ملتقى الجزائريين والعرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Empty الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير

مُساهمة من طرف الزعيم الإثنين 16 مايو - 17:42:37

الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير B2






مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا







(80)






وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ
مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ
فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا







(81) الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير B1
يخبر تعالى عن عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم بأنه من أطاعه فقد
أطاع الله ، ومن عصاه فقد عصى الله ، وما ذاك إلا لأنه ما ينطق عن الهوى،
إن هو إلا وحي يوحى.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سِنَان، حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، < 2-364 >
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أطاعني فقد أطاع
الله، ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع الأمير فقد أطاعني، ومن عصى الأمير
فقد عصاني".
وهذا الحديث ثابت في الصحيحين، عن الأعمش به الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip2
وقوله:
( وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا )
الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip
أي: لا عليك منه، إن عليك إلا البلاغ فمن تَبِعك سَعِد ونجا، وكان لك من
الأجر نظير ما حصل له، ومن تولى عنك خاب وخسر، وليس عليك من أمره شيء، كما
جاء في الحديث: "من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فإنه لا
يضر إلا نفسه" الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip .
وقوله: ( وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ ) يخبر تعالى عن المنافقين بأنهم يظهرون
الموافقة والطاعة ( فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ ) أي: خرجوا وتواروا
عنك ( بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ ) أي: استسروا
ليلا فيما بينهم بغير ما أظهروه. فقال تعالى: ( وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا
يُبَيِّتُونَ ) أي: يعلمه ويكتبه عليهم بما يأمر به حفظته الكاتبين، الذين
هم موكلون بالعباد. يعلمون ما يفعلون. والمعنى في هذا التهديد، أنه تعالى
أخبر بأنه عالم بما يضمرونه ويسرونه فيما بينهم، وما يتفقون عليه ليلا من
مخالفة الرسول وعصيانه، وإن كانوا قد أظهروا له الطاعة والموافقة، وسيجزيهم
على ذلك. كما قال تعالى:
الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير B2 وَيَقُولُونَ
آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا [ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ
مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ]
الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip
الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير B1
[النور: 47].
وقوله: ( فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ ) أي: اصفح عنهم واحلم عليهم الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip ولا تؤاخذهم، ولا تكشف أمورهم للناس، ولا تَخَفْ منهم أيضا ( وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا ) أي: كفى به الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip وليًّا وناصرًا ومعينا لمن توكل عليه وأناب إليه.
الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير B2






أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا







(82)






وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ
وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ
لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ
عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلا







(83) الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير B1
يقول تعالى آمرًا عباده بتدبر القرآن، وناهيا لهم عن الإعراض عنه، وعن
تفهم معانيه المحكمة وألفاظه البليغة، ومخبرًا لهم أنه لا اختلاف فيه ولا
اضطراب، ولا تضادّ ولا تعارض؛ لأنه تنزيل من حكيم حميد، فهو حق من حق؛
ولهذا قال تعالى: الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير B2 أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ [أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا]
الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير B1 الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip
[محمد: 24] ثم قال: ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ ) أي: لو
كان مفتعلا مختلقا، كما يقوله من يقوله من جهلة المشركين والمنافقين في
بواطنهم ( لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا ) أي: اضطرابا وتضادًّا
كثيرًا. أي: وهذا سالم من الاختلاف، فهو من عند الله. كما قال تعالى مخبرا
عن الراسخين في العلم < 2-365 >
حيث قالوا:
الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير B2 آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا
الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير B1
[آل عمران:7] أي: محكمة ومتشابهة حق؛ فلهذا ردوا المتشابه إلى المحكم
فاهتدوا، والذين في قلوبهم زيغ ردوا المحكم إلى المتشابه فغووا؛ ولهذا مدح
تعالى الراسخين وذم الزائغين.
قال الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip
الإمام أحمد: حدثنا أنس بن عياض، حدثنا أبو حازم عن عمرو بن شعيب، عن
أبيه، عن جده قال: لقد جلست أنا وأخي مجلسا ما أحب أن لي به حُمر النَّعم،
أقبلت أنا وأخي وإذا مشيخة من صحابة الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip
رسول الله صلى الله عليه وسلم على باب من أبوابه، فكرهنا أن نفرق بينهم،
فجلسنا حَجْرَة، إذ ذكروا آية من القرآن، فتماروا فيها حتى ارتفعت أصواتهم،
فخرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مُغْضَبًا حتى احمر وجهه، يرميهم
بالتراب، ويقول: "مهلا يا قوم، بهذا أهلكت الأمم من قبلكم باختلافهم على
أنبيائهم، وضربهم الكتب بعضها ببعض، إن القرآن لم ينزل يكذب بعضه بعضا، بل
يصدّق بعضه بعضا، فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردوه إلى
عالمِه" الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip .
وهكذا رواه أيضا عن أبي معاوية، عن داود بن أبي هند، عن عَمْرو بن
شعيب، عن أبيه، عن جده قال: خرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم،
والناس يتكلمون في القدر، فكأنما يُفْقَأ في وجهه حب الرُّمان من الغضب،
فقال لهم: "ما لكم تضربون كتاب الله بعضه ببعض؟ بهذا هلك من كان قبلكم".
قال: فما غبطت نفسي بمجلس فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أشهده ما
غبطت نفسي بذلك المجلس، أني لم أشهده.
ورواه ابن ماجه من حديث داود بن أبي هند، به نحوه الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip .
وقال أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا حماد بن زيد، عن أبي
عمْران الجَوْني قال: كتب إلي عبد الله بن رَبَاح، يحدث عن عبد الله بن
عمرو قال: هَجَّرتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما، فإنا لجلوس إذ
اختلف اثنان في آية، فارتفعت أصواتهما فقال: "إنما هلكت الأمم قبلكم
باختلافهم في الكتاب" ورواه مسلم والنسائي، من حديث حماد بن زيد، به الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip .
وقوله: ( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأمْنِ أَوِ الْخَوْفِ
أَذَاعُوا بِهِ ) إنكار على من يبادر إلى الأمور قبل تحققها، فيخبر بها
ويفشيها وينشرها، وقد لا يكون لها صحة.
وقد قال مسلم في "مقدمة صحيحه" حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا علي بن حفص، حدثنا شعبة، عن خبيب الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip
بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: "كفى بالمرء كذبا أن يُحدِّث بكل ما سمع" وكذا رواه أبو داود في
كتاب "الأدب" من سننه، عن محمد بن الحسين بن إشكاب، عن علي بن حفص، عن شعبة
مسندًا الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip ورواه مسلم أيضا من حديث < 2-366 >
معاذ بن هشام العنبري، وعبد الرحمن بن مهدي. وأخرجه أبو داود أيضا من حديث حفص بن عمر النمري، ثلاثتهم عن شعبة، عن خُبَيب الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip عن حفص بن عاصم، به مرسلا الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip .
وفي الصحيحين عن المغيرة بن شعبة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى
عن قيل وقال أي: الذي يكثر من الحديث عما يقول الناس من غير تَثبُّت، ولا
تَدبُّر، ولا تبَيُّن الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip .
وفي سنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بئس مَطِيَّة الرجل زَعَمُوا عليه"
الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip

.
وفي الصحيح: "من حَدَّث بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبَيْن". الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip ويذكر الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip
هاهنا حديث عمر بن الخطاب المتفق عليه، حين بلغه أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم طَلَّق نساءه، فجاءه من منزله حتى دخل المسجد فوجد الناس يقولون
ذلك، فلم يصبر حتى استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفهمه:
أطلقت نساءك؟ قال: "لا". فقلت الله أكبر . وذكر الحديث الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip بطوله.
وعند مسلم: فقلت: أطلقتهن؟ فقال: "لا" فقمت على باب المسجد فناديت
بأعلى صوتي: لم يطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه. ونزلت هذه الآية:
( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ
وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأمْرِ مِنْهُمْ
لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) فكنت أنا استنبطت ذلك
الأمر.
ومعنى قولهSadيستنبطونه) أي: يستخرجونه ويستعلمونه من معادنه، يقال: استنبط الرجل العين، إذا حفرها واستخرجها من قعورها الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip .
ومعنى قوله: ( لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلا ) قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: يعني المؤمنين.
وقال عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة: ( لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ
إِلا قَلِيلا ) يعني: كلكم. واستشهد من نصر هذا القول. بقول الطرماح بن
حكيم، في مدح يزيد بن المُهَلَّب:

أشَـمَّ الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip كثيـر يَدى النـوال الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip


قليـل المَثَـالب والقَادحـة الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip
يعني: لا مثالب له، ولا قادحة فيه.
< 2-367 >

الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير B2






فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ
الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا
وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلا







(84)






مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ
يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا







(85)






وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا







(86) الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير B1
يأمر تعالى عبده ورسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يباشر القتال
بنفسه، ومن نكل عليه فلا عليه منه؛ ولهذا قال: ( لا تُكَلَّفُ إِلا
نَفْسَكَ )
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن عمرو بن نُبَيْح، حدثنا
حَكَّام، حدثنا الجراح الكندي، عن أبي إسحاق قال: سألت البراء بن عازب عن
الرجل يلقى مائة من العدو، فيقاتل، أيكون ممن يقول الله:
الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير B2 وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ
الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير B1
[البقرة: 195] قال: قد قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم (
فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ
الْمُؤْمِنِينَ )
ورواه الإمام أحمد، عن سليمان بن داود، عن أبي بكر بن عيَّاش، عن أبي
إسحاق قال: قلت للبراء: الرجل يحمل على المشركين أهو ممن ألقى بيده إلى
التهلكة؟ قال: لا؛ لأن الله بعث رسوله صلى الله عليه وسلم وقال: (
فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ ) إنما ذلك في
النفقة.
وكذا رواه ابن مردُويه، من طريق أبي بكر بن عياش، وعلي بن صالح، عن أبي إسحاق، عن البراء به.
ثم قال ابن مردويه: حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا أحمد بن النضر
العسكري، حدثنا مسلم بن عبد الرحمن الْجَرْمِيّ، حدثنا محمد بن حِمْيَر،
حدثنا سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: لما نـزلت على النبي صلى
الله عليه وسلم: ( فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إلا نَفْسَكَ
وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ [عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ
كَفَرُوا] ) الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip الآية، قال لأصحابه: "قد أمرني ربي بالقتال فقاتلوا" حديث غريب الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip2 .
وقوله: ( وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ ) أي: على القتال ورغبهم فيه وشجعهم
عنده كما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر، وهو يسوي الصفوف:
"قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض".
وقد وردت أحاديثُ كثيرة في الترغيب في ذلك، فمن ذلك ما رواه البخاري عن
أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من آمن بالله ورسوله
وأقام الصلاة، وآتى الزكاة، وصام رمضان، كان حقا على الله أن يدخله الجنة،
هاجر في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها" قالوا: يا رسول الله،
أفلا نبشر الناسَ بذلك؟ فقال: "إن في الجنة مائةَ درجة، أعدَّها الله
للمجاهدين في سبيل الله، بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم
الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة. وأعلى الجنة،وفوقه عرش الرحمن، ومنه
تُفَجَّر أنهار الجنة" الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip .
ورُوي من حديث معاذ وأبي الدرداء وعُبادة نحو ذلك.
وعن أبي سعيد الخدْري أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا أبا سعيد، من رضي بالله ربا، وبالإسلام < 2-368 >
دينا، وبمحمد نبيًا، وجبت له الجنة" قال: فعجب لها أبو سعيد فقال: أعدها
عليَّ يا رسول الله. ففعل. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وأخرى
يرفع الله بها العبد مائة درجة في الجنة، ما بين كل درجتين كما بين السماء
والأرض" قال: وما هي يا رسول الله؟ قال: "الجهاد في سبيل الله" رواه مسلم الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip .
وقوله: ( عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) أي:
بتحريضك إياهم على القتال تنبعث هممهم على مناجزة الأعداء، ومدافعتهم عن
حوزة الإسلام وأهله، ومقاومتهم ومصابرتهم.
وقوله: ( وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلا ) أي: هو قادر عليهم في الدنيا والآخرة، كما قال [تعالى] الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip
الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير B2 ذَلِكَ
وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ
بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ [وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ
يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ ]
الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip
الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير B1
[محمد: 4].
وقوله: ( مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ
مِنْهَا ) أي: من سعى في أمر، فترتب عليه خير، كان له نصيب من ذلك ( وَمَنْ
يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا ) أي: يكون عليه
وزر من ذلك الأمر الذي ترتب على سعيه ونيته، كما ثبت في الصحيح أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: "اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما
شاء".
وقال مجاهد بن جَبْر: نـزلت هذه الآية في شفاعات الناس بعضهم لبعض.
وقال الحسن البصري: قال الله تعالى: ( مَنْ يَشْفَعْ ) ولم يقل: من يُشَفَّع.
وقوله: ( وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا ) قال ابن عباس،
وعطاء، وعطية، وقتادة، ومطر الوراق: ( مُقِيتًا ) أي: حفيظا. وقال مجاهد:
شهيدا. وفي رواية عنه: حسيبا. وقال سعيد بن جبير، والسدي، وابن زيد: قديرا.
وقال عبد الله بن كثير: المقيت: الواصب الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip وقال الضحاك: المقيت: الرزاق.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحيم بن مطرف، حدثنا عيسى
بن يونس، عن إسماعيل، عن رجل، عن عبد الله بن رواحة، وسأله رجل عن قول
الله: ( وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا ) قال: يُقيت كلّ
إنسان على قدر عمله الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip .
وقوله: ( وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا
أَوْ رُدُّوهَا ) أي: إذا سلم عليكم المسلم، فردوا عليه أفضل مما سلم، أو
ردوا عليه بمثل ما سلم [به] الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip فالزيادة مندوبة، والمماثلة مفروضة.
قال ابن جرير: حدثني موسى بن سهل الرملي، حدثنا عبد الله بن السَّري
الأنطاكي، حدثنا هشام بن لاحق، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النَّهْدي، عن
سلمان الفارسي قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام
عليك يا رسول الله. فقال: "وعليك السلام ورحمة الله". ثم أتى آخر < 2-369 >
فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله. فقال له رسول الله صلى الله
عليه وسلم: "وعليك السلام ورحمة الله وبركاته". ثم جاء آخر فقال: السلام
عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته فقال له: "وعليك" فقال له الرجل: يا
نبي الله، بأبي أنت وأمي، أتاك فلان وفلان فسلما عليك فرددت عليهما أكثر
مما رددت علي. فقال: "إنك لم تدع لنا شيئا، قال الله تعالى: ( وَإِذَا
حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا )
فرددناها عليك".
وهكذا رواه ابن أبي حاتم معلقا فقال: ذكر عن أحمد بن الحسن الترمذي،
حدثنا عبد الله بن السري -أبو محمد الأنطاكي -قال أبو الحسن: وكان رجلا
صالحا -حدثنا هشام بن لاحق، فذكر بإسناده مثله.
ورواه أبو بكر بن مردويه: حدثنا عبد الباقي بن قانع، حدثنا عبد الله بن
أحمد بن حنبل، حدثنا أبي، حدثنا هشام بن لاحق أبو عثمان، فذكره بمثله، ولم
أره في المسند الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip2 والله الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip أعلم.
وفي هذا الحديث دلالة على أنه لا زيادة في السلام على هذه الصفة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إذ لو شرع أكثر من ذلك، لزاده رسول الله
صلى الله عليه وسلم.
وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن كثير -أخو سليمان بن كثير -حدثنا جعفر
بن سليمان، عن عوف، عن أبي رجاء العُطَاردي، عن عمران بن حُصَين؛ أن رجلا
جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip فرد عليه ثم جلس، فقال: "عَشْرٌ". ثم جاء آخر فقال: "السلام عليكم الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip ورحمة الله. فرد عليه، ثم جلس، فقال: "عشرون". ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip ورحمة الله وبركاته. فرد عليه، ثم جلس، فقال: "ثلاثون".
وكذا رواه أبو داود عن محمد بن كثير، وأخرجه الترمذي والنسائي والبزار
من حديثه، ثم قال الترمذي: حسن غريب من هذا الوجه، وفي الباب عن أبي سعيد
وعلي وسهل بن حُنَيف [رضي الله عنهم] الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip .
وقال البزَّار: قد روي هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه، هذا أحسنها إسنادا الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن حرب الموصلي، حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip عن الحسن بن صالح، عن سِمَاك، عن عكرمة عن ابن عباس قال: من يسلم الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip عليك من خلق الله، فاردد عليه وإن كان مجوسيا؛ ذلك بأن الله يقول: ( فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا )
وقال قتادة: ( فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا ) يعني: للمسلمين ( أَوْ رُدُّوهَا ) يعني: لأهل الذمة.
وهذا التنـزيل فيه نظر، بل كما تقدم في الحديث من أن المراد أن يرد بأحسن مما حياه به، فإن بلغ < 2-370 >
المسلم غاية ما شرع في السلام؛ رد عليه مثل ما قال، فأما أهل الذمة فلا يُبْدؤون الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip
بالسلام ولا يزادون، بل يرد عليهم بما ثبت في الصحيحين، عن ابن عمر أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول
أحدهم: السام عليك فقل: وعليك" الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip .
وفي صحيح مسلم، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا
تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى
أضيقه" الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Margntip .
وقال سفيان الثوري، عن رجل، عن الحسن البصري قال: السلام تطوع، والرد فريضة.
وهذا الذي قاله هو قول العلماء قاطبة: أن الرد واجب على من سلم عليه،
فيأثم إن لم يفعل؛ لأنه خالف أمر الله في قوله: ( فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ
مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ) وقد جاء في الحديث الذي رواه




الزعيم
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 7554

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Empty رد: الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير

مُساهمة من طرف اعصار الإثنين 16 مايو - 18:43:23

الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير 11111113

موضــــــ جميل ـــــوع
والأجمل مشاركة به معنا
لا تحرمنا مواضيعك سنكون شاكريــــ لك ـــن على جهودك الطيبة
فكن دائما كما أنت لأنك تستحق كــــ الشكر ــــــل
ولا تنسى أن تترك أثرا هنا



اعصار
اعصار
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 34551

https://www.helpub.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Empty رد: الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير

مُساهمة من طرف الزعيم الثلاثاء 17 مايو - 16:24:08

شكرا على الرد نورت الموضوع بمرورك
لا تبخل علينا بجميل كلماتك
ولا تنسى أن تزورنا دوما على عنوان واحد

هنا




الزعيم
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 7554

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Empty رد: الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير

مُساهمة من طرف أبو سليمان الأحد 12 يونيو - 14:18:55


أبو سليمان
المشرفون
المشرفون

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 3412
تاريخ الميلاد : 03/11/1996
العمر : 28

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير Empty رد: الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير

مُساهمة من طرف aaaa الخميس 29 مارس - 20:53:58

شكرا على الرد نورت الموضوع بمرورك
لا تبخل علينا بجميل كلماتك




aaaa
عضو نشيط
عضو  نشيط

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 768
تاريخ الميلاد : 13/10/1983
العمر : 41

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى