ملتقى الجزائريين والعرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير Empty الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير

مُساهمة من طرف الزعيم الإثنين 16 مايو - 17:48:43

الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B2






وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ
تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ
اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلا







(122)الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B1


ثم ذكر حال السعداء الأتقياء وما لهم في مآلهم من الكرامة التامة، فقال:
( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) أي: صَدّقت قلوبهم
وعملت جوارحهم بما أمروا به من الخيرات، وتركوا ما نهوا عنه من المنكرات (
سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ ) أي: يصرفونها
حيث شاءوا وأين شاءوا ( خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ) أي: بلا زوال ولا
انتقال ( وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا ) أي: هذا وعد من الله ووعد الله معلوم
حقيقة أنه واقع لا محالة، ولهذا أكده بالمصدر الدال على تحقيق الخبر، وهو
قوله: ( حقا ) ثُمَّ قَال ( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلا ) أي: لا
أحد أصدق منه قولا وخبرًا، لا إله إلا هو، ولا رب سواه. وكان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول في خطبته: "إن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهَدْي
هَدْي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور مُحْدَثاتها، وكل مُحْدَثة بدعة
وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار".
< 2-417 >

الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B2






لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ
سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا
نَصِيرًا







(123)






وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ
مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا







(124)






وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ
مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ
إِبْرَاهِيمَ خَلِيلا







(125)






وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا







(126)الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B1
قال قتادة: ذُكرَ لنا أنّ المسلمين وأهل الكتاب افتخروا، فقال أهل
الكتاب: نبينا قبل نبيكم، وكتابنا قبل كتابكم، فنحن أولى بالله منكم. وقال
المسلمون: نحن أولى بالله منكم نبينا خاتم النبيين، وكتابنا يقضي على الكتب
التي كانت قبله فأنـزل الله: ( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ
أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) ( وَمَنْ أَحْسَنُ
دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ [وَاتَّبَعَ
مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا] الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP ) الآية. فأفلج الله حجة المسلمين على من ناوأهم من أهل الأديان.
وكذا روي عن السّدي، ومسروق، والضحاك وأبي صالح، وغيرهم وكذا رَوَى
العَوْفيّ عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية: تخاصَمَ أهل الأديان فقال أهل
التوراة: كتابنا خير الكتب، ونبينا خير الأنبياء. وقال أهل الإنجيل مثل
ذلك. وقال أهل الإسلام: لا دين إلا الإسلام. وكتابنا نَسَخَ كلّ كتاب،
ونبينا خاتم النبيين، وأُمرْتُم وأمرنا أن نؤمن بكتابكم ونعمل بكتابنا.
فقضى الله بينهم فقال: ( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ
الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) وخَيَّر بين الأديان فقال: (
وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ
مُحْسِنٌ [وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا]الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP) إلى قوله: ( وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلا )
وقال مجاهد : قالت العرب: لن نبْعث ولن نُعذَّب. وقالت اليهود والنصارى:
الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B2 لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B1
[البقرة: 111] وقالوا
الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B2 لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةً الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B1
[البقرة: 80].
والمعنى في هذه الآية: أن الدين ليس بالتحلي ولا بالتمني، وليس كُلّ من
ادعى شيئًا حصل له بمجرد دعواه، ولا كل من قال: "إنه هو المُحق" سمع قوله
بمجرد ذلك، حتى يكون له من الله برهان؛ ولهذا قال تعالى: ( لَيْسَ
بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ) أي: ليس لكم ولا لهم
النجاة بمجرد التمني، بل العبرة بطاعة الله، واتباع ما شرعه على ألسنة
رسله الكرام؛ ولهذا قال بعده: ( مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) كقولهالجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B2 فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ
*
وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B1
[الزلزلة: 7، 8].
وقد روي أن هذه الآية لما نـزلت شق ذلك على كثير من الصحابة. قال الإمام
أحمد: حدثنا عبد الله بن نُمَيْر، حدثنا إسماعيل، عن أبي بكر بن أبي زهير
قال: أخْبرْتُ أن أبا بكر قال: يا رسول الله، كيف الصلاح بعد هذه الآية: (
لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ
سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) فَكُل سوء عملناه جزينا به؟ فقال النبي صلى الله عليه
وسلم: "غَفَر اللَّهُ لكَ يا أبا بكر، ألستَ تَمْرضُ؟ ألستَ تَنْصَب؟ ألست
تَحْزَن؟ ألست تُصيبك اللأواء الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP ؟" قال: بلى. قال: "فهو ما تُجْزَوْنَ به".
< 2-418 >

ورواه سعيد بن منصور، عن خلف بن خليفة، عن إسماعيل بن أبي خالد، به.
ورواه ابن حبان في صحيحه، عن أبي يَعلى، عن أبي خَيْثَمة، عن يحيى بن سعيد،
عن إسماعيل بن أبي خالد، به. ورواه الحاكم من طريق سفيان الثوري، عن
إسماعيل به الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP .
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن زياد الجصاص، عن علي بن
زيد، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: سمعت أبا بكر يقول: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: "من يعمل سُوءًا يُجْزَ بِهِ في الدنيا" الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP .
وقال أبو بكر بن مَرْدُويه: حدثنا أحمد بن هُشَيْم بن جُهَيْمَة، حدثنا
يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، حدثنا زياد الجصاص، عن علي بن
زيد، عن مجاهد قال: قال عبد الله بن عمر: انظروا المكان الذي به عبد الله
بن الزبير مصلوبًا ولا تمرُّنَّ عليه. قال: فسها الغلام، فإذا ابن عمر ينظر
إلى ابن الزبير فقال: يغفر الله لك ثلاثًا، أما والله ما علمتك إلا
صوّامًا قوّامًا وصّالا الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP
للرحم، أما والله إني لأرجو مع متساوى ما أصبتَ ألا يعذبك الله بعدها.
قال: ثم التفت إلي فقال: سمعت أبا بكر الصديق يقول: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: "من يعمل سوءًا في الدنيا يجز به".
ورواه أبو بكر البزار في مسنده، عن الفضل بن سهل، عن عبد الوهاب بن عطاء، به الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP2 مختصرا. وقد قال في مسند ابن الزبير: حدثنا إبراهيم بن المستمر العُروفي الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP
حدثنا عبد الرحمن بن سليم بن حَيّان، حدثني أبي، عن جدي حيان بن بسطام،
قال: كنت مع ابن عمر، فمر بعبد الله بن الزبير وهو مصلوب، فقال: رحمك الله
أبا خُبيب، سمعت أباك -يعني الزبير-يقول: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "من يعمل سوءًا يُجْزَ به في الدنيا والأخرى" ثم قال: لا نعلمه يروي
عن الزبير إلا من هذا الوجه. الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP2
وقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا أحمد بن كامل، حدثنا محمد بن سعد العوفي،
حدثنا روح بن عبادة، حدثنا موسى بن عبيدة، حدثني مولى بن سِبَاع قال: سمعت
ابن عمر يحدث، عن أبي بكر الصديق قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم
فنـزلت هذه الآية: ( مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ
مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا ) فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "يا أبا بكر، هل أقرئك آية نـزلت علي؟" قال: قلت: بلى يا رسول الله.
فأقرأنيها فلا أعلم إلا أني وجدت انقصَامًا في ظهري حتى تمطأت الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مالك يا أبا بكر؟" قلت: بأبي أنت
وأمي يا رسول الله، وأينا لم يعمل السوء، وإنا لمجْزيُّون بكل سوء عملناه؟!
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما أنت وأصحابك يا أبا بكر المؤمنون
فَتُجْزَوْنَ بذلك في < 2-419 >
الدنيا حتى تلقوا الله، وليس لكم ذنوب، وأما الآخرون فيجمع لهم ذلك حتى يجزوا به يوم القيامة".
وهكذا رواه الترمذي عن يحيى بن موسى، وعبد بن حميد، عن روح بن عبادة، به. ثم قال: وموسى بن عبيدة يضعف، ومولى بن سباع مجهول الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP .
[وقال ابن جرير: حدثنا الغلام، حدثنا الحسين، حدثنا الحجاج، عن ابن
جريج، أخبرني عطاء بن أبي رباح قال: لمَّا نـزلت قال أبو بكر: يا رسول
الله، جاءت قاصمة الظهر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما هي
المصائب في الدنيا"]الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP .
طريق أخرى عن الصديق: قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن أحمد بن إسحاق
العسكري، حدثنا محمد بن عامر السعدي، حدثنا يحيى بن يحيى، حدثنا فضيل بن
عياض، عن سليمان بن مهران، عن مسلم بن صُبَيح، عن مسروق قال: قال أبو بكر
[الصديق]الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP
يا رسول الله، ما أشد هذه الآية: ( مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) !
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المصائب والأمراض والأحزان في الدنيا
جزاء" الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP .
طريق أخرى: قال ابن جرير: حدثني عبد الله بن أبي زياد وأحمد بن منصور
قالا حدثنا زيد بن الحُبَاب، حدثنا عبد الملك بن الحسن الحارثي، حدثنا محمد
بن زيد بن قُنْفُذ الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP
عن عائشة، عن أبي بكر قال: لما نـزلت: ( مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ
) قال أبو بكر: يا رسول الله، كل ما نعمل نؤاخذ به؟ فقال: "يا أبا بكر،
أليس يصيبك كذا وكذا؟ فهو كفارة" الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP .
حديث آخر: قال سعيد بن منصور: أنبأنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن
الحارث، أن بكر بن سوادة حدثه، أن يزيد بن أبي يزيد حدثه، عن عبيد بن عمير،
عن عائشة: أن رجلا تلا هذه الآية: ( مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ )
فقال: إنا لنُجْزَى بكل عَمَل الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP ؟ هلكنا إذًا. فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "نعم، يجزى به المؤمن في الدنيا، في نفسه، في جسده، فيما يؤذيه" الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP .
طريق الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP
أخرى: قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا سلمة بن بشير، حدثنا هُشَيْم،
عن أبي عامر، عن ابن أبي مُلَيْكة، عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله، إني
لأعلم أشد آية في القرآن. فقال: "ما هي يا عائشة؟" قلت: ( مَنْ يَعْمَلْ
سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) فقال: "هو ما يصيب العبد المؤمن حتى النَّكْبَة
يَنْكُبها".
< 2-420 >

رواه ابن جرير من حديث هشيم، به. ورواه أبو داود، من حديث أبي عامر صالح بن رستم الخزاز الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP به الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP .
طريق أخرى: قال أبو داود الطيالسي: حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد،
عن أمية أنها سألت عائشة عن هذه الآية: ( مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ
) فقالت: ما سألني عن هذه الآية أحد منذ سألت عنها رسول الله صلى الله
عليه وسلم، سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا عائشة، هذه مبايعة
الله للعبد، مما يصيبه من الحمى والنَّكْبَة والشوكة، حتى البضاعة فيضعها
في كُمِّه فيفزع لها، فيجدها في جيبه، حتى إن المؤمن ليخرج من ذنوبه كما
يخرج التِّبْرُ الأحمر من الكِير" الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP2 .
طريق أخرى: قال ابن مَرْدُويه: حدثنا محمد بن أحمد بن الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP إبراهيم، حدثنا أبو القاسم، حدثنا سُرَيج الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP
بن يونس، حدثنا أبو معاوية، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن زيد بن
المهاجر، عن عائشة قالت: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: (
مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) قال: "إن المؤمن يؤجر في كل شيء حتى
في الفَيْظ الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP عند الموت".
وقال الإمام أحمد: حدثنا حسين، عن زائدة، عن ليث، عن مجاهد، عن عائشة
قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كثرت ذنوب العبد، ولم يكن له
ما يكفرها، ابتلاه الله بالحَزَن ليُكَفِّرها عنه" الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP .
حديث آخر: قال سعيد بن منصور، عن سفيان بن عيينة، عن عمر بن عبد الرحمن
بن مُحَيْصِن، سمع محمد بن قيس بن مَخْرَمَة، يخبر أن أبا هريرة، رضي الله
عنه، قال: لما نـزلت: ( مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) شَقّ ذلك على
المسلمين، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سَدِّدوا وقاربوا، فإن
في كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى الشوكة يُشَاكها، والنَّكْبَة
يَنْكُبُهَا".
وهكذا رواه أحمد، عن سفيان بن عيينة، ومسلم والترمذي والنسائي، من حديث سفيان بن عيينة، به الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP2 ورواه ابن مَردُويه من حديث روح ومعتمر كلاهما، عن إبراهيم بن يزيد الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP
عن عبد الله بن إبراهيم، سمعت أبا هريرة يقول: لما نـزلت هذه الآية: (
لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ
سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) بكينا وحزنا وقلنا: يا رسول الله، ما أبقت هذه الآية
من شيء. قال: "أما والذي نفسي بيده إنّها لكما نـزلت، ولكن أبشروا وقاربوا
وسَدِّدوا؛ فإنه لا يصيب أحدًا منكم < 2-421 >
في الدنيا إلا كفَّر الله بها خطيئته، حتى الشوكة يُشَاكها أحدكم في قدمه" الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP .
وقال عطاء بن يسار، عن أبي سعيد وأبي هريرة: إنهما سمعا رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول: "ما يصيب المؤمن من نَصب ولا وَصَب ولا سَقَم ولا
حَزَن، حتى الهم يُهَمّه، إلا كُفّر به من سيئاته" أخرجاه الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP .
حديث آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى، عن سعد بن إسحاق، حدثتني زينب
بنت كعب بنُ عُجْرَة، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رجل لرسول الله صلى الله
عليه وسلم: أرأيت هذه الأمراض التي تصيبنا؟ ما لنا بها؟ قال: "كفارات".
قال أبي: وإن قَلَّتْ؟ قال: "وإن شوكة فما فوقها" قال: فدعا أبي على نفسه
أنه لا يفارقه الْوَعْك حتى يموت، في ألا يشغله عن حج ولا عمرة، ولا جهاد
في سبيل الله، ولا صلاة مكتوبة في جماعة، فما مسه إنسان إلا وجد حره، حتى
مات، رضي الله عنه. تفرد به أحمد الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP .
حديث آخر: روى ابن مردويه من طريق حسين بن واقد، عن الكلبي، عن أبي
صالح، عن ابن عباس قال: قيل: يا رسول الله: ( مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ
بِهِ ) ؟ قال: "نعم، ومن يعمل حسنة يُجزَ بها عشرا. فهلك من غلب واحدته الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP عشرًا" الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP .
وقال ابن جرير: حدثنا ابن وَكِيع، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا حماد بن
سلمة، عن حميد، عن الحسن: ( مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) قال:
الكافر، ثم قرأ:
الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B2 وَهَلْ نُجَازِي إِلا الْكَفُورَ الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B1
[سبأ: 17].
وهكذا رُوي عن ابن عباس، وسعيد بن جبير: أنهما فسرا السوء هاهنا بالشرك أيضًا.
وقوله: ( وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا )
قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: إلا أن يتوب فيتوب الله عليه. رواه ابن
أبي حاتم.
والصحيح أن ذلك عامٌّ في جميع الأعمال، لما تقدم من الأحاديث، وهذا اختيار ابن جرير، والله أعلم.
وقوله: ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى
وَهُوَ مُؤْمِنٌ [فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ
نَقِيرًا]الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP)
لما ذكر الجزاء على السيئات، وأنه لا بد أن يأخذ مستحقها من العبد إما في
الدنيا -وهو الأجود له -وإما في الآخرة -والعياذ بالله من ذلك، ونسأله
العافية في الدنيا والآخرة، والصفح والعفو والمسامحة -شرع في بيان إحسانه
وكرمه ورحمته في قبول الأعمال الصالحة من عباده ذُكْرَانهم وإناثهم، بشرط
الإيمان، وأنه سيدخلهم الجنة ولا يظلمهم من حسناتهم ولا مقدار النقير، وهو:
النقرة التي في ظهر نواة التمرة، وقد تقدم الكلام على الفتيل، وهو الخيط
الذي في شق النواة، وهذا النقير وهما في نواة التمرة، وكذا القطمير وهو
اللفافة التي على نواة التمرة، الثلاثة في القرآن.
< 2-422 >

ثم قال تعالى: ( وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ
لِلَّهِ ) أخلص العمل لربه، عز وجل، فعمل إيمانًا واحتساباً ( وَهُوَ
مُحْسِنٌ ) أي: اتبع في عمله ما شرعه الله له، وما أرسل به رسوله من الهدى
ودين الحق، وهذان الشرطان لا يصح عمل عامل بدونهما، أي: يكون خالصًا
صوابًا، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون متبعًا للشريعة فيصح ظاهره
بالمتابعة، وباطنه بالإخلاص، فمن فقد العمل أحد هذين الشرطين فسد. فمن فقد
الإخلاص كان منافقًا، وهم الذين يراءون الناس، ومن فقد المتابعة كان ضالا
جاهلا. ومتى جمعهما فهو عمل المؤمنين:
الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B2
الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ
سَيِّئَاتِهِمْ [فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي
كَانُوا يُوعَدُونَ]

الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B1
[الأحقاف: 16] ؛ ولهذا قال تعالى: ( وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ) وهم محمد وأتباعه إلى يوم القيامة، كما قال تعالى:
الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B2
إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا
النَّبِيُّ [وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ]

الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B1
[آل عمران: 68] وقال تعالى:
الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B2
[قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا
مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ]

الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B1

[الأنعام: 161] و

الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B2 ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B1

[النحل: 123] والحنيف: هو المائل عن الشرك قصدا، أي تاركًا له عن بصيرة، ومقبل على الحق بكليته، لا يصده عنه صاد، ولا يرده عنه راد.
وقوله: ( وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلا ) وهذا من باب
الترغيب في اتباعه؛ لأنه إمام يقتدى به، حيث وصل إلى غاية ما يتقرب به
العباد له، فإنه انتهى إلى درجة الخُلَّة التي هي أرفع مقامات المحبة، وما
ذاك إلا لكثرة طاعته لربه، كما وصفه به في قوله:
الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B2 وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B1
[النجم: 37] قال كثيرون الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP من السلف: أي قام بجميع ما أمر به ووفَّى الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP كل مقام من مقامات العبادة، فكان لا يشغله أمر جليل عن حقير، ولا كبير عن صغير. وقال تعالى:
الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B2 وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ [قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا]
الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP
الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B1
الآية [البقرة: 124] . وقال تعالى:
الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B2 إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
*

[شَاكِرًا لأنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ

*

وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ]

الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIPالجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B1 [النحل: 120-122] .
وقال البخاري: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت،
عن سعيد بن جبير، عن عمرو بن ميمون قال: إن معاذًا لما قدم اليمن صلى الصبح
بهم: فقرأ: ( وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلا ) فقال رجل من
القوم: لقد قَرّت عينُ أم إبراهيم.
وقد ذكر ابن جرير في تفسيره، عن بعضهم أنه إنما سماه الله خليلا من أجل
أنه أصاب أهل ناحيته جَدْب، فارتحل إلى خليل له من أهل الموصل -وقال بعضهم:
من أهل مصر -ليمتار طعامًا لأهله من قِبَله، فلم يصب عنده حاجته. فلما
قَرُب من أهله مَرَّ بمفازة ذات رمل، فقال: لو ملأت غَرَائري من هذا الرمل،
لئلا أغُمّ أهلي برجوعي إليهم بغير ميرة، وليظنوا أني أتيتهم بما يحبون.
ففعل ذلك، فتحول ما في غرائره من الرمل دقيقًا، فلما صار إلى منـزله نام
وقام أهله ففتحوا الغرائر، < 2-423 >
فوجدوا دقيقًا فعجنوا وخبزوا منه فاستيقظ، فسألهم عن الدقيق الذي منه
خبزوا، فقالوا: من الدقيق الذي جئت به من عند خليلك فقال: نعم، هو من خليلي
الله. فسماه الله بذلك خليلا.
وفي صحة هذا ووقوعه نظر، وغايته أن يكون خبرا إسرائيليا لا يُصدَّق ولا
يُكذَّب، وإنما سُمّي خليل الله لشدة محبة ربه، عز وجل، له، لما قام له الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP من الطاعة التي يحبها ويرضاها؛ ولهذا ثبت في الصحيحين، من حديث الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP
أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خطبهم في آخر خطبة
خطبها قال: "أما بعد، أيها الناس، فلو كنت متخذًا من أهل الأرض خليلا
لاتخذت أبا بكر بن أبي قحافة خليلا ولكن صاحبكم خليل الله" الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP2 .
وجاء من طريق جُنْدُب بن عبد الله البَجَلي، وعبد الله بن عَمرو بن
العاص، وعبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله اتخذني
خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا" الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP2 .
وقال أبو بكر بن مَرْدُويه: حدثنا عبد الرحيم بن محمد بن مسلم، حدثنا
إسماعيل بن أحمد بن أُسَيْد، حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجَوْزجاني بمكة،
حدثنا عُبَيد الله الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP
الحَنَفي، حدثنا زَمْعة بن صالح، عن سلمة بن وَهْرَام، عن عكرمة، عن ابن
عباس قال: جلس ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرونه، فخرج
حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون، فسمع حديثهم، وإذا بعضهم يقول: عجبًا إن
الله اتخذ من خلقه خليلا فإبراهيم خليله! وقال آخر: ماذا بأعجب من أن الله
كلم موسى تكليما! وقال آخر: فعيسى روح الله وكلمته! وقال آخر: آدم اصطفاه
الله! فخرج عليهم فسلم وقال: "قد سمعت كلامكم وتعجبكم الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP
أن إبراهيم خليل الله، وهو كذلك، وموسى كليمه، وعيسى روحه وكلمته، وآدم
اصطفاه الله، وهو كذلك ألا وإني حبيب الله ولا فخر، وأنا حامل لواء الحمد
يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول شافع، وأول مشَفع ولا فخر، وأنا أول من يحرك
حِلَق الجنة، فيفتح الله فيدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر، وأنا
أكرم الأولين والآخرين يوم القيامة ولا فخر".
وهذا حديث غريب من هذا الوجه، ولبعضه شواهد في الصحاح الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP وغيرها.
وقال قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه قال: أتعجبون من أن تكون
الخُلَّة لإبراهيم، والكلام لموسى، والرؤية لمحمد، صلوات الله وسلامه عليهم
أجمعين.
رواه الحاكم في مستدركه وقال: صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه. وكذا
روى عن أنس بن مالك، وغير واحد من الصحابة والتابعين، والأئمة من السلف
والخلف.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا يحيى بن عبدك القزويني، حدثنا محمد -يعني ابن سعيد بن سابق - < 2-424 >
حدثنا عمرو -يعني ابن أبي قيس -عن عاصم، عن أبي راشد، عن عُبَيْد بن
عُمَير قال: كان إبراهيم عليه السلام يضيف الناس، فخرج يومًا يلتمس إنسانًا
يضيفه، فلم يجد أحدًا يضيفه، فرجع إلى داره فوجد فيها رجلا قائمًا، فقال:
يا عبد الله، ما أدخلك داري بغير إذني؟ قال: دخلتها بإذن ربها. قال: ومن
أنت؟ قال: أنا ملك الموت، أرسلني ربي إلى عبد من عباده أبشره أن الله قد
اتخذه خليلا. قال: من هو؟ فوالله إن أخبرتني به ثم كان بأقصى البلاد
لآتينّه الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP ثم الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP
لا أبرح له جارًا حتى يفرق بيننا الموت. قال: ذلك العبد أنت. قال: أنا؟
قال: نعم. قال: فيم اتخذني الله خليلا؟ قال: إنك تعطي الناس ولا تسألهم الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP .
وحدثنا أبي، حدثنا محمود بن خالد السلمي، حدثنا الوليد، عن إسحاق بن
يسار قال: لما اتخذ الله إبراهيم خليلا ألقى في قلبه الوَجَل، حتى إن كان
خفقانُ قلبه ليسمع من بعيد الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP
كما يسمع خفقان الطير في الهواء. وهكذا جاء في صفة رسول الله صلى الله
عليه وسلم: أنه كان يسمع لصدره أَزِيزٌ كأزيز المرْجل من البكاء.
وقوله: ( وَللهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ ) أي: الجميع
ملكه وعبيده وخلقه، وهو المتصرف في جميع ذلك، لا راد لما قضى، ولا معقب لما
حكم، ولا يسأل عما يفعل، لعظمته وقدرته وعدله وحكمته ولطفه ورحمته.
وقوله: ( وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا ) أي: علمه نافذ في جميع ذلك، لا تخفى الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP عليه خافية من عباده، ولا يعْزُب عن علمه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، ولا تخفى عليه ذرة لما الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP تراءى للناظرين وما توارى.
الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B2






وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ
وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللاتِي
لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ
وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى
بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ
عَلِيمًا







(127)الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B1
قال البخاري: حدثنا عبيد بن إسماعيل، حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا هشام بن عروة، أخبرني أبي الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP
عن عائشة: ( وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ
فِيهِنَّ ) إلى قوله: ( وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ ) قالت: هو
الرجل تكون عنده اليتيمة، هو وليها ووارثها قد شَرِكته في ماله، حتى في
العَذْق، فيرغب أن ينكحها، ويكره أن يزوِّجها رجلا فيشركه في ماله بما
شركته فيعضلها، فنـزلت هذه الآية.
وكذلك رواه مسلم، عن أبي كُرَيب، وعن أبي بكر بن أبي شيبة، كلاهما عن أبي أسامة الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP .
وقال ابن أبي حاتم: قرأت على محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أخبرنا ابن
وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، أخبرني عروة بن الزبير، قالت عائشة: ثم إن
الناس استفْتَوْا رسول الله صلى الله عليه وسلم < 2-425 >
بعد هذه الآية فيهن، فأنـزل الله: ( وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ
قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي
الْكِتَابِ ) الآية، قالت: والذي ذكر الله أنه يتلى عليهم في الكتاب الآية
الأولى التي قال الله [تعالى]الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP
الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B2 وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B1
[النساء: 3].
وبهذا الإسناد، عن عائشة قالت: وقول الله عز وجل: ( وَتَرْغَبُونَ أَنْ
تَنْكِحُوهُنَّ ) رغبة أحدكم عن يتيمته التي تكون في حجره حين تكون قليلة
المال والجمال، فنهوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء
إلا بالقسط، من أجل رغبتهم عنهن.
وأصله ثابت في الصحيحين، من طريق يونس بن يزيد الأيْلي، به الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP .
والمقصود أن الرجل إذا كان في حجره يتيمة يحل له تزويجها، فتارة يرغب في
أن يتزوجها، فأمره الله عز وجل أن يمهرها أسوة أمثالها من النساء، فإن لم
يفعل فليعدل إلى غيرها من النساء، فقد وسع الله عز وجل. وهذا المعنى في
الآية الأولى التي في أول السورة. وتارة لا يكون للرجل فيها رغبة
لِدَمَامَتِهَا عنده، أو في نفس الأمر، فنهاه الله عز وجل أن يُعضِلها عن
الأزواج خشية أن يَشْركوه في ماله الذي بينه وبينها، كما قال علي بن أبي
طلحة، عن ابن عباس في قوله: ( فِي يَتَامَى النِّسَاء [اللاتي لا
تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ]الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP) الآية، فكان الرجل في الجاهلية تكون عنده اليتيمة، فيلقي عليها ثوبه، فإذا فعل ذلك [بها]الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP
لم يقدر أحد أن يتَزَوّجها أبدًا، فإن كانت جميلة وهويها تَزَوَّجَها وأكل
مالها، وإن كانت دميمة منعها الرجال أبدا حتى تموت، فإذا ماتت ورثها.
فَحَرَّم الله ذلك ونهى عنه.
وقال في قوله: ( وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ ) كانوا في
الجاهلية لا يورثون الصغار ولا البنات، وذلك قوله: ( لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا
كُتِبَ لَهُنَّ ) فنهى الله عن ذلك، وبيَّن لكل ذي سهم سهمه، فقال:
الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B2 لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ
الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير B1
[النساء: 11] صغيرًا أو كبيرًا.
وكذا قال سعيد بن جبير وغيره، قال سعيد بن جبير في قوله: ( وَأَنْ
تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ ) كما إذا كانت ذات جمال ومال نكحتها
واستأثرت بها، كذلك إذا لم تكن ذات جمال ولا مال فأنكحها واستأثر بها.
وقوله: ( وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا ) تهييجًا الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP على فعل الخيرات وامتثال الأمر الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير MARGNTIP وأن الله عز وجل عالم بجميع ذلك، وسيجزي عليه أوفر الجزاء وأتمه.




الزعيم
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 7554

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير Empty رد: الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير

مُساهمة من طرف اعصار الإثنين 16 مايو - 18:44:04

الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير 11111113

موضــــــ جميل ـــــوع
والأجمل مشاركة به معنا
لا تحرمنا مواضيعك سنكون شاكريــــ لك ـــن على جهودك الطيبة
فكن دائما كما أنت لأنك تستحق كــــ الشكر ــــــل
ولا تنسى أن تترك أثرا هنا



اعصار
اعصار
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 34551

https://www.helpub.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير Empty رد: الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير

مُساهمة من طرف الزعيم الثلاثاء 17 مايو - 16:24:53

شكرا على الرد نورت الموضوع بمرورك
لا تبخل علينا بجميل كلماتك
ولا تنسى أن تزورنا دوما على عنوان واحد

هنا




الزعيم
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 7554

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير Empty رد: الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير

مُساهمة من طرف أبو سليمان الأحد 12 يونيو - 14:19:39


أبو سليمان
المشرفون
المشرفون

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 3412
تاريخ الميلاد : 03/11/1996
العمر : 28

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير Empty رد: الجزء الخامس والعشرون من تفسير سورة النساء لابن كثير

مُساهمة من طرف aaaa الخميس 29 مارس - 20:52:49

شكرا على الرد نورت الموضوع بمرورك
لا تبخل علينا بجميل كلماتك




aaaa
عضو نشيط
عضو  نشيط

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 768
تاريخ الميلاد : 13/10/1983
العمر : 41

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى