وإن تجديد الخيرات والنعم التي أفاضها الله في رمضان بفعل الأعمال التي استوجبنا بها تلك النعم.
5- من أعظم هذه الثوابت المحافظة علىصلاة الجماعة : أن تحافظ على الصلاة في جماعة كما كنت حريصاً أيها الصائم في رمضان، قال ربنا جل جلاله: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة:238].
6- تجديد التوبة والاستمرار عليها: أن تكون دائم التوبة للرحيم الرحمن.. من منا يستغني عن التوبة بعد رمضان؟! من منا يستغني عن الأوبة إلى الله مع كل نفس من أنفاس حياته؟ قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ} [النور:31] لم يقل: أيها العاصون، ولم يقل: أيها المذنبون، بل قال: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:31]. عن أبى بردة عن رجل من المهاجرين رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«يا أيها الناس! توبوا إلى الله واستغفروه، فإني أستغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة» [أخرجه: أحمد (4/260، رقم 18319)، والطبراني (1/301، رقم 886)].
7- عدم معصية الله: أصبحت عندك قدرة على التغيير فاستثمرها بعدم معصية الله عزوجل: أيها المدخن، لقد نجحت بترك الدخان في رمضان الساعات الطوال، ولم يخطر لك على بال، لماذا؟ لأنك أخلصت النية لله بتركه في نهار ذلك الشهر، فالله الله في إخلاص النية في الإقلاع عنه إلى الأبد. ومما يعينك على تركه أن تطرح على نفسك بعض التساؤلات وتتأمل الإجابة عليها: أيليق بإصبع يرتفع شاهدًا بأن لا إله إلا الله وحده لا شريك له بأن يمسك بسيجارة يعصي الله بها؟! أيليق بشفة تطبق على عود الأراك أن تطبق على ما فيه الهلاك؟! أيليق برائحتك الزكية أن تعفنها برائحة البليَّة؟! أتستحق أموالك الحلال أن تهدرها بأفعال الخبال؟!
أيها المقترف للآثام بجميع أنواعها، لا أخالك لم تتذوق حلاوة الإيمان وطاعة الرحمن في شهر رمضان، فما بالك تعود بعد خروجه إلى معصية الواحد الديان؟! ألا تحب أن تلقى الله وأنت على حالك في رمضان؟! لا شك أن الجواب: نعم. إذًا عليك بطاعة الله والابتعاد عن معصيته.
8- الاستغفار والشكر: فإنهما ختام الأعمال الصالحة, (كالصلاة، والحج، والمجالس)، وكذلك يُختم الصيامُ بكثرة الاستغفار .
كتبعمر بن عبد العزيز رحمه الله إلى الأمصار يأمرهم بختم شهر رمضان بالاستغفار والصدقة.
وقال عمر بن عبد العزيز في كتابه: "قولوا كما قال أبوكم آدم: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف:23]، وقولوا كما قال نوحٌ عليه السلام: {وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [هود:47]، وقولوا كما قال إبراهيم عليه السلام: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء:82]، وقولوا كما قال موسى عليه السلام: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي} [القصص:16]، وقولوا كما قال ذو النون عليه السلام: {لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء:87] صيامنا هذا يحتاج إلى استغفار نافع وعملٍ صالح له شافع، كم نخرق من صيامنا بسهام الكلام ثم نرقعه وقد اتسع الخرق على الراقع، كم نرفو خروقه بمخيط الحسنات، ثم نقطعه بحسام السيئات القاطع".
أكثروا من شكر الله تعالى أن وفقكم لصيامه، وقيامه. فإن الله عز وجل قال في آخر آية الصيام {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون} [البقرة :185]، والشكر ليس باللسان وإنما بالقلب والأقوال والأعمال وعدم الإدبار بعد الإقبال.
9- المداومة علىالذكر والدعاء: أن يكون دائم الذكر للرحيم الرحمن، قال الله تبارك وتعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة:152]. عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من عجز منكم عن الليل أن يكابده وبخل بالمال أن ينفقه وجبن عن العدو أن يجاهده فليكثرذكر الله» [أخرجه الطبراني (11/84، رقم 11121)، والبيهقي في شعب الإيمان (1/391، رقم 908)].
ولتلهج ألسنتنا في بيوتنا ومجتمعاتنا بذكر الله. فعن أبى موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«مثل البيت الذى يذكر الله فيه والبيت الذى لا يذكر الله فيه مثل الحى والميت» [أخرجه البخاري (5/2353، رقم 6044)، ومسلم (1/539، رقم 779)]. فالذاكر لله حي ولو حبست منه الأعضاء، والغافل عن ذكر الله ميت وإن تحرك بين الأحياء. وادعوا الله أن يثبتك على الطاعة بعد رمضان.
وصلِّ اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أختكم نونة
أيتها النفس ؟! كنت في أيام... في صلاة، وقيام، وتلاوة، وصيام، وذكر، ودعاء, وصدقه، وإحسان، وصلة أرحام ! .
ذقنا حلاوةالايمان وعرفنا حقيقة الصيام، وذقنا لذة الدمعة، وحلاوة المناجاة في الأسحار!! كنا نُصلي صلاة من جُعلت قرةُ عينه في الصلاة، وكنا نصوم صيام من ذاق حلاوته وعرف طعمه, وكنا ننفق نفقه من لا يخشى الفقر, وكنا .. وكنا .. مما كنا نفعله في هذا الشهر المبارك الذي رحل عنا!.
رحلت يا رمضان! ولم يمض على رحيلك سوى ليالي وأيام، ولربما لم نذق فيها طعم القيام.
خليلي شهر الصوم زُمَّت مطاياه *** وسارت وفود العاشقين بمسراه
فيا شهر لا تبعد لك الخير كله *** وأنت ربيع الوصل يا طيب مرعاه
رمضان كيف ترحل عنا وقد كنت خير جليس لنا؟! بفضل ربنا كنت عوناً لنا، ونحن بين قارئ وصائم ومنفق وقائم، وباكٍ ودامع، وداعٍ وخاشع. رمضان فيك المساجد تعمر، والآيات تذكر، والقلوب تجبر، والذنوب تغفر، كنت للمتقين روضةً وأنساً، وللغافلين قيداً وحبساً، كيف ترحل عنا وقد ألفناك وعشقناك وأحببناك؟! رمضان ألا تسمع لأنين العاشقين وآهات المحبين؟!
قال ابن رجب في وداع رمضان: "يا شهر رمضان ترفق، دموع المحبين تدفق، قلوبهم من ألم الفراق تشقق، عسى وقفة الوداع تطفئ من نار الشوق ما أحرق، عسى ساعة توبة وإقلاع ترقع من الصيام ما تخرق، عسى منقطع عن ركب المقبولين يلحق، عسى أسير الأوزار يطلق، عسى من استوجبالنار يعتق"
عسى و عسى من قبل وقت التفرق *** إلى كل ما ترجو من الخير تلتقى
فيجبر مكسور و يقبل تائب *** و يعتق خطاء و يسعد من شقى
فقد رحلت يا شهر رمضان، يا شهر العتق من النيران، يا شهرالصدقة والإحسان، يا شهر الصيام والقيام، يا شهر الفضل والإنعام، يا شهرالخشوع والسجود والركوع، يا شهر القرآن والغفران، يا شهر الحسنات وإقالة العثرات، يا شهر التسبيح والتراويح، لقد رحلت يا شهر العتاق وأذقت الأنام مرارة الفراق.
ماذا استفدنا من رمضان ؟!
وها نحن ودعنا رمضان المبارك ... ونهاره الجميل ولياليه العطرة، وودعنا شهر القرآن والتقوى والصبر والجهاد والرحمة والمغفرة والعتق من النار.
فماذا جنينا من ثماره اليانعة، وظلاله الوارقة ؟! هل تحققنا بالتقوى ... وتخرجنا من مدرسه رمضان بشهادة المتقين؟! هل تعلمنا فيهالصبر والمصابرة على الطاعة، وعن المعصية؟! هل ربينا فيه أنفسنا علىالجهاد بأنواعه؟! هل جاهدنا أنفسنا وشهواتنا وانتصرنا عليها؟! هل غلبتنا العادات والتقاليد السيئة؟! هل ... هل ... هل...؟! أسئلة كثيرة .. وخواطر عديدة .. تتداعى على قلب كل مُسلم صادق .. يسأل نفسه ويجيبها بصدق وصراحة .. ماذا استفدت من رمضان ؟
من الذي استفاد من رمضان؟
عن أبى هريرة رضى الله عنه عنالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [أخرجه:البخاري (1/22 ، رقم 38)، ومسلم (1/523، رقم 760)]، وعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قام ليلةالقدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [أخرجه البخاري (2/672 ، رقم 1802)، و مسلم (1/523 ، رقم 760)]، وعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [أخرجه البخاري (1/22، رقم 37) ، ومسلم (1/523، رقم 759)].
فمغفرةالذنوب لهذه الأسباب الثلاثة، كل واحدٌ منها مكفرٌ لما سلف من الذنوب، وهي صيام رمضان وقيامه وقيام ليلة القدر، فتحصل المغفرة والتكفير بقيام ليلة القدر ولمن وقعت له وأصابها، سواء شعر بها أم لم يشعر. أما في صيام رمضان وقيامه فيتوقفالتكفير بهما على تمام الشهر، فإذا تم الشهر فقد كمل للمؤمن صيام رمضان وقيامه، فيترتب على ذلك مغفرة ما تقدم من ذنبه، ومن نقص من العمل الذي عليه نُقص له من الأجر بحسب نقصه، فلا يلومن إلا نفسه.
وسائل معينة على الاستمرار على الطاعة:
على المسلم أن يلزم نفسه بقدر من العبادات يستطيع أن يداوم عليه ولو كان قليلاً، فإنه سيكون كثيرًا بالمداومة عليه، وسيكون محببا إلى رب العزة. عن أم المؤمنينعائشة رضي الله عنها: أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أحب الأعمال إلى الله؟ قال: «أحب الأعمال إلى الله أَدْوَمُها وإِنْ قَلَّ» [أخرجه البخاري (5/2373، رقم 6100)، ومسلم (1/541، رقم783)] .
من الوسائل التي تعينه على ذلك:
1- الصيام المسنون: مثل: صيام (الاثنين، الخميس)، (عاشوراء)، (عرفه)، (ستة أيام من شوال) وغيرها، عن أبى أيوب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان وأتبعه ستًّا من شوال كان كصوم الدهر» [(أخرجه مسلم (2/822 رقم 1164)، والترمذي (3/132، رقم 759) وقال: حسن صحيح)].
2-قيام الليل: وقيام الليل مشروع في كل ليله: وهو سنة مؤكدة حث النبي صلى الله عليه وسلم على أدائها فعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، ومقربة إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم مطردة للداء عن الجسد» [أخرجه الطبراني في الأوسط (3/311، رقم 3253)، و الحاكم (1/451، رقم 1156) وقال : صحيح على شرط البخاري، والبيهقي (2/502 ، رقم 4423)].
3- قراءة القرآن: وقراءة القرآن وتدبره ليست خاصه برمضان: بل هي في كل وقت، فلا بد أن تمتع بصرك، وأن تسعد قلبك وبصيرتك بالنظر يومياً في كتاب ربك تبارك وتعالى، قال الله عز وجل: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء:9].
4- وجوب الاستمرار في أعمال الخير بعد رمضان: إن ما وجدناه من الخير والشعور بالرحمة، والإحساس بالنعمة إنما هو لذلك الإيمان والإخلاص والتجرد لله، إنما هو لتلك العبادة والإقبال على الله، إنما هو لذلك الذل والانكسار بين يدي الله، إنما هو لذلك التعلق والتشوق إلى مرضات الله، إنما هو لأجل التضحية والفداء والبذل في سبيل الله؛ فإن أردنا دوام ما أكرمنا الله به في رمضان فليكن لنا كل عامنا رمضان، وليكن لنا كل دهرنا رمضان، فإن تجديد رمضان بتجديد أعمار رمضان، وإن تجديد الخيرات والنعم التي أفاضها الله في رمضان بفعل الأعمال التي استوجبنا بها تلك النعم.
5- من أعظم هذه الثوابت المحافظة علىصلاة الجماعة : أن تحافظ على الصلاة في جماعة كما كنت حريصاً أيها الصائم في رمضان، قال ربنا جل جلاله: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة:238].
6- تجديد التوبة والاستمرار عليها: أن تكون دائم التوبة للرحيم الرحمن.. من منا يستغني عن التوبة بعد رمضان؟! من منا يستغني عن الأوبة إلى الله مع كل نفس من أنفاس حياته؟ قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ} [النور:31] لم يقل: أيها العاصون، ولم يقل: أيها المذنبون، بل قال: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:31]. عن أبى بردة عن رجل من المهاجرين رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«يا أيها الناس! توبوا إلى الله واستغفروه، فإني أستغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة» [أخرجه: أحمد (4/260، رقم 18319)، والطبراني (1/301، رقم 886)].
7- عدم معصية الله: أصبحت عندك قدرة على التغيير فاستثمرها بعدم معصية الله عزوجل: أيها المدخن، لقد نجحت بترك الدخان في رمضان الساعات الطوال، ولم يخطر لك على بال، لماذا؟ لأنك أخلصت النية لله بتركه في نهار ذلك الشهر، فالله الله في إخلاص النية في الإقلاع عنه إلى الأبد. ومما يعينك على تركه أن تطرح على نفسك بعض التساؤلات وتتأمل الإجابة عليها: أيليق بإصبع يرتفع شاهدًا بأن لا إله إلا الله وحده لا شريك له بأن يمسك بسيجارة يعصي الله بها؟! أيليق بشفة تطبق على عود الأراك أن تطبق على ما فيه الهلاك؟! أيليق برائحتك الزكية أن تعفنها برائحة البليَّة؟! أتستحق أموالك الحلال أن تهدرها بأفعال الخبال؟!
أيها المقترف للآثام بجميع أنواعها، لا أخالك لم تتذوق حلاوة الإيمان وطاعة الرحمن في شهر رمضان، فما بالك تعود بعد خروجه إلى معصية الواحد الديان؟! ألا تحب أن تلقى الله وأنت على حالك في رمضان؟! لا شك أن الجواب: نعم. إذًا عليك بطاعة الله والابتعاد عن معصيته.
8- الاستغفار والشكر: فإنهما ختام الأعمال الصالحة, (كالصلاة، والحج، والمجالس)، وكذلك يُختم الصيامُ بكثرة الاستغفار .
كتبعمر بن عبد العزيز رحمه الله إلى الأمصار يأمرهم بختم شهر رمضان بالاستغفار والصدقة.
وقال عمر بن عبد العزيز في كتابه: "قولوا كما قال أبوكم آدم: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف:23]، وقولوا كما قال نوحٌ عليه السلام: {وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [هود:47]، وقولوا كما قال إبراهيم عليه السلام: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء:82]، وقولوا كما قال موسى عليه السلام: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي} [القصص:16]، وقولوا كما قال ذو النون عليه السلام: {لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء:87] صيامنا هذا يحتاج إلى استغفار نافع وعملٍ صالح له شافع، كم نخرق من صيامنا بسهام الكلام ثم نرقعه وقد اتسع الخرق على الراقع، كم نرفو خروقه بمخيط الحسنات، ثم نقطعه بحسام السيئات القاطع".
أكثروا من شكر الله تعالى أن وفقكم لصيامه، وقيامه. فإن الله عز وجل قال في آخر آية الصيام {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون} [البقرة :185]، والشكر ليس باللسان وإنما بالقلب والأقوال والأعمال وعدم الإدبار بعد الإقبال.
9- المداومة علىالذكر والدعاء: أن يكون دائم الذكر للرحيم الرحمن، قال الله تبارك وتعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة:152]. عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من عجز منكم عن الليل أن يكابده وبخل بالمال أن ينفقه وجبن عن العدو أن يجاهده فليكثرذكر الله» [أخرجه الطبراني (11/84، رقم 11121)، والبيهقي في شعب الإيمان (1/391، رقم 908)].
ولتلهج ألسنتنا في بيوتنا ومجتمعاتنا بذكر الله. فعن أبى موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«مثل البيت الذى يذكر الله فيه والبيت الذى لا يذكر الله فيه مثل الحى والميت» [أخرجه البخاري (5/2353، رقم 6044)، ومسلم (1/539، رقم 779)]. فالذاكر لله حي ولو حبست منه الأعضاء، والغافل عن ذكر الله ميت وإن تحرك بين الأحياء. وادعوا الله أن يثبتك على الطاعة بعد رمضان.
وصلِّ اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أختكم نونة
berrais nouna- عضو نشيط
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 348
تاريخ الميلاد : 13/01/1980
العمر : 44
رد: ورحل رمضان
شكرا لك على هذا الموضوع الرااااائع زينة
تقبلي مروري
mohamed85- عضو نشيط
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 1434
تاريخ الميلاد : 07/10/1985
العمر : 39
رد: ورحل رمضان
لاشكر على واجب يا محمد،اسعدتني بمرورك الطيب ايها المشرف العام،وعيد سعيد وكل عام وانت بالف خيرmohamed85 كتب:شكرا لك على هذا الموضوع الرااااائع زينةتقبلي مروري
berrais nouna- عضو نشيط
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 348
تاريخ الميلاد : 13/01/1980
العمر : 44
رد: ورحل رمضان
بارك الله فيك على الموضوع أختي الرائعة
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ..
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ..
zaara- المـديـر العـــام
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 6998
مواضيع مماثلة
» اكلات رمضان 2018 طرق جديدة لاكلات رمضان2018 اكلات سهلة وسريعة رمضان 2018
» رمضان
» بعض الأشخاص في رمضان...!
» حدث في مثل هذا اليوم 4 رمضان
» رمضان كريم
» رمضان
» بعض الأشخاص في رمضان...!
» حدث في مثل هذا اليوم 4 رمضان
» رمضان كريم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى