ملتقى الجزائريين والعرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  Empty الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران

مُساهمة من طرف الزعيم الإثنين 16 مايو - 17:04:46

الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  B2







إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا
أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ
فِيهَا خَالِدُونَ





(116)







مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ
فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ
فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ
يَظْلِمُونَ







(117)
الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  B1


ثم قال تعالى مخبرًا عن الكفرة المشركين بأنه ( لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ
أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ) أي لا يُرَدّ
عنهم بأس الله ولا عذابه إذا أراده بهم ( وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ
هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )
ثم ضرب مثلا لما ينفقه الكفار في هذه الدار، قاله مجاهد والحسن، والسُّدِّي، فقال تعالى: < 2-106 >
( مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ
رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ ) أي: بَرْد شديد، قاله ابن عباس، وعِكْرِمة، وسعيد بن
جُبَير وقتادة والحسن، والضّحّاك، والرَّبِيع بن أنس، وغيرهم. وقال عطاء:
بَرْد وجَلِيد. وعن ابن عباس أيضًا ومجاهد ( فِيهَا صِرٌّ ) أي: نار. وهو
يرجع إلى الأول، فإن البرد الشديد -سيّما الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP الجليد الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
-يحرق الزروع والثمار، كما يحرق الشيء بالنار ( أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ
ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ ) أي: أحرقته، يعني بذلك السَّفْعة
إذا نزلت على حَرْث قد آن جدَادُه أو حَصَاده فدمَّرَتْه وأعدَمَتْ ما فيه
من ثمر أو زرع، فذهبت به وأفسدته، فعَدمَه صاحبه أحوج ما كان إليه. فكذلك
الكفار يمحق الله ثوابَ أعمالهم في هذه الدنيا وثمرتها كما أذهب ثمرةَ هذا
الحرث بذنوب صاحبه. وكذلك هؤلاء بَنَوْهَا على غير أصْل وعلى غير أساس (
وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ )

الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  B2






يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ
لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ
مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا
لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ







(118)






هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ
بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا
عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ
إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ







(119)






إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ
يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ
شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ







(120) الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  B1
يقول تبارك وتعالى ناهيًا عباده المؤمنين عن اتخاذ المنافقين بطانة،
أي: يُطْلعونهم على سرائرهم وما يضمرونه لأعدائهم، والمنافقون بجهدهم
وطاقتهم لا يألون المؤمنين خَبَالا أي: يَسْعَوْنَ في مخالفتهم وما يضرهم
بكل ممكن، وبما يستطيعونه من المكر والخديعة، ويودون ما يُعْنتُ المؤمنين
ويخرجهم ويَشُقّ عليهم.
وقوله: ( لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ ) أي: من غيركم من
أهل الأديان، وبطانة الرجل: هم خاصّة أهله الذين يطلعون على داخل أمره.
وقد روى البخاري، والنسائي، وغيرهما، من حديث جماعة، منهم: يونس، ويحيى
بن سعيد، وموسى بن عقبة، وابن أبي عتيق -عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي
سعيد؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَا بَعَثَ اللهُ مِنْ نَبِي
وَلا اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَة إلا كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةٌ
تَأْمُرُهُ بِالْخيرِ وتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ
بِالسُّوءِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَم اللهُ " الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP .
وقد رواه الأوزاعي ومعاوية بن سلام، عن الزهري، عن أبي سلمة [عن أبي هريرة مرفوعا بنحوه الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP فيحتمل أنه عند الزهري عن أبي سلمة] الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP عنهما. وأخرجه النسائي عن الزهري < 2-107 >
أيضا الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
وعلقه البخاري في صحيحه فقال: وقال عبيد الله بن أبي جعفر، عن صَفْوان بن
سليم، عن أبي سلمة، عن أبي أيوب الأنصاري، فذكره. فيحتمل أنه عند أبي سلمة
عن ثلاثة من الصحابة الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP والله أعلم.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو أيوب محمد الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
بن الوَزَّان، حدثنا عيسى بن يونس، عن أبي حَيّان التيمي عن أبي
الزِّنْباع، عن ابن أبي الدِّهْقانة قال: قيل لعمر بن الخطاب، رضي الله
عنه: إن هاهنا غُلاما من أهل الحِيرة، حافظ كاتب، فلو اتخذته كاتبا؟ فقال:
قد اتخذت إذًا بطانة من دون المؤمنين الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP2 .
ففي هذا الأثر مع هذه الآية دلالة على أن أهل الذَّمَّة لا يجوز
استعمالهم في الكتابة، التي فيها استطالة على المسلمين واطِّلاع على
دَوَاخل أمُورهم التي يُخْشَى أن يُفْشوها إلى الأعداء من أهل الحرب؛ ولهذا
قال تعالى: ( لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ ) .
وقد قال الحافظ أبو يعلى: حدثنا إسحاق بن إسرائيل، حدثنا هُشَيم، حدثنا
العَوَّام، عن الأزهر بن راشد قال: كانوا يأتون أنَسًا، فإذا حَدَّثهم
بحديث لا يدرون ما هو، أتَوا الحسن -يعني البصري-فيفسره الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
لهم. قال: فحدَّث ذات يوم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا
تَسْتَضِيؤوا بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ، ولا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ
عَرَبيا الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP فلم يدروا ما هو، فأتوا الحسن فقالوا له: إن أنسا حَدّثنا أن رسول الله الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP2 صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَسْتَضِيؤوا بِنَارِ الشِّركِ الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP ولا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبيا الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP فقال الحسن : أما قوله: "ولا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبيا الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
: محمد صلى الله عليه وسلم. وأما قوله: "لا تَسْتَضِيؤوا بِنَارِ
الشِّركِ" يقول: لا تستشيروا المشركين في أموركم. ثم قال الحسن: تصديق ذلك
في كتاب الله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً
مِنْ دُونِكُمْ ) .
هكذا رواه الحافظ أبو يعلى، رحمه الله، وقد الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP رواه النسائي عن مجاهد بن موسى، عن هشيم. ورواه الإمام أحمد، عن هُشَيم بإسناده مثله، من غير ذكر تفسير الحسن البصري الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP2 .
وهذا التفسير فيه نظر، ومعناه ظاهر: "لا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبيّا الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP أي: بخط عربي، لئلا يشابه نقش خاتم النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه كان نَقْشُه محمد رسول الله؛ ولهذا جاء في الحديث الصحيح أنه < 2-108 >
نهى أن يَنْقُشَ أحد على نقشه. وأما الاستضاءة بنار المشركين، فمعناه: لا تقاربوهم في المنازل بحيث تكونون الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP معهم في بلادهم، بل تَبَاعَدُوا منهم وهَاجروا من بلادهم؛ ولهذا روى أبو داود [رحمه الله] الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
لا تَتَرَاءَى نَاراهُمَا" وفي الحديث الآخر: "مَنْ جَامَعَ الْمُشْرِكَ
أَوْ سَكَنَ مَعَهُ، فَهُوَ مِثْلُهُ"؛ فحَمْلُ الحديث على ما قاله الحسن،
رحمه الله، والاستشهاد عليه بالآية فيه نظر، والله أعلم.
ثم قال تعالى: ( قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا
تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ) أي: قد لاح على صَفَحات وجوههم، وفلتات
ألسنتهم من العداوة، مع ما هم مشتملون عليه في صدورهم من البغضاء للإسلام
وأهله، ما لا يخفى مثله على لبيب عاقل؛ ولهذا قال: ( قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ
الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ) .
وقوله تعالى: ( هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا
يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ ) أي: أنتم -أيها
المؤمنون-تحبون المنافقين مما يظهرون لكم من الإيمان، فتحبونهم على ذلك وهم
لا يحبونكم، لا باطنا ولا ظاهرا الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP ( وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ ) أي: ليس عندكم في شيء منه شك ولا رَيْب، وهم عندهم الشك والرِّيَب والحِيرة.
وقال محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن أبي محمد، عن عِكْرِمة أو سعيد بن
جبير، عن ابن عباس: ( وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ ) أي: بكتابكم
وكتابهم، وبما مضى من الكتب قبل ذلك، وهم يكفرون بكتابكم، فأنتم أحق
بالبغضاء لهم، منهم لكم. رواه ابن جرير.
( وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا
عَلَيْكُمُ الأنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ) والأنامل: أطراف الأصابع، قاله
قتادة.
وقال الشاعر:



أوَدُّ الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP كمـا ما بَلّ حَلْقِيَ ريقَتى




وَمَا حَمَلَتْ كَفَّـايَ أنْمُلـي العَشْرا
الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
وقال ابن مسعود، والسُّدِّي، والرَّبِيع بن أنس: ( الأنَامِلَ ) الأصابع.
وهذا شأن المنافقين يُظْهِرون للمؤمنين الإيمانَ والمودّة، وهم في
الباطن بخلاف ذلك من كل وجه، كما قال تعالى: ( وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا
عَلَيْكُمُ الأنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ) وذلك أشد الغيظ والحنق، قال الله
تعالى: ( قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ
الصُّدُورِ ) أي: مهما كنتم تحسدون عليه المؤمنين ويغيظكم ذلك منهم،
فاعلموا أن الله مُتمّ نعمته على عباده المؤمنين ومُكَملٌ دينه، ومُعْلٍ
كلمتَه ومظهر دينَه، فموتوا أنتم بغيظكم ( إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ
الصُّدُورِ ) أي: هو عليم بما تنطوي عليه ضمائركم، وتُكنُّه سَرَائرُكُم من
البغضاء والحسد والغل للمؤمنين، وهو مجازيكم عليه في الدنيا بأن يريكم
خلاف ما تؤمّلون، وفي الآخرة بالعذاب الشديد في النار التي أنتم خالدون
فيها، فلا خروج لكم منها.
ثم قال: ( إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ) وهذه الحال دالة الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP على شدة < 2-109 >
العداوة منهم للمؤمنين وهو أنه الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP إذا أصاب المؤمنين خصب، ونصر وتأييد، وكثروا وعزّ أنصارهم، ساء ذلك المنافقين، وإن أصاب المسلمين سَنَة الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
-أي: جَدْب-أو أُديل عليهم الأعداء، لما لله في ذلك من الحكمة، كما جرى
يوم أُحُد، فَرح المنافقون بذلك، قال الله تعالى مخاطبا عباده المؤمنين: (
وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا [إِنَّ
اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ] الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
) يرشدهم تعالى إلى السلامة من شر الأشرار وكَيْدِ الفُجّار، باستعمال
الصبر والتقوى، والتوكل على الله الذي هو محيط بأعدائهم، فلا حول ولا قوة
لهم إلا به، وهو الذي ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن. ولا يقع في الوجود
شيء إلا بتقديره ومشيئته، ومن توكل عليه كفاه.
ثم شَرَعَ تعالى في ذكر قصة أحد، وما كان فيها من الاختبار لعباده
المؤمنين، والتمييز بين المؤمنين والمنافقين، وبيان صَبْر الصابرين، فقال
تعالى:

الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  B2






وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ







(121) الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  B1
المرادُ بهذه الوقعة يوم أُحُد عند الجمهور، قاله ابن عباس، والحسن،
وقتادة، والسُّدِّي، وغير واحد. وعن الحسن البصري: المراد بذلك يوم
الأحزاب. رواه ابن جرير، وهو غريب لا يُعَوَّل الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP عليه.
وكانت وقعةُ أحد يومَ السبت من شوال سنة ثلاث من الهجرة. قال [قتادة] الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP لإحدى عشرة ليلة خَلَتْ من شَوَّال. وقال عِكْرِمة: يوم السبت للنصف من شوال، فالله أعلم.
وكان سببها أن المشركين حين قُتل من قتل من أشرافهم يوْمَ بَدْر،
وسَلمَت العيرُ بما فيها من التجارة التي كانت مع أبي سُفْيان، فلما رجع
قفَلُهُم الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
إلى مكة قال أبناء من قُتل، ورؤساء من بقي لأبي سفيان: ارصد هذه الأموال
لقتال محمد، فأنفقوها في ذلك، وجمعوا الجموع والأحابيش وأقبلوا في قريب من
ثلاثة آلاف، حتى نـزلوا قريبًا من أحد تِلْقاء المدينة، فصلى رسولُ الله
صلى الله عليه وسلم يومَ الجمعة، فلما فَرَغَ منها صَلى على رجل من بني
النجار، يقال له: مالك بن عَمْرو، واستشار الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP الناس: أيخرج إليهم أم يمكث بالمدينة؟ فأشار عبد الله بن أُبيّ بالمقام بالمدينة، فإن أقاموا أقاموا بشِرِّ مَحْبس الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
وإن دخلوها قاتلهم الرجال في وجوههم، ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من
فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين. وأشار آخرون من الصحابة ممن لم يشهد بدرا
بالخروج إليهم، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلبس لأمَتَه وخرج
عليهم، وقد نَدم بعضهم وقالوا: لعلنا استكرَهْنَا رسولَ الله صلى الله عليه
وسلم، فقالوا: يا رسول الله، إن شئت أن نمكث؟ فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: "مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ إِذَا لَبِسَ لأمَتَه أنْ يَرْجِعَ
حَتى يَحْكُمَ اللهُ لَه".
< 2-110 >

فسار، عليه السلام الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
في ألف من أصحابه، فلما كان بالشَّوط رجع عبد الله بن أبيّ في ثُلُث الجيش
مُغْضَبا؛ لكونه لم يرجع إلى قوله، وقال هو وأصحابه: لو نعلم اليوم قتالا
لاتبعناكم، ولكنا لا نراكم تقاتلون اليوم.
واستمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سائرا حتى نـزل الشِّعْب من أُحُد
في عَدْوَةِ الوادي. وجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال: "لا يُقَاتِلَنَّ
أَحَدٌ حتى نَأْمُرَهُ بِالْقِتَالِ".
وتهيأ رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتال وهو في سبعمائة من أصحابه،
وأمَّر على الرماة عبد الله بن جُبَيْر أخا بني عَمْرو بن عوف، والرماة
يومئذ خمسون رجلا فقال لهم: "انْضَحُوا الخَيْلَ عَنَّا، وَلا نُؤْتَيَنَّ
مِنْ قِبَلِكُمْ. والْزَمُوا مَكَانَكُمْ إنْ كَانَتِ النَّوْبَةُ لَنَا
أوْعَلَيْنَا، وإنْ رَأيْتُمُونَا تَخَطَّفُنا الطَّيْرُ فَلا تَبْرَحُوا
مَكَانَكُمْ".
وظاهر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بين درعين، وأعطى اللواء مُصْعَب
بن عُمَير أخا بني عبد الدار. وأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض
الغِلْمان يومئذ وأرجأ آخرين، حتى أمضاهم يوم الخندق بعد هذا اليوم بقريب
من سنتين.
وتعبَّأت قريش وهم ثلاثة آلاف، ومعهم مائتا فَرَس قد جَنَبوها الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP
فجعلوا على مَيْمَنة الخيل خالد بن الوليد: وعلى الميسرة عِكْرِمة بن أبي
جَهْل، ودفعوا إلى بني عبد الدار اللواء. ثم كان بين الفريقين ما سيأتي
تفصيله في مواضعه عند هذه الآيات، إن شاء الله تعالى.
ولهذا قال تعالى: ( وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ ) أي: بَيّن لهم منازلهم ونجعلهم الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP مَيْمَنة ومَيْسَرة وحيث أمرتهم ( وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) أي: سميع لما تقولون، عليم بضمائركم.
وقد أورد ابن جرير هاهنا سؤالا حاصله: كيف يقولونَ: إن النبي صلى الله عليه وسلم سار الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP إلى أحد يوم الجمعة بعد الصلاة، وقد قال الله [تعالى] الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP ( وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ ) ؟ ثم كان جوابه عنه: أن غدوه ليبوئهم الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  MARGNTIP مقاعد، إنما كان يوم السبت أول النهار.




الزعيم
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 7554

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  Empty رد: الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران

مُساهمة من طرف اعصار الإثنين 16 مايو - 18:37:22

الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  11111113

موضــــــ جميل ـــــوع
والأجمل مشاركة به معنا
لا تحرمنا مواضيعك سنكون شاكريــــ لك ـــن على جهودك الطيبة
فكن دائما كما أنت لأنك تستحق كــــ الشكر ــــــل
ولا تنسى أن تترك أثرا هنا



اعصار
اعصار
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 34551

https://www.helpub.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  Empty رد: الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران

مُساهمة من طرف الزعيم الثلاثاء 17 مايو - 16:19:37

شكرا على الرد نورت الموضوع بمرورك
لا تبخل علينا بجميل كلماتك
ولا تنسى أن تزورنا دوما على عنوان واحد

هنا




الزعيم
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 7554

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  Empty رد: الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران

مُساهمة من طرف طريق النجاح الجمعة 3 يونيو - 11:19:46

شــــــــــــــــكرآآآآآآآآآآآآ لــــــــــــــــــــــــــــك




طريق النجاح
عضو نشيط
عضو  نشيط

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 709
تاريخ الميلاد : 07/05/1997
العمر : 27

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  Empty رد: الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران

مُساهمة من طرف M.AYMAN السبت 4 يونيو - 14:49:00

موضــــــ جميل ـــــوع
والأجمل مشاركة به معنا
لا تحرمنا مواضيعك سنكون شاكريــــ لك ـــن على جهودك الطيبة
فكن دائما كما أنت لأنك تستحق كــــ الشكر ــــــل
ولا تنسى أن تترك أثرا هنا





M.AYMAN
عضو نشيط
عضو  نشيط

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 1898
تاريخ الميلاد : 13/10/1985
العمر : 39

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  Empty رد: الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران

مُساهمة من طرف أبو سليمان الأحد 12 يونيو - 14:15:48


أبو سليمان
المشرفون
المشرفون

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 3412
تاريخ الميلاد : 03/11/1996
العمر : 28

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران  Empty رد: الجزء السادس عشر من تفسير سورة آل عمران

مُساهمة من طرف aaaa الخميس 29 مارس - 20:47:48

شكرا على الرد نورت الموضوع بمرورك
لا تبخل علينا بجميل كلماتك




aaaa
عضو نشيط
عضو  نشيط

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 768
تاريخ الميلاد : 13/10/1983
العمر : 41

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى