الجزء الثامن من تفسير سورة النساء لابن كثير
ملتقى الجزائريين والعرب :: المنتدى العام :: الركن الإسلامي :: ملحق تفسير القرآن كاملا لابن كثير
:: تفسير سورة النساء
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
الجزء الثامن من تفسير سورة النساء لابن كثير
.
وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلا عَظِيمًا
(27)
يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا
(28)
وقوله: ( [وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ] وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلا عَظِيمًا ) أي: يُريد
أتباع الشياطين من اليهود والنصارى والزناة ( أَنْ تَمِيلُوا ) يعني: عن
الحق إلى الباطل ( مَيْلا عَظِيمًا* يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ
عَنْكُمْ ) أي: في شرائعه وأوامره ونواهيه وما يقدره لكم، ولهذا أباح
[نكاح] الإماء بشروطه، كما قال مجاهد وغيره: ( خُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا ) فناسبه التخفيف؛ لضعفه في نفسه وضعف عزمه وهمته.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن إسماعيل [الأحمسي] حدثنا وَكِيع، عن سفيان، عن ابن طاوس، عن أبيه: ( خُلِقَ الإنْسَانُ ضَعِيفًا ) أي: في أمر النساء، وقال وكيع: يذهب عقله عندهن.
وقال موسى الكليم عليه الصلاة والسلام لنبينا صلوات الله وسلامه عليه ليلة الإسراء حِينَ مر عليه راجعا من عند سدْرة المنتهى، فقال له: ماذا فرض عليكم ؟ فقال: "أمرني بخمسين < 2-268 >
صلاة في كل يوم وليلة" فقال له: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف؛ فإن أمتك لا تطيق ذلك، فإني قد بلوت الناس
قبلك على ما هو أقل من ذلك فعجزوا، وإن أمتك أضعف أسماعا وأبصارا وقلوبا،
فرجع فوضع عشرا، ثم رجع إلى موسى فلم يزل كذلك حتى بقيت خمسًا [قال الله عز
وجل: "هن خمس وهن خمسون، الحسنة بعشر أمثالها"] الحديث .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ
بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا
تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا
(29)
وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا
(30)
إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا
(31)
نهى
تبارك وتعالى عباده المؤمنين عن أن يأكلوا أموال بعضهم بعضا بالباطل، أي:
بأنواع المكاسب التي هي غير شرعية، كأنواع الربا والقمار، وما جرى مجرى ذلك
من سائر صنوف الحيل، وإن ظهرت في غالب الحكم الشرعي مما يعلم الله أن
متعاطيها إنما يريد الحيلة على الربا، حتى قال ابن جرير:
حدثني ابن المثنى، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا داود، عن عكرمة، عن ابن
عباس -في الرجل يشتري من الرجل الثوب فيقول: إن رضيته أخذته وإلا رددته
ورددت معه درهما-قال: هو الذي قال الله عز وجل: ( وَلا تَأْكُلُوا
أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ )
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن حرب الموصلي، حدثنا ابن فضيل، عن داود
الأودي عن عامر، عن علقمة، عن عبد الله [ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ) ] قال: إنها [كلمة] محكمة، ما نسخت، ولا تنسخ إلى يوم القيامة.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: لما أنزل الله: ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ )
قال المسلمون: إن الله قد نهانا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل، والطعام هو
أفضل الأموال، فلا يحل لأحد منا أن يأكل عند أحد، فكيف للناس ! فأنزل الله بعد ذلك:
لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ
[النور: 61] الآية، [وكذا قال قتادة بن دعامة] .
وقوله: ( إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ) قرئ: تجارة بالرفع وبالنصب، وهو استثناء منقطع، كأنه يقول: لا تتعاطوا الأسباب المحرمة في اكتساب الأموال، لكن المتاجر المشروعة التي تكون عن تراض من البائع والمشتري فافعلوها وتسببوا بها في تحصيل الأموال. كما قال [الله] تعالى:
وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ
[الأنعام: 151]، وكقوله
لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلا الْمَوْتَةَ الأُولَى
[الدخان: 56].
< 2-269 >
ومن هذه الآية الكريمة احتج الشافعي [رحمه الله] على أنه لا يصح البيع إلا بالقبول؛ لأنه يدل على التراضي نَصا، بخلاف المعاطاة فإنها قد لا تدل على الرضا ولا بد، وخالف
الجمهورَ في ذلك مالك وأبو حنيفة وأحمد وأصحابهم، فرأوا أن الأقوال كما
تدل على التراضي، وكذلك الأفعال تدل في بعض المحال قطعا، فصححوا بيع
المعاطاة مطلقا، ومنهم من قال: يصح في المحقَّرات، وفيما يعده الناس بيعا،
وهو احتياط نظر من محققي المذهب، والله أعلم.
قال مجاهد: ( إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ) بيعا أو عطاء يعطيه أحد أحدًا. ورواه ابن جرير [ثم] قال:
وحدثنا ابن وَكِيع، حدثنا أبي، عن القاسم، عن
سليمان الجُعْفي، عن أبيه، عن ميمون بن مهران قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: "البَيْعُ عن تَراض والخِيارُ بعد الصَّفقة ولا يحل لمسلم أن
يغش مسلمًا". هذا حديث مرسل .
ومن تمام التراضي إثبات خيار المجلس، كما ثبت في الصحيحين: أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: "البيعان بالخيار ما لم يَتَفَرقا" وفي لفظ
البخاري: "إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا" .
وذهب إلى القول بمقتضى هذا الحديث الشافعي، وأحمد [بن حنبل]
وأصحابهما، وجمهورُ السلف والخلف. ومن ذلك مشروعية خيار الشرط بعد العقد
إلى ثلاثة أيام، [كما هو متفق عليه بين العلماء إلى ما هو أزيد من ثلاثة
أيام] بحسب ما يتبين فيه مال البيع، ولو إلى سنة في القرية ونحوها، كما هو المشهور عن مالك، رحمه الله. وصححوا
بيع المعاطاة مطلقا، وهو قول في مذهب الشافعي، ومنهم من قال: يصح بيع
المعاطاة في المحقرات فيما يعده الناس بيعا، وهو اختيار طائفة من الأصحاب.
وقوله: ( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) أي: بارتكاب محارم الله
وتعاطي معاصيه وأكل أموالكم بينكم بالباطل ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ
رَحِيمًا ) أي: فيما أمركم به، ونهاكم عنه.
قال الإمام أحمد: حدثنا حسن
بن موسى، حدثنا ابن لَهِيعة، حدثنا يزيد بن أبي حبيب، عن عمْران بن أبي
أنس، عن عبد الرحمن بن جُبَير، عن عمرو بن العاص، رضي الله عنه، أنه قال
لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم عام ذات السلاسل قال: احتلمت في ليلة
باردة شديدة البرد فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة
الصبح، قال: فلما قدمتُ على رسول الله صلى عليه وسلم ذكرت ذلك له، فقال:
"يا عمرو صَلَّيت بأصحابك وأنت جُنُبٌ!" قال: قلت يا رسول الله إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلكَ، فذكرت قول الله [عز < 2-270 >
وجل]
( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا )
فتيممت ثم صليت. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا.
وهكذا رواه أبو داود من حديث يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب، به.
ورواه أيضا عن محمد بن أبي سلمة، عن ابن وهب، عن ابن لهيعة وعمر بن الحارث،
كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير
المصري، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، عنه، فذكر نحوه. وهذا، والله أعلم،
أشبه بالصواب .
وقال أبو بكر بن مَرْدُوَيه: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن حامد البَلْخِي، حدثنا محمد بن صالح بن سهل البلخي، حدثنا عُبَيد
عبد الله بن عمر القواريري، حدثنا يوسف بن خالد، حدثنا زياد بن سعد، عن
عكرمة، عن ابن عباس: أن عمرو بن العاص صلى بالناس وهو جُنُب، فلما قدموا
على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له، فدعاه فسأله عن ذلك، فقال:
يا رسول الله، خفْتُ أن يقتلني البرد، وقد قال الله تعالى: ( وَلا
تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا] ) قال: فسكت عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم .
ثم أورد ابن مَرْدُويه عند هذه الآية الكريمة من حديث الأعمش، عن أبي
صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَتَل
نَفْسَه بِحَدِيدَةٍ فحديدته في يَدِهِ، يَجَأ بها بَطْنه يوم القيامة في
نار جَهَنَّمَ خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بسم، فسمه في يده،
يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه، فهو
مُتَرد في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا".
وهذا الحديث ثابت في الصحيحين
وكذلك رواه أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه
وسلم بنحوه، وعن أبي قِلابة، عن ثابت بن الضحاك، رضي الله عنه، قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قتل نَفْسَه بشيء عُذِّبَ به يوم
القيامة" . وقد أخرجه الجماعَةُ في كُتُبهم من طريق أبي قلابة وفي الصحيحين من حديث الحسن، عن جُنْدب بن عبد الله البَجَلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان رَجُلٌ ممن
كان قبلكم وكان به جُرْح، فأخذ سكينًا نَحَر بهَا يَدَهُ، فما رَقأ
الدَّمُ حتى ماتَ، قال الله عز وجل: عَبْدِي بادرنِي بِنَفْسه، حرَّمت عليه الْجَنَّة" .
ولهذا قال الله تعالى: ( وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا ) أي: ومن يتعاطى ما نهاه الله عنه متعديا < 2-271 >
فيه ظالما في تعاطيه، أي: عالما بتحريمه متجاسرا على انتهاكه ( فَسَوْفَ
نُصْلِيهِ نَارًا [وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا] ) وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد، فَلْيحذَرْ منه كل عاقل لبيب ممن ألقى السمع وهو شهيد.
وقوله: ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ
عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا] ) .
أي: إذا اجتنبتم كبائر الآثام التي نهيتم عنها كفرنا عنكم صغائر الذنوب
وأدخلناكم الجنة؛ ولهذا قال: ( وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا ) .
وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا مؤمل بن هشام، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا خالد بن أيوب، عن معاوية بن قرة، عن أنس [يرفعه] : " الذي بلغنا عن ربنا، عز وجل، ثم لم نخرج له عن كل أهل ومال أن تجاوز لنا عما دون الكبائر، يقول الله [تعالى] ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا] ) " .
وقد وردت أحاديث متعلقة بهذه الآية الكريمة فلنذكر منها ما تيسر:
قال الإمام أحمد : حدثنا هُشَيم عن مُغِيرة، عن أبي مَعْشَر، عن
إبراهيم، عن قَرْثَع الضَّبِّي، عن سلمان الفارسي قال: قال لي النبي صلى
الله عليه وسلم: "أتدري ما يوم الجمعة؟" قلت: هو اليوم الذي جمع الله فيه
أباكم. قال: "لكن أدْرِي ما يَوْمُ الجُمُعَةِ، لا يتطهر الرجل فيُحسِنُ
طُهُوره، ثم يأتي الجُمُعة فيُنصِت حتى يقضي الإمام صلاته، إلا كان كفارة له ما بينه وبين الجمعة المقبلة، ما اجْتُنبت المقتلة وقد رَوَى البخاري من وجه آخر عن سلمان نحوه .
وقال أبو جعفر بن جرير: حدثني المثنى [بن إبراهيم]
حدثنا أبو صالح، حدثنا الليث، حدثني خالد، عن سعيد بن أبي هلال، عن نعيم
المُجْمر، أخبرني صهيب مولى العُتْوارِي، أنه سمع من أبي هريرة وأبي سعيد
يقولان: خَطَبَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: "والذي نَفْسي
بِيَدِهِ" -ثلاث مرات-ثم أكَبَّ، فأكب كل رجل منا يبكي، لا ندري على ماذا
حلف عليه ثم رفع رأسه وفي وجهه البشر فكان أحب إلينا من حُمْر النَّعَم، فقال [صلى الله عليه وسلم]
ما من عَبْدٍ يُصَلِّي الصَّلَواتِ الخمسَ، ويَصُومُ رمضانَ، ويُخرِج
الزكاة، ويَجْتنبُ الكبائر السَّبعَ، إلا فُتِحتْ له أبوابُ الجَنَّةِ، ثم
قيل له: ادْخُل بسَلامٍ".
وهكذا رواه النسائي، والحاكم في مستدركه، من حديث الليث بن سعد، رواه
الحاكم أيضا وابن حِبَّان في صحيحه، من حديث عبد الله بن وهب، عن عمرو بن
الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، به. ثم قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين،
ولم يخرجاه .
< 2-272 >
تفسير هذه السبع:
وذلك بما ثبت في الصحيحين من حديث سليمان بن بلال، عن ثَوْر بن زيد، عن
سالم أبي الغيث، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"اجْتَنِبُوا السبعَ المُوبِقَاتِ" قيل: يا رسول الله، وما هُنَّ؟ قال:
"الشِّركُ بالله، وقَتْلُ النَّفْس التي حَرَّمَ الله إلا بالحق،
والسِّحرُ، وأكْلُ الربا، وأكل مال اليتيم، والتَّوَلِّي يوم الزَّحْف،
وقَذْفُ المحصنَات المؤمنات الغافلات" .
طريق أخرى عنه: قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا فَهْد بن عَوْف،
حدثنا أبو عَوَانة، عن عَمْرو بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة؛ أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: "الكبائر سَبْعٌ، أولها الإشراكُ بالله، ثم
قَتْل النَّفْس بغير حقها، وأكْلُ الرِّبَا، وأَكْلُ مال اليتيمِ إلى أن
يكبر، والفِرَارُ من الزَّحْفِ، ورَميُ المحصنات، والانقلاب إلى الأعراب بَعْدَ الهِجْرَةِ" .
فالنص على هذه السبع بأنهن كبائر لا ينفي ما عداهن، إلا عند من يقول بمفهوم اللقب، وهو ضعيف عند عدم القرينة، ولا سيما عند
قيام الدليل بالمنطوق على عدم المفهوم، كما سنورده من الأحاديث المتضمنة
من الكبائر غير هذه السبع، فمن ذلك ما رواه الحاكم في مستدركه حيث قال:
حدثنا أحمد بن كامل القاضي، إملاء حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد،
حدثنا معاذ بن هانئ، حدثنا حَرْب بن شَدَّاد، حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن
عبد الحميد بن سِنَان، عن عبيد بن عُمَيْر، عن أبيه -يعني عُمَير بن
قتادة-رضي الله عنه أنه حدثه -وكانت له صحبة-أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال في حجة الوداع: "ألا إن أولياء الله المُصَلُّون من يُقِيم الصلواتِ الخمسَ التي كُتبت
عليه، ويَصومُ رمضان ويَحتسبُ صومَهُ، يرى أنه عليه حق، ويُعطي زكاةَ ماله
يَحْتسِبها، ويجتنب الكبائر التي نهى الله عنها". ثم إن رجلا سأله فقال:
يا رسول الله، ما الكبائر؟ فقال: "تسع: الشِّركُ بالله، وقَتْلُ نَفْسِ
مؤمن بغير حق وفِرارُ يوم الزّحْفِ، وأكل مال اليتيم، وأكل الرِّبا، وقذفُ المُحصنَة وعقوق الوالدين المسلمين، واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا، ثم قال: لا يموت رجل لا يعمل هؤلاء الكبائر، ويقيم الصلاة، ويُؤتِي الزكاة، إلا كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في دار أبوابها مصاريع من ذَهَبٍ".
وهكذا رواه الحاكم مطولا وقد أخرجه أبو داود والترمذي
مختصرا من حديث معاذ بن هانئ، به وكذا رواه ابن أبي حاتم من حديثه مبسوطًا
ثم قال الحاكم: رجاله كلهم يحتج بهم في الصحيحين إلا عبد الحميد بن سنان .
< 2-273 >
قلت: وهو حجازي لا يعرف إلا بهذا الحديث، وقد ذكره ابن حِبَّان في كتاب الثقات، وقال البخاري: في حديثه نظر.
وقد رواه ابن جرير، عن سليمان بن ثابت الجحدري، عن سلم
بن سلام، عن أيوب بن عتبة، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبيد بن عُمَير، عن
أبيه، فذكره. ولم يذكر في الإسناد: عبد الحميد بن سنان، فالله أعلم .
حديث آخر في معنى ما تقدم: قال ابن مَرْدُويه: حدثنا عبد الله بن جعفر،
حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا يحيى بن عبد الحميد، حدثنا عبد العزيز بن مسلم
بن الوليد، عن المطلب عن عبد الله بن حنطب عن عبد الله بن عمرو قال: صعد
النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فقال: "لا أقْسِمُ، لا أقْسِمُ". ثم نزل
فقال: "أبْشِرُوا، أبْشِرُوا، من صَلَّى الصلوات الخمس، واجْتَنَبَ الكبائر
السَّبعَ، نُودِيَ من أبواب الجنة: ادخُل". قال عبد العزيز: لا أعلمه إلا
قال: "بسلام". قال المطلب: سمعت من سأل عبد الله بن عَمْرو: أسمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يذكرهن؟ قال: نعم: "عقوق الوالدين، وإشْرَاكٌ
بالله، وقَتْلُ النفس، وقَذْفُ المُحْصنات، وأكْلُ مالِ اليتيمِ، والفِرارُ
من الزَّحفِ، وأكْلُ الرِّبَا" .
حديث آخر في معناه: قال أبو جعفر بن جرير في التفسير: حدثنا يعقوب،
حدثنا ابن عُلَيَّةَ، أخبرنا زياد بن مِخْرَاق عن طيسلة بن مياس قال: كنت
مع النَّجدات، فأصبت ذنوبا لا أراها إلا من الكبائر، فلقيت ابن عُمَر فقلت
له: إني أصبت ذُنُوبا لا أراها إلا من الكبائر قال: ما هي؟ قلت: أصبت كذا
وكذا. قال: ليس من الكبائر. قلت: وأصبت كذا وكذا. قال: ليس من الكبائر قال
-بشيء لم يسمه طَيْسَلَة-قال: هي تسع وسأعدهن عليك: الإشراك بالله، وقتل
النفس بغير حقها والفرار من الزحف، وقذف المحصنة، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم ظلما، وإلحاد في المسجد الحرام، والذي يستسحر
وبكاء الوالدين من العقوق. قال زياد: وقال طيسلة لما رأى ابن عمر: فَرَقي.
قال: أتخاف النار أن تدخلها؟ قلت: نعم. قال: وتحب أن تدخل الجنة؟ قلت:
نعم. قال: أحيّ والداك؟ قلت: عندي أمي. قال: فوالله لئن أنت ألَنْتَ لها
الكلام، وأطعمتها الطعام، لتدخلن الجنة ما اجتنبت الموجبات .
طريق أخرى: قال ابن جرير: حدثنا سليمان بن ثابت الْجَحْدَرِي الواسطي، حدثنا سلم بن سلام، حدثنا أيوب بن عتبة، عن طَيْسَلة بن علي النهدي قال: أتيت ابن عمر وهو في ظل أرَاك يوم < 2-274 >
عَرَفة، وهو يصب الماء على رأسه ووجهه قلت أخبرني عن الكبائر؟ قال: هي تسع. قلت: ما هي؟ قال: الإشراك بالله، وقذف المحصنة -قال: قلت: قبل القتل
؟ قال: نعم وَرَغْمَا -وقتل النفس المؤمنة، والفِرارُ من الزَّحْفِ،
والسِّحْرُ، وأكْلُ الربا، وأكل مال اليتيم، وعُقوق الوالدين المسلمين،
وإلْحاد بالبيت الحرام، قبْلَتكم أحياء وأمواتا .
هكذا رواه من هذين الطريقين موقوفا، وقد رواه علي بن الجَعْدِ، عن أيوب بن عتبة، عن طيسلة بن علي [ النهدي ]
قال: أتيت ابن عمر عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، وهو تحت ظلِّ أرَاكة، وهو يَصُبُّ
الماء على رأسه، فسألته عن الكبائر، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: "هُنّ سبع". قال: قلت: وما هُنّ؟ قال: "الإشراك بالله، وقذف
المحصنة -قال: قلت: قبل
الدم؟ قال: نعم ورغما -وقتلُ النفس المؤمنة، والفرار من الزَّحفِ،
والسِّحرُ، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، وعُقوق الوالدين، وإلحاد بالبيت الحرامِ قِبْلَتَكُم أحياء وأمواتا".
وكذا رواه الحسن بن موسى الأشيب، عن أيوب بن عتبة اليماني -وفيه ضعف -والله أعلم.
حديث آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا زكريا بن عَديّ، حدثنا بَقِيَّة، عن بَحير بن سعد
عن خالد بن مَعْدان: أن أبا رُهْم السمعي حدثهم، عن أبي أيوب قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من عَبَدَ الله لا يُشرِكُ به شيئا، وأقام
الصلاة، وآتى الزكاة، وصام رمضان، واجْتَنَبَ الكبائر، فله الجنة -أو دخل
الجنة" فسأله رجل: ما الكبائر؟ فقال الشرك بالله، وقَتْلُ نفس مسلمة، والفِرار يوم الزَّحْف".
ورواه أحمد أيضًا والنسائي، من غير وجه، عن بقية .
حديث آخر: روى الحافظ أبو بكر ابن مردويه في تفسيره، من طريق سليمان بن
داود اليماني -وهو ضعيف-عن الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عَمْرو بن حزم،
عن أبيه، عن جده قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن
كتابا فيه الفرائض والسنن والديات، وبعث به مع عمرو بن حزم، قال: وكان في
الكتاب: "إن أكبر الكبائر عند الله يوم القيامة: إشْراكٌ باللهِ وقَتْل
النفْسِ المؤمنة بغير حَقٍّ، والفِرارُ في سبيل الله يوم الزَّحْفِ، وعُقوق
الوالدين، ورَمْي المحصنة، وتَعَلُّم السحر، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم"
.
< 2-275 >
حديث آخر: فيه ذكر شهادة الزور؛ قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، حدثني عُبَيد الله
بن أبي بكر قال: سمعت أنس بن مالك قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم
الكبائر -أو سئل عن الكبائر-فقال: "الشِّرْكُ بالله، وقَتْلُ النفْسِ،
وعُقوق الوالدين". وقال: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟" قال: "قول الزور -أو
شهادة الزور". قال شعبة: أكبر ظنى أنه قال"شهادة الزور" .
أخرجاه من حديث شعبة به. وقد رواه ابن مَرْدُويه من طريقين آخرين غريبين عن أنس، بنحوه .
حديث آخر: أخرجه
الشيخان من حديث عبد الرحمن بن أبي بَكْرة، عن أبيه قال: قال النبي صلى
الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟"، قلنا: بلى يا رسول الله،
قال: "الإشراك بالله، وعقوق الوالدين" وكان متكئا فجلس فقال: "ألا وشهادة
الزور، ألا وقول الزور". فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت .
حديث آخر: فيه ذكر قتل الولد، وهو ثابت في الصحيحين، عن عبد الله بن
مسعود قال: قلت: يا رسول الله، أيّ الذنب أعظم؟ -وفي رواية: أكبر-قال: "أن
تجعل لله نِدا وهو خَلَقكَ" قلت: ثم أيّ؟ قال: "أن تَقْتُلَ ولدك خَشْيَةَ
أن يَطْعَم معك". قلت: ثم أيّ؟ قال: "أن تُزاني حَلِيلَةَ جارِك" ثم قرأ:
وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ [وَلا يَقْتُلُونَ
النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ
يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا]
إلى قوله:
إِلا مَنْ تَابَ
[ الفرقان: 68-70] .
حديث آخر
فيه ذكر شرب الخمر. قال ابن أبي حاتم: أخبرنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا
ابن وهب، حدثني أبو صخر: أن رجلا حَدّثه عن عمرة بن حزم أنه سمع عبد الله
بن عَمْرو بن العاص وهو بالحِجْر بمكة وسُئل عن الخمر، فقال: والله إنَّ عظيمًا عند الله الشيخُ مثلي يكذبُ في هذا المقام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب فسأله ثم رجع فقال: سألته عن الخمر فقال: "هي أكبر الكبائر، وأم الفواحش، من شرب الخمر ترك الصلاة ووقع على أمه وخالته وعمته" غريب من هذا الوجه.
طريق أخرى: رواها الحافظ أبو بكر بن مَرْدُويه من حديث عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي، عن داود بن صالح، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه: أن أبا بكر الصديق، رضي الله عنه، وعُمَر بن < 2-276 >
الخطاب وأناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم أجمعين، جلسوا
بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكروا أعظم الكبائر، فلم يكن
عندهم ما ينتهون إليه، فأرسلوني إلى عبد الله بن عَمْرو بن العاص أسأله عن
ذلك، فأخبرني أن أعظم الكبائر شرب الخمر، فأتيتهم فأخبرتهم، فأنكروا ذلك،
فوثبوا إليه حتى أتوه في داره، فأخبرهم أنهم تحدثوا عند رسول الله صلى الله
عليه وسلم أن مَلِكا من بني إسرائيل أخذ رجلا فخيَّره بين أن يشرب خمرًا
أو يقتل نفسا، أو يزاني أو يأكل لحم خنزير، أو يقتله فاختار شُرْبَ الخمر وإنه لما شربها لم يمتنع من شَيْء أراده
منه، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا مجيبا: "ما من أحد يشرب
خمرًا إلا لم تُقْبَلْ له صَلاةٌ أربعين ليلة، ولا يموت أحد في مَثَانَتِهِ
منها شيء إلا حَرَّم الله عليه الجنة فإنْ مات في أربعين ليلة مات ميتَةً
جاهلية".
هذا حديث غريب من هذا الوجه جدًا، وداود بن صالح هو التَّمار المدني مولى الأنصار، قال الإمام أحمد: لا أرى به بأسا. وذكره ابن حبان في الثقات، ولم أر أحدًا جرحه .
حديث آخر: عن عبد الله بن عَمْرو وفيه ذكْرُ اليمين الغَمُوس. قال
الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شُعْبة، عن فراس، عن الشعبي، عن
عبد الله بن عَمْرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أكبر الكبائر
الإشراك بالله، وعُقُوق الوالدين، أو قَتْل النَّفْس -شعبة الشاك-واليمين
الغَمُوس". ورواه البخاري والترمذي والنسائي من حديث شعبة: زاد البخاري
وشيبان، كلاهما عن فراس، به .
حديث آخر: في اليمين الغموس: "قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو
صالح كاتب الليث، حدثنا الليث بن سعد، حدثنا هشام بن سعد، عن محمد بن يزيد
بن مهاجر بن قُنْفُذ التيمي، عن أبي أمامة الأنصاري، عن عبد الله بن أنيس
الجهني، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أكبر
الكبائر الشرك بالله، وعُقوق الوالدين، واليمين الغَمُوس، وما حَلَفَ حالف
بالله يمين صَبْر فأدخل فيها مثل جناح البعوضة، إلا كانت وكتة في قلبه إلى
يوم القيامة". وهكذا رواه الإمام أحمد في مسنده، وعبد بن حميد في تفسيره، كلاهما عن يونس بن محمد المؤدّب، عن الليث بن سعد، به. وأخرجه الترمذي [في تفسيره] عن عبد بن حميد [به] ثم قال: وهذا حديث حسن غريب، وأبو أمامة الأنصاري هذا هو ابن ثعلبة، ولا يعرف اسمه. وقد رَوَى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث .
قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج المِزِّي: وقد رواه عبد الرحمن بن إسحاق
المدني، عن محمد بن زيد، عن عبد الله بن أبي أمامة، عن أبيه عن عبد الله بن
أنيس. فزاد عبد الله بن أبي أمامة.
قلت: هكذا وقع في تفسير ابن مَرْدُويه وصحيح ابن حبّان، من طريق عبد الرحمن بن < 2-277 >
إسحاق كما ذكره شيخنا، فسَح اللهُ في أجله .
حديث آخر: عن عبد الله بن عمرو، في التسبب إلى شتم الوالدين. قال ابن
أبي حاتم: حدثنا عَمْرو بن عبد الله الأودي، حدثنا وكيع، عن مِسْعر وسفيان،
عن سعد بن إبراهيم، عن حُمَيد بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو -رفعه
سفيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ووقفه مسعر على عبد الله بن عمرو
-قال: "من الكبائر أن يَشْتُم الرجلُ والديه": قالوا: وكيف يشتم الرجل
والديه؟ قال: "يَسُبُّ الرجلُ أبا الرجل فيسبَّ أباه، ويسُبُّ أمَّه فيسب
أمه" .
وقد أخر هذا الحديث البخاري عن أحمد بن يونس، عن إبراهيم بن سعد بن
إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن عمه حميد بن عبد الرحمن بن عوف،
عن عبد الله بن عَمْرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من
أكبر الكبائر أن يَلْعَن الرجلُ والديه". قالوا: وكيفَ يَلْعَنُ الرجلُ
والديه؟! قال: "يَسُبُّ الرجلُ أبا الرجل فيسبَّ أباه، ويسُبُّ أمَّه
فيسب أمه".
وهكذا رواه مسلم من حديث سفيان وشعبة ويزيد بن الهاد، ثلاثتهم عن سعد بن إبراهيم، به مرفوعا بنحوه. وقال الترمذي: صحيح .
وثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "سِبابُ المسلم فُسُوقٌ، وقِتاله كُفْر" .
حديث آخر في ذلك: قال ابن أبي حاتم: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم
دُحَيم، حدثنا عمرو بن أبي سلمة، حدثنا زهير بن محمد، عن العلاء بن عبد
الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من
أكبر الكبائر عِرْضُ الرجل المسلم، والسَّبَّتَان والسَّبَّة " .
هكذا روي هذا الحديث، وقد أخرجه أبو داود في كتاب الأدب في سننه، عن
جعفر بن مسافر، عن عمرو بن أبي سلمة، عن زهير بن محمد، عن العلاء، عن أبيه،
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أكبر الكبائر استطالةُ المرْءِ في عِرْضِ رجلٍ مسلم بغير حق، ومن الكبائر السبتان بالسبة".
وكذا رواه ابن مَرْدُويه من طريق عبد الله بن العلاء بن زَيْر عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر مثله .
حديث آخر: في ذكْرُ الجمع بين الصلاتين من غير عذر؛ قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا < 2-278 >
نُعَيم بن حماد، حدثنا مُعْتَمِر بن سليمان، عن أبيه، عن حَنَش
عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من جمع بين
الصَّلاتين من غير عُذْرٍ، فقد أتى بابًا من أبواب الكبائر". وهكذا رواه
أبو عيسى الترمذي عن أبي سلمة يحيى بن خلف، عن المعتمر بن سليمان، به ثم
قال: حَنَش هو أبو علي الرحبي، وهو حسين بن قيس، وهو ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه أحمد وغيره .
وقد روى ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، حدثنا إسماعيل بن عُلَيَّة، عن خالد الحذاء، عن حميد بن هلال، عن أبي قتادة -يعنى العدوي-قال: قرئ علينا كتابُ عمر: من الكبائر جمع بين الصلاتين -يعني بغير عذر-والفِرَار من الزَّحْفِ، والنُّهْبَة.
وهذا إسناد صحيح: والغرض أنه إذا كان الوعيد فيمن جمع بين الصلاتين
كالظهر والعصر تقديما أو تأخيرًا، وكذا المغرب والعشاء هما من شأنه أن يجمع
بسبب من الأسباب الشرعية، فإذا تعاطاه أحد بغير شيء من تلك الأسباب يكون
مرتكبا كبيرة، فما ظنك بمن ترك الصلاةِ بالكلية؟ ولهذا روى مسلم في صحيحه،
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "بين العبد وبين الشرك ترك
الصلاة " وفي السنن عنه، عليه السلام، أنه قال: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تَرَكَها فقد كَفر" وقال: "من ترك صلاةَ العَصْرِ فقد حبطَ عَمَلُه" وقال: "من فاتته صَلاةُ الْعَصْرِ فكأنما وَتِرَ أهله وماله" .
حديث آخر: فيه اليأسُ من رَوْح الله، والأمنُ من مَكْر الله. قال ابن
أبي حاتم: حدثنا أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل، حدثنا أبي، حدثنا شَبِيب
بن بِشْر، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
متكئًا فدخل عليه رجل فقال: ما الكبائر؟ فقال: "الشِّرْكُ بالله، واليأس من
رَوْح الله، والقُنوط من رحمة الله، والأمن من مكر الله، وهذا أكبر
الكبائر".
وقد رواه البزار، عن عبد الله بن إسحاق العطار، عن أبي عاصم النبيل، عن
شبيب بن بشر، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ أن رجلا قال: يا رسول الله، ما
الكبائر؟ قال: "الإشراك بالله، واليأس من رَوْح الله، والقُنوط من رحمة الله عز وجل".
< 2-279 >
وفي إسناده نظر، والأشبه أن يكون موقوفا، فقد روي عن ابن مسعود نحوُ ذلك قال ابن جرير:
حدثنى يعقوب بن إبراهيم، حدثنا هُشَيم، أخبرنا مطرف، عن وَبْرة بن عبد
الرحمن، عن أبي الطفيل قال: قال ابن مسعود: أكبر الكبائر الإشراك بالله
والإياس من رَوْح الله، والقُنوط من رحمة الله، والأمن من مكر الله.
وكذا رواه من حديث الأعمش وأبي إسحاق، عن وَبْرة، عن أبي الطفيل، عن
ابن مسعود، به ثم رواه من طُرُق عدة، عن أبي الطفيل، عن ابن مسعود. وهو
صحيح إليه بلا شك.
حديث آخر: فيه سوء الظن بالله؛ قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن إبراهيم
بن بُنْدار، حدثنا أبو حاتم بكر بن عبدان، حدثنا محمد بن مهاجر حدثنا أبو حذيفة البخاري، عن محمد بن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر أنه قال: ]قال رسول الله صلى الله عليه وسلم[ "أكبر الكبائر سوء الظن بالله عز وجل". حديث غريب جدًّا.
حديث آخر: فيه التعرب بعد الهجرة، قد تقدم في رواية عَمْرو بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا، قال
أبو بكر بن مرْدويه: حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا أحمد بن رشدين، حدثنا
عَمْرو بن خالد الحراني، حدثنا ابن لَهِيعة عن يزيد بن أبي حبيب، عن محمد
بن سهل ابن أبي حَثْمة
عن أبيه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "الكبائر سبع، ألا
تسألوني عنهن؟ الشِّركُ بالله، وقَتْلُ النفْسِ، والفِرارُ يوم الزَّحْفِ،
وأكْلُ مال اليتيم، وأكل الربا، وقَذْفُ المحصَنَة، والتعرب
بعد الهجرة".
وفي إسناده نظر، ورفعه غلط فاحش والصواب ما رواه ابن جرير: حدثنا تميم بن المنتصر، أخبرنا يزيد، أخبرنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن سهيل بن أبي حثْمة عن أبيه قال: إني لفي هذا المسجد -مسجد الكوفة-وعلي، رضي الله عنه، يَخْطُب الناسَ على المنبر، فقال: يا أيها الناس، الكبائر سبع فأصاخ الناسُ، فأعادها ثلاث مرات، ثم < 2-280 >
قال : لم لا تسألوني عنها؟ قالوا: يا أمير المؤمنين ما هي؟ قال: الإشراك بالله، وقتل النفس التي حرم الله وقذف المحصنة، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والفرار يوم الزحف، والتعرب بعد الهجرة. فقلت لأبي: يا أبت، التعرب
بعد الهجرة، كيف لحق هاهنا؟ قال: يا بني، وما أعظم من أن يهاجر الرجل، حتى
إذا وقع سهمه في الفيء، ووجب عليه الجهاد خلع ذلك من عنقه فرجع أعرابيًا
كما كان .
حديث آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا هاشم، حدثنا أبو معاوية -يعني
شيبان-عن منصور، عن هلال بن يسَاف، عن سلمة بن قيس الأشجعي قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: "ألا إنما هن أربع: ألا تشركوا
بالله شيئًا، ولا تقتلوا النفْسَ التي حَرَّمَ الله إلا بالحق، ولا
تَزْنُوا، ولا تسرقوا". قال: فما أنا بأشح عليهن منى، إذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم رواه أحمد أيضا والنسائي وابن مردويه، من حديث منصور، بإسناده مثله .
حديث آخر: تقدم من رواية عُمَر بن المغيرة، عن داود بن أبي هند، عن
عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الإضْرَارُ في
الوَصِيَّةِ من الكبائر". والصحيح ما رواه غيره، عن داود، عن عكرمة، عن ابن
عباس [قوله] قال ابن أبي حاتم: وهو الصحيح عن ابن عباس من قوله.
حديث آخر في ذلك: "قال ابن جرير: حدثنا أبو كُرَيب، حدثنا أحمد بن عبد
الرحمن، حدثنا عباد بن عباد، عن جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي أمامة؛
أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
ذكروا الكبائر وهو متكئ، فقالوا: الشرك بالله، وأكل مال اليتيم، وفرار من
الزحف، وقذف المحصنة، وعقوق الوالدين، وقول الزور، والغلول، والسحر، وأكل
الربا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فأين تجعلون
الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا
[آل عمران:77]؟! إلى آخر الآية. في إسناده ضعف، وهو حسن .
ذكر أقوال السلف في ذلك:
وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلا عَظِيمًا
(27)
يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا
(28)
وقوله: ( [وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ] وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلا عَظِيمًا ) أي: يُريد
أتباع الشياطين من اليهود والنصارى والزناة ( أَنْ تَمِيلُوا ) يعني: عن
الحق إلى الباطل ( مَيْلا عَظِيمًا* يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ
عَنْكُمْ ) أي: في شرائعه وأوامره ونواهيه وما يقدره لكم، ولهذا أباح
[نكاح] الإماء بشروطه، كما قال مجاهد وغيره: ( خُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا ) فناسبه التخفيف؛ لضعفه في نفسه وضعف عزمه وهمته.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن إسماعيل [الأحمسي] حدثنا وَكِيع، عن سفيان، عن ابن طاوس، عن أبيه: ( خُلِقَ الإنْسَانُ ضَعِيفًا ) أي: في أمر النساء، وقال وكيع: يذهب عقله عندهن.
وقال موسى الكليم عليه الصلاة والسلام لنبينا صلوات الله وسلامه عليه ليلة الإسراء حِينَ مر عليه راجعا من عند سدْرة المنتهى، فقال له: ماذا فرض عليكم ؟ فقال: "أمرني بخمسين < 2-268 >
صلاة في كل يوم وليلة" فقال له: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف؛ فإن أمتك لا تطيق ذلك، فإني قد بلوت الناس
قبلك على ما هو أقل من ذلك فعجزوا، وإن أمتك أضعف أسماعا وأبصارا وقلوبا،
فرجع فوضع عشرا، ثم رجع إلى موسى فلم يزل كذلك حتى بقيت خمسًا [قال الله عز
وجل: "هن خمس وهن خمسون، الحسنة بعشر أمثالها"] الحديث .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ
بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا
تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا
(29)
وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا
(30)
إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا
(31)
نهى
تبارك وتعالى عباده المؤمنين عن أن يأكلوا أموال بعضهم بعضا بالباطل، أي:
بأنواع المكاسب التي هي غير شرعية، كأنواع الربا والقمار، وما جرى مجرى ذلك
من سائر صنوف الحيل، وإن ظهرت في غالب الحكم الشرعي مما يعلم الله أن
متعاطيها إنما يريد الحيلة على الربا، حتى قال ابن جرير:
حدثني ابن المثنى، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا داود، عن عكرمة، عن ابن
عباس -في الرجل يشتري من الرجل الثوب فيقول: إن رضيته أخذته وإلا رددته
ورددت معه درهما-قال: هو الذي قال الله عز وجل: ( وَلا تَأْكُلُوا
أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ )
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن حرب الموصلي، حدثنا ابن فضيل، عن داود
الأودي عن عامر، عن علقمة، عن عبد الله [ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ) ] قال: إنها [كلمة] محكمة، ما نسخت، ولا تنسخ إلى يوم القيامة.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: لما أنزل الله: ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ )
قال المسلمون: إن الله قد نهانا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل، والطعام هو
أفضل الأموال، فلا يحل لأحد منا أن يأكل عند أحد، فكيف للناس ! فأنزل الله بعد ذلك:
لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ
[النور: 61] الآية، [وكذا قال قتادة بن دعامة] .
وقوله: ( إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ) قرئ: تجارة بالرفع وبالنصب، وهو استثناء منقطع، كأنه يقول: لا تتعاطوا الأسباب المحرمة في اكتساب الأموال، لكن المتاجر المشروعة التي تكون عن تراض من البائع والمشتري فافعلوها وتسببوا بها في تحصيل الأموال. كما قال [الله] تعالى:
وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ
[الأنعام: 151]، وكقوله
لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلا الْمَوْتَةَ الأُولَى
[الدخان: 56].
< 2-269 >
ومن هذه الآية الكريمة احتج الشافعي [رحمه الله] على أنه لا يصح البيع إلا بالقبول؛ لأنه يدل على التراضي نَصا، بخلاف المعاطاة فإنها قد لا تدل على الرضا ولا بد، وخالف
الجمهورَ في ذلك مالك وأبو حنيفة وأحمد وأصحابهم، فرأوا أن الأقوال كما
تدل على التراضي، وكذلك الأفعال تدل في بعض المحال قطعا، فصححوا بيع
المعاطاة مطلقا، ومنهم من قال: يصح في المحقَّرات، وفيما يعده الناس بيعا،
وهو احتياط نظر من محققي المذهب، والله أعلم.
قال مجاهد: ( إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ) بيعا أو عطاء يعطيه أحد أحدًا. ورواه ابن جرير [ثم] قال:
وحدثنا ابن وَكِيع، حدثنا أبي، عن القاسم، عن
سليمان الجُعْفي، عن أبيه، عن ميمون بن مهران قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: "البَيْعُ عن تَراض والخِيارُ بعد الصَّفقة ولا يحل لمسلم أن
يغش مسلمًا". هذا حديث مرسل .
ومن تمام التراضي إثبات خيار المجلس، كما ثبت في الصحيحين: أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: "البيعان بالخيار ما لم يَتَفَرقا" وفي لفظ
البخاري: "إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا" .
وذهب إلى القول بمقتضى هذا الحديث الشافعي، وأحمد [بن حنبل]
وأصحابهما، وجمهورُ السلف والخلف. ومن ذلك مشروعية خيار الشرط بعد العقد
إلى ثلاثة أيام، [كما هو متفق عليه بين العلماء إلى ما هو أزيد من ثلاثة
أيام] بحسب ما يتبين فيه مال البيع، ولو إلى سنة في القرية ونحوها، كما هو المشهور عن مالك، رحمه الله. وصححوا
بيع المعاطاة مطلقا، وهو قول في مذهب الشافعي، ومنهم من قال: يصح بيع
المعاطاة في المحقرات فيما يعده الناس بيعا، وهو اختيار طائفة من الأصحاب.
وقوله: ( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) أي: بارتكاب محارم الله
وتعاطي معاصيه وأكل أموالكم بينكم بالباطل ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ
رَحِيمًا ) أي: فيما أمركم به، ونهاكم عنه.
قال الإمام أحمد: حدثنا حسن
بن موسى، حدثنا ابن لَهِيعة، حدثنا يزيد بن أبي حبيب، عن عمْران بن أبي
أنس، عن عبد الرحمن بن جُبَير، عن عمرو بن العاص، رضي الله عنه، أنه قال
لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم عام ذات السلاسل قال: احتلمت في ليلة
باردة شديدة البرد فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة
الصبح، قال: فلما قدمتُ على رسول الله صلى عليه وسلم ذكرت ذلك له، فقال:
"يا عمرو صَلَّيت بأصحابك وأنت جُنُبٌ!" قال: قلت يا رسول الله إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلكَ، فذكرت قول الله [عز < 2-270 >
وجل]
( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا )
فتيممت ثم صليت. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا.
وهكذا رواه أبو داود من حديث يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب، به.
ورواه أيضا عن محمد بن أبي سلمة، عن ابن وهب، عن ابن لهيعة وعمر بن الحارث،
كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير
المصري، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، عنه، فذكر نحوه. وهذا، والله أعلم،
أشبه بالصواب .
وقال أبو بكر بن مَرْدُوَيه: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن حامد البَلْخِي، حدثنا محمد بن صالح بن سهل البلخي، حدثنا عُبَيد
عبد الله بن عمر القواريري، حدثنا يوسف بن خالد، حدثنا زياد بن سعد، عن
عكرمة، عن ابن عباس: أن عمرو بن العاص صلى بالناس وهو جُنُب، فلما قدموا
على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له، فدعاه فسأله عن ذلك، فقال:
يا رسول الله، خفْتُ أن يقتلني البرد، وقد قال الله تعالى: ( وَلا
تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا] ) قال: فسكت عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم .
ثم أورد ابن مَرْدُويه عند هذه الآية الكريمة من حديث الأعمش، عن أبي
صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَتَل
نَفْسَه بِحَدِيدَةٍ فحديدته في يَدِهِ، يَجَأ بها بَطْنه يوم القيامة في
نار جَهَنَّمَ خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بسم، فسمه في يده،
يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه، فهو
مُتَرد في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا".
وهذا الحديث ثابت في الصحيحين
وكذلك رواه أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه
وسلم بنحوه، وعن أبي قِلابة، عن ثابت بن الضحاك، رضي الله عنه، قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قتل نَفْسَه بشيء عُذِّبَ به يوم
القيامة" . وقد أخرجه الجماعَةُ في كُتُبهم من طريق أبي قلابة وفي الصحيحين من حديث الحسن، عن جُنْدب بن عبد الله البَجَلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان رَجُلٌ ممن
كان قبلكم وكان به جُرْح، فأخذ سكينًا نَحَر بهَا يَدَهُ، فما رَقأ
الدَّمُ حتى ماتَ، قال الله عز وجل: عَبْدِي بادرنِي بِنَفْسه، حرَّمت عليه الْجَنَّة" .
ولهذا قال الله تعالى: ( وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا ) أي: ومن يتعاطى ما نهاه الله عنه متعديا < 2-271 >
فيه ظالما في تعاطيه، أي: عالما بتحريمه متجاسرا على انتهاكه ( فَسَوْفَ
نُصْلِيهِ نَارًا [وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا] ) وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد، فَلْيحذَرْ منه كل عاقل لبيب ممن ألقى السمع وهو شهيد.
وقوله: ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ
عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا] ) .
أي: إذا اجتنبتم كبائر الآثام التي نهيتم عنها كفرنا عنكم صغائر الذنوب
وأدخلناكم الجنة؛ ولهذا قال: ( وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا ) .
وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا مؤمل بن هشام، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا خالد بن أيوب، عن معاوية بن قرة، عن أنس [يرفعه] : " الذي بلغنا عن ربنا، عز وجل، ثم لم نخرج له عن كل أهل ومال أن تجاوز لنا عما دون الكبائر، يقول الله [تعالى] ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا] ) " .
وقد وردت أحاديث متعلقة بهذه الآية الكريمة فلنذكر منها ما تيسر:
قال الإمام أحمد : حدثنا هُشَيم عن مُغِيرة، عن أبي مَعْشَر، عن
إبراهيم، عن قَرْثَع الضَّبِّي، عن سلمان الفارسي قال: قال لي النبي صلى
الله عليه وسلم: "أتدري ما يوم الجمعة؟" قلت: هو اليوم الذي جمع الله فيه
أباكم. قال: "لكن أدْرِي ما يَوْمُ الجُمُعَةِ، لا يتطهر الرجل فيُحسِنُ
طُهُوره، ثم يأتي الجُمُعة فيُنصِت حتى يقضي الإمام صلاته، إلا كان كفارة له ما بينه وبين الجمعة المقبلة، ما اجْتُنبت المقتلة وقد رَوَى البخاري من وجه آخر عن سلمان نحوه .
وقال أبو جعفر بن جرير: حدثني المثنى [بن إبراهيم]
حدثنا أبو صالح، حدثنا الليث، حدثني خالد، عن سعيد بن أبي هلال، عن نعيم
المُجْمر، أخبرني صهيب مولى العُتْوارِي، أنه سمع من أبي هريرة وأبي سعيد
يقولان: خَطَبَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: "والذي نَفْسي
بِيَدِهِ" -ثلاث مرات-ثم أكَبَّ، فأكب كل رجل منا يبكي، لا ندري على ماذا
حلف عليه ثم رفع رأسه وفي وجهه البشر فكان أحب إلينا من حُمْر النَّعَم، فقال [صلى الله عليه وسلم]
ما من عَبْدٍ يُصَلِّي الصَّلَواتِ الخمسَ، ويَصُومُ رمضانَ، ويُخرِج
الزكاة، ويَجْتنبُ الكبائر السَّبعَ، إلا فُتِحتْ له أبوابُ الجَنَّةِ، ثم
قيل له: ادْخُل بسَلامٍ".
وهكذا رواه النسائي، والحاكم في مستدركه، من حديث الليث بن سعد، رواه
الحاكم أيضا وابن حِبَّان في صحيحه، من حديث عبد الله بن وهب، عن عمرو بن
الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، به. ثم قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين،
ولم يخرجاه .
< 2-272 >
تفسير هذه السبع:
وذلك بما ثبت في الصحيحين من حديث سليمان بن بلال، عن ثَوْر بن زيد، عن
سالم أبي الغيث، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"اجْتَنِبُوا السبعَ المُوبِقَاتِ" قيل: يا رسول الله، وما هُنَّ؟ قال:
"الشِّركُ بالله، وقَتْلُ النَّفْس التي حَرَّمَ الله إلا بالحق،
والسِّحرُ، وأكْلُ الربا، وأكل مال اليتيم، والتَّوَلِّي يوم الزَّحْف،
وقَذْفُ المحصنَات المؤمنات الغافلات" .
طريق أخرى عنه: قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا فَهْد بن عَوْف،
حدثنا أبو عَوَانة، عن عَمْرو بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة؛ أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: "الكبائر سَبْعٌ، أولها الإشراكُ بالله، ثم
قَتْل النَّفْس بغير حقها، وأكْلُ الرِّبَا، وأَكْلُ مال اليتيمِ إلى أن
يكبر، والفِرَارُ من الزَّحْفِ، ورَميُ المحصنات، والانقلاب إلى الأعراب بَعْدَ الهِجْرَةِ" .
فالنص على هذه السبع بأنهن كبائر لا ينفي ما عداهن، إلا عند من يقول بمفهوم اللقب، وهو ضعيف عند عدم القرينة، ولا سيما عند
قيام الدليل بالمنطوق على عدم المفهوم، كما سنورده من الأحاديث المتضمنة
من الكبائر غير هذه السبع، فمن ذلك ما رواه الحاكم في مستدركه حيث قال:
حدثنا أحمد بن كامل القاضي، إملاء حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد،
حدثنا معاذ بن هانئ، حدثنا حَرْب بن شَدَّاد، حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن
عبد الحميد بن سِنَان، عن عبيد بن عُمَيْر، عن أبيه -يعني عُمَير بن
قتادة-رضي الله عنه أنه حدثه -وكانت له صحبة-أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال في حجة الوداع: "ألا إن أولياء الله المُصَلُّون من يُقِيم الصلواتِ الخمسَ التي كُتبت
عليه، ويَصومُ رمضان ويَحتسبُ صومَهُ، يرى أنه عليه حق، ويُعطي زكاةَ ماله
يَحْتسِبها، ويجتنب الكبائر التي نهى الله عنها". ثم إن رجلا سأله فقال:
يا رسول الله، ما الكبائر؟ فقال: "تسع: الشِّركُ بالله، وقَتْلُ نَفْسِ
مؤمن بغير حق وفِرارُ يوم الزّحْفِ، وأكل مال اليتيم، وأكل الرِّبا، وقذفُ المُحصنَة وعقوق الوالدين المسلمين، واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا، ثم قال: لا يموت رجل لا يعمل هؤلاء الكبائر، ويقيم الصلاة، ويُؤتِي الزكاة، إلا كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في دار أبوابها مصاريع من ذَهَبٍ".
وهكذا رواه الحاكم مطولا وقد أخرجه أبو داود والترمذي
مختصرا من حديث معاذ بن هانئ، به وكذا رواه ابن أبي حاتم من حديثه مبسوطًا
ثم قال الحاكم: رجاله كلهم يحتج بهم في الصحيحين إلا عبد الحميد بن سنان .
< 2-273 >
قلت: وهو حجازي لا يعرف إلا بهذا الحديث، وقد ذكره ابن حِبَّان في كتاب الثقات، وقال البخاري: في حديثه نظر.
وقد رواه ابن جرير، عن سليمان بن ثابت الجحدري، عن سلم
بن سلام، عن أيوب بن عتبة، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبيد بن عُمَير، عن
أبيه، فذكره. ولم يذكر في الإسناد: عبد الحميد بن سنان، فالله أعلم .
حديث آخر في معنى ما تقدم: قال ابن مَرْدُويه: حدثنا عبد الله بن جعفر،
حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا يحيى بن عبد الحميد، حدثنا عبد العزيز بن مسلم
بن الوليد، عن المطلب عن عبد الله بن حنطب عن عبد الله بن عمرو قال: صعد
النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فقال: "لا أقْسِمُ، لا أقْسِمُ". ثم نزل
فقال: "أبْشِرُوا، أبْشِرُوا، من صَلَّى الصلوات الخمس، واجْتَنَبَ الكبائر
السَّبعَ، نُودِيَ من أبواب الجنة: ادخُل". قال عبد العزيز: لا أعلمه إلا
قال: "بسلام". قال المطلب: سمعت من سأل عبد الله بن عَمْرو: أسمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يذكرهن؟ قال: نعم: "عقوق الوالدين، وإشْرَاكٌ
بالله، وقَتْلُ النفس، وقَذْفُ المُحْصنات، وأكْلُ مالِ اليتيمِ، والفِرارُ
من الزَّحفِ، وأكْلُ الرِّبَا" .
حديث آخر في معناه: قال أبو جعفر بن جرير في التفسير: حدثنا يعقوب،
حدثنا ابن عُلَيَّةَ، أخبرنا زياد بن مِخْرَاق عن طيسلة بن مياس قال: كنت
مع النَّجدات، فأصبت ذنوبا لا أراها إلا من الكبائر، فلقيت ابن عُمَر فقلت
له: إني أصبت ذُنُوبا لا أراها إلا من الكبائر قال: ما هي؟ قلت: أصبت كذا
وكذا. قال: ليس من الكبائر. قلت: وأصبت كذا وكذا. قال: ليس من الكبائر قال
-بشيء لم يسمه طَيْسَلَة-قال: هي تسع وسأعدهن عليك: الإشراك بالله، وقتل
النفس بغير حقها والفرار من الزحف، وقذف المحصنة، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم ظلما، وإلحاد في المسجد الحرام، والذي يستسحر
وبكاء الوالدين من العقوق. قال زياد: وقال طيسلة لما رأى ابن عمر: فَرَقي.
قال: أتخاف النار أن تدخلها؟ قلت: نعم. قال: وتحب أن تدخل الجنة؟ قلت:
نعم. قال: أحيّ والداك؟ قلت: عندي أمي. قال: فوالله لئن أنت ألَنْتَ لها
الكلام، وأطعمتها الطعام، لتدخلن الجنة ما اجتنبت الموجبات .
طريق أخرى: قال ابن جرير: حدثنا سليمان بن ثابت الْجَحْدَرِي الواسطي، حدثنا سلم بن سلام، حدثنا أيوب بن عتبة، عن طَيْسَلة بن علي النهدي قال: أتيت ابن عمر وهو في ظل أرَاك يوم < 2-274 >
عَرَفة، وهو يصب الماء على رأسه ووجهه قلت أخبرني عن الكبائر؟ قال: هي تسع. قلت: ما هي؟ قال: الإشراك بالله، وقذف المحصنة -قال: قلت: قبل القتل
؟ قال: نعم وَرَغْمَا -وقتل النفس المؤمنة، والفِرارُ من الزَّحْفِ،
والسِّحْرُ، وأكْلُ الربا، وأكل مال اليتيم، وعُقوق الوالدين المسلمين،
وإلْحاد بالبيت الحرام، قبْلَتكم أحياء وأمواتا .
هكذا رواه من هذين الطريقين موقوفا، وقد رواه علي بن الجَعْدِ، عن أيوب بن عتبة، عن طيسلة بن علي [ النهدي ]
قال: أتيت ابن عمر عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، وهو تحت ظلِّ أرَاكة، وهو يَصُبُّ
الماء على رأسه، فسألته عن الكبائر، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: "هُنّ سبع". قال: قلت: وما هُنّ؟ قال: "الإشراك بالله، وقذف
المحصنة -قال: قلت: قبل
الدم؟ قال: نعم ورغما -وقتلُ النفس المؤمنة، والفرار من الزَّحفِ،
والسِّحرُ، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، وعُقوق الوالدين، وإلحاد بالبيت الحرامِ قِبْلَتَكُم أحياء وأمواتا".
وكذا رواه الحسن بن موسى الأشيب، عن أيوب بن عتبة اليماني -وفيه ضعف -والله أعلم.
حديث آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا زكريا بن عَديّ، حدثنا بَقِيَّة، عن بَحير بن سعد
عن خالد بن مَعْدان: أن أبا رُهْم السمعي حدثهم، عن أبي أيوب قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من عَبَدَ الله لا يُشرِكُ به شيئا، وأقام
الصلاة، وآتى الزكاة، وصام رمضان، واجْتَنَبَ الكبائر، فله الجنة -أو دخل
الجنة" فسأله رجل: ما الكبائر؟ فقال الشرك بالله، وقَتْلُ نفس مسلمة، والفِرار يوم الزَّحْف".
ورواه أحمد أيضًا والنسائي، من غير وجه، عن بقية .
حديث آخر: روى الحافظ أبو بكر ابن مردويه في تفسيره، من طريق سليمان بن
داود اليماني -وهو ضعيف-عن الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عَمْرو بن حزم،
عن أبيه، عن جده قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن
كتابا فيه الفرائض والسنن والديات، وبعث به مع عمرو بن حزم، قال: وكان في
الكتاب: "إن أكبر الكبائر عند الله يوم القيامة: إشْراكٌ باللهِ وقَتْل
النفْسِ المؤمنة بغير حَقٍّ، والفِرارُ في سبيل الله يوم الزَّحْفِ، وعُقوق
الوالدين، ورَمْي المحصنة، وتَعَلُّم السحر، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم"
.
< 2-275 >
حديث آخر: فيه ذكر شهادة الزور؛ قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، حدثني عُبَيد الله
بن أبي بكر قال: سمعت أنس بن مالك قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم
الكبائر -أو سئل عن الكبائر-فقال: "الشِّرْكُ بالله، وقَتْلُ النفْسِ،
وعُقوق الوالدين". وقال: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟" قال: "قول الزور -أو
شهادة الزور". قال شعبة: أكبر ظنى أنه قال"شهادة الزور" .
أخرجاه من حديث شعبة به. وقد رواه ابن مَرْدُويه من طريقين آخرين غريبين عن أنس، بنحوه .
حديث آخر: أخرجه
الشيخان من حديث عبد الرحمن بن أبي بَكْرة، عن أبيه قال: قال النبي صلى
الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟"، قلنا: بلى يا رسول الله،
قال: "الإشراك بالله، وعقوق الوالدين" وكان متكئا فجلس فقال: "ألا وشهادة
الزور، ألا وقول الزور". فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت .
حديث آخر: فيه ذكر قتل الولد، وهو ثابت في الصحيحين، عن عبد الله بن
مسعود قال: قلت: يا رسول الله، أيّ الذنب أعظم؟ -وفي رواية: أكبر-قال: "أن
تجعل لله نِدا وهو خَلَقكَ" قلت: ثم أيّ؟ قال: "أن تَقْتُلَ ولدك خَشْيَةَ
أن يَطْعَم معك". قلت: ثم أيّ؟ قال: "أن تُزاني حَلِيلَةَ جارِك" ثم قرأ:
وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ [وَلا يَقْتُلُونَ
النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ
يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا]
إلى قوله:
إِلا مَنْ تَابَ
[ الفرقان: 68-70] .
حديث آخر
فيه ذكر شرب الخمر. قال ابن أبي حاتم: أخبرنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا
ابن وهب، حدثني أبو صخر: أن رجلا حَدّثه عن عمرة بن حزم أنه سمع عبد الله
بن عَمْرو بن العاص وهو بالحِجْر بمكة وسُئل عن الخمر، فقال: والله إنَّ عظيمًا عند الله الشيخُ مثلي يكذبُ في هذا المقام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب فسأله ثم رجع فقال: سألته عن الخمر فقال: "هي أكبر الكبائر، وأم الفواحش، من شرب الخمر ترك الصلاة ووقع على أمه وخالته وعمته" غريب من هذا الوجه.
طريق أخرى: رواها الحافظ أبو بكر بن مَرْدُويه من حديث عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي، عن داود بن صالح، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه: أن أبا بكر الصديق، رضي الله عنه، وعُمَر بن < 2-276 >
الخطاب وأناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم أجمعين، جلسوا
بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكروا أعظم الكبائر، فلم يكن
عندهم ما ينتهون إليه، فأرسلوني إلى عبد الله بن عَمْرو بن العاص أسأله عن
ذلك، فأخبرني أن أعظم الكبائر شرب الخمر، فأتيتهم فأخبرتهم، فأنكروا ذلك،
فوثبوا إليه حتى أتوه في داره، فأخبرهم أنهم تحدثوا عند رسول الله صلى الله
عليه وسلم أن مَلِكا من بني إسرائيل أخذ رجلا فخيَّره بين أن يشرب خمرًا
أو يقتل نفسا، أو يزاني أو يأكل لحم خنزير، أو يقتله فاختار شُرْبَ الخمر وإنه لما شربها لم يمتنع من شَيْء أراده
منه، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا مجيبا: "ما من أحد يشرب
خمرًا إلا لم تُقْبَلْ له صَلاةٌ أربعين ليلة، ولا يموت أحد في مَثَانَتِهِ
منها شيء إلا حَرَّم الله عليه الجنة فإنْ مات في أربعين ليلة مات ميتَةً
جاهلية".
هذا حديث غريب من هذا الوجه جدًا، وداود بن صالح هو التَّمار المدني مولى الأنصار، قال الإمام أحمد: لا أرى به بأسا. وذكره ابن حبان في الثقات، ولم أر أحدًا جرحه .
حديث آخر: عن عبد الله بن عَمْرو وفيه ذكْرُ اليمين الغَمُوس. قال
الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شُعْبة، عن فراس، عن الشعبي، عن
عبد الله بن عَمْرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أكبر الكبائر
الإشراك بالله، وعُقُوق الوالدين، أو قَتْل النَّفْس -شعبة الشاك-واليمين
الغَمُوس". ورواه البخاري والترمذي والنسائي من حديث شعبة: زاد البخاري
وشيبان، كلاهما عن فراس، به .
حديث آخر: في اليمين الغموس: "قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو
صالح كاتب الليث، حدثنا الليث بن سعد، حدثنا هشام بن سعد، عن محمد بن يزيد
بن مهاجر بن قُنْفُذ التيمي، عن أبي أمامة الأنصاري، عن عبد الله بن أنيس
الجهني، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أكبر
الكبائر الشرك بالله، وعُقوق الوالدين، واليمين الغَمُوس، وما حَلَفَ حالف
بالله يمين صَبْر فأدخل فيها مثل جناح البعوضة، إلا كانت وكتة في قلبه إلى
يوم القيامة". وهكذا رواه الإمام أحمد في مسنده، وعبد بن حميد في تفسيره، كلاهما عن يونس بن محمد المؤدّب، عن الليث بن سعد، به. وأخرجه الترمذي [في تفسيره] عن عبد بن حميد [به] ثم قال: وهذا حديث حسن غريب، وأبو أمامة الأنصاري هذا هو ابن ثعلبة، ولا يعرف اسمه. وقد رَوَى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث .
قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج المِزِّي: وقد رواه عبد الرحمن بن إسحاق
المدني، عن محمد بن زيد، عن عبد الله بن أبي أمامة، عن أبيه عن عبد الله بن
أنيس. فزاد عبد الله بن أبي أمامة.
قلت: هكذا وقع في تفسير ابن مَرْدُويه وصحيح ابن حبّان، من طريق عبد الرحمن بن < 2-277 >
إسحاق كما ذكره شيخنا، فسَح اللهُ في أجله .
حديث آخر: عن عبد الله بن عمرو، في التسبب إلى شتم الوالدين. قال ابن
أبي حاتم: حدثنا عَمْرو بن عبد الله الأودي، حدثنا وكيع، عن مِسْعر وسفيان،
عن سعد بن إبراهيم، عن حُمَيد بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو -رفعه
سفيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ووقفه مسعر على عبد الله بن عمرو
-قال: "من الكبائر أن يَشْتُم الرجلُ والديه": قالوا: وكيف يشتم الرجل
والديه؟ قال: "يَسُبُّ الرجلُ أبا الرجل فيسبَّ أباه، ويسُبُّ أمَّه فيسب
أمه" .
وقد أخر هذا الحديث البخاري عن أحمد بن يونس، عن إبراهيم بن سعد بن
إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن عمه حميد بن عبد الرحمن بن عوف،
عن عبد الله بن عَمْرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من
أكبر الكبائر أن يَلْعَن الرجلُ والديه". قالوا: وكيفَ يَلْعَنُ الرجلُ
والديه؟! قال: "يَسُبُّ الرجلُ أبا الرجل فيسبَّ أباه، ويسُبُّ أمَّه
فيسب أمه".
وهكذا رواه مسلم من حديث سفيان وشعبة ويزيد بن الهاد، ثلاثتهم عن سعد بن إبراهيم، به مرفوعا بنحوه. وقال الترمذي: صحيح .
وثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "سِبابُ المسلم فُسُوقٌ، وقِتاله كُفْر" .
حديث آخر في ذلك: قال ابن أبي حاتم: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم
دُحَيم، حدثنا عمرو بن أبي سلمة، حدثنا زهير بن محمد، عن العلاء بن عبد
الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من
أكبر الكبائر عِرْضُ الرجل المسلم، والسَّبَّتَان والسَّبَّة " .
هكذا روي هذا الحديث، وقد أخرجه أبو داود في كتاب الأدب في سننه، عن
جعفر بن مسافر، عن عمرو بن أبي سلمة، عن زهير بن محمد، عن العلاء، عن أبيه،
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أكبر الكبائر استطالةُ المرْءِ في عِرْضِ رجلٍ مسلم بغير حق، ومن الكبائر السبتان بالسبة".
وكذا رواه ابن مَرْدُويه من طريق عبد الله بن العلاء بن زَيْر عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر مثله .
حديث آخر: في ذكْرُ الجمع بين الصلاتين من غير عذر؛ قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا < 2-278 >
نُعَيم بن حماد، حدثنا مُعْتَمِر بن سليمان، عن أبيه، عن حَنَش
عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من جمع بين
الصَّلاتين من غير عُذْرٍ، فقد أتى بابًا من أبواب الكبائر". وهكذا رواه
أبو عيسى الترمذي عن أبي سلمة يحيى بن خلف، عن المعتمر بن سليمان، به ثم
قال: حَنَش هو أبو علي الرحبي، وهو حسين بن قيس، وهو ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه أحمد وغيره .
وقد روى ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، حدثنا إسماعيل بن عُلَيَّة، عن خالد الحذاء، عن حميد بن هلال، عن أبي قتادة -يعنى العدوي-قال: قرئ علينا كتابُ عمر: من الكبائر جمع بين الصلاتين -يعني بغير عذر-والفِرَار من الزَّحْفِ، والنُّهْبَة.
وهذا إسناد صحيح: والغرض أنه إذا كان الوعيد فيمن جمع بين الصلاتين
كالظهر والعصر تقديما أو تأخيرًا، وكذا المغرب والعشاء هما من شأنه أن يجمع
بسبب من الأسباب الشرعية، فإذا تعاطاه أحد بغير شيء من تلك الأسباب يكون
مرتكبا كبيرة، فما ظنك بمن ترك الصلاةِ بالكلية؟ ولهذا روى مسلم في صحيحه،
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "بين العبد وبين الشرك ترك
الصلاة " وفي السنن عنه، عليه السلام، أنه قال: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تَرَكَها فقد كَفر" وقال: "من ترك صلاةَ العَصْرِ فقد حبطَ عَمَلُه" وقال: "من فاتته صَلاةُ الْعَصْرِ فكأنما وَتِرَ أهله وماله" .
حديث آخر: فيه اليأسُ من رَوْح الله، والأمنُ من مَكْر الله. قال ابن
أبي حاتم: حدثنا أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل، حدثنا أبي، حدثنا شَبِيب
بن بِشْر، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
متكئًا فدخل عليه رجل فقال: ما الكبائر؟ فقال: "الشِّرْكُ بالله، واليأس من
رَوْح الله، والقُنوط من رحمة الله، والأمن من مكر الله، وهذا أكبر
الكبائر".
وقد رواه البزار، عن عبد الله بن إسحاق العطار، عن أبي عاصم النبيل، عن
شبيب بن بشر، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ أن رجلا قال: يا رسول الله، ما
الكبائر؟ قال: "الإشراك بالله، واليأس من رَوْح الله، والقُنوط من رحمة الله عز وجل".
< 2-279 >
وفي إسناده نظر، والأشبه أن يكون موقوفا، فقد روي عن ابن مسعود نحوُ ذلك قال ابن جرير:
حدثنى يعقوب بن إبراهيم، حدثنا هُشَيم، أخبرنا مطرف، عن وَبْرة بن عبد
الرحمن، عن أبي الطفيل قال: قال ابن مسعود: أكبر الكبائر الإشراك بالله
والإياس من رَوْح الله، والقُنوط من رحمة الله، والأمن من مكر الله.
وكذا رواه من حديث الأعمش وأبي إسحاق، عن وَبْرة، عن أبي الطفيل، عن
ابن مسعود، به ثم رواه من طُرُق عدة، عن أبي الطفيل، عن ابن مسعود. وهو
صحيح إليه بلا شك.
حديث آخر: فيه سوء الظن بالله؛ قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن إبراهيم
بن بُنْدار، حدثنا أبو حاتم بكر بن عبدان، حدثنا محمد بن مهاجر حدثنا أبو حذيفة البخاري، عن محمد بن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر أنه قال: ]قال رسول الله صلى الله عليه وسلم[ "أكبر الكبائر سوء الظن بالله عز وجل". حديث غريب جدًّا.
حديث آخر: فيه التعرب بعد الهجرة، قد تقدم في رواية عَمْرو بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا، قال
أبو بكر بن مرْدويه: حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا أحمد بن رشدين، حدثنا
عَمْرو بن خالد الحراني، حدثنا ابن لَهِيعة عن يزيد بن أبي حبيب، عن محمد
بن سهل ابن أبي حَثْمة
عن أبيه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "الكبائر سبع، ألا
تسألوني عنهن؟ الشِّركُ بالله، وقَتْلُ النفْسِ، والفِرارُ يوم الزَّحْفِ،
وأكْلُ مال اليتيم، وأكل الربا، وقَذْفُ المحصَنَة، والتعرب
بعد الهجرة".
وفي إسناده نظر، ورفعه غلط فاحش والصواب ما رواه ابن جرير: حدثنا تميم بن المنتصر، أخبرنا يزيد، أخبرنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن سهيل بن أبي حثْمة عن أبيه قال: إني لفي هذا المسجد -مسجد الكوفة-وعلي، رضي الله عنه، يَخْطُب الناسَ على المنبر، فقال: يا أيها الناس، الكبائر سبع فأصاخ الناسُ، فأعادها ثلاث مرات، ثم < 2-280 >
قال : لم لا تسألوني عنها؟ قالوا: يا أمير المؤمنين ما هي؟ قال: الإشراك بالله، وقتل النفس التي حرم الله وقذف المحصنة، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والفرار يوم الزحف، والتعرب بعد الهجرة. فقلت لأبي: يا أبت، التعرب
بعد الهجرة، كيف لحق هاهنا؟ قال: يا بني، وما أعظم من أن يهاجر الرجل، حتى
إذا وقع سهمه في الفيء، ووجب عليه الجهاد خلع ذلك من عنقه فرجع أعرابيًا
كما كان .
حديث آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا هاشم، حدثنا أبو معاوية -يعني
شيبان-عن منصور، عن هلال بن يسَاف، عن سلمة بن قيس الأشجعي قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: "ألا إنما هن أربع: ألا تشركوا
بالله شيئًا، ولا تقتلوا النفْسَ التي حَرَّمَ الله إلا بالحق، ولا
تَزْنُوا، ولا تسرقوا". قال: فما أنا بأشح عليهن منى، إذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم رواه أحمد أيضا والنسائي وابن مردويه، من حديث منصور، بإسناده مثله .
حديث آخر: تقدم من رواية عُمَر بن المغيرة، عن داود بن أبي هند، عن
عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الإضْرَارُ في
الوَصِيَّةِ من الكبائر". والصحيح ما رواه غيره، عن داود، عن عكرمة، عن ابن
عباس [قوله] قال ابن أبي حاتم: وهو الصحيح عن ابن عباس من قوله.
حديث آخر في ذلك: "قال ابن جرير: حدثنا أبو كُرَيب، حدثنا أحمد بن عبد
الرحمن، حدثنا عباد بن عباد، عن جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي أمامة؛
أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
ذكروا الكبائر وهو متكئ، فقالوا: الشرك بالله، وأكل مال اليتيم، وفرار من
الزحف، وقذف المحصنة، وعقوق الوالدين، وقول الزور، والغلول، والسحر، وأكل
الربا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فأين تجعلون
الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا
[آل عمران:77]؟! إلى آخر الآية. في إسناده ضعف، وهو حسن .
ذكر أقوال السلف في ذلك:
الزعيم- المـديـر العـــام
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 7554
رد: الجزء الثامن من تفسير سورة النساء لابن كثير
موضــــــ جميل ـــــوع
والأجمل مشاركة به معنا
لا تحرمنا مواضيعك سنكون شاكريــــ لك ـــن على جهودك الطيبة
فكن دائما كما أنت لأنك تستحق كــــ الشكر ــــــل
ولا تنسى أن تترك أثرا هنا
رد: الجزء الثامن من تفسير سورة النساء لابن كثير
شكرا على الرد نورت الموضوع بمرورك
لا تبخل علينا بجميل كلماتك
ولا تنسى أن تزورنا دوما على عنوان واحد
هنا
لا تبخل علينا بجميل كلماتك
ولا تنسى أن تزورنا دوما على عنوان واحد
هنا
الزعيم- المـديـر العـــام
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 7554
رد: الجزء الثامن من تفسير سورة النساء لابن كثير
شكرا على الموضوع
أبو سليمان- المشرفون
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 3412
تاريخ الميلاد : 03/11/1996
العمر : 28
رد: الجزء الثامن من تفسير سورة النساء لابن كثير
شكرا على الرد نورت الموضوع بمرورك
لا تبخل علينا بجميل كلماتك
لا تبخل علينا بجميل كلماتك
aaaa- عضو نشيط
- احترام القوانين :
عدد المساهمات : 768
تاريخ الميلاد : 13/10/1983
العمر : 41
مواضيع مماثلة
» الجزء الثامن عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير
» الجزء الثامن والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير
» الجزء الثاني من تفسير سورة النساء لابن كثير
» الجزء الثالث من تفسير سورة النساء لابن كثير
» الجزء التاسع عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير
» الجزء الثامن والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير
» الجزء الثاني من تفسير سورة النساء لابن كثير
» الجزء الثالث من تفسير سورة النساء لابن كثير
» الجزء التاسع عشر من تفسير سورة النساء لابن كثير
ملتقى الجزائريين والعرب :: المنتدى العام :: الركن الإسلامي :: ملحق تفسير القرآن كاملا لابن كثير
:: تفسير سورة النساء
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى