الجزء الثامن من تفسير سورة الأنفال
ملتقى الجزائريين والعرب :: المنتدى العام :: الركن الإسلامي :: ملحق تفسير القرآن كاملا لابن كثير
:: تفسير سورة الأنفال
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
الجزء الثامن من تفسير سورة الأنفال
ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى
قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ
عَلِيمٌ
(53)
كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ
رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ
وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ
(54)
يخبر تعالى عن تمام عدله، وقسطه في حكمه، بأنه تعالى لا يغير نعمة أنعمها على أحد إلا بسبب ذنب ارتكبه، كما قال تعالى:
إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا
بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ
وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ
[الرعد:11] ، وقوله ( كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ ) أي: كصنعه
بآل فرعون وأمثالهم حين كذبوا بآياته، أهلكهم بسبب ذنوبهم، وسلبهم تلك
النعم التي أسداها إليهم من جنات وعيون، وزروع وكنوز ومقام كريم، ونعمة
كانوا فيها فاكهين، وما ظلمهم الله في ذلك، بل كانوا هم الظالمين.
إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ
(55)
الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ
(56)
فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ
(57)
أخبر تعالى أن شر ما دب على وجه الأرض هم الذين كفروا فهم لا يؤمنون،
الذين كلما عاهدوا عهدا نقضوه، وكلما أكدوه بالأيمان نكثوه، ( وَهُمْ لا
يَتَّقُونَ ) أي: لا يخافون من الله في شيء ارتكبوه من الآثام.
(فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ ) أي: تغلبهم وتظفر بهم في
حرب، ( فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ ) أي: نكل بهم، قاله: ابن عباس،
والحسن البصري، والضحاك، والسدي، وعطاء الخراساني، وابن عيينة، < 4-79 >
ومعناه: غَلّظ عقوبتهم وأثخنهم قتلا ليخاف من سواهم من الأعداء، من العرب وغيرهم، ويصيروا لهم عبرة ( لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ )
وقال السدي: يقول: لعلهم يحذرون أن ينكثوا فيُصنع بهم مثل ذلك.
وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ
(58)
يقول تعالى لنبيه، صلوات الله وسلامه عليه
( وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ ) قد عاهدتهم ( خِيَانَةً ) أي: نقضًا
لما بينك وبينهم من المواثيق والعهود، ( فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ ) أي: عهدهم (
عَلَى سَوَاءٍ ) أي: أعلمهم بأنك قد نقضت عهدهم حتى يبقى علمك وعلمهم بأنك
حرب لهم، وهم حرب لك، وأنه لا عهد بينك وبينهم على السواء، أي: تستوي أنت
وهم في ذلك، قال الراجز.
فَاضْـرِبْ وُجُــوهَ الغُدر [الأعْـداء] | حتـى يجيبـوك إلـى الســواء |
الوليد بن مسلم أنه قال في قوله: ( فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ )
أي: على مهل، ( إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ) أي: حتى ولو في
حق الكفارين، لا يحبها أيضًا.
قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة
عن أبي الفيض، عن سليم بن عامر، قال: كان معاوية يسير في أرض الروم، وكان
بينه وبينهم أمد، فأراد أن يدنو منهم، فإذا انقضى الأمد غزاهم، فإذا شيخ
على دابة يقول: الله أكبر [الله أكبر]
وفاء لا غدرا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ومن كان بينه وبين
قوم عهد فلا يحلَّنَّ عقدة ولا يشدها حتى ينقضي أمدها، أو ينبذ إليهم على
سواء" قال: فبلغ ذلك معاوية، فرجع، وإذا الشيخ عمرو بن عبسة، رضي الله عنه.
وهذا الحديث رواه أبو داود الطيالسي، عن شعبة وأخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن حبان في صحيحه من طرق عن شعبة، به وقال الترمذي: حسن صحيح.
وقال الإمام أحمد أيضا: حدثنا محمد بن عبد الله الزبيري، حدثنا إسرائيل،
عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري عن سلمان -يعني الفارسي -رضي الله عنه:
أنه انتهى إلى حصن -أو: مدينة -فقال لأصحابه: دعوني أدعوهم كما رأيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يدعوهم، فقال: إنما كنت رجلا منهم فهداني الله عز وجل للإسلام، فإذا أسلمتم فلكم ما لنا وعليكم ما علينا، وإن أبيتم فأدوا < 4-80 >
الجزية وأنتم صاغرون، فإن أبيتم نابذناكم على سواء، ( إِنَّ اللَّهَ لا
يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ) يفعل بهم ذلك ثلاثة أيام، فلما كان اليوم الرابع
غدا الناس إليها ففتحوها بعون الله
وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ
(59)
وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ
الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ
دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ
شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ
(60)
يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: ( وَلا تَحْسَبَنَّ ) يا محمَّد (
الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا ) أي: فاتونا فلا نقدر عليهم، بل هم تحت قهر
قدرتنا وفي قبضة مشيئتنا فلا يعجزوننا، كما قال تعالى:
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ
[العنكبوت: 4]أي: يظنون، وقال تعالى:
لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الأرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ
[النور: 57]،وقال تعالى لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ
[آل عمران: 196 ، 197].
ثم أمر تعالى بإعداد آلات الحرب لمقاتلتهم حسب الطاقة والإمكان
والاستطاعة، فقال: ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) أي: مهما
أمكنكم، ( مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ )
قال الإمام أحمد: حدثنا هارون بن معروف، حدثنا ابن وَهْب، أخبرني عمرو
بن الحارث، عن أبي علي ثُمَامة بن شُفَيّ، أنه سمع عقبة بن عامر يقول: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر: "( وَأَعِدُّوا لَهُمْ
مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ) ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة
الرمي"
رواه مسلم، عن هارون بن معروف، وأبو داود عن سعيد بن منصور، وابن ماجة عن يونس بن عبد الأعلى، ثلاثتهم عن عبد الله بن وهب، به
ولهذا الحديث طرق أخر، عن عقبة بن عامر، منها ما رواه الترمذي، من حديث صالح بن كَيْسان، عن رجل، عنه
وروى الإمام أحمد وأهل السنن، عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ارموا واركبوا، وأن ترموا خير من أن تركبوا" < 4-81 >
وقال الإمام مالك، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح السمان، عن أبي
هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الخيل لثلاثة:
لرجل أجْر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر؛ فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل
الله، فأطال لها في مرج -أو: روضة -فما أصابت في طيلها ذلك من المرج -أو:
الروضة -كانت له حسنات، ولو أنها قطعت طيلها فاستنت شرفا أو شرفين كانت
آثارها وأرواثها حسنات له، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه، ولم يرد أن يسقي
به، كان ذلك حسنات له؛ فهي لذلك الرجل أجر. ورجل ربطها تغنِّيًا وتعففا،
ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها، فهي له ستر، ورجل ربطها فخرًا ورياء
ونواء فهي على ذلك وزر". وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمر
فقال: "ما أنـزل الله علي فيها شيئا إلا هذه الآية الجامعة الفاذة: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ
" [الزلزلة: 7 ، 8] .
رواه البخاري -وهذا لفظه -ومسلم، كلاهما من حديث مالك
وقال الإمام أحمد: حدثنا حجاج، أخبرنا شريك، عن الرُّكَيْن بن الربيع
عن القاسم بن حسان؛ عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: "الخيل ثلاثة: ففرس للرحمن، وفرس للشيطان، وفرس للإنسان، فأما فرس
الرحمن فالذي يربط في سبيل الله، فعلفه وروثه وبوله، وذكر ما شاء الله.
وأما فرس الشيطان فالذي يقامر أو يراهن عليه، وأما فرس الإنسان فالفرس
يرتبطها الإنسان يلتمس بطنها، فهي ستر من فقر"
وقد ذهب أكثر العلماء إلى أن الرمي أفضل من ركوب الخيل، وذهب الإمام
مالك إلى أن الركوب أفضل من الرمي، وقول الجمهور أقوى للحديث، والله أعلم.
وقال الإمام أحمد: حدثنا حجاج وهشام قالا حدثنا ليث، حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن ابن شماسة: أن معاوية بن حديج
مر على أبي ذر، وهو قائم عند فرس له، فسأله ما تعالج من فرسك هذا؟ فقال:
إني أظن أن هذا الفرس قد استجيب له دعوته! قال: وما دعاء بهيمة من البهائم؟
قال: والذي نفسي بيده ما من فرس إلا وهو يدعو كل سحر فيقول: اللهم، أنت
خولتني عبدا من عبادك، وجعلت رزقي بيده، فاجعلني أحب إليه من أهله وماله
وولده
قال: وحدثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الحميد بن جعفر؛ حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن سُوَيْد بن قيس؛ عن معاوية بن حديج ؛ عن أبي ذر، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه < 4-82 >
ليس من فرس عربي إلا يؤذن له مع كل فجر، يدعو بدعوتين، يقول: اللهم، إنك
خولتني من خولتني من بني آدم، فاجعلني من أحب أهله وماله إليه" أو "أحب
أهله وماله إليه" .
رواه النسائي، عن عمرو بن علي الفلاس، عن يحيى القطَّان، به
وقال أبو القاسم الطبراني: حدثنا الحسين بن إسحاق التّسْتُرِيّ، حدثنا
هشام بن عمار، حدثنا يحيى بن حمزة، حدثنا المطعم بن المقدام الصنعاني، عن
الحسن بن أبي الحسن أنه قال لابن الحنظلية -يعني: سهلا -: حدَّثنا حديثا
سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول: "الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، وأهلها
معانون عليها، ومن ربط فرسًا في سبيل الله كانت النفقة عليه، كالماد يده
بالصدقة لا يقبضها"
والأحاديث الواردة في فضل ارتباط الخيل كثيرة، وفي صحيح البخاري، عن عُرْوَة ابن أبي الجعد البارقي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة: الأجر والمغنم"
وقوله: "ترهبون" أي: تخوفون ( بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ) أي:
من الكفار ( وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ ) قال مجاهد: يعني: قريظة، وقال
السدي: فارس، وقال سفيان الثوري: قال ابن يمان: هم الشياطين التي في الدور.
وقد ورد حديث بمثل ذلك، قال ابن أبي حاتم:
حدثنا أبو عتبة أحمد بن الفرج الحِمْصِي، حدثنا أبو حيوة -يعني: شريح بن
يزيد المقرئ -حدثنا سعيد بن سنان، عن ابن عريب -يعني: يزيد بن عبد الله بن
عريب -عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في قوله:
( وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ ) قال: "هم الجن"
ورواه الطبراني، عن إبراهيم بن دُحَيْم؛ عن أبيه، عن محمد بن شعيب؛ عن سعيد بن سنان عن يزيد بن عبد الله بن عريب، به، وزاد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يخبل بيت فيه عتيق من الخيل"
وهذا الحديث منكر، لا يصح إسناده ولا متنه.
وقال مقاتل بن حيان، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم: هم المنافقون. < 4-83 >
وهذا أشبه الأقوال، ويشهد له قوله:
وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ
الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ
نَعْلَمُهُمْ
[التوبة: 101].
وقوله: ( وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ
إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ ) أي: مهما أنفقتم في الجهاد، فإنه
يوفى إليكم على التمام والكمال، ولهذا جاء في حديث رواه أبو داود: أن الدرهم يضاعف ثوابه في سبيل الله إلى سبعمائة ضعف كما تقدم في قوله تعالى:
مَثَلُ
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ
حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ
وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
[البقرة:261].
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن القاسم بن عطية، حدثنا أحمد بن عبد
الرحمن الدشتكي، حدثنا أبي، عن أبيه، حدثنا الأشعث بن إسحاق، عن جعفر، عن
سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر ألا
يتصدق إلا على أهل الإسلام، حتى نـزلت: ( وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ ) فأمر بالصدقة بعدها على كل من سألك
من كل دين. وهذا أيضًا غريب.
وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
(61)
يقول تعالى: إذا خفت من قوم خيانة فانبذ إليهم عهدهم على سواء، فإن
استمروا على حربك ومنابذتك فقاتلهم، ( وَإِنْ جَنَحُوا ) أي: مالوا (
لِلسَّلْمِ ) أي: المسالمة والمصالحة والمهادنة، ( فَاجْنَحْ لَهَا ) أي:
فمل إليها، واقبل منهم ذلك؛ ولهذا لما طلب المشركون عام الحديبية الصلح
ووضع الحرب بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنين؛ أجابهم إلى
ذلك مع ما اشترطوا من الشروط الأخر.
وقال عبد الله بن الإمام أحمد: حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، حدثنا
فضيل بن سليمان -يعني: النميري -حدثنا محمد بن أبي يحيى، عن إياس بن عمرو
الأسلمي، عن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: "إنه سيكون بعدى اختلاف -أو: أمر -فإن استطعت أن يكون السلم،
فافعل"
وقال مجاهد: نـزلت في بني قريظة. < 4-84 >
وهذا فيه نظر؛ لأن السياق كله في وقعة بدر، وذكرها مكتنف لهذا كله.
وقول ابن عباس، ومجاهد، وزيد بن أسلم، وعطاء الخراساني، وعكرمة، والحسن، وقتادة: إن هذه الآية منسوخة بآية السيف في "براءة":
قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ
الآية [التوبة:29] فيه نظر أيضًا؛ لأن آية براءة فيها الأمر بقتالهم إذا
أمكن ذلك، فأما إذا كان العدو كثيفًا، فإنه تجوز مهادنتهم، كما دلت عليه
هذه الآية الكريمة، وكما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، فلا
منافاة ولا نسخ ولا تخصيص، والله أعلم.
وقوله: ( وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ) أي: صالحهم وتوكل على الله، فإن الله كافيك وناصرك،
رد: الجزء الثامن من تفسير سورة الأنفال
موضــــــ جميل ـــــوع
والأجمل مشاركة به معنا
لا تحرمنا مواضيعك سنكون شاكريــــ لك ـــن على جهودك الطيبة
فكن دائما كما أنت لأنك تستحق كــــ الشكر ــــــل
ولا تنسى أن تترك أثرا هنا
M.AYMAN- عضو نشيط
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 1898
تاريخ الميلاد : 13/10/1985
العمر : 39
رد: الجزء الثامن من تفسير سورة الأنفال
موضــــــ جميل ـــــوع
والأجمل مشاركة به معنا
لا تحرمنا مواضيعك سنكون شاكريــــ لك ـــن على جهودك الطيبة
فكن دائما كما أنت لأنك تستحق كــــ الشكر ــــــل
ولا تنسى أن تترك أثرا هنا
رد: الجزء الثامن من تفسير سورة الأنفال
مشكووووووووووووور
M.AYMAN- عضو نشيط
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 1898
تاريخ الميلاد : 13/10/1985
العمر : 39
رد: الجزء الثامن من تفسير سورة الأنفال
شكرا على الرد نورت الموضوع بمرورك
لا تبخل علينا بجميل كلماتك
ولا تنسى أن تزورنا دوما على عنوان واحد
هنا
لا تبخل علينا بجميل كلماتك
ولا تنسى أن تزورنا دوما على عنوان واحد
هنا
رد: الجزء الثامن من تفسير سورة الأنفال
شكرا على الموضوع
لا تبخل علينا
لا تبخل علينا
aaaa- عضو نشيط
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 768
تاريخ الميلاد : 13/10/1983
العمر : 41
مواضيع مماثلة
» الجزء الاول من تفسير سورة الأنفال
» الجزء الثاني من تفسير سورة الأنفال
» الجزء الثالث من تفسير سورة الأنفال
» الجزء الرابع من تفسير سورة الأنفال
» الجزء الخامس من تفسير سورة الأنفال
» الجزء الثاني من تفسير سورة الأنفال
» الجزء الثالث من تفسير سورة الأنفال
» الجزء الرابع من تفسير سورة الأنفال
» الجزء الخامس من تفسير سورة الأنفال
ملتقى الجزائريين والعرب :: المنتدى العام :: الركن الإسلامي :: ملحق تفسير القرآن كاملا لابن كثير
:: تفسير سورة الأنفال
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى