أبو العتاهية :قَطّعْتُ مِنْكِ حبَائِلَ الآمالِ،
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
أبو العتاهية :قَطّعْتُ مِنْكِ حبَائِلَ الآمالِ،
قَطّعْتُ مِنْكِ حبَائِلَ الآمالِ، | وحططتُ عن ظهرِ المطيِّ رحالِي |
وَيَئِسْتُ أنْ أبقَى لشيءٍ نِلتُ ممّا | فيكِ يا دنيا وإن يبقَى لِي |
فَوَجَدْتُ بَرْدَ اليَأسِ بَينَ جَوانحي، | وأرحْتُ من حَلِّي ومن ترحالِي |
ولئنْ يئستُ لرُبَّ برقة ِ خُلَّبٍ | بَرَقَتْ لذي طَمَعٍ، وَبَرْقة ِ آلِ |
فالآنَ، يا دُنْيا، عَرَفْتُكِ فاذهَبي، | يا دارَ كُلّ تَشَتّتٍ وَزَوَالِ |
والآنَ صارَ ليَ الزمانُ مؤدَّباً | فَغَدَا عَليّ وَرَاحَ بالأمْثَالِ |
والآن أبصرتُ السبيلَ إلى الهدَى | وَتَفَرّغَتْ هِمَمي عَنِ الأشْغالِ |
وَلَقَدْ أقامَ ليَ المَشيبُ نُعاتَهُ، | تُفضي إليَّ بمفرقٍ وقذالِ |
وَلَقَدْ رَأيْتُ المَوْتَ يُبْرِقُ سَيْفَهُ | بيَدِ المَنيّة ِ، حَيثُ كنتُ، حِيالي |
وَلَقَدْ رَأيْتُ عُرَى الحَياة ِ تخَرّمَتْ، | وَلَقَدْ تَصَدّى الوَارِثُونَ لمَالي |
وَلَقَدْ رَأيْتُ على الفَنَاءِ أدِلّة ً، | فيما تَنَكّرَ مِنْ تَصَرّفِ حالي |
وَإذا اعتَبرْتُ رَأيتُ خَطبَ حوادِثٍ | يَجرينَ بالأرْزاقِ، وَالآجالِ |
وإذا تَنَاسَبَتِ الرّجالُ، فما أرَى | نَسَباً يُقاسُ بصالِحِ الأعْمالِ |
وَإذا بحَثْتُ عَنِ التّقيّ وَجَدْتُهُ | رَجُلاً، يُصَدِّقُ قَوْلَهُ بفِعَالِ |
وَإذا اتَقَى الله امْرُؤٌ، وَأطاعَهُ، | فَيَداهُ بَينَ مَكارِمٍ وَمَعَالِ |
وعلى التَّقِيِّ إذا ترسَّخَ في التُّقى | تاجان تاج سكينة ٍ وجلالِ |
وَاللّيْلُ يَذْهَبُ وَالنّهارُ، تَعاوُراً | بالخلقِ في الإدبارِ والإقبالِ |
وَبحَسْبِ مَنْ تُنْعَى إلَيْهِ نَفْسُهُ | منهُ بأيامٍ خلَتْ ولَيالِ |
إضرِبْ بطَرْفِكَ حيثُ شئتَ، فأنتَ في | عبرٍ لهنَّ تداركٌ وتوالِ |
يبكي الجديدُ وأنتَ في تجديدهِ | وَجَميعُ ما جَدّدْتَ منهُ، فبَالِ |
يا أيّها البَطِرُ الذي هوَ في غَدٍ، | في قَبرِهِ، مُتَفَرّقُ الأوْصالِ |
وَلَقَلّ ما تَلْقَى أغَرّ لنَفسِهِ | مِنْ لاعِبٍ مَرِحٍ بها، مُختالِ |
يا تاجِرَ الغَيّ المُضِرَّ بِرُشْدِهِ، | حتى متَى بالْغِيِّ أنت تُغالِي |
الحَمْدُ للّهِ الحَميدِ بِمَنّهِ | خسرتْ ولمْ تربحْ يدُ البطَّالِ |
للّهِ يَوْمٌ تَقْشَعِرّ جُلُودُهُمْ، | وَتَشيبُ مِنْهُ ذَوَائِبُ الأطْفالِ |
يَوْمُ النّوازِلِ والزّلازِلِ، وَالحَوا | ملِ فيهِ إذْ يقذفنَ بالأحمالِ |
يومُ التَّغابُنِ والتبايُنِ والتنا | زُلِ والأمورِ عظيمة ِ الأهوالِ |
يومٌ ينادَى فيه كُلُّ مُضللٍ | بمقطَّعاتِ النارِ وألأغلالِ |
للمتقينَ هناكَ نزلُ كرامة ٍ | عَلَتِ الوُجُوهَ بنَضرَة ٍ، وَجَمالِ |
زُمرٌ اضاءتْ للحسابِ وجوهُهَا | فَلَهَا بَرِيقٌ عِندَها وَتَلالي |
وسوابقٌ غرٌّ محجَّلة ٌ جرتْ | خُمْصَ البطونِ خفيفة َ الأثقالِ |
مِنْ كُلّ أشعَثَ كانَ أغبرَ ناحِلاً، | خلقَ الرداء مرقَّعَ السربالِ |
حِيَلُ ابنِ آدَمَ في الأُمورِ كَثيرَة ٌ | والموت يقطعُ حيلةَ المحتالِ |
نزلُو بأكرمِ سيدٍ فأظلُّهُمْ | في دارِ مُلْكِ جَلالَة ٍ، وَظِلالِ |
وَمِنَ النعاة ِ إلى ابنِ آدَمَ نَفْسَهُ، | حَرَكُ الخُطى ، وَطلوعُ كلّ هِلالِ |
ما لي أرَاكَ لحُرّ وَجْهِكَ مُخْلِقاً، | أخْلَقْتِ، يا دُنْيا، وُجُوهَ رِجالِ |
كُنْ بالسّؤالِ أشَدّ عَقْدِ ضَنَانَة ٍ، | ممنْ يضنُّ عليكَ بالأموالِ |
وَصُنِ المَحامِدَ ما استَطَعتَ فإنّها | في الوَزْنِ تَرْجُحُ بذلَ كلّ نَوَالِ |
وَلَقَدْ عَجِبْتُ مِنَ المُثَمِّرِ مالَه، | نسيَ المثمِّرُ زينة َ الإقلالِ |
وإذا امرؤٌ لبسَ الشكوكَ بعزمِهِ | سَلَكَ الطّريقَ على عُقودِ ضَلالِ |
وَإذا ادّعَتْ خُدَعُ الحَوادِثِ قَسوَة ً، | شَهِدَتْ لَهُنّ مَصارِعُ الأبْطالِ |
مواضيع مماثلة
» أبو تمام :ذَريني مِنْكِ سَافِحَة َ المآقِي
» أبو العتاهية
» أبو العتاهية :
» أبو العتاهية :إنِّي لأَكرَهُ أنْ يكو
» أبو العتاهية :إنّ ذا المَوْتَ ما عَلَيهِ مُجيرُ،
» أبو العتاهية
» أبو العتاهية :
» أبو العتاهية :إنِّي لأَكرَهُ أنْ يكو
» أبو العتاهية :إنّ ذا المَوْتَ ما عَلَيهِ مُجيرُ،
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى